مسيرة ربع قرن للمجلس الإسلامي الأعلى الجزائري.. اليوبيل الفضي للحث على الاجتهاد

مسيرة ربع قرن للمجلس الإسلامي الأعلى الجزائري.. اليوبيل الفضي للحث على الاجتهاد

مسيرة ربع قرن للمجلس الإسلامي الأعلى الجزائري.. اليوبيل الفضي للحث على الاجتهاد


04/07/2023

ينتبه المتابع للتحولات الجارية في المشهد الديني عموماً، إلى ذلك التعاطي الإعلامي مع الميلاد الجديد للمجلس الأعلى، من خلال عملية تجديد أعضائه، التي جاءت نتيجة التصور الجديد لمكانة المؤسسة الدينية الأولى في البلاد، والأدوار المنتظرة من مهامها، والصلاحيات التي أعطيت لها، إلا أنّ المحصول الكلي للمنتوج الإعلامي حول الحدث وطريقة التعامل معه، يثير الانتباه في الموضوع، يجعلنا نقف أمام سلوك إعلامي يحتاج إلى الكثير من الاهتمام والمناقشة.

بالرغم من المنسوب المرتفع من الاهتمام، وتوسع مساحات النقاش حول القضايا الدينية، والانخراط المكثف لأغلب الفئات الاجتماعية، في هذا الحراك التعبيري المتصاعد، الذي يؤكد حالة من الرغبة في التخلص من قلق عام يسود المنطقة برمتها، نتيجة التحولات الكبرى التي يعرفها العالم، وما يتصدره من الاهتمام بالتجليات الدينية، في الكثير من السلوكات، إلا أنّ الاتجاه الذي يكاد يكون غالباً على السلوك العملي للمؤسسات الإعلامية، الانجذاب نحو السطحية في التعامل، والمهمل من الاهتمام، والوقوع تحت سطوة (الفرقعة) الصحفية، التي تراهن على الدهشة، وتبتعد عن الاحترافية في العمل الإعلامي.

البشارة الاتصالية

الملفت للانتباه والمتوقع في المرافقة الإعلامية والجهود الاتصالية، لموعد الخامس والعشرين للمجلس وتدشين ميلاده الجديد، تجاوز التنظيم الجديد للمجلس الإسلامي الأعلى، يجعل منه (التكفل باعتباره مؤسسة وطنية مرجعية بكل الوسائل المتصلة بالإسلام، التي تمكن من تصحيح الإدراكات الخاطئة وإبراز أسسه الحقيقية وفهمه الصحيح والوفي، والتوجيه  الديني  ونشر الثقافة الإسلامية من  أجل  إشعاعها  داخل  البلاد  وخارجها) وبذلك يكون المجلس الإسلامي الأعلى، المؤسسة المرجعية العليا والوحيدة في البلاد، التي يعود إليها مهمة التكفل بالشأن الديني والفصل في قضاياه باعتبار المجلس (مؤسسة  وطنية  مرجعية  بكل الوسائل  المتصلة  بالإسلام).

ينتبه المتابع للتحولات الجارية في المشهد الديني عموماً، إلى ذلك التعاطي الإعلامي مع الميلاد الجديد للمجلس الأعلى، من خلال عملية تجديد أعضائه، التي جاءت نتيجة التصور الجديد لمكانة المؤسسة الدينية الأولى في البلاد، والأدوار المنتظرة من مهامها

إنّ توقع مثل هذه الجهود الإعلامية، والسلوكات الاتصالية، تفرض على القائمين على المؤسسات الدينية اليوم، التفكير طويلاً وبعمق، في طبيعة قوانين الزمن الذي يعيشه المجتمع، الذي يمارس الإعلام ويستهلك التواصل، أكثر من ممارساته العادية، التي تكاد يومياته تغرق فيها وتتكيف معها طبائعه، وتنسجم في ثناياه نفسياته، وهي الجهود التي لن تعيد اختراع البارود من جديد، وإنما يكفيها الذهاب إلى الاستثمار في الأدبيات المؤسسة لبنية المؤسسة الدينية نفسها، المتمثلة أساساً في طبيعة الدين الإسلامي القائم على مفهوم (البشارة)، الذي يتلخص في تلك السلوكات المتعاظمة والمتنامية للمفاهيم الحديثة للمنظومة الإعلامية، والتي تسعى إلى صناعة الأمل المنتج، وبناء الروح المعنوية العالية، وتعديل السلوك المفيد.

إنّ الحاجات الكبرى والتمنيات العالية، المتعلقة بمفاهيم الوسطية والاعتدال، وترقية الاجتهاد وإشاعة روحه وترسيخ سلوكاته، في المنظومة العلمية المؤسساتية، وإبعاد مخاطر التطرف وشرور الإرهاب، وتعميق قواعد الأمن القومي وتثبيت أركانه، ومرافقة جهود المؤسسات الدستورية الأخرى، في تجاوز المنغصات القائمة والمتوقعة، وتجنب المزيد من الإحباط في أوساط الفئات الحية من الشباب، تكون صلب التصور الكلي الذي حددته الوثائق الرسمية الجديدة، للمؤسسة الدينية الأولى في المجتمع، باعتبار المجلس الإسلامي الأعلى، مؤسسة مرجعية عليا للمجتمع، وهي الرهانات والأبعاد التي غابت من المنتوج الإعلامي المرافق لعملية إعادة بعث هذه المؤسسة.

الاهتمام الإيجابي

لقد تم اعتماد تجاهل غير مقصود لموضوع مهم، يتمثل في تلك المكانة المعلن عنها في النصوص الرسمية لهوية المجلس الإسلامي الأعلي، وهي المكانة التي يفترض أن تجد الاهتمام الكافي، والنقاش المناسب، وبالذات في الفترة الحرجة، التي تمر بها المنطقة، والبلاد على وجه الخصوص، وهو الاهتمام الذي كان بالإمكان أن يكون فرصة سانحة لتجاوز العديد من المساحات الفارغة، التي تشغل بال الرأي العام، وترتفع عن الدرك الذي انحدر إليه النقاش حول القضايا الدينية، وتعطي للمجتمع القدرة التي يتمكن عبر الانتقال نحو التعبير المناسب، عن تطلعاته المشروعة التى ينتظرها من المؤسسة الدينية الأولى في البلاد.

إنّ التحديات الكبرى التي يتم غعادة الترويج لها في مختلف الفضاءات التعبيرية اليومية والتي في الغالب ما يتم إرجاعها نحو مساحات المؤسسة الدينية تستدعي أن تكون حاضرة في لحظة الميلاد الجديد للمجلس الإسلامي الأعلى كونه موعداً تعلق عليه الكثير من الآمال وتعقد حوله التطلعات ليس إلى حد الخروج من المتاهات الدائرة اليوم وإنما على الأقل التخفيف من وقعها في المساحات المشتركة لمختلف الفئات الاجتماعية حتى يتسنى الحصول على تلك اللحظات الهادئة التي تسعف الجميع وتدعمه بالطاقة المطمئنة المنتظرة من هذه المؤسسة.

المقصدية البالغة

إنّ التصور المتوقع للموافقة الإعلامية، والجهود الاتصالية، لمسيرة ربع قرن للمجلس الإسلامي الأعلى، يتزامن مع الدخول الاجتماعي، الذي يأخذ حيزه من الاهتمام العام، والانشغال الواسع للمجتمع، الأمر الذي كان يتوقع أن يكون هذه الميلاد المتجدد للمجلس، يحتل الصدارة في الممارسة الكلية للعمل الإعلامي للمؤسسة الصحفية والجهد الاتصالي للمؤسسة الدينية، خاصة في هذه الظروف السائدة اليوم، التي تتطلب اختراق غيومها المدلهمة، والمسارعة إلى اكتشاف تلك المخارج النافذة على بوراق أمل ومساحات تنفس، وإزالة الحجم المتصاعد للمخاوف، التى يفترض تجاوزها بسرعة وبأقل التكاليف، بما يشكله هذا الميلاد المتجدد، من اهمية بالغة، يعطي للدخول الاجتماعي ديناميكية متزايدة يستفيد منها المجموع المشكل للمجتمع الذي يجد نفسه في أمس الحاجة إليها.

إنّ توقع مثل هذه الجهود الإعلامية، والسلوكات الاتصالية، تفرض على القائمين على المؤسسات الدينية اليوم، التفكير طويلاً وبعمق، في طبيعة قوانين الزمن الذي يعيشه المجتمع، الذي يمارس الإعلام ويستهلك التواصل، أكثر من ممارساته العادية

إنّ الغياب الذي ظهر في المرافقة الإعلامية والجهود الاتصالية، لمرحلة ربع قرن للمجلس وتدشين ميلاده الجديد، المهام المنوطة بالمجلس، التي نص عليه المرسوم الرئاسي، وحدد لها الانسجام مع الثورة الاتصالية الجديدة فخصص للجانب الإعلامي حيزاً مهماً، فقد جاء المرسوم بعدة مهام منها (فتح فضاءات  للتواصل عبر شبكة الإنترنت، من أجل التكفل  بالمستجدات  التي  تهم  الأمة، عن  طريق تسخير  الوسائل  المناسبة  للمتابعة والتصحيح عند الاقتضاء) وأردف المرسوم الرئاسي توضيح هذه المهام بمهمة أخرى ملتصقة به (تصور وتطبيق برامج سمعية بصرية عن الإسلام عامة  واﻟﻤﺠتمع  الإسلامي  خاصة).

الهموم العمومية

إنّ الوجوه الجديدة التي التحقت بالمجلس الإسلامي الأعلى، تمتلك الكثير من المقومات التي تجعلها تخوض مسيرة صناعة الأمل، وتتحمل أعباء انعاش الاجتهاد وتطوير الرؤية الاجتماعية، لحضور القضايا الدينية في المجتمع، وهي الوجوه التي تعلق عليها الكثير من الآمال، في توسيع مساحات الحوار والنقاش وتشييد تلك القواعد الرصينة، التي ترشد السلوكات اليومية، وتعطيها من الإجابات المناسبة، ما يجعلها قادرة على تقديم المفيد من المساهمة النوعية في التنمية الاجتماعية الواسعة، إن الطاقات التي التحقت بالمجلس، لم يحصل المجتمع على فرصة التعرف عليها، والقيام بتلك الجهود في النقاش وإبداء الآراء، حول المهام المنتظرة منها، والإنجازات التي حققتها في مسيرتها، وتحصل حقها المشروع، من الجهود الإعلامية من الجهات المهتمة بذلك، حتى يمكنها ذلك من الانخراط في عملها، وهي تملك تلك الروح المعنوية العالية، التي تساعدها على التعاطي مع قضايا المجتمع واهتماماته، بما عندها من طاقات وما تملك من تصورات، بالضرورة تحتاج إلى بلورة وإنضاج، يحتاج إلى دعم قوي مشترك من المؤسسة الإعلامية والدينية.

صحيح أنّ الموضوع كان يتطلب بذل القدر المتوقع من الجهود، في توفير المعطيات المناسبة والكافية، حول الوضع الجديد للمؤسسة الدينية الأولى في البلاد، ووضعها تحت تصرف المؤسسات الإعلامية، وجعلها في متناول اهتمام الرأي العام، ليس فقط من أجل عدم تضييع فرص الحدث وإفراغ الموضوع من حقيقة الأهمية التي يكتسيها، وإنما تكون مناسبة سانحة، لبعث إشارة أمل وبارقة انفراج، في دهاليز المخاوف المتزايدة في المخيال الجمعي، والتي تتغذي من مصادر تتعاظم في فراغ الانسحاب، وفضاءات التعبير المتوسع، وسطوة المفاهيم غير المنطقية، وجزافية الأحكام المتسرعة، مما جعل الغياب واضحاً في المرافقة الإعلامية والجهود الاتصالية، لحدث تنصيب أعضاء المجلس وتدشين ميلاده الجديد، المهام الجديدة المنوطة بالمجلس الإسلامي الأعلى، في التنظيم الجديد (تطوير  كل  عمل  من  شأنه  أن  يشجع  ويرقي مجهود  التفكير والاجتهاد، مع جعل  الإسلام  في مأمن  من كل  توظيف سياسي، وذلك  بالتذكير بمهمته العالمية، والتمسك بمبادئه الأصيلة إذ هي تنسجم تماما  مع المكونات  الأساسية  للهوية  الوطنية، والطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة)، وهي المهمة التي تدخل في صلب الجهد، الذي يحمي السيادة الوطنية للبلاد، ويكون في مستوى حماية الأمن الوطني.

الصفحة الرئيسية