مصر تطلق مشروعاً ضخماً للتنمية في سيناء... ما الدلالات وأهمية التوقيت؟

مصر تطلق مشروعاً ضخماً للتنمية في سيناء... ما الدلالات وأهمية التوقيت؟

مصر تطلق مشروعاً ضخماً للتنمية في سيناء... ما الدلالات وأهمية التوقيت؟


06/11/2023

أطلقت مصر مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري المرحلة الثانية من مشروع تنمية وتطوير سيناء، تحت عنوان المشروع الاستراتيجي لتنمية سيناء 2030، وذلك بعد نجاح المرحلة الأولى في الفترة من 2014 إلى 2023، والتي اعتمدت بشكل كبير على تطهير أراضي سيناء من البؤر الإرهابية، وتنفيذ العديد من المشروعات الخدمية والتنموية كمرحلة أولى، أنفقت خلالها مصر ما يزيد عن (750) مليار جنيه على مشروعات التنمية في سيناء.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في كلمة ألقاها من أمام معبر رفح الثلاثاء: "إنّه كان لزاماً على الدولة التدخل الفوري للقضاء على الإرهاب، وتهيئة محافظة شمال سيناء لتنفيذ الخطة الاستراتيجية".

وأوضح أنّ أهالي شمال سيناء كانوا يعانون من إرهاب غاشم، وكان هناك خيار إمّا نحارب وننهي الإرهاب، وإمّا التنمية، ولكنّ القرار الاستراتيجي الذي اتخذه الرئيس هو تنمية سيناء جنباً إلى جنب مع محاربة الإرهاب، وسيتم إطلاق المرحلة الثانية اليوم من تنمية سيناء، موضحاً أنّه تم تنفيذ مشروعات بأكثر من (600) مليار جنيه.

وأضاف: "هذه البقعة الطاهرة على أرض مصر، دائماً كانت محاولة النيل من مصر تأتي من هذا المكان، ولو سألت المصري: ما أغلى بقعة على قلبك في مصر؟ فسوف يردّ بلا تردد شمال سيناء". 

وتابع قائلاً: "أنا والدي رجل من أبناء القوات المسلحة، ودائما بيحكيلي عن حكايات سيناء...، علشان كده كل ذرة رمل هنا مستعدين نبذل فيها مئات الأرواح ومحدش يقرب منها".

حماية الأمن القومي المصري 

لا تنفصل الخطوات المصرية المتسارعة لحماية الاستقرار وتنفيذ التنمية بمنطقة شمال سيناء عن التهديدات التي تواجهها تلك المنطقة من حدود مصر الشرقية، خاصة مع تجدد الحديث حول مشروع تهجير الفلسطينيين إليها مع اشتعال الصراع في قطاع غزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. 

أطلقت مصر مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري المرحلة الثانية من مشروع تنمية وتطوير سيناء

وفي هذا الصدد ذكرت دراسة حديثة صادرة عن (المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية) للباحثة رحاب الزيادي أنّ عملية التنمية الشاملة في سيناء منذ عام 2014 تستهدف بالمقام الأول حماية الأمن القومي المصري كحائط صد ضد التهديدات الأمنية التي واجهتها الدولة بعد اندلاع الثورات في عامي 2011، 2013، وفي ظل سياق إقليمي مضطرب فرض الأمر ضرورة الاستمرار في مسار التنمية لبناء الردع الاستراتيجي لمواجهة تمدد الاضطرابات الناتجة عن الفوضى الإقليمية، فكانت مقاربة الأمن والتنمية في مصر مرتبطة بالتهديدات والمخاطر التي تشهدها الدولة داخلياً ونتيجة حالة الاضطراب الإقليمي.

استراتيجية متعددة الأبعاد

بحسب الدراسة، مثّل مؤشر التنمية في سيناء مقاربة مصرية مهمة وفق استراتيجية متكاملة متعددة الأبعاد، لتمثل خطة مستحدثة لم تشهدها مصر من قبل، فأصبحت نموذجاً في هذا الصدد، بالسير في مسارات متوازية لتحقيق التنمية من ناحية، ومواجهة الإرهاب من ناحية أخرى، خاصةً أنّ الدول المتشابهة مع مصر في المنطقة لم تشهد هذه التنمية نتيجة التفتت والانقسام والتوترات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي. 

اتبعت مصر مقاربة الأمن والتنمية كخطوة أولى للنهوض بمستوى حياة المواطنين في سيناء من ناحية، ومن ناحية ثانية مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن الحدود وإحداث طفرة في مجال التسليح، بالإضافة إلى إطلاق مشروعات تنموية عديدة

وقد اتبعت مصر، وفق الباحثة، مقاربة الأمن والتنمية كخطوة أولى للنهوض بمستوى حياة المواطنين في سيناء من ناحية، ومن ناحية ثانية مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن الحدود وإحداث طفرة في مجال التسليح، بالإضافة إلى إطلاق مشروعات تنموية عديدة بحيث تمثل بيئة آمنة لمواطنيها مع الاتجاه إلى النهوض بها في كافة القطاعات، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات، وتهيئة المناخ الاستثماري، وجذب السياحة.

ولم تقتصر الرؤية المصرية على الأبعاد الداخلية، بل اتجهت إلى التنمية الإقليمية، عبر الانخراط في مسار تنموي إقليمي ضمن نطاق دائرة أمنها القومي، بهدف استعادة الاستقرار الإقليمي، لذا تشكلت الآلية الثلاثية بين مصر والعراق والأردن من خلال "مشروع المشرق الجديد" الذي يضم محوري الطاقة والكهرباء، وامتدت إلى سوريا ولبنان عبر دخول خط الغاز المصري عبر الأردن، ومنه إلى سوريا ثم لبنان، مع العمل على إشراك فلسطين في منتدى غاز شرق المتوسط، وإنشاء الطريق الدائري الجديد الذي تقوم شركات مصرية بإنشائه ويربط (مصرـ ليبياـ تونس)، وفق الدراسة. 

ملامح التنمية في سيناء 

عانت منطقة شمال سيناء من ويلات الإرهاب الذي استمر لمدة (10) أعوام، حيث استشهد العديد من أبناء محافظة شمال سيناء، وأفراد القوات المسلحة والشرطة، ولم يكن أمام الدولة المصرية، وفق الدراسة، سوى الاتجاه إلى التنمية والتعمير لتحقيق الأمن والحماية لسيناء، وعدم الاقتصار على الأمن بمفهومه العسكري أو التقليدي، بل ضمان تحقيق الأبعاد الأخرى للأمن غير التقليدية، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، لذلك تم إطلاق المشروع القومي لتنمية شمال سيناء منذ 2014، والعمل في مسارات متوازية.

مثّل مؤشر التنمية في سيناء مقاربة مصرية مهمة وفق استراتيجية متكاملة متعددة الأبعاد

مثلاً على المستوى الأمني؛ تم إطلاق الحرب على الإرهاب، وحققت الدولة في ذلك مستويات متقدمة في مواجهة الظاهرة الإرهابية، كما صرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شباط (فبراير) 2023. 

وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي، تم تطوير البنية الأساسية لتحقيق عملية التنمية من خلال تعزيز شبكات الكهرباء، والمياه والصرف الصحي، وكذلك تحلية مياه الشرب وشبكة الطرق والأنفاق التي استهدفت ربط سيناء بباقي المناطق في مصر، بالإضافة إلى تحقيق التنمية الزراعية والاقتصادية والصناعية والعمرانية والسياحية. 

نفذت مصر مشروعات في سيناء بلغت قيمتها أكثر من (600) مليار جنيه، وبلغت قيمة مشروعات شمال سيناء ما يقرب من (290) مليار جنيه، وتم تنفيذ أكثر من (1000) مشروع بها في كافة المجالات

كما نفذت مصر، بحسب الدراسة، مشروعات في سيناء بلغت قيمتها أكثر من (600) مليار جنيه، وبلغت قيمة مشروعات شمال سيناء ما يقرب من (290) مليار جنيه، وتم تنفيذ أكثر من (1000) مشروع بها في كافة المجالات، وتبلغ الاستثمارات المستهدف القيام بها في شمال سيناء خلال الأعوام الـ (5) القادمة نحو (363) مليار جنيه.

وتشير الباحثة إلى استمرار جهود الدولة المصرية في استراتيجيتها التنموية بهدف تحقيق الأمن الإنساني وضمان الأمن القومي المصري، وقد عكست زيارة رئيس الوزراء المصري رسائل الدولة التنموية في سبيل الحفاظ على الأمن القومي بشكل خاص والأمن الإقليمي بصفة عامة.

إشادات أممية ودولية بمشروع تطوير سيناء 

نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تناولت تقارير مصرية إشادات دولية بخطوات التعمير والتنمية في سيناء بالتزامن مع انطلاق المرحلة الثانية من الخطة التنموية. 

وذكرت الأمم المتحدة أنّ الاستثمارات العامة زادت بالبنية التحتية لمنطقة سيناء إلى جانب مشروعات النقل والإسكان، ممّا دعم من استقرار سيناء وتنميتها وانخفاض الحوادث الإرهابية فيها. 

وسجلت موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية محطة بحر البقر في شبه جزيرة سيناء كأكبر محطة معالجة في العالم، وأشارت إلى أنّها تقدم مصدراً مهماً لمياه الري، وحلّاً فعالاً لدعم الزراعة بمنطقة سيناء.

لم تقتصر الرؤية المصرية على الأبعاد الداخلية، بل اتجهت إلى التنمية الإقليمية

وتناولت وكالة (بلومبرغ) الأمريكية جهود مصر لتطوير البنية التحتية للموانئ التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والصناعات،  وأشارت إلى عمل القيادة المصرية على صياغة سياسات مرنة للتعامل بصورة أفضل مع التحديات الاقتصادية المختلفة.

أمّا وكالة (اليونسيف)، فقد تحدثت عن قيام مصر بتوسيع نطاق الدعم المقدم تحت قيادة وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني المصرية في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة بمدارس سيناء، وذلك من خلال تحفيز مشروعات البنية التحتية للمياه، والمساعدة في الحفاظ على سلامة الطلاب وصحتهم، لخلق بيئة تعليمية آمنة لجميع الطلاب.

وتطرق موقع (المونيتور) الأمريكي إلى تقديم مصر حوافز كبيرة في إطار خطة وطنية شاملة لدعم تنمية واستقرار سيناء، والتي تنفق عليها المليارات للاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية، فضلاً عن قيام مصر ببناء مشروعات عديدة بمحافظة جنوب سيناء لإدارة المياه وحماية المحافظة من أخطار السيول، حيث تم إنشاء سدود وبحيرات صناعية وخزانات.

مواضيع ذات صلة:

مصر.. إطلاق المرحلة 2 لخطة "تنمية سيناء".. ما دلالات الخطوة؟

هل يلجأ نتنياهو إلى أوروبا للضغط على مصر من أجل قبول "مخطط سيناء"؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية