مصر خارجياً.. من "جماعة الخيانة" إلى المكانة

مصر خارجياً.. من جماعة الخيانة إلى المكانة

مصر خارجياً.. من "جماعة الخيانة" إلى المكانة


04/10/2023

لينا مظلوم

عاشت مصر عام 2011 أياماً استثنائية حافلة بالمتغيرات الحادة. بين المزايدات السياسية والأطماع والمخططات التى كان كل من أطرافها يريد فرض أجندته الخاصة تحت تأثير وهم وجود قوة تستطيع فرض هويتها على طبيعة الشخصية المصرية. تنفست نسائم الاستقرار والأمان بعد ثلاث سنوات من محاولات تقويض أركان الدولة. اضطلاع عدة جهات وأطراف عبر هذه الفترة ظهر بالأدلة كحقيقة مؤكدة، عدة أجهزة سواء كانت استخبارية أو سياسية دخلت على خط ثورة 25 يناير 2011 أعدت المخالب لتنهش جسد مصر وتعمل على إضعاف دورها. الأدهى تحريك حركة احتجاج نحو مخططات كانت ستودى لتفتيت مصر لا قدر الله. وسط زخم الأحداث غابت الرؤية ليتولى فى غفلة من الزمن يوم 24 يونيو 2012 لمدة عام «عصابة» تلاقت أطماعها فى الحكم مع بعض السيناريوهات الخارجية. لم يكن فقط أول القصيدة كفراً مع وصول الجماعة المحظورة للسلطة.. لكن كل أبياتها حملت الخراب. إذ بدأ سيناريو التخابر والكفر بكل عقائد الوطنية والانتماء إلى محاولة اقتطاع أجزاء من جسد «بهية» لمنحه إلى الغير، فالوطن عندهم هو جزء من التبرعات السخية التى اعتادوا استجداءها من الخارج. تلتها محاولة بيع شريان الحياة المائى، قناة السويس، ثم استحضار قادة ميليشيات لتدريب «جيش» خاص بجماعتهم المنحلة استعداداً لسيناريو تقسيم مصر.. مجرد أمثلة على قائمة طويلة من التخابر والخيانة.

صورة موجزة عن الجرائم التى دُبرت للنَّيل من مكانة مصر على صعيد السياسة الخارجية. يوم 30 يونيو 2013 لم يستوعب العالم سريعاً إرادة الشعب المصرى وقوة تحرك حشوده دفاعاً عن الوطن وإعلان الجيش دعم قرار الشعب واختياره. أفريقياً، بادر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقى إلى تعليق عضوية مصر ولم تتجاوز مدة التجميد العام الواحد، إذ أثمرت جهود تعزيز علاقات مصر مع أفريقيا، خصوصاً مع تميزها بجذور تاريخية عريقة، عن تولى مصر عام 2019 رئاسة الاتحاد الأفريقى لأول مرة فى تاريخه. استعادة الروابط التاريخية مع القارة السمراء بالتأكيد تطلب جهوداً ومساعى من القيادة السياسية والدبلوماسية المصرية. بعد توارى دور مصر أفريقياً لعدة عقود، أعاد الرئيس عبدالفتاح السيسى دور مصر بكل ثقله إلى المشهد الأفريقى لتصبح عاملاً مهماً فى احتواء الصراعات الدائرة فى عدد من دولها. المبادرات المصرية لإنهاء الصراع الدائر فى السودان لم تنقطع ولا مساعى دعم توصل ليبيا إلى صيغة تلبى توافق جميع الأطراف لتنظيم الانتخابات التى ستعيد أجواء الاستقرار إلى ليبيا، أيضاً اللقاءات المستمرة بين الرئيس وقادة دول أفريقيا لتوضيح الحقائق حول مفاوضات سد النهضة والتعنت من الجانب الإثيوبى بعد محاولات الأصوات النشاز لأهل الشر إقحام مصر فى مغامرات ستمضى بالأزمة نحو تداعيات خطيرة. مصر اختارت بحكمة طريق المفاوضات للحصول على حقوقها فى حصة المياه وفق بنود القوانين المنظمة لحصص مصر والسودان.

عربياً، خلال عام «الظلام الإخوانى» سادت العلاقات المصرية العربية أجواء الفتور.. ربما الترقب انتظاراً لرد فعل شعب لم يعتدْ عبر تاريخه الخضوع أو تغيير طبيعته. حتى استقبلت الدول العربية يوم 30 يونيو 2013 بفرحة غامرة توازى فرحة الشعب المصرى. فالخوف على مصر كان سيد الموقف بحكم كونها عبر التاريخ القوة الضامنة للأمن القومى العربى. عام 2014 مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم انطلقت السياسة الخارجية نحو عدة أفق؛ بناء محور الاعتدال السياسى مع دول المنطقة المؤثرة، لقاءات وتشاور دائم بين الرئيس وقادة الدول سعياً إلى تقريب المواقف العربية تحديداً مع ظهور صراعات وتحالفات غيّرت الكثير من معالم المشهد السياسى الدولى. بدأت مصر نسج صيغ علاقات مثمرة مع دول المنطقة تعتمد الربط بينها فى مختلف المسارات الاقتصادية، لعل أبرز مثال مشاريع التكامل الاقتصادى المشترك بين مصر، الأردن، العراق، بكل ما تضمنته من الاتفاقيات التجارية والصناعية. سياسياً، ألقت إشراقة 30 يونيو بضياء التنوير على العديد من دول المنطقة، كشفت عن الوجه القبيح لجماعة «البنا» ما أيقظ وعى شعوب تونس، المغرب، ليبيا وغيرها إلى خطورة أذرع هذه الجماعة فى تلك الدول، لينتهى الأمر بإقصائها أيضاً من الحكم.

مصر نجحت أيضاً فى التعامل عبر حراك دبلوماسى نشيط مع الإشكالية الأكثر تعقيداً بعد 30 يونيو. المثبت بالدلائل أن العديد من دول أوروبا ترتبط بعلاقة مصالح مشتركة مع التنظيم الدولى للإخوان. الغرب اعتاد تاريخياً وحتى الآن استخدام الإخوان كورقة ضغط على دول المنطقة اعتماداً على إمداده بالتمويل أو التغاضى عن اضطلاع العديد من مراكز ومؤسسات تحت مسمى إسلامى خيرى بأنشطة إرهابية مع جماعات تكفيرية. بينما عاش التنظيم وهم الاعتماد على الغرب كحليف دائم، بالتالى لم يكن غريباً حجم التحفز والازدواجية التى أبدتها دول الغرب وأمريكا تجاه إرادة شعب وهى التى طالما تغنت بالحقوق السياسية واحترام إرادة الشعوب فى اختيار مصائرها. عبر العقد الماضى استطاعت حكمة الرئيس فى إدارة السياسة الخارجية كسر هذه الحواجز مع بناء أرضية جديدة لعلاقات مصر دولياً قائمة على المصالح المشتركة بعيداً عن التدخل فى الشأن الداخلى. توارت نبرة التحفز خصوصاً مع الشفافية التى تعاملت بها مصر مع ملف حقوق الإنسان.. فالأمر لا يحتمل اللبس الذى ما زالت بعض المنظمات المشبوهة تحاول ممارسته.. مصر تحاسب قضائياً فقط من تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء سواء كانوا الشهداء مدنيين أو من الجيش والشرطة. خلال قمم دولية أو ثنائية جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسى بقادة الغرب تمت إزاحة معظم ملامح التشويه التى حاول فلول الجماعة الهاربة نشرها فى أوروبا، أيضاً زيارات قادة دول الغرب إلى مصر أتاحت فرصة رؤية الحقائق على أرض الواقع. آخر الخطوات الناجحة فى منظومة إرساء علاقات متوازنة مع جميع القوى الدولية على أسس المصالح المتبادلة انضمام مصر إلى اتحاد «بريكس» الاقتصادى، الذى أسس بمبادرة من روسيا والصين لمنافسة صندوق النقد الدولى الذى تهيمن عليه الدول الغربية.

عن "الوطن"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية