مصير "غامض"... كيف يؤثر التقارب المصري التركي على الإخوان؟

مصير "غامض"... كيف يؤثر التقارب المصري التركي على الإخوان؟

مصير "غامض"... كيف يؤثر التقارب المصري التركي على الإخوان؟


08/08/2023

ما تزال العلاقات بين مصر وتركيا في تطور متسارع، فبعد عودة التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين مطلع تموز (يوليو)، وترشيح السفير المصري عمرو الحمامي لتمثيل بلاده لدى أنقرة، وفي المقابل رشحت تركيا صالح موتلو شن سفيراً لها لدى القاهرة، أعلن البلدان مؤخراً رفع مستوى التبادل التجاري بينهما وزيادة التنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي، فضلاً عن أنباء ترددت قبل يومين عن اقتراح لعقد قمة مشتركة بين مصر وتركيا واليونان والقبرص بهدف التنسيق حول منطقة شرق المتوسط.

في خضم التطورات السريعة الحاصلة في العلاقات بين البلدين، والتي تعكس رغبة متبادلة لتجاوز خلافات الماضي وطي صفحة الأزمة التي امتدت لنحو عقد من الزمن، يبقى العديد من التساؤلات مطروحاً للنقاش فيما يتعلق بالمصير المحتمل لجماعة الإخوان، التي تتلقى دعماً كبيراً من أنقرة منذ أعوام، وتحتضن العشرات من قيادات التنظيم معظمهم مطلوب لدى جهات التحقيق في مصر.

وتعكس الإشارات من جانب تركيا تخليها عن الدعم المعلن لجماعة الإخوان، لصالح التفاهمات مع القاهرة، لكن حتى الآن لم تصدر أيّ تصريحات رسمية من جانب الحكومة التركية لتوضيح موقفها من الجماعة، في حين تشير أغلب التقديرات إلى استمرار سياسات أنقرة بخصوص إيواء قيادات التنظيم والاكتفاء بإجراءات وقف البث الإعلامي للجماعة والتحذير من مهاجمة القاهرة.

ما مصير الإخوان؟

يتسم الموقف التركي في هذا الصدد بالغموض إلى حدٍّ ما، في حين يرى مراقبون أنّ أنقرة قد اكتفت بوقف النشاط الإعلامي للإخوان، وطالبت بعض المطلوبين قضائياً على أراضيها بمغادرة البلاد، كحد أدنى لمطالب القاهرة في هذا الملف، وهو إجراء قد يترتب عليه إجراءات أكثر حسماً ضد التنظيم في المستقبل، ويبقى هذا السيناريو بعيداً في ضوء استمرار أنشطة التنظيم كاملة على الأراضي التركية.

وكانت مصادر قريبة من التنظيم قد تحدثت لـ (حفريات) في وقت سابق عن تكثيف أنشطة الإخوان داخل إسطنبول في الوقت الحالي، وتنوع البرامج التي تقدمها المؤسسات والمنظمات التابعة للجماعة بين تدريبات بدنية وأخرى معلوماتية، فضلاً عن عقد اجتماعات دورية لعناصر التنظيم على مرأى ومسمع من السلطات التركية.

الأيام المقبلة، مع زيادة التقارب بين القاهرة وإسطنبول، تنبئ بما هو أكثر قسوة وإيلاماً للجماعة

ويقول الكاتب المصري المختص بالحركات المتطرفة حسين القاضي لـ (حفريات): "كل يوم تثبت الأحداث أنّ جماعة الإخوان جماعة (وظيفية)، ومعنى أنّها جماعة وظيفية أي أنّ الدول الحاضنة لها تستخدمها لأداء مهمة معينة، ثم تلفظ الجماعة بعد انتهاء مهمتها، وهو ما حدث مع قطر ويحدث مع تركيا، بعد التقارب المصري التركي الذي شهد تبادل السفراء بين الدولتين، ممّا يعني عودة العلاقات"، متوقعاً أن تتخلى أنقرة عن التنظيم بشكل تدريجي.

كيف يؤثر التقارب المصري التركي على الإخوان؟

بحسب القاضي، يمكن فهم التأثيرات المحتملة لعودة العلاقات المصرية التركية على الإخوان من عدة زوايا؛ الأولى اضطراب العقل الإخواني مع تقارب القاهرة وأنقرة، منذ قالها وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو "عهد جديد" بين مصر وتركيا، فالجماعة التي كانت تصف أردوغان بـ "خليفة المسلمين"، و"سلطان الأمّة"، والقائم بأمر الشريعة، والمؤيد للإخوان ضد ما سمّوه الانقلاب، إذ به يضع يده في يد مصر ويد رئيس مصر، ولا تستطيع الجماعة أن تنقلب على تركيا وتصف أردوغان بأبشع الاتهامات التي وصفت بها غيره ممّن تعاون مع مصر، ممّا ينتج عن هذا التصرف اضطراب نفسي وفكري كبير في صفوف الجماعة، يهز عقل الجماعة، لا سيّما أنّ التقارب بين الدولتين لم يحقق ما تمنته الجماعة من "أنّ التقارب يحقق الخير للإخوان بوساطة تركية"، كما تمنّى المرحوم إبراهيم منير في تصريح لقناة الجزيرة، ولم (ولن) تصبح تركيا وسيطاً في حل أزمات الإخوان داخل مصر كما تمنّى أيمن نور.

صدام متشعب وطويل الأمد

الزاوية الثانية، وفق الكاتب المصري، متعلقة بما آلت إليه الجماعة في أنّها أضحت اليوم تعيش على صدامات الدول وصراعاتها وحروبها، فإذا تحولت علاقات الدول من الصدام إلى التقارب والتعاون، تكون جماعة الإخوان هي الخاسر الأكبر منه.

تركيا ستتبع سياسة تقليم أظافر الإخوان، بالتشديد على تحركاتهم ونفوذهم الإعلامي، وهو ما حدث بالفعل في الفترة الأخيرة.

أمّا الزاوية الثالثة، فتتعلق بالهشاشة التي وصل إليها تنظيم الإخوان، فمع الضربات المتلاحقة للتنظيم داخل مصر، تأتي ضربة الدولة الحاضنة، وزيادة المخاوف والتوترات بعد تقارب الدولتين، وهو ما كان له أثر على مستقبل الجماعة، ظهر مع أنباء محاولة الجماعة ترتيب أمورها، والهروب إلى حواضن غير تركيا، فيما عُرف بالبحث عن الحصول على (تأشيرة شينغن)، فمع عودة المياه إلى مجاريها بين القاهرة وأنقرة، يتوقع أن تفرض تركيا قيوداً جديدة على أنشطة الجماعة وعناصرها، فأخذت الجماعة تستعد  لـ "هروب كبير" من تركيا بحثاً عن ملاذات جديدة.

هل تُصعد تركيا إجراءاتها ضد الإخوان؟

إجابة عن هذا السؤال يقول القاضي: إنّ "أغلب الظن أنّ تركيا لن تتخذ إجراءات قوية ضد الإخوان بالصورة التي يتوقعها خصوم الجماعة، فحتى الآن لم تتم بصورة فعلية مناقشة أمر تسليم المطلوبين إلى مصر، غاية الأمر أنّ تركيا ستتبع سياسية تقليم أظافر الإخوان، بالتشديد على تحركاتهم ونفوذهم الإعلامي، وهو ما حدث بالفعل في الفترة الأخيرة، بعد أن توارت الجماعة نفسها لحساب الإعلام الداعم لها."

حسين القاضي: كل يوم تثبت الأحداث أنّ جماعة الإخوان جماعة (وظيفية)

وفي حديثه لـ (حفريات) يتساءل القاضي: هل سيتجه الإخوان إلى العمل السرّي إثر التقارب المصري التركي؟ أم سيبحثون عن ملاذات ووجهات جديدة؟ متوقعاً أن تكون الوجهة نحو بريطانيا، أو البوسنة، أو ماليزيا، أو أيً دولة من دول (شينغن).

يبقى العديد من التساؤلات مطروحاً للنقاش فيما يتعلق بالمصير المحتمل لجماعة الإخوان التي تتلقى دعماً كبيراً من أنقرة منذ أعوام

ويضيف: "الاحتمال الثاني الأكثر توقعاً لن يكون مأمون العواقب على الجماعة، فهناك نشاط دبلوماسي وأمني مصري يمثل تحدياً للجماعة، منها إمكانية تسليم بعض دول الاتحاد الأوروبي لأعضاء الإخوان لمصر، ومنها أنّ أوروبا تشترط ألّا يكون طالبوا التأشيرة لهم علاقات بقضايا الإرهاب والعنف، أو تم وضعهم على قوائم الإرهاب التي أرسلتها مصر إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفعت به مصر حينما ترأست مع الاتحاد الأوروبي الاجتماع الـ (21) للّجنة التنسيقية للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب."

نهاية محتملة

يشير القاضي إلى أنّ الجماعة، على مستوى كوادرها في إسطنبول، قد واجهت ظروفاً في منتهى القسوة، بسبب الخلافات الشخصية، والحروب الإعلامية، وحروب المصالح الشخصية، ومات الإخواني محمد الجبة من إهمال الجماعة لظروفه الصحية، وتعرّض الإخواني محمد شومان لأزمات صحية كادت تودي بحياته، وقال الإخواني هيثم خليل: يجوز لنا أكل الميتة في تركيا، ودخل بعض شباب الإخوان في الإلحاد، وذكر أحد إعلاميّي الجماعة أنّ أستاذاً جامعياً من الإخوان يبيع الجوارب في إسطنبول، ومن ثم فإنّ الأيام المقبلة مع زيادة التقارب بين القاهرة وإسطنبول تنبئ بما هو أكثر قسوة وإيلاماً للجماعة، ممّا سيكون له أثر على تماسك التنظيم وثباته في وجه أتباعه.

وإجمالاً يرى القاضي أنّ سيناريوهات محتملة أكثر قتامة تنتظر الإخوان، إثر  التقارب التركي المصري، مؤكداً أنّ الجماعة باتت مأزومة ومهزومة ومضطربة.

مواضيع ذات صلة:

جرائم الإخوان لن تسقط بالتقادم... كيف تفاعل المصريون مع ذكرى اعتصام "رابعة"؟

"اشتباكات وانتهاكات" بمصر.. شائعات إخوانية تضل طريقها



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية