مطالب سودانية متزايدة لوضع الإخوان على قوائم الإرهاب... لماذا؟ وما التداعيات؟

مطالب سودانية متزايدة لوضع الإخوان على قوائم الإرهاب... لماذا؟ وما التداعيات؟

مطالب سودانية متزايدة لوضع الإخوان على قوائم الإرهاب... لماذا؟ وما التداعيات؟


06/02/2024

إثر تكشف أدوارهم التخريبية داخل البلاد، بالتزامن مع الحرب الدائرة في السودان، التي قاربت عامها الأول، تزايدت المطالب الشعبية والسياسية بوضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، وتتهم دوائر سياسية ومدنية التنظيم بإشعال فتيل الأزمة بين الجيش وقوات الدعم السريع، والاستمرار بإثارة الفتن للإبقاء على الحرب من أجل العودة إلى مراكز السلطة المفقودة منذ الإطاحة بحكم عمر البشير في العام 2019. 

وقد تورّطت جماعة الإخوان بشكل مباشر خلال الأشهر الماضية في محاولات تأجيج الأوضاع في السودان، وعرقلة أيّ مسارات للتفاوض بين الجيش وقوات الدعم السريع، من خلال تحريض قيادات التنظيم على استمرار القتال، والدعوة إلى تسليح المواطنين، ودمجهم تحت عباءة اللجان الشعبية التي يديرها عناصر التنظيم وتعمل على تحقيق أهدافه بالمقام الأول، وكان الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي كرتي قد طالب في وقت سابق بالقتال الشعبي ضد قوات الدعم السريع، وهو ما عدّه مراقبون تحريضاً للمدنيين من أجل الانخراط في أتون الحرب. 

وقال كرتي: إنّ القتال ضد قوات الدّعم السّريع هو جهاد دفع، وهو من باب قتال البغاة الصائلين المفسدين في الأرض من غير شرط ولا استثناء ولا احتراز، وإنّ على كل مسلم أن يدفع عن نفسه وغيره بما يستطيع، رجلاً كان أو امرأة."

في السياق، يقول بيتر شومان، النائب السابق للممثل الخاص المشترك لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور لصحيفة (Arab News): "عندما حدث الانقلاب في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 وما بعده، التزمت جماعة الإخوان المسلمين الصمت، لكنّ هناك أفراداً لديهم مصلحة معينة، ولا سيّما علي أحمد كرتي"، في إشارة إلى وزير الخارجية السوداني السابق، الذي شغل المنصب في عهد البشير من 2010 إلى 2015."

لماذا تتزايد مطالب وضع الإخوان على قوائم الإرهاب؟

تحركات الإخوان منذ نيسان (أبريل) الماضي كانت مثار شك كبير حول أهدافهم، ولاحقاً كشفت تقارير عديدة أنّ التنظيم هو من أشعل فتيل الأزمة، وأطلق الرصاصة الأولى في دائرة القتال المتأزم؛ ممّا دفع دوائر سياسية إلى المطالبة بوضع التنظيم على قوائم الإرهاب. 

 تورّطت جماعة الإخوان بشكل مباشر خلال الأشهر الماضية في محاولات تأجيج الأوضاع في السودان

إلى ذلك يقول الصحفي السوداني مرتضى أحمد في تصريحات خصّ بها (حفريات): إنّ المطالب السودانية بوضع التنظيم على قوائم الإرهاب تزايدت بشكل كبير مؤخراً؛ بسبب ضلوع الإخوان في تأجيج الأوضاع بين معسكري القتال في البلاد. 

بحسب مرتضى أحمد، لم يعد دور الإخوان في الحرب اليوم خافياً، وهناك عشرات الدلائل على تورطهم في إشعال الصراع، فضلاً عن ذلك تستمر الجماعة بمحاولات عرقلة اتفاقات السلام، وتحاول بشتى الطرق تمديد عمر الأزمة، وفي ضوء ذلك تتبنّى الجماعة حملة ممنهجة لتسليح المدنيين، وهذه الحملات يقف وراءها عناصر بارزة من قيادات تنظيم الإخوان المعزول بالسودان في عدة ولايات. 

 

الصحفي السوداني مرتضى أحمد: المطالب السودانية لوضع التنظيم على قوائم الإرهاب تزايدت بشكل كبير مؤخراً؛ بسبب ضلوع الإخوان في تأجيج الأوضاع بين معسكري القتال في البلاد

 

ويرى الصحفي السوداني المختص بالشأن السياسي أنّ الهدف من هذه الحملات هو جر البلاد إلى مزيد من الفوضى والقتال، وصولاً إلى حالة دمار شاملة داخل البلاد، لن تصبّ في مصلحة أيّ شخص سوى عناصر التنظيم المعزول، الذين سيتمكنون من خلال حالة الفوضى من العودة إلى مراكز القيادة داخل الدولة.

ويعتقد أنّ أيّ تسوية سياسية قد تحدث في السودان ستؤدي إلى خروج الإخوان من المشهد السياسي نهائياً، لذلك يستميت التنظيم في محاولات تمديد عمر الصراع للإبقاء على مصالح الجماعة في الداخل أو الخارج.

استدعاء الإرهاب من الخارج... عودة إلى سيناريو التسعينيات

ويشير إلى خطورة المحاولات التي يقوم بها التنظيم مؤخراً لجلب مقاتلين مسلحين، ربما بعضهم أعضاء في تنظيمات إرهابية بالفعل، للقتال داخل السودان، لذلك يبدو الوضع الداخلي في السودان خطيراً، والدور الذي يلعبه التنظيم يبدو غاية في الخطورة، لذلك من الضروري الالتفات للدعوات الخاصة بوضعهم على قوائم الإرهاب بعين الاعتبار. 

وتعود علاقة المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم الإخوان في السودان بالتنظيمات الإرهابية الخارجية إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي، فقد فتحت استضافة نظام عمر البشير لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الخرطوم، ومنحه معسكرات تدريب في شرق البلاد، فتحت الباب واسعاً أمام زيادة ارتباط الميليشيات الإخوانية السودانية بالتنظيمات العالمية المتطرفة، وفق (سكاي نيوز).

وقد اتُهم نظام الإخوان بمساندة جماعات إرهابية نفذت الهجوم على سفارتي الولايات المتحدة بالعاصمة الكينية نيروبي والتنزانية دار السلام في عام 1998، وتفجير البارجة الأمريكية (يو إس إس كول) قرب شواطئ اليمن في عام 2000، ممّا أدى إلى إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، قبل أن يتم شطبه منها في العام 2020، بجهود بذلتها حكومة عبد الله حمدوك التي تشكلت عقب إسقاط نظام البشير.

ما التداعيات؟ 

لعبت جماعة الإخوان المسلمين دوراً محورياً في تأسيس نظام عمر البشير في عام 1989، وعلى مدى عدة عقود تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من بناء الدعم بين مختلف شرائح المجتمع السوداني من خلال دعوتها إلى الإسلام السياسي والعدالة الاجتماعية، وقد تسببت طريقة حكمهم للبلاد في اندلاع حرب أهلية وحشية. 

ورغم سقوط نظام البشير عام 2019، إثر الثورة على البشير وجماعته، استمر نفوذ جماعة الإخوان المسلمين من خلال وحدات شبه الشرطة التابعة للنظام السابق، وهي الوحدات التي اتُهمت باستهداف النساء رداً على دورهن المتزايد في الحياة العامة.

 

لم يعد دور الإخوان في الحرب اليوم خافياً، وهناك عشرات الدلائل على تورطهم في إشعال الصراع، فضلاً عن ذلك تستمر الجماعة بمحاولات عرقلة اتفاقات السلام، وتحاول بشتى الطرق تمديد عمر الأزمة

 

ويرى الصحفي السوداني مرتضى أحمد أنّ وضع الجماعة على قوائم الإرهاب من شأنه إلحاق هزيمة نفسية بالتنظيم، وعرقلة مخططاته، وفرض مزيد من العزلة عليه، كما ستقطع عنه الكثير من مصادر التمويل من خارج البلاد، أيضاً سيحدّ ذلك من مهام التنظيم داخل البلاد، ويقطع الطريق أمام جلب المقاتلين من الخارج لتأجيج الأزمة داخل البلاد. 

ولطالما كان السودان يئن تحت وطأة العزلة الدولية التي دخلها منذ تسعينات القرن الماضي على خلفية وضعه على قوائم الإرهاب؛ نتيجة سياسات الإخواني عمر البشير وحكومته، في ضوء ذلك تعرضت البلاد لسلسلة من العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية التي أضرت بالبلاد وأفقدتها فرصاً استثمارية وتمويلية وتجارية ضخمة، قبل أن تنجح حكومة عبد الله حمدوك في إخراج البلاد من تلك القائمة بعد عام واحد من سقوط حكم الإخوان.

مواضيع ذات صلة:

بعد تجدد التوتر بين السودان وإثيوبيا.. ما السيناريوهات المحتملة للأزمة؟

الاتحاد الأفريقي يعلن موقفه من "الآلية الثلاثية" في السودان... ما هو؟

الإخفاق السياسي يطارد السودانيين: حوار الآلية الثلاثية مثالاً




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية