معركة المدرعات بالخرطوم... 3 أيام من القتال في معقل الانقلابات ومخبأ الإخوان

معركة المدرعات بالخرطوم... 3 أيام من القتال في معقل الانقلابات ومخبأ الإخوان

معركة المدرعات بالخرطوم... 3 أيام من القتال في معقل الانقلابات ومخبأ الإخوان


23/08/2023

منذ الإثنين 21 آب (أغسطس) الجاري شنّت قوات الدعم السريع هجمات متتالية على سلاح المدرعات ومجمع الأسلحة والذخيرة بضاحية الشجرة، جنوب الخرطوم، وما زالت المعارك الضارية مستمرة حتى الآن داخل القاعدة العسكرية الأكثر أهمية بالنسبة إلى الجيش السوداني، إذ تغطي مساحة تبلغ حوالي (20) كليو متراً، وتضم (5) كتائب دبابات، منها (3) مخصصة لنوع (تي 55)؛ كما تضم لواءين ميكانيكيين، وكتيبة مشاة ميكانيكية واحدة.

ويُعتبر سلاح المدرعات أقوى أسلحة الجيش السوداني، وأعرق مُنشآته العسكرية. ومعلوم تاريخياً أنّ معظم الانقلابات العسكرية  التي حدثت في السودان، حوالي (12) منها، شارك فيها أو قادها ضباط ينتسبون إلى المُدرعات، حتى أنّ السودانيين يقولون: إذا أردت أن تقيس نسبة نجاح أيّ انقلاب عسكري في البلاد، فانظر إلى أيّ وحدة ينتمي قادته، فإن كانوا من المدرعات، فعليك أن تهيّئ نفسك لحقبة طويلة من الحكم العسكري.

الجيش ينفي

القاعدة العسكرية التي تتوسط أحياء مكتظة بالسكان،  وتمتد على ضفاف النيل الأبيض، يصفها الكثير من المراقبين والخبراء العسكريين بأنّها بوصلة حقيقية لمعرفة الطرف الذي له الكلمة العليا واليد الطولى على الأوضاع العسكرية الميدانية.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها القوات المهاجمة ما يؤكّد نجاحها في اختراق خطوط دفاع الجيش، فقد كان مقاتلوهم يحتفلون بما يعتقدون أنّه نصر مؤزر داخل مستودع يحتوي على مركبات مدرعة ورشاشات وعربات قتالية ومدنية.

شنّت قوات الدعم السريع هجمات متتالية على سلاح المدرعات ومجمع الأسلحة والذخيرة بضاحية الشجرة

وقالت قوات الدعم السريع في بيان نُشر على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (X): إنّها بسطت سيطرتها على مساحات مقدرة من مقر سلاح المدرعات، وقد نفى الجيش ذلك على  لسان الناطق الرسمي باسمه نبيل عبد الله، مؤكداً أنّ قواته المتمركزة في منطقة الشجرة العسكرية أحبطت عدداً من المحاولات غير المجدية من قبل "الميليشيات المتمردة " على حدّ تعبيره، للهجوم على سلاح المدرعات ومجمع الذخيرة.

خسائر فادحة

بيان الدعم السريع كشف أنّ قواته كبدت ـ من سمتّهم الفلول ـ خسائر باهظة في الأرواح بمقتل المئات من عناصرهم، وما يُسمّى بكتيبة البراء الكيزانية بينهم (18) من كبار الضباط، ووقوع العشرات منهم في الأسر، مُشيراً إلى السيطرة على مجمل معسكر سلاح المدرعات، ما عدا بعض الجيوب الصغيرة، وقال إنّه يجري التعامل معها، مؤكداً استيلاء الدعم السريع على (101) دبابة و(90) مدرعة و(21) عربة قتالية، وكميات من الأسلحة والذخائر.

استنفر حزب المؤتمر الوطني المحلول (الإخوان المسلمون) من أجل الذود عن سلاح المدرعات الذي تتحصن داخله ميليشيات الإخوان، خصوصاً قادة كتيبة البراء بن مالك وكتائب الظل والأمن الشعبي

ويعتقد خبراء عسكريون أنّ المعركة مرشحة للاستمرار وقتاً أطول، حتى يفرض أحد الطرفين سيطرته التامة عليها، خصوصاً أنّ خسارة الجيش لحصنه المنيع وآخر أقوى معاقله يعني قرب انتهاء معركة الخرطوم لصالح قوات الدعم السريع.

ويقول الخبراء: إنّ أهمية قاعدة المدرعات ومستوع الأسلحة والذخيرة تكمُن في كونها تمثل نواة قوات المشاة التابعة للقوات المسلحة السودانية، ومجمع أسلحته الثقيلة، وبالتالي فإنّ الاستيلاء عليها سيمنح قوات الدعم السريع أفضلية في حسم المعركة، كما يتيح لها السيطرة على جسر حيوي يربط الخرطوم وشمال أم درمان، وبالتالي قطع الإمدادات اللوجستية عن القيادة العامة للجيش وسلاح المهندسين.

دور الإخوان

من جهة أخرى، استنفر حزب المؤتمر الوطني المحلول (الإخوان المسلمون)، الذي تزعم قوات الدعم السريع والأحزاب المدنية ممثلة في المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، أنّه هو من أشعل الحرب ويديرها ويؤججها، استنفر كوادره من أجل الذود عن سلاح المدرعات الذي تتحصن داخله ميليشيات الإخوان، خصوصاً قادة كتيبة البراء بن مالك وكتائب الظل والأمن الشعبي، وقد نشرت صفحة الحزب على (فيسبوك) مقطع فيديو يُظهر مقاتلين في كتيبة البراء يقاتلون داخل سلاج المدرعات، وعلقت عليها بالعبارة التالية: "إنّ إخوانكم المجاهدين من كتيبة البراء بن مالك يستميتون في الدفاع عن المدرعات، فلا يولينَّ أحدكم دبره، اثبتوا، واسألوا الله النصر".

واتهم الحزب قادة الجيش بالخيانة، ودعا أنصاره إلى الاستنفار للدفاع عن سلاح المدرعات، وقال الحزب على صفحته: "ليعلم قادتنا أنّ ثمن الخيانة يدفعه خيرة أبنائنا المجاهدين في المدرعات، الذين باعوا دنياهم بآخرتهم. انفروا خفافاً وثقالاً إلى المدرعات الآن، وإلّا، فابكوا كالنساء على مُلك لم تحافظوا عليه كالرجال".

ودأب حزب الإخوان، في الآونة الأخيرة عبر كوادره الإعلامية المعلنة والخفيّة التي تظهر بأسماء مستعارة على السوشال ميديا، على وسم قادة الجيش بالخونة والعملاء، وأنّهم يعملون في صف قوات الدعم السريع، ووجهوا انتقادات لاذعة وشتائم مباشرة لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وطالب بعضهم بالتخلص منه، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنّه بمثابة تمهيد للانقلاب عليه والإطاحة به، وإعلان حكومة عسكرية إخوانية على غرار حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير.

في رقعة ضيقة

وفي المقابل، قال شهود عيان من سكان الأحياء المحيطة بسلاح المدرعات لـ (حفريات): إنّ الجيش ما يزال محاصراً في رقعة ضيقة من القاعدة العسكرية، وإنّ قوات الدعم السريع تمكنت من السيطرة على معظم القاعدة.

يعتقد مراقبون أنّه في حال سقوط المدرعات على يد الدعم السريع، فإنّ ذلك يعني، إلى جانب القضاء على تنظيم الإخوان المتحصنة ميليشياته داخل القاعدة، إضعاف موقف الجيش في أيّ مفاوضات قادمة، ولربما استبعاده عنها إلى الأبد

وأظهر مقطع فيديو بثته الصفحة الرسمية للقوات المسلحة السودانية الثلاثاء اللواء أيوب، نائب القائد المختفي لسلاح المدرعات اللواء نصر الدين، أظهر وجوده في مكان ما داخل مقر القاعدة، قال إنّها غرفة التحكم والسيطرة، وبعد أن أكد سيطرة قواته على الأوضاع، طالب قائد الاستخبارات بالتحرك بسرعة من أجل مده بالدبابات والذخائر، الأمر الذي أثار دهشة الكثيرين، وطرح السؤال: كيف يطلب أحد كبار قادة المدرعات دبابات وذخائر، فيما يدير هو أكبر مجمع لها في البلاد؟.

أم المعارك

إلى ذلك، وإن بدا أنّ هناك سيطرة نسبية لقوات الدعم السريع على القاعدة العسكرية الأكثر أهمية بالنسبة إلى الجيش السوداني، لكن المؤكد أنّ أيّاً من الطرفين لم يصدر بياناً رسمياً ممهوراً يؤكد حسم المعركة.

ويعتقد مراقبون أنّه في حال سقوط المدرعات على يد الدعم السريع، فإنّ ذلك يعني، إلى جانب القضاء على تنظيم الإخوان المتحصنة ميليشياته داخل القاعدة، إضعاف موقف الجيش في أيّ مفاوضات قادمة، ولربما استبعاده عنها إلى الأبد.

مواضيع ذات صلة:

لماذا فشل الإسلام السياسي في تنمية السودان؟

رحم الجيش السوداني: ولادة متعثرة لميليشيات متمردة.. ما علاقة الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية