مع تصاعد التوتر في أوكرانيا.. ما احتمالية حدوث حرب نووية؟ وما تداعياتها؟

مع تصاعد التوتر في أوكرانيا.. ما احتمالية حدوث حرب نووية؟ وما تداعياتها؟


07/03/2022

مع تصاعد الحرب في أوكرانيا، ووضع الرئيس الروسي قوة بلاده النووية في حالة تأهب قصوى، وتوجيه اتهامات لأوكرانيا بعملها على صنع قنبلة نووية من البلوتونيوم، كتم العالم أنفاسه من تطور الصراع بين موسكو والغرب إلى حرب نووية مدمرة.

وفي حين يواصل الجيش الروسي تمدده في الأراضي الأوكرانية لليوم الـ12، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العقوبات الدولية التي تُفرض على روسيا هي "إعلان الحرب"؛ مطالباً أن تكون أوكرانيا "محايدة وغير نووية" إلى جانب إخلائها من السلاح.

وأكد على أنّ: "كل من يحاول إعاقة عملنا، ناهيك عن خلق تهديدات لبلادنا وشعبنا؛ يجب أن يعرف أنّ الرد الروسي سيكون فورياً ويؤدي إلى عواقب لم يشهدها في التاريخ".

أما وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"؛ فقال: "الجميع يدركون أنّ حرباً عالمية ثالثة لا يمكن أن تكون إلا حرباً نووية، ولن نسمح بالاستفزازات التي تجعلنا نفقد صوابنا؛ لكن إذا بدأوا (الغرب) في شن حرب حقيقية ضدنا، فعلى من يثيرون مثل هذه الأمور أن يفكروا في الأمر، وأعتقد أنهم يفكرون بالفعل".

"القنبلة القذرة"

وتتهم روسيا السلطات الأوكرانية بأنها قريبة من صنع سلاح نووي عبارة عن "قنبلة قذرة" باستخدام البلوتونيوم، وأنّ أوكرانيا تُطور أسلحة نووية في محطة تشرنوبل النووية.

اقرأ أيضاً: مع تصاعد التوتر في أوكرانيا.. ما احتمالية حدوث حرب نووية؟ وما تداعياتها؟

وردت أوكرانيا بأنها تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وأنها ليس لديها خطط للانضمام مجدداً إلى النادي النووي، وإنها تخلت عن أسلحتها النووية في عام 1994 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

وحبس العالم أنفاسه ليل الخميس الجمعة، عندما اندلع حريق في أحد مباني محطة زابوريجيا النووية، إثر قصف روسي، اعتبره الرئيس الأوكراني لجوءاً من موسكو إلى "الرعب النووي" ومحاولة "لتكرار" كارثة تشيرنوبيل.

وأعلنت كييف أنّ نيران القوات الروسية استهدفت الجمعة محطة زابوريجيا النووية الواقعة في وسط أوكرانيا والأكبر في أوروبا مما أسفر عن اندلاع حريق في مبنى للتدريب، مطمئنة إلى عدم تضرر أي معدات "أساسية". قبل أن تعلن السلطات الأوكرانية في وقت لاحق سيطرة القوات الروسية على المحطة.

وقالت وكالة تفتيش المواقع النووية الأوكرانية في مقطع فيديو نشر على حساب المحطة على تطبيق تلغرام إنه "نتيجة لقصف القوات الروسية على محطة زابوريجيا النووية اندلع حريق".

اقرأ أيضاً: هل أصبح الاتفاق النووي مع إيران وشيكاً.. ما علاقة الأزمة الأوكرانية؟

ولاحقاً، طمأن أولكسندر ستاروخ، رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة زابوريجيا، إلى أنّ السلامة النووية لهذه المنشأة باتت "مضمونة".

وبعدها بوقت قصير، قالت الوكالة الأوكرانية إنّ القوات المسلحة للاتحاد الروسي ''احتلت أراضي محطة زابوريجيا النووية".

وأضافت أنّ: "طاقم التشغيل يتحكم بأقسام الطاقة ويؤمن تشغيلها وفقاً لمتطلبات القواعد التقنية لسلامة التشغيل".

من جانبها، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ أوكرانيا لم ترصد "أي تغير" في مستوى الإشعاعات في المحطة بعد القصف والحريق.

ودعت الوكالة إلى وقف استخدام القوة قرب هذه المنشأة النووية، محذرة من "خطر جسيم" إذا ما أصيبت مفاعلاتها.

وتضم محطة زابوريجيا التي بنيت في 1985، حين كانت أوكرانيا لا تزال جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق، 6 مفاعلات نووية وتوفر جزءاً كبيراً من احتياجات البلاد من الكهرباء.

اقرأ أيضاً: غزة: عائلات ترقب الحرب في أوكرانيا بمشاعر القلق على أبنائها

ودارت معارك بين القوات الروسية والجيش الأوكراني قرب محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية المغلقة منذ 1986، قبل أن تتمكن القوات الروسية من السيطرة عليها.

ومحطة تشيرنوبيل، التي وقع فيها أسوأ حادث نووي في التاريخ، تقع على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال كييف وقد شهدت في 26 نيسان (أبريل) 1986 أسوأ حادث نووي في تاريخ البشرية إذ انفجر يومها مفاعل وتسبب بتلوث في معظم أوروبا، وفي الاتحاد السوفياتي.

اقرأ أيضاً: قبل الردع النووي: هل استخدمت روسيا أسلحة "محرّمة" في أوكرانيا؟

وإثر هذا اتهم الرئيس الأوكراني روسيا باللجوء إلى "الرعب النووي" والسعي "لتكرار" كارثة تشيرنوبيل، قائلاً في رسالة عبر الفيديو "ليس هناك أي بلد آخر في العالم سوى روسيا أطلق النار على محطات للطاقة النووية. إنها المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية. هذه الدولة الإرهابية تلجأ الآن إلى الرعب النووي".

وأضاف أنّ "أوكرانيا لديها 15 مفاعلاً نووياً. إذا حدث انفجار، فستكون نهاية كل شيء، ستكون نهاية أوروبا، سيتم إخلاء أوروبا".

هل تندلع حرب نووية؟

وهذا التسارع في وتيرة التصعيد، يثير مخاوف العالم حول إمكانية نشوب نزاع نووي مدمر، وحول مدى احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية، ذكر عدد من الخبراء العسكريين أنّ "بوتين" برر قراره بشأن القوات النووية على أنه رد فعل دفاعي على فرض العقوبات الاقتصادية على بلاده؛ ولكن في خارج روسيا يُنظر إلى القرار بشكل عام على أنه طريق أمام روسيا لاستخدام أسلحتها النووية في هجوم مفاجئ.

اقرأ أيضاً: الحرب الروسية الأوكرانية: هل يفجر الأمن الغذائي ثورات في الشرق الأوسط؟

وأكدوا أنّ هذا وضع بالغ الخطورة ينطوي على رسائل مختلطة، مع إمكانية أن يؤدي احتمال سوء تفسيره إلى اتخاذ قرارات على أساس افتراضات زائفة، وأنه إذا ما قررت روسيا استخدام الأسلحة النووية في هجومها على أوكرانيا؛ سيؤدي ذلك إلى رد واسع النطاق من جانب الناتو.. ومن المرجّح استخدام أسلحة نووية قصيرة المدى يُعتقد أنه يوجد منها أكثر من ألف قطعة؛ حيث سيتم نقلها من المخزون وتوصيلها بالصواريخ أو وضعها في قاذفات قنابل، وقذائف مدفعية، وفق ما أوردته صحيفة "سبق".

وأشاروا إلى أنه، في ظل فشل المحاولات الدبلوماسية لإقناع روسيا عن استكمال هجومها على أوكرانيا؛ فقد تُقرر دول الناتو التدخل لمنع إطلاق الأسلحة النووية الروسية من خلال قصف مواقع تخزينها ومواقع نشر الصواريخ مسبقاً؛ مما يعني الانجرار إلى حرب نووية كبرى مع روسيا.

ما هي تداعيات الحرب النووية؟

ومما يثير الخوف من احتمال استخدام السلاح النووي أو قصف منشآت نووية، حتى وإن كانت سلمية، الآثار الهائلة المترتبة على ذلك، ومن أخطارها الشتاء النووي.

والشتاء النووي حالة تتلو انفجاراً نووياً يؤدي في أشد حالته إلى تغير هائل في طقس الأرض بعد حرب نووية شاملة تشبع الغلاف الجوي بالغبار الناجم عن انفجار القنابل النووية.

ويمنع هذا الغبار أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض، فتنخفض درجات الحرارة لدرجة اتساع المناطق القطبية إلى مناطق خط الاستواء.

ويتكون الشتاء النووي عبر المراحل التالية: المناطق التي تتعرض للقصف بالصواريخ النووية ستحترق بشدة، بما يؤدي إلى خلق نظام رياح جديد، ويفضي هذا بدوره إلى عاصفة من اللهب تنتج حرارة هائلة.

ومن هذه العاصفة النارية، ترتفع أعمدة كبيرة من الدخان التي تسافر في اتجاهات الغلاف الجوي، حتى تحجب الشمس عن الأرض، وفقاً لموقع "سكاي نيوز".

لكن في حالة أقل شدة من الشتاء النووي سيموت البشر جوعاً. وبحسب العلماء، فإنّ المجاعة العالمية تتلو مرحلة الشتاء النووي وتعتبر أسوأ تداعيات الحرب النووية.

وذكرت دراسة أعدها باحثون في جامعة نيوجيرسي عام 2011، أنه من شأن أي حرب نووية شاملة أن تتسبب في فصول صيف متجمدة وانتشار المجاعة في جميع أنحاء العالم.

وقالت الدراسة إنه في حالة نشوب حرب نووية شاملة بين روسيا وأميركا، فإنّ آثار الكارثة ستطال شتى أرجاء الكرة الأرضية.

ولن تتسبب الانفجارات والحرائق والإشعاعات في قتل الملايين من البشر فقط، إذ سيستمر الشتاء النووي إلى أشهر أو سنوات، مما يؤدي إلى تغير مناخ الأرض.

وفي 2019، خلصت دراسة أعدها باحثون في جامعة روتجرز الأمريكية، أنه في حال اندلاع حرب نووية بين أمريكا وروسيا، فإنّ حرارة النصف الشمالي من الكرة الأرضية ستكون أقل من التجمد في فصل الصيف.

ويتقلص موسم النمو (فترة نمو النبات والمحاصيل الزراعية) في بعض المناطق بنسبة 90 بالمائة.

اقرأ أيضاً: الطلبة العرب ضحية الأزمة الأوكرانية: ظروف صعبة وممارسات عنصرية

وترسم الدراسة مزيداً من السيناريوهات المرعبة، فخطر الموت من المجاعة سيلاحق سكان الأرض الذين يبلغ عددهم 7.7 مليار نسمة.

واستخدم الباحثون في الدراسة نموذجاً لمحاكاة التأثيرات المناخية لحرب نووية شاملة بين أمريكا وروسيا إذ يمكن لمثل هذه الحرب أن ترسل 150 مليون طن من الدخان الأسود من حرائق المدن والمناطق الصناعية إلى الغلاف الجوي.

ويمكن أن تستمر تلك السحابة من أشهر إلى سنوات تحجب خلالها أشعة الشمس، ويمكن أن تدمر طبقة الأوزون مع تسخين الغلاف الجوي.

وقال الباحث الرئيسي في الدراسة، جوشوا كوبيه إنّ هذه الدراسة تؤكد التداعيات الهائلة للحرب النووية على المناخ.

وأضاف: "سيكون هناك بالفعل شتاء نووي مع عواقب كارثية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية