مفاوضات فيينا: إيران تضع شروطاً جديدة وتختبر الصبر الأمريكي

مفاوضات فيينا: إيران تضع شروطاً جديدة وتختبر الصبر الأمريكي


13/04/2022

ما تزال المفاوضات النووية في فيينا تواجه جملة تعقيدات متفاوتة بين إيران والولايات المتحدة؛ إذ إنّ طهران تواصل ضغوطاتها بشأن الوصول إلى أقصى استفادة من عملية إعادة إحياء الاتفاق النووي، كما أنّ إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ترفض المطالب والشروط الإيرانية، وأهمها رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية.

نووي إيران.. محادثات استنزافية

وفي ظلّ تعثّر المحادثات النووية؛ فإنّ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أكّد على استمرار طهران في أنشطتها النووية التي زعم أنّها "سلمية"، فضلاً عن ضرورة "امتلاك (إيران) التكنولوجيا النووية"، وتابع: "لن نربط أبحاثنا ودراساتنا في المجال النووي السلمي برغبات ووجهات نظر الآخرين".

وبحسب الناطق الرسمي بلسان الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، الاثنين؛ فإنّه لم يعد مؤكداً ما إذا كانت هناك عودة للاتفاق النووي أم لا، لا سيما أنّ الإدارة الأمريكية لم تظهر نية إيجابية في ذلك الاتجاه، حسبما أوضح زاده، بينما شدّد نواب إيرانيون، في الوقت ذاته، على ضرورة وجود "ضمانات قانونية" بأنّ واشنطن لن تنسحب من الاتفاق النووي، مرة أخرى، بل وموافقة الكونغرس الأمريكي عليها.

الزغول: تجري مناقشات حادة في الكونغرس حول مدى تأثر أمن الخليج والإقليم إذا تم شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب

وبعث نواب البرلمان الإيراني، مؤخراً، برسالة إلى الرئيس الإيراني، طالبوا فيها بضرورة حماية المصالح الإيرانية والحفاظ على "الخطوط الحمراء التي رسمها النظام"، وقد أكدوا أنّ "الضمانات الشفهية، حتى إن كانت من الرئيس الأمريكي، نرى أنّها تفتقر إلى المصداقية".

في ظلّ تعثّر المحادثات النووية، فإنّ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أكّد استمرار طهران في أنشطتها النووية التي زعم أنّها "سلمية"، فضلاً عن ضرورة "امتلاك (إيران) التكنولوجيا النووية

ومن بين الشروط الأخيرة التي حدّدها النواب للرئيس الإيراني: "من الضروري أن تقدّم الولايات المتحدة ضماناً قانونياً لعدم الخروج من الاتفاق النووي في المستقبل. تقدیم الولایات المتحدة ضمانات تمنعها من استخدام آلية الزناد (سناب باك) بشكل تعسفي. عدم فرض حظر جديد، وضرورة تقدیم ضمانات بعدم إخضاع من تمّ حذفهم من لائحة العقوبات إلى عقوبات جديدة.

يحقّ لإیران تصدير النفط إلى أيّة دولة، وإلى أيّ مدى يتفق عليه الجانبان، في إطار الحصة التي حددتها منظمة "أوبك" قبل فرض الحظر الأمريكي.

على الإدارة الأمريكية أن تراعي حقّ إيران في بيع النفط واستلام ثمنه بعيداً عن أيّة عراقيل، ورفع جميع معوقات الاستثمار الأجنبي في إيران، وإزالة العقبات التي تعترض العمل المصرفي وعملية التصدير لإيران".

ما مخاوف إزالة الحرس الثوري من قوائم الإرهاب؟

وإلى ذلك، أكّد الجنرال مارك ميلي، رئيس أركان الجيش الأمريكي، أمام الكونغرس، مطلع الأسبوع، معارضته لشطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية، وقال: "في تقديري الشخصي، أعتقد أنّ فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، منظمة إرهابية، ولا أؤيد شطبه من قائمة المنظمات الإرهابية".

هناك عدة أسباب جعلت الولايات المتحدة تطالب بشروط لتوقيع الاتفاق النووي، وفق الباحث المتخصص في التاريخ السياسي الأمريكي الدكتور كمال الزغول، منها: العودة إلى نسبة التخصيب السابقة لليورانيوم 3.67%، وكذا منع إيران من استخدام أجهزة الطرد المركزية الحديثة (التي حصلت عليها خلال فترة الانسحاب من الاتفاق) في هذه النسبة من التخصيب، وإن كانت لصالح أبحاث نووية سلمية.

ويشير الزغول، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أسباب أخرى تعيق عملية التوصل إلى صيغة نهائية بشأن الاتفاق النووي، وتتصل برفع العقوبات الأمريكية عن إيران، ورفع الحظر عن أموال إيران المحجوزة في البنوك الأمريكية، فضلاً عن رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب؛ إذ تجري مناقشات حادة في الكونغرس الأمريكي حول مدى تأثر أمن الخليج والإقليم في حال تم شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، خاصة مع تأخر حلّ مشكلة اليمن، التي إن لم تحل قبل إحياء الاتفاق النووي، ستؤدي إلى تعقيدات كثيرة بسبب حرية إيران في التحرك بعد رفع الحظر عنها، والانتعاشة التي ستشهدها حركة التجارة الإيرانية.

الباحث كمال الزغول الزغول لـ "حفريات": هناك أسباب تعيق التوصل إلى صيغة نهائية بشأن الاتفاق النووي، وتتصل برفع العقوبات الأمريكية عن إيران، ورفع الحظر عن أموالها المحجوزة

السبب القوي والأخير في أزمة المفاوضات، بحسب الزغول، هو "العقدة الأمريكية حول تحقيق روسيا اختراقاً اقتصادياً وإقليمياً باتجاه إيران، مما يكسر العقوبات الأمريكية على روسيا وكياناتها، ومن ثم، تنتعش إيران على حساب أمن المنطقة، وهذا ما جعل الرئيس الإيراني يصرّح باستقلالية إيران، وعدم ربط المشاريع النووية الإيرانية بالقوى الخارجية أو (الآخرين)، على حدّ وصفه؛ إذ كشف رئيسي عن "الوثيقة الإستراتيجية" للصناعة النووية الايرانية السلمية، للسنوات العشرين القادمة، والتي تتضمن إنتاج 10 آلاف ميغاوات من الطاقة النووية، وتطوير استخدام الإشعاعات، وإنشاء محطة طاقة نووية محلية بقدرة 360 ألف ميغاوات بجنوب ايران، لذلك؛ فإنّ الولايات المتحدة ما تزال تدرس إيجابيات الاتفاق القادم وسلبياته.

الاتفاق النووي وشرط وقف التصعيد

في إطار الجهود المبذولة لإنهاء المفاوضات النووية، أفادت بعض التقارير بأنّ إدارة بايدن قد نظرت في الموافقة على طلب إيران بإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية لـ "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وفي المقابل، ستقدّم إيران، على ما يبدو، "التزاماً علنياً.. بوقف التصعيد في المنطقة"، بحسب معهد واشنطن. موضحاً أنّ "شطب صفة "المنظمة الإرهابية الأجنبية" عن الحرس" لا يعني إزالته كلياً عن قائمة الإرهاب، إذ تظهر هذه المنظمة في العديد من قوائم التصنيف الأمريكية الأخرى بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وأنشطة الانتشار النووي والأنشطة الإرهابية.

عدة أسباب جعلت الولايات المتحدة تطالب بشروط لتوقيع الاتفاق النووي

ونظرياً، قد تبدو أسباب إلغاء التصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية مقنعة، كما يوضح المعهد الأمريكي؛ حيث إنّه "لا يعود بفائدة عملية تذكر في مساعدة الحكومة الأمريكية على التعامل مع الحرس الثوري، وستبقى المنظمة كياناً إرهابياً مصنفاً من قبل الولايات المتحدة ضمن قوائم وزارة الخزانة، وستبقى حواجز خطيرة عديدة للقيام بأعمال تجارية مع إيران قائماً، ومع ذلك، فإنّ شطب الحرس الثوري من قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" تُعدّ فكرة سيئة".

ويختتم: "الأهم من ذلك أنّ إلغاء التصنيف على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" قد يمثّل مشكلة خطيرة من ناحية توجيه الرسائل؛ فشركاء أمريكا في المنطقة وحلفاؤها، خاصة دول الخليج وإسرائيل، قلقون بشدة من أن يؤدي اتفاق نووي متجدّد إلى تقوية إيران، في الوقت الذي يُنظر إلى دور الولايات المتحدة بأنّه آخذ في التراجع من المنطقة. وهم يخشون، على وجه الخصوص، أن تزيد طهران من دعمها لوكلائها الإرهابيين في جميع أنحاء المنطقة إذا تدفقت الأموال على طهران من تخفيف العقوبات، مما يتسبّب في مزيد من زعزعة الاستقرار. وفي الوقت الذي يعمل فيه كبار ضباط الحرس الثوري في السفارات الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي أعقاب تولي الحكومة المتشددة للرئيس إبراهيم رئيسي زمام السلطة، من المرجح أن تزداد قوة "الحرس"؛ لذلك يرى حلفاء الولايات المتحدة أنّ الوقت ليس مناسباً على الإطلاق لتخفيف الضغط عن التنظيم من خلال شطبه من القائمة".

 

مواضيع ذات صلة:

ماذا يعني أن تكون المنشآت النووية الإيرانية في عهدة الحرس الثوري؟

الحرس الثوري كلمة سر إحياء الاتفاق النووي.. أين وصلت محادثات فيينا؟

"واشنطن بوست": تعثر مفاوضات فيينا حول النووي الإيراني... ما الأسباب؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية