"نشر الشائعات"... سلاح جديد يعتمده إخوان تونس لحماية أنفسهم

"نشر الشائعات"... سلاح جديد يعتمده إخوان تونس لحماية أنفسهم

"نشر الشائعات"... سلاح جديد يعتمده إخوان تونس لحماية أنفسهم


04/04/2023

بينما فشلت كل محاولاتهم السابقة، منذ انتخاب قيس سعيّد رئيساً لتونس، في الدعوة إلى الفوضى وإثارة الفتنة، وانتهت دعواتهم للحوار من أجل العودة إلى البرلمان والحكم إلى طريق مسدود، لجأ إخوان تونس إلى احتراف صناعة الشائعات والترويج لها، والتي كان أحدثها شائعة حول شغور منصب الرئاسة في تونس، وأنّ الرئيس سعيّد على فراش الموت، وخططوا علناً لمن سيخلفه.

شائعات أتقنت صفحات حركة النهضة وأذرعها وقياداتها نشرها، وذهب بعضهم إلى حدّ دعوة الجيش إلى تسلم السلطة، حتى كادت تصبح حقيقة يعيشها التونسيون، لو لم يستأنف الرئيس مساء الإثنين نشاطه بعد غياب نحو (10) أيام، منحت المعارضة فرصة لاستثمار هذا الغياب سياسياً، بينما أثير جدل حول الشغور في منصب الرئاسة، وما تعلق به أيضاً من تأويلات قانونية ودستورية.

الشائعات سلاح جديد للإخوان

الإخوان الذين استشعروا استحالة عودتهم إلى السلطة، وتأكدوا من أنّ الشعب فعلياً لفظهم، ولم يعد لهم أمل في العودة إلى مقاليد الحكم، سارعوا إلى نشر سلاح الشائعات، الذي يجيدون المناورة به، أملاً في إيجاد حالة "ثورية" تمكنهم من العودة إلى الحكم، للفرار من مقصلة القضاء التي تنتظرهم، عقاباً على ما اقترفته أيديهم، خلال "العشرية السوداء".

وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام، صهر زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، والهارب خارج تونس من الملاحقة القضائية، زعم قبل (3) أيام أنّ الرئيس سعيّد يرقد حالياً في المستشفى العسكري بسبب أزمة قلبية، زاعماً أنّ قصر قرطاج يخلو إلا من الأمن الرئاسي.

بعد فشل كل محاولاتهم السابقة لجأ إخوان تونس إلى احتراف صناعة الشائعات والترويج لها

وسارعت جبهة الخلاص الموالية للإخوان صباح الإثنين إلى تنظيم مؤتمر صحفي لتزيد في ترويج الشائعات عن صحة قيس سعيّد، داعية الحكومة إلى الكشف عن أسباب عدم ظهور الرئيس.

وزعم أحمد نجيب الشابي، المتحدث باسم جبهة الخلاص، أنّ "الجبهة بلغها أنّ سعيّد تعرّض لوعكة صحية منذ اليوم الأول لغيابه في 23 آذار (مارس)"، مضيفاً أنّ الغموض زاد حول هذا الغياب، وأنّ "هناك فراغاً دستورياً مخيفاً، ولن ننتظر حتى تحلّ أيّ من القوى هذه المشكلة، ولا بّد من إطلاق مشاورات وطنية لحلّ المشكلة وإيجاد آلية للانتقال السلس للسلطة".

الرئيس يرد

 على إثر ذلك، التقى الرئيس سعيّد مساء أمس الإثنين برئيسة الحكومة نجلاء بودن، واعتبر خلال اللقاء أنّ هناك جهات تسعى لخلق الأزمات، مشدّداً على أنّه لا مجال للحديث عن شغور في البلاد.

وقال: "يتحدّثون عن ضرورة اعتلاء الجيش الحكم... هناك دولة وقانون، ولا بدّ أن تقضي المحاكم في الدعوة إلى الانقلاب على السلطة".

الشائعات أتقنت صفحات حركة النهضة وأذرعها وقياداتها نشرها، وذهب بعضهم إلى حدّ دعوة الجيش إلى تسلم السلطة

وأوضح الرئيس سعيّد: "كنت أنوي الخروج إلى الشارع فرحاً بالغيث النافع في تونس...". وعبّر قيس سعيّد في هذا السياق عن أمله في الخروج من الأزمة المائية، ووضع سياسة مائية في المستقبل حتّى لا نجد أنفسنا في مثل هذه الأزمة، وفق تعبيره.

وبدا الرئيس التونسي من خلال مقطع الفيديو الذي نشرته الرئاسة في صفحتها على فيسبوك في صحة جيدة، ممّا يدحض الشائعات التي روجت عن تدهور حالته الصحية، حتى أنّ هناك من النشطاء من قال إنّه في العناية المركزة على خلفية إصابته بجلطة دماغية.

وأكّد قيس سعيّد على أنّه لا علم له بالتحاليل والأرقام المتداولة، والتي تدّعي تعرّضه لوعكة صحية، قائلاً: "لقد وصل بهم الأمر إلى نشر شهادة وفاة"، وأوضح أنّه لا مجال للحديث عن حالة شغور في البلاد، معتبراً أنّ الأطراف التي تروّج لهذه المعلومات تسعى لاختلاق الأزمات في البلاد.

وقال: "يحاولون اختلاق الأزمات، المهم بالنسبة إليهم الأزمة وراء الأزمة، هم يُريدون حدوث حالة شغور في البلاد، حقاً بلغوا درجات من الجنون لم نشهدها من قبل".

غياب الرئيس يثير الجدل

وكان غياب الرئيس سعيّد منذ 22 آذار (مارس) الماضي قد أطلق العنان للمعارضة لترويج سيناريوهات مرضه، وضاعف رفض وزير الصحة التونسي علي مرابط الرد على دوافع غياب الرئيس سعيّد ووضعه الصحي من منسوب القلق لدى التونسيين.

سارعت جبهة الخلاص الموالية للإخوان إلى تنظيم مؤتمر صحفي لتزيد في ترويج الشائعات عن صحة قيس سعيّد

وقد أثارت وكالة نوفا الإيطالية قبل أيام جدلاً بعدما تحدثت عن "إلغاء" الرئيس سعيّد لقاءً مبرمجاً مع المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني، الذي وصل إلى تونس لمناقشة خطة إنقاذ لاقتصادها المتعثّر، دون ذكر الأسباب.

كما قام وزير الخارجية نبيل عمّار باستلام أوراق اعتماد السفير البرازيلي الجديد، فرناندو جوزيه دي آبرو، رغم أنّ البروتوكول يقتضي أن يقوم سعيّد بهذه المهمة.

ولم يقدّم وزير الصحة علي مرابط أثناء حضوره مؤتمراً صحفياً الأحد أيّ معلومات عن صحة الرئيس لدى سؤاله من قبل الصحفيين.

ونشرت صحيفة (لوموند أفريك) مقالاً قالت فيه: إنّ مشاكل صحية "خطيرة جداً" هي سبب غياب سعيّد عن الساحة التونسية، ضحية لاضطرابات القلب الناجمة عن العلاجات الشديدة التي يتبعها لعلاج اضطرابات المزاج الشديدة والمتكررة."

الإخوان الذين استشعروا استحالة عودتهم إلى السلطة، وتأكدوا من أنّ الشعب فعلياً لفظهم، ولم يعد لهم أمل في العودة إلى مقاليد الحكم، سارعوا إلى نشر سلاح الشائعات

كما قدّم الإعلامي مقداد الماجري في فيديو نشره على فيسبوك جملة من التفاصيل، قائلاً: "أضع شرفي على هذه المعلومات، وسط تكتم عن وضعية الرئيس وسياسة القصر القائمة على الغرف المظلمة تجبرنا عن الحديث عن الموضوع، أؤكد أنّ الرئيس مقيم بالمستشفى العسكري بقسم الإنعاش منذ أيام، وقد تعرّض لجلطات دماغية خفيفة، كما أنّه يعاني منذ أعوام من قصور في القلب والتهاب رئوي".

وقد أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية في تونس الإثنين بـ "إجراء تتبعات جزائية، ضد كل الأشخاص والصفحات التي تقف وراء نشر الأخبار الزائفة التي من شأنها الإضرار بسلامة الأمن العام للبلاد، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم"، في إشارة إلى دواعي غياب الرئيس التونسي.

وأوضح مكتب الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائية في بلاغ له أنّ هذا الإجراء "تم اتخاذه تبعاً لما يتم تداوله من إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي من شأنها المسّ والإضرار بسلامة الأمن العام للبلد واستقراره، وأن تتسبب في بث الفتنة والحضّ على إحداث الفوضى والاضطرابات".

الإخوان استثمروا في الملفات الصحية لكل الرؤساء

وليست هذه المرة الأولى التي تستثمر فيها قوى معادية للرئيس في ملفه الصحي، فخلال الحملة الانتخابية الرئاسية في دورها الثاني عام 2019 تحدث المرشح الرئاسي السابق نبيل القروي بشكل مبطن خلال مناظرة تلفزية عن مرض قيس سعيّد.

 وكان القيادي في مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" التي تقودها حركة النهضة جوهر بن مبارك قد طالب العام الماضي بالكشف عن الوضع الصحي لرئيس الجمهورية قيس سعيّد قائلاً: إنّ "الوضع الصحي يجب أن يكون موضوعاً عاماً، لأنّ الأمر لا يتعلق بأمر شخصي بل بقدرته على القيادة، فقد تكون الاضطرابات النفسية خطراً على البلاد، ومن حق التونسيين الاطلاع على الوضع الصحي لمن يقود البلاد".

بدوره، طالب الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي بمعرفة الحالة الصحية الجسدية والنفسية لرئيس الجمهورية. وأشار في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلى أنّه "من حق الشعب التونسي معرفة الحالة الصحية الجسدية والنفسية لرئيس الدولة، وأنّه في صورة حدوث شغور وقتي أو نهائي لا نعرف من سيكون البديل، في ظل تضارب النصّ الدستوري مع نص الأمر الرئاسي عدد (117)، حسب قوله.

ليست هذه المرة الأولى التي تستثمر فيها قوى معادية للرئيس في ملفه الصحي

كما سبق أن أثار الملف الصحي للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية التونسية إبّان الحملة الرئاسية في انتخابات 2014، بالنظر إلى عمر الراحل حينها وتقدّمه النسبي في العمر، جعل الكثيرين يشككون في مدى قدرته على الاضطلاع بمقاليد الحكم، كما تحدث البعض عن استغلال المقربين منه ظروفه الصحية تلك للتدخل في الحكم والتأثير على قراراته.

قيس سعيّد: يُحاولون اختلاق الأزمات... المهم بالنسبة إليهم الأزمة وراء الأزمة... هم يريدون حدوث حالة شغور في البلاد، حقاً بلغوا درجات من الجنون لم نشهدها من قبل

وقد اضطر حينها المقربون من الرئيس الراحل إلى الخروج إعلامياً في أكثر من مناسبة لتفنيد تلك الأخبار، وإلى الحديث عن الملف الطبي على غرار القيادي حينها في حركة نداء تونس منذر بالحاج علي الذي كشف عن جزء من الملف الطبي للسبسي قائلاً في برنامج تلفزي: إنّه في كامل قواه ومداركه العقلية بشهادة طبيبه الاختصاصي في الأمراض النفسية والعلقية.

وقيل الكثير أيضاً عن السلامة النفسية والصحية للرئيس المنصف المرزوقي الذي اضطر إلى نشر ملفه الصحي إبّان ترشحه في انتخابات 2014.

وتواجه حركة النهضة الإخوانية في تونس مجموعة من القضايا تتعلق بإفساد المجال السياسي، وتلقي تمويلات خارجية، واختراق القضاء، فضلاً عن الاتهامات التي تتعلق بالإرهاب وملف الاغتيالات السياسية.

 

مواضيع ذات صلة:

هكذا وظف الإخوان الإعلام الرقمي لتنفيذ أجندة الجماعة

ما مدى تأثير الإعلام الرقمي في نشر ثقافة التسامح والتعايش؟

لماذا فشل رهان تنظيم الإخوان على الإعلام؟ وما بدائله المستقبلية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية