هذا ما تحتاجه استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب بفاعلية أكبر

هذا ما تحتاجه استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب بفاعلية أكبر


11/01/2022

أشادت دراسة حديثة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  بالجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي في تقويض خطر الإرهاب الذي مايزال قائماً على نحو لافت، لا سيّما مع تطور العمليات الإرهابية، واشتمالها على عمليات سيبرانية، فضلاً عن تواجد الظروف المساهمة في إنتاج الإرهاب.

وتحضّ الدراسة، التي نشرها المركز عبر موقعه الرسمي، على ضرورة العمل على حذف المحتوى الإرهابي على الإنترنت عن كثب، لتجنّب الاستخدام غير المتناسب لتهم الإرهاب في السياقات العابرة للحدود، خصوصاً في ظل ما يمثله الإنترنت من منهل رئيسي للمخاطر الإرهابية التي تواجه دول أوروبا.

هدف الاستراتيجية مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة واكتشاف ومنع التهديدات المختلطة وتعزيز الأمن السيبراني والبحث والابتكار

وتضيف الدراسة في نتائجها أنّه "سيكون من المفيد توسيع الأسس القانونية لمكافحة خطاب الكراهية وجرائم الكراهية، مع دعم حماية الأمن الداخلي، ويجب على جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة في الاتحاد الأوروبي والوطني العمل معاً لمواجهة التهديدات الإرهابية الصادرة عن الإرهابيين المحليين أو الأجانب، الذين يتصرفون بمفردهم أو في مجموعة، بغضّ النظر عن الإيديولوجية القائمة على ملاحقتهم بوسائل إرهابية".

تبدأ الدراسة باستعراض الاستراتيجية التي وضعها الاتحاد الأوروبي في العام 2020، لتنفيذها على مدار (5) أعوام، من أجل تقويض مخاطر الإرهاب التي تواجه دول القارة.

إقرأ أيضاً: في تقرير غير مسبوق: 7 أسباب تصنع الإرهابيين في فرنسا

وتهدف الاستراتيجية إلى "مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، واكتشاف ومنع التهديدات المختلطة، وزيادة مرونة البنية التحتية الحيوية، لتعزيز الأمن السيبراني وتعزيز البحث والابتكار.

وفي غضون جهوده، شكّل مجلس أوروبا شبكة في تموز (يوليو) الماضي، لتبادل المعلومات الشرطية فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب عام 2016 (بناءً على المادة 7 من البروتوكول الإضافي لاتفاقية مجلس أوروبا).

وتتجاوز الاستراتيجية الأوروبية جهود المواجهة الفعلية للإرهاب القائم، إلى العناية بـ"أنشطة أخرى تهدف إلى منع التطرف الذي يؤدي إلى الإرهاب"؛ أي إنّها تحاول تجفيف الإرهاب من منابعه. وتنصّ المادة (3) من اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع الإرهاب وبرامج وسياسات المنع أنّه يجب أن تأخذ في الاعتبار أدوار ومسؤوليات العديد من الجهات الفاعلة من جميع قطاعات المجتمع، ليس فقط سلطات إنفاذ القانون والهيئات الأخرى، ولكن أيضاً على جميع المستويات، في مجالات مثل عمل الشباب والخدمات الاجتماعية والتعليم وغيرها.

تشير الاستراتيجية الأوروبية إلى أنّ سياسات وبرامج الوقاية لا بدّ أن تكون عنصراً مساهماً في المنع أو الوقاية

وتشير الاستراتيجية الأوروبية إلى أنّ سياسات وبرامج الوقاية لا بدّ أن تكون عنصراً مساهماً في المنع، فهي تؤدي إلى التطرف المؤدي إلى الإرهاب، وكذلك فهم كيفية عمل وسلوك وخلفيات العناصر والجماعات المتطرفة، قبل ارتكاب العمليات الإرهابية؛ لذا يجب وضع ورسم أنشطة الوقاية من خلال الاحترام الكامل للمبادئ الأساسية لعدم التمييز.

وفي مجال عنصر الوقاية من الإرهاب، تشير الدراسة إلى أنّ تكنولوجيا الإنترنت والاتصالات الحديثة موجودة، وتستخدم عملياً من قبل جميع الجماعات المتطرفة، سواء للتجنيد أو التدريب أو التطرف أو الاستفزاز العام أو الدعاية، أو من أجل التخطيط والتحضير وتنفيذ الهجمات الإرهابية؛ وبالتالي فإنّ مجلس أوروبا يعمل على المساعدة في تحسين التعاون بين أجهزة إنفاذ القانون والقطاع الخاص لمنع الإرهابيين من إساءة استخدام المنصات الحيوية على الإنترنت، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، مع ضمان وجود ضمانات مناسبة لمبادئ مثل حرية التعبير.

إقرأ أيضاً: إخوان فرنسا: عقود من الانتشار والتغلغل والازدواجية

من جهة أخرى، تطرقت الدراسة إلى التحدي الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي في ظل الأوضاع في أفغانستان، وسط مخاوف من تكرار سيناريو عام 2015 المتمثل في توافد موجات من النازحين بعد وصول حركة طالبان إلى الحكم، وطالبت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالعمل على وقف أيّ تدفق كبير للمهاجرين الأفغان إلى أراضيها من خلال تقديم المساعدة للدول المجاورة لأفغانستان، والدفع بحماية قوية على الحدود.

وقال الاتحاد الأوروبي يوم 31 آب (أغسطس 2021): إنّه سيعمل على وقف التدفق الكبير لطالبي اللجوء من أفغانستان من خلال تقديم المساعدة في المنطقة والدفع بحماية قوية على الحدود، لكنّه لم يقدّم تعهداً محدداً لاستقبال الأشخاص بشكل جماعي في أعقاب سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان، وتعهّدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بدعم الدول المجاورة لأفغانستان في حال استضافتها لاجئين فارين من طالبان، وذلك من أجل تجنب تدفق المهاجرين إلى أوروبا.

تطرقت الدراسة إلى التحدي الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي في ظل الأوضاع في أفغانستان

ولدى الأوروبيين خشية من أنّ التطورات في أفغانستان قد تفضي إلى موجة لاجئين جديدة إلى دول التكتل الأوروبي، كما أنّ خطر تحوّل البلاد مجدداً إلى حاضنة للحركات الإرهابية حاضر بقوة على طاولة المناقشات.

وفيما يخصّ ملف الهجرة، أشار مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى استراتيجية ثلاثية الأبعاد، تعتمد على حماية الحدود الخارجية بشكل أكثر صرامة، ثمّ عرض اللجوء على الفئات الأكثر ضعفاً، إلى جانب دعم دول الجوار الأفغاني والمنظمات الدولية. وتتمثل الفكرة في أنّ مساعدات الاتحاد الأوروبي ينبغي أن توظف بهدف إبقاء الأشخاص في المنطقة، وتثبيط المحاولات الرامية إلى القيام برحلة محفوفة بالمخاطر لعبور حدود الاتحاد الأوروبي سعياً للحماية.

إقرأ أيضاً: دراسة: خطر الإرهاب لم يتقلص في ألمانيا والنمسا رغم جهود مجابهته

في أول مؤتمر صحفي عقدته المستشارة الألمانية (السابقة) أنغيلا ميركل، عقب استيلاء حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، كان القلق من موجة جديدة من اللاجئين بادياً بوضوح على تصريحاتها، خاصة حين شددت أنّه "يجب عدم تكرار الأخطاء الماضية"، في إشارة إلى موجة اللاجئين في عام 2015. وكانت ميركل قد أبدت انفتاحها على استقبال "منظّم" للاجئين الأفغان "الأكثر عرضة للمخاطر" الهاربين من نظام طالبان، لكنّها أقرّت بصعوبة توصل الشركاء الأوروبيين لاتفاق بهذا الشأن.

وكان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تحت قيادة أنغيلا ميركل حزباً صديقاً للهجرة وبشكل مذهل منذ عام 2015 على أبعد تقدير. لكنّ البرنامج الانتخابي للحزب يبدو أكثر تحفظاً، إذ يجب وفق برنامجه الانتخابي أن تتمّ الهجرة بطريقة منظّمة، ووفقاً لقواعد واضحة. ويقول برنامج الحزب: "نحن نرفض الهجرة إلى منظومة المساعدات الاجتماعية"، وفي السياق نفسه تعهد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بتقديم مساعدات للدول المجاورة لأفغانستان لمواجهة ما سمّاها التداعيات الإنسانية والاقتصادية بعد استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان.

وفي هذا السياق، توصي الدراسة، بضرورة أن تعمل أوروبا على تجديد تعهداتها في مواثيق الهجرة، على مستوى الدول الأعضاء، وتفعيل قرارات محكمة العدل الأوروبية، بضرورة إلزام جميع الدول الأعضاء في تقاسم المهاجرين داخل الدول الأعضاء.

وتشير الدراسة إلى نجاح مجلس أوروبا خلال الأعوام الأخيرة في تطوير سلسلة من المعايير القانونية الجديدة وغيرها من المعايير، مثل ردّ القانون الجنائي على المقاتلين الأجانب، واستخدام تقنيات التحقيق الخاصة في قضايا الإرهاب وكيفية منع الهجمات، "الذئاب المنفردة"، إلى جانب تعزيز الاتفاقيات والتوصيات والمبادئ التوجيهية ذات الصلة من أجل مكافحة الإرهاب والوقاية من التطرف. وفي السياق ذاته أوصت الدراسة، من أجل ضمان حسن سير عمل استراتيجية مكافحة الإرهاب بشكل منتظم، أن تظلّ التقييمات وتنظيم الاجتماعات بين الدول الأعضاء أولوية قصوى بالنسبة إلى مجلس أوروبا في الوقت الحالي وللمستقبل.

ودعت إلى تعزيز التعاون الدولي والتنسيق بين دول أوروبا إلى جانب التعاون الدولي، من أجل توفير منصات لمناقشة وتفصيل وسائل الوقاية ومحاربة الإرهاب، وكذلك ضمان أنّ جميع تدابير مكافحة الإرهاب تهدد حقوق الإنسان والديمقراطية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية