هل استوفى الإخوان حظوظهم في استمالة الشارع التونسي؟

هل استوفى الإخوان حظوظهم في استمالة الشارع التونسي؟

هل استوفى الإخوان حظوظهم في استمالة الشارع التونسي؟


16/10/2023

وسط ازدياد السخط الشعبي ضدّ أعوام حكمها "العجاف"، تطرح التطورات الأخيرة في البلاد تساؤلات عمّا إذا كان الشارع التونسي قد لفظ حركة (النهضة) الإخوانية نهائياً، في ظل التراجع التدريجي لتأثيرها في المشهد العام، ممّا قد يصل بها بحسب مراقبين إلى الأفول أو الغياب التام.

التنظيم الذي حاول مراراً التسلل إلى المشهد من جديد بعد زلزال تموز (يوليو) 2021، إمّا عبر أزمات افتعلها ليضمن بها تزايد الغضب الشعبي ضدّ الرئيس قيس سعيّد، وإمّا عبر تحركات احتجاجية أراد من خلالها نشر الفوضى في البلاد، لكنّ كل دعواته لم يستجب لها التونسيون، وحتى أنصاره، فقد مُني بفشل ذريع في تحشيد الشارع.

الإخوان إلى أفول

آخر خيبات الأمل تعرّض لها التنظيم الأحد 15 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي بمناسبة عيد الجلاء، إذ نظمت جبهة الخلاص الوطني (واجهة الإخوان بتونس) وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بالعاصمة، حضرها عدد ضئيل من أنصار الجماعة، ليفشل حشدها للشارع التونسي، كما فشلت من قبل في تحريك التونسيين ضدّ مسار الرئيس سعيّد.

ومنذ 25 تموز (يوليو) 2021؛ أي منذ قرارات سعيّد التي أخرجتهم من الحكم ومن كل دوائر القرار بتفويض شعبي، اقتنص الإخوان تواريخ الشعب التونسي ليطفئوا شموع الأمل وليحتفلوا بموعد جديد للفوضى قد يمنحهم معجزة العودة إلى الحكم بعد تجربة واهنة، لكنّهم فشلوا في كل مرّة في اختبار الشارع، وتدريجياً تخلى عنهم أغلب أنصارهم، حتى باتت مظاهراتهم لا تتجاوز عشرات الأشخاص.

ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أنّ إخوان تونس فشلوا منذ 25 تموز (يوليو) 2021 في إقناع الشارع التونسي وحشده.

كما أنّ حركة النهضة الإخوانية فقدت ثقة التونسيين، ولم يتبقَّ لها في الشارع أيّ موالين أو قواعد، ممّا جعل تأثيرها محدوداً، ولم يتبقَّ من أتباعها سوى عدد قليل، وهم من المنتفعين من الحركة وعائلاتهم.

ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أنّ إخوان تونس فشلوا منذ 25 تموز (يوليو) 2021 في إقناع الشارع التونسي وحشده

وقد قادت حركة النهضة الحكم في تونس خلال العقد الماضي الذي شهد انفلاتاً أمنياً وعمليات إرهابية متتالية واغتيالات سياسية، فضلاً عن انهيار اقتصادي، وسجالات سياسية قوية انتهت بإطاحة قيس سعيّد بالبرلمان والحكومة معاً عام 2021.

"النهضة" تفقد امتدادها الجماهيري

وكان الغنوشي قد أثار غضباً داخل حركة النهضة قاد إلى نزيف من الاستقالات، بعد تمسكه بالاستمرار في قيادة الحركة وتأجيل المؤتمر الـ (11) الذي لم يتم إنجازه بعد، على رغم الدعوات المتصاعدة إلى ذلك، إذ انسحب منها مئات القيادات الذين توجهوا لتأسيس أحزاب جديدة مثل حزب (العمل والإنجاز) بزعامة القياديين السابقين البارزين سمير ديلو وعبد اللطيف المكي.

وفي شأن مصير الحركة في تونس، يرى المحلل السياسي محمد ذويب في تصريح لـ (إندبندنت عربية) أنّه "مرتبط بمدى القدرة على فتح الملفات الثقيلة التي تورطت فيها قيادات الحركة،

حركة النهضة الإخوانية فقدت ثقة التونسيين، ولم يتبقَّ لها في الشارع أيّ موالين أو قواعد، ممّا جعل تأثيرها محدوداً، ولم يتبقَّ من أتباعها سوى عدد قليل لكنّها عموماً فقدت كثيراً من شعبيتها، ممّا سيجعلها مجرد حزب بلا امتداد جماهيري كبير، ناهيك عن الوضع الدولي المتغير ضد مصالح الإخوان الذين قد نراهم مستقبلاً مجرد تنظيم ضعيف، مثل حركة (مجتمع السلم) الإخوانية في الجزائر، أو حزب (العدالة والتنمية) في المغرب".

وخسرت حركة النهضة كثيراً من خزانها الانتخابي مقارنة بأوّل انتخابات دخلتها عام 2011، وهي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي تولى صياغة دستور للبلاد، وهو ما يجعل الغموض يلفّ مستقبلها حالياً، لا سيّما في ظل تراجع التنظيم في المنطقة ككل، بعد الانتكاسة التي مُني بها حزب (العدالة والتنمية) في المغرب.

وتزعم قيادات (النهضة) أنّها قطعت علاقاتها مع الإخوان، لكنّ خصومها يصرون على أنّها ما زالت مرتبطة بأجندة التنظيم.

سعيّد يعد بإجلاء الإخوان

من جانبه، قال الرئيس التونسي قيس سعيّد: إنّه سيتم "إجلاء كل من يحاول العبث بتونس، مثلما تم إجلاء المستعمر من البلاد"، في إشارة إلى إخوان تونس.

وأشرف قيس سعيّد الأحد على الاحتفال بالذكرى الـ (60) لعيد الجلاء، بروضة الشهداء بمدينة بنزرت شمالي تونس، بحضور رئيس الحكومة أحمد الحشاني، ووزير الدفاع عماد مميش، ورئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة.

وقال قيس سعيّد: إنّ "تونس لن تنسى من فضّلوا الشهادة، وسنعمل على إعلاء الراية الوطنية، لأنّ لدينا مبادئ لن نحيد عنها''.

وأضاف سعيّد: ''ستبقى رايتنا مرفوعة في كل مكان، ليعتز بها كل تونسي، وسنعمل على المزيد من تطهير الوطن من الذين تنكروا لشهداء استقلال تونس''، مشدّداً على ضرورة تطهير تونس، وضرورة القضاء على الفساد من جذوره، وأنّه "سيتم العمل على إعلاء صوت تونس، وإعلاء الحق، وستبقى الراية الوطنية مرفوعة".

عيد الجلاء

وعيد الجلاء هو عيدٌ يحتفل به التونسيون في يوم 15 تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام، ويصادف تاريخ جلاء (إخراج) آخر جندي فرنسي عن الأراضي التونسية عام 1963.

وغادر في مثل هذا اليوم قبل (60) عاماً الأميرال الفرنسي (فيفياي ميناد) مدينة تونس، معلناً نهاية مرحلة الاستعمار الفرنسي التي بدأت يوم 12 أيار (مايو) 1881.

ذكرى شعبية تتقاطع مع ذكرى حديثة بعض الشيء، هي إنهاء عشرية حكم الإخوان، ففي ليلة 25 تموز (يوليو) 2021، قرر الرئيس التونسي قيس سعيّد تجميد عمل البرلمان، وتجريد أعضائه من الحصانة، وإعفاء رئيس الحكومة، مستنداً لدعم شعبي كبير.

ورغم لفظ الشعب لجماعة الإخوان، ونهاية فترة سيطرة الجماعة على السلطة، إلّا أنّها تحاول استغلال كل مناسبة تاريخية رمزية لتحريك الشارع التونسي.

ضربات متتالية للإخوان

وقد وجهت السلطات ضربة قاصمة لهذا التنظيم، حين أصدر القضاء التونسي مذكرة إيداع بالسجن بحق راشد الغنوشي في 17 نيسان (أبريل) الماضي بتهم إرهابية، وأغلقت قوات الأمن التونسية مقارّ حركة النهضة الإخوانية بعد تفتيشها، وذلك وفقاً لقرار صارم من وزير الداخلية التونسي كمال الفقيه.

كما تقرر حظر الاجتماعات بمقار حركة (النهضة) بالأراضي التونسية، استناداً إلى الفصل السابع من العدد (50) لعام 1978، والمتعلق بتنظيم حالة الطوارئ، وتقرر حظر الاجتماعات بمقرات جبهة (الخلاص) الموالية للإخوان.

تونس شهدت أكثر من (50) عملية إرهابية دامية خلال حكم الإخوان لتونس، وتم تفكيك قرابة (320) خلية إرهابية تنشط ميدانياً في الجبال وعلى شبكات التواصل

يُذكر أنّ تونس قد شهدت أكثر من (50) عملية إرهابية دامية خلال حكم الإخوان لتونس، كما تم تفكيك قرابة (320) خلية إرهابية تنشط ميدانياً في الجبال وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.

وتمركزت التنظيمات الإرهابية في تونس طيلة عشرية الإخوان بالجبال الغربية (الشعانبي والسلوم وسمامة)، وكانت تتبع تنظيمي (القاعدة وداعش).




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية