هل "المنطقة الآمنة" التي أعلنتها تركيا "آمنة" فعلاً؟.. المرصد السوري يجيب

هل "المنطقة الآمنة" التي أعلنتها تركيا "آمنة" فعلاً؟.. المرصد السوري يجيب


14/06/2022

في حين يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة في 2023، خلت جعبته من أيّ إنجازات، واكتظت بالصراعات الدامية وانتهاكات حقوق الإنسان، ليس في تركيا فحسب، بل في دول الجوار أيضاً؛ حيث اعتداؤه المتواصل على العرب والأكراد في شمال سوريا في سبيل تحقيق حلمه بإحياء الدولة العثمانية، التي حجز لنفسه فيها منصب "الخليفة".

على مدار الأعوام القليلة الماضية، لم يكتفِ أردوغان وميليشياته في سوريا وغيرها من الأراضي العربية بارتكاب انتهاكات وحشية شبه يومية ترقى إلى جرائم حرب، لولا تعمد الغرب، ولا سيّما الولايات المتحدة الأمريكية، تجاهل تلك الانتهاكات خشية أنّ تمتد الانتقادات إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي تتخذه أنقرة درعاً تعيث في الأراضي العربية فساداً من خلفه؛ بل يخطط الرئيس التركي، وفي قول آخر، "الخليفة"، لشنّ عملية عسكرية جديدة لم تُعرف على الفور أهدافها، غير أنّ صحيفة "ديلي صباح" التركية أشارت إلى أنّ العملية تهدف "للاستيلاء على سد الطبقة، الأكبر في سوريا".

العودة الطوعية والمنطقة الآمنة

في حين قالت "ديلي صباح" إنّ العملية العسكرية التركية المحتملة قد تهدف إلى الاستيلاء على أكبر السدود السورية على نهر الفرات، ربط المرصد السوري لحقوق الإنسان بين العملية والحديث التركي عمّا سمّاه أردوغان بـ"العودة الطوعية" للاجئين السوريين في تركيا إلى سوريا، وبالتحديد إلى ما أطلق عليه "المنطقة الآمنة".

 ووفقاً للمرصد، فإنّ "المنطقة الآمنة" المزعومة، التي تشمل مناطق درع الفرات ومحيطها وغصن الزيتون ونبع السلام الخاضعة للاحتلال التركي وميليشياته وفصائل الجيش الوطني الموالية لأنقرة، غير آمنة وتشهد انتهاكات واشتباكات يومية.

يخطط الرئيس التركي لشنّ عملية عسكرية جديدة قد تهدف للاستيلاء على سد الطبقة، الأكبر في سوريا

وأجرى المرصد الحقوقي السوري تحقيقاً يرصد الأحداث التي شهدتها مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة، استناداً على توثيقات ومتابعات نشطاء المرصد اليومية.

 خسائر بشرية في "المنطقة الآمنة"

بلغت حصيلة القتلى والشهداء نتيجة أعمال عنف في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة (146) قتيلاً وشهيداً خلال الـ5 أشهر الأولى من عام 2022، وفقاً للمصدر، الذي أوضح أنّ الضحايا هم: (57) من المدنيين بينهم (12) طفلاً، و(4) نساء، و(78) من العسكريين، و(9) من القوات التركية، وانتحاري وشخص مجهول، فضلاً عن إصابة أكثر من (272) شخصاً من مدنيين وغير مدنيين بجراح متفاوتة خلال أعمال العنف منذ مطلع العام الجاري.

 أمّا في مناطق نفوذ فصائل غرفة عمليات "درع الفرات" ومحيطها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية، فقد بلغت حصيلة القتلى بأعمال عنف (74) قتيلاً، بالإضافة إلى إصابة أكثر من (154) آخرين من مدنيين وعسكريين بجراح متفاوتة منذ مطلع العام 2022

 

ربط المرصد السوري لحقوق الإنسان بين العملية العسكرية والحديث التركي عن"العودة الطوعية" للاجئين السوريين إلى "المنطقة الآمنة"


.

وبلغت حصيلة القتلى بأعمال عنف ضمن مناطق نفوذ فصائل غرفة عمليات "غصن الزيتون" منذ مطلع العام 2022، (38) قتيلاً، بالإضافة إلى إصابة أكثر من (89) آخرين من مدنيين وعسكريين بجراح متفاوتة، وبلغت حصيلة القتلى بأعمال عنف ضمن مناطق نفوذ فصائل غرفة عمليات "نبع السلام" منذ مطلع العام 2022، (34) قتيلاً، بالإضافة إلى إصابة أكثر من (29) آخرين من مدنيين وعسكريين بجراح متفاوتة.

وركّز المرصد السوري على التوزيع الشهري للقتلى، الذي يعكس بدوره أنّ هذه المنطقة، التي تزعم تركيا ورئيسها أنّها "آمنة" ليست آمنة، فقد شهد الشهر الأول في منطقة "درع الفرات" سقوط (10) قتلى، والثاني (28) قتيلاً، والشهر الثالث (8) قتلى، أمّا الشهر الرابع فقد شهد سقوط (23) قتيلاً، والخامس (5) قتلى، وتوزعت مناطق عمليات "غصن الزيتون" وتيرة القتل والعنف نفسها، أمّا مناطق عمليات "نبع السلام"، فقد شهدت أعمال العنف فيها تصعيداً، حيث شهد الشهر الأول سقوط (6) قتلى، واستمرت في التصاعد حتى وصلت (12) قتيلاً في الشهر الخامس.

اقتتال واشتباك

وقع ما لا يقلّ عن (60) اقتتالاً فصائلياً وعشائرياً وعائلياً، ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة، وذلك خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام 2022، حيث تسببت تلك الاقتتالات بسقوط (54) قتيلاً، هم (7) من المدنيين بينهم طفلان، و(47) من العسكريين والمسلحين، بالإضافة إلى إصابة العشرات بجراح متفاوتة، فضلاً عن حالة الذعر والرعب لدى أهالي وسكان المنطقة والاستياء الكبير من تلك الاقتتالات، وفقاً للمرصد السوري.

وقع ما لا يقلّ عن (60) اقتتالاً فصائلياً وعشائرياً وعائلياً ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها

وأوضح المرصد أنّ مناطق "غصن الزيتون" بريف حلب الشمالي الغربي شهدت (15) اقتتالاً فصائلياً، تسببت بمقتل (8) عسكريين و(3) مدنيين برصاص عشوائي على خلفية تلك الاقتتالات خلال الـ5 أشهر الأولى من 2022، أمّا مناطق "درع الفرات" ومحيطها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية، فقد شهدت (24) اقتتالاً فصائلياً وعائلياً وعشائرياً وهجمات مسلحة، تسببت بمقتل (19) من المسلحين والعسكريين، وأخيراً مناطق عمليات "نبع السلام" بريفي الحسكة والرقة والتي شهدت (21) اقتتالاً فصائلياً وعائلياً وعشائرياً، تسببت بمقتل (20) من العسكريين، و(4) مدنيين بينهم طفلان برصاص عشوائي على خلفية تلك الاقتتالات.

انفجارات

وثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان (37) تفجيراً بأشكال متعددة كألغام ومفخخات وعبوات ناسفة، ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة، وذلك خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام 2022، وقد تسببت تلك التفجيرات بمقتل (26) شخصاً؛ هم: (8) من المدنيين بينهم طفل، و(13) من العسكريين بينهم (5) قيادات، و(3) من القوات التركية، وانتحاري وشخص مجهول، بالإضافة إلى إصابة العشرات بجراح متفاوتة، فضلاً عن حالة الذعر والرعب لدى أهالي وسكان المنطقة والاستياء الكبير من تلك التفجيرات.

 

وفقاً للمرصد، فإنّ "المنطقة الآمنة" المزعومة، الخاضعة للاحتلال التركي وميليشياته وفصائل موالية لأنقرة، غير آمنة وتشهد انتهاكات واشتباكات يومية

 

ووفقاً للمرصد، فقد شهدت مناطق "غصن الزيتون" بريف حلب الشمالي الغربي (8) تفجيرات بأشكال متعددة كألغام ومفخخات وعبوات ناسفة، تسببت بمقتل (5) أشخاص، هم: (2) من المدنيين، و(2) من العسكريين، وانتحاري فجر نفسه بنقطة عسكرية في عفرين، أمّا مناطق عمليات "درع الفرات" ومحيطها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية، فقد شهدت (25) تفجيراً بأشكال متعددة كألغام ومفخخات وعبوات ناسفة، تسببت بمقتل (14) شخصاً؛ (6) من المدنيين بينهم طفل، و(7) من العسكريين بينهم (5) قيادات، وشخص كان يستقل دراجة نارية مفخخة في الباب.

وشهدت مناطق عمليات "نبع السلام" بريفي الحسكة والرقة (4) تفجيرات بأشكال متعددة كألغام وعبوات ناسفة، تسببت بمقتل (7) أشخاص؛ (4) من العسكريين، و(3) من القوات التركية.

 ملف الاعتقالات

تم توثيق (341) حالة اعتقال تعسفي من قبل الفصائل الموالية لأنقرة والمخابرات التركية، بينهم طفلان و(16) امرأة، وذلك ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة، خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام 2022، وتنوعت التهم والذرائع، ولعل أبرزها "التخابر مع القوات الكردية وقسد والإدارة الذاتية وخلايا داعش"، على حدّ قول المرصد السوري.

وكشف المرصد أنّه من بين (341) حالة اعتقال، تم الإفراج عن نحو (120) منهم، بعد دفع ذويهم "إتاوات" ومبالغ مادية وانتهاء التحقيقات، بينما ما يزال البقية -أي (221) ـ قيد الاعتقال.

اختطافات وانتهاكات

تم رصد وتوثيق (64) حالة خطف على يد مجهولين وعسكريين ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة، بينهم طفل و(5) سيدات، وذلك خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام 2022، وفقاً للمرصد السوري.

تم رصد وتوثيق (64) حالة خطف على يد مجهولين وعسكريين ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها

إلى جانب ملفي الاعتقال والاختطاف، تمكن نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان من توثيق (531) انتهاكاً آخر بأشكال متعددة ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة، وذلك خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام 2022.

وأوضح المرصد أنّ مناطق "غصن الزيتون" بريف حلب الشمالي الغربي شهدت (392) انتهاكاً متعدد الأشكال، من بينها (113) عملية استيلاء على منازل ومحال تجارية وسيارات وأراضٍ زراعية في عفرين والنواحي التابعة لها، من قبل عناصر وقيادات الفصائل الموالية للحكومة التركية، حيث تعود ملكية هذه العقارات لمهجرين من المنطقة بفعل عملية "غصن الزيتون".

وشملت الانتهاكات في مناطق عمليات "غصن الزيتون" (105) عمليات قطع للأشجار المثمرة من قبل فصائل الجيش الوطني، ممّا أدى إلى قطع أكثر من (73689) شجرة زيتون في مختلف قرى ونواحي عفرين، إلى جانب (71) عملية "فرض إتاوة" من قبل الفصائل والشرطة والمحكمة العسكرية والمجالس المحلية، و(42) عملية بيع لمنازل مهجرين كانت الفصائل قد استولت عليها بقوة السلاح، حيث تتم عملية البيع بأسعار زهيدة وبالدولار الأمريكي تحديداً، فضلاً عن (30) عملية تجريف وتخريب للتلال الأثرية، و(24) عملية اعتداء من قبل فصائل الجيش الوطني بمختلف مسمّياتها على مدنيين لأسباب مختلفة، و(7) عمليات سرقة.

 

بلغت حصيلة القتلى والشهداء ضمن أعمال عنف في مناطق نفوذ القوات التركية (146) قتيلاً وشهيداً خلال الـ5 أشهر الأولى من 2022

 

وفي مناطق "درع الفرات" ومحيطها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية، وقع (52) انتهاكاً متعدد الأشكال، من بينها (31) حالة فرض إتاوة، (12) حالة اعتداء، (9)  عمليات سرقة، أمّا مناطق "نبع السلام" بريفي الحسكة والرقة، فقد شهدت (87) انتهاكاً متعدد الأشكال، من بينها (59) عملية استيلاء على منازل ومحال تجارية وسيارات وأراضٍ زراعية، (14) حالة بيع لممتلكات المهجرين، (8) عمليات تجريف وتخريب للتلال الأثرية، (6) عمليات سرقة.

 في الوقت ذاته، فإنّ "المنطقة الآمنة" تشهد أوضاعاً معيشية وإنسانية سيئة، وهو ما ولّد استياء شعبياً كبيراً من الواقع المعيشي والخدمي، وقد رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عشرات المظاهرات والاحتجاجات الشعبية منذ مطلع العام 2022، وتنوّعت المطالبات بين تحسين الأوضاع المعيشية ووقف الانتهاكات والاقتتالات وضبط الانفلات الأمني المستشري في تلك المناطق، وضد المجالس المحلية والتجاوزات التي تقوم بها هي والفصائل، بالإضافة إلى الواقع الخدمي السيّئ، وتجاوزات شركات الكهرباء التركية العاملة في تلك المناطق.

مواضيع ذات صلة:

ما تبعات العملية العسكرية التركية شمال سوريا؟

أوكرانيا غيّرت قوانين اللعبة في سوريا

قوى كردية تبحث التحركات العسكرية التركية شمال سوريا.. هذا ما دعت إليه



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية