هل بدأت المرحلة الأولى من الهجوم الأوكراني المضاد؟

قالت حنا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني: إنّ القوات الأوكرانية تقدمت حول باخموت، واصفة المدينة الشرقية، التي أعلن الروس الاستيلاء عليها مؤخراً، بأنّها "بؤرة القتال"، ولم تذكر ماليار ما إذا كان الهجوم الأوكراني المضاد الذي طال انتظاره قد بدأ أم لا؟

ماليار قالت الإثنين الماضي: إنّه "رغم المقاومة الشديدة، ومحاولات العدو للاحتفاظ بمواقعه، تقدمت وحداتنا العسكرية في عدة اتجاهات خلال القتال". وأضافت أنّ القوات الأوكرانية في أوريكوفو فاسوليفكا، وباراسكوفيفكا زادت من تقدمها بين (200 إلى 1600) متر (656-5250 قدماً)، بينما تقدمت في إيفانيفسكي وكليشيفكا بين (100 و700) متر (330-2300). وتقع القرى الـ (4) على بعد عدة كيلومترات من باخموت، وذلك بحسب تقرير لشبكة (بي بي سي) البريطانية.

نائبة وزير الدفاع الأوكراني أكدت أنّ قوات بلادها تتحرك نحو شنّ المزيد من العمليات، وقالت: إنّ تلك العمليات تشمل كل شيء، بما في ذلك الأعمال الهجومية المضادة.

وفي السياق نفسه، وبحسب الـ (نيو يورك تايمز) الأمريكية، قال اثنان من كبار مسؤولي الدفاع الأوكرانيين يوم الإثنين المضي: إنّ القوات الأوكرانية تحرز تقدّماً بالقرب من مدينة باخموت الشرقية المدمرة. وقال قائد القوات البرية الأوكرانية الجنرال أولكسندر سيرسكي، في رسالة موجزة: "نواصل المضي قُدماً". ولم يحدد سيرسكي حجم القتال الذي جرى في الأيام الأخيرة، ضمن سلسلة التحركات الأوكرانية الرامية إلى المضي قُدماً في ضواحي المدينة.

موسكو تعلن عن بداية الهجوم المضاد

من جهة أخرى، أعلنت موسكو أنّ "هجوماً أوكرانياً واسع النطاق بدأ في منطقة دونيتسك، يوم الأحد الماضي، لكنّه لم ينجح، وأنّ الجيش الروسي صدّ هجوماً جديداً في منطقة دونيتسك الشرقية يوم الإثنين الماضي، في إشارة إلى بداية التحرك الأوكراني المضاد، بعد أن جمّد الجيش الروسي عملية الربيع.

وزارة الدفاع الروسية أشارت إلى أنّ العملية الأوكرانية التي وصفتها بـ "الكبيرة"، بدأت في (5) مواقع في منطقة دونيتسك الشرقية، بالقرب من بلدة فيليكا نوفوسيلكا. وفي بيان نقلته وسائل إعلام حكومية، قال بيان لوزارة الدفاع الروسية: إنّ الجانب المهاجم عانى من خسائر فادحة، وإنّ (28) دبابة، (8) منها من طراز ليوبارد الألمانية الصنع دمرت تماماً، وهو ما سخر منه رئيس شركة (فاغنر)، يفغيني بريغوزين، واصفاً بيان وزارة الدفاع الروسية بأنّه محض "خيال جامح".

نائبة وزير الدفاع الأوكراني أكدت أنّ قوات بلادها تتحرك نحو شنّ المزيد من العمليات، وقالت: إنّ تلك العمليات تشمل كل شيء، بما في ذلك الأعمال الهجومية المضادة

وأظهر مقطع فيديو لما وصفته روسيا بمعركة في دونيتسك عربات عسكرية تتعرض لنيران كثيفة في الحقول، وتقول روسيا إنّها قتلت (300) جندي أوكراني أثناء الهجوم. بينما قال الجيش الأوكراني إنّه لا يملك أيّ معلومات عن مثل هذا الهجوم الكبير المزعوم في المنطقة. ووصف متحدث باسم الجيش الأوكراني لوكالة (رويترز) للأنباء المزاعم الروسية بالكاذبة، مضيفاً: "ليس لدينا مثل هذه المعلومات، ولا نعلق على أيّ نوع من التزوير". وزارة الدفاع الأوكرانية، بدورها، قالت في تسجيل مصور: إنّ "الخطط تحب الصمت، ولن يكون هناك إعلان عن البداية".

الوضع الميداني

في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء الماضي تم تفعيل صافرات الإنذار، إثر غارات جوية روسية استمرت لعدة ساعات في جميع أنحاء أوكرانيا. وقال مسؤولون نقلاً عن معلومات أولية: إنّ أكثر من (20) صاروخاً أسقطت في العاصمة كييف.

وكانت مجموعة (فاغنر) الروسية، شبه العسكرية، قد زعمت أنّها استولت على باخموت، في أواخر أيّار (مايو) الماضي. بينما أشار بعض المحللين إلى أنّ القوات الأوكرانية تحاول تطويق باخموت، واحتجاز الوحدات الروسية الموجودة هناك.

أعلنت موسكو أنّ الجيش الروسي صدّ هجوماً جديداً في منطقة دونيتسك الشرقية يوم الإثنين الماضي، في إشارة إلى بداية التحرك الأوكراني المضاد، بعد أن جمّد الجيش الروسي عملية الربيع

وتشير التقارير الميدانية الأخيرة، إلى وجود إشارات جديدة، على أنّ الضغط الأوكراني المتوقع قد يكون قد بدأ، تمهيداً لهجوم مضاد شامل، ويظهر مقطع فيديو نشره الجيش الأوكراني وجود آلية عسكرية أوكرانية بالقرب من باخموت، وبحسب  (بي بي سي) لم يتم التحقق من تاريخ الصورة.

من جهة أخرى، قال مقاتلون روس معارضون للحكومة في موسكو: إنّهم أسروا بعض الجنود الروس في بيلغورود، بالقرب من الحدود مع أوكرانيا. وجاءت هذه المزاعم من قبل فيلق الحرية الروسية (FRL)، في بيان مشترك مع فيلق المتطوعين الروسي (RDK).

مؤشرات الهجوم الأوكراني المضاد

بحسب صحيفة (نيو يورك تايمز)، كثفت القوات الأوكرانية من ضربات المدفعية، والهجمات البرية، في موجة من الأنشطة العسكرية المباغتة، ممّا قد يشير إلى أنّ هجوم كييف المضاد، المخطط له منذ فترة طويلة ضد روسيا، قد بدأ.

القتال بدأ يوم الأحد الماضي على طول الجبهة في عدة نقاط على خط المواجهة في المنطقة الشرقية، الأمر الذي يسمح لقوات كييف بمحاولة تحقيق هدفها بالتوجه جنوباً نحو بحر آزوف، وقطع الجسر البري الذي يربط شبه جزيرة القرم المحتلة بالبر الرئيسي لروسيا.

ميخائيل زفينشوك، المدون العسكري الموالي لروسيا، وصف القتال العنيف على الجبهة الشرقية، مؤكداً استيلاء جنود أوكرانيين يستقلون دبابات ليوبارد الألمانية الصنع على قرية نوفودونتسك مساء الإثنين الفائت، في إشارة محتملة، وفقاً لـ (نيو يورك تايمز)، إلى أنّ كييف دفعت بقواتها التي يدربها الناتو إلى المعركة.

وبحسب تقارير أمريكية، قدّم الجانب الأوكراني لواشنطن إطاراً زمنياً للوقت الذي تعتزم فيه كييف بدء الهجوم المضاد، وقال مسؤولون أمريكيون إنّ يوم الأحد الفائت جاء ضمن هذا الإطار الزمني. واستنتج المسؤولون الأمريكيون الذين تحدثوا إلى (نيو يورك تايمز) أنّ هجوم كييف المضاد قد بدأ على الأرجح، بناءً على معلومات تمّ الحصول عليها من الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية، التي كشفت عن زيادة الحركة داخل المواقع العسكرية الأوكرانية بشكل ملحوظ. وقال محللون عسكريون أمريكيون أيضاً إنّهم يعتقدون أنّ الوحدات الأوكرانية تقوم بدفعة هجومية أولية؛ لتحديد مواقع القوات الروسية، واختبار مدى قوتها، وهو تكتيك تقليدي كان الأمريكيون يدربون القوات الأوكرانية على استخدامه. وقال مسؤول أمريكي إنّ هذا الاختبار لنقاط الضعف المحتملة في الدفاعات، وقياس الروح المعنوية الروسية، يسمّيه الجيش الأمريكي "الاستطلاع بالقوة"، وهو أمر سوف يستمر على الأرجح لعدة أيام.

من جهته، قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: إنّه لن يذهب أبعد من البيان الذي أدلى به المسؤولون الأوكرانيون، مؤكداً أنّ موعد الهجوم المضاد أمر من اختصاص كييف. وأضاف: "ما يمكنني التحدث عنه هو مدى صعوبة عملنا لإعدادهم ليكونوا مستعدين". وتابع: "الرئيس واثق من أنّنا فعلنا كل ما في وسعنا خلال الأشهر الـ (7) أو  الـ (8) الماضية أو أكثر؛ للتأكد من أنّ لديهم القدرات اللازمة لتحقيق النجاح."

مواضيع ذات صلة:

- هل يمتلك الروس دوافع أكبر لمواصلة القتال في باخموت؟

- هل ينفّذ الجيش الأوكراني انسحاباً تكتيكياً من باخموت؟

- هل يتجمد الجيش الروسي في أوحال باخموت؟