هل تدرك حماس حقاً أن العلاقات التركية الإسرائيلية لم تنقطع يوماً؟‎

هل تدرك حماس حقاً أن العلاقات التركية الإسرائيلية لم تنقطع يوماً؟‎


22/10/2019

فايز رشيد

كان الأولى بحماس أن تكون واضحة تماماً في إدانتها للغزو التركي العدواني البغيض كحركة فلسطينية عربية، وليست فرعاً من فروع شجرة «الإخوان المسلمين».
بداية، كنا نتمنى أن تنطلق مواقف حركة حماس السياسية الفلسطينية والعربية من خصوصيتها الفلسطينية وانتمائها العربي أولاً وأخيراً، بعيداً عن تجاذبات وآراء التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي أكّدت حماس قبلاً أنها منفصلة تماماً عنه بالمعنيين التنظيمي والسياسي، ليتبين أن هذا بعيد عن الحقيقة تماماً، كما ثبت مؤخراً من موقف الحركة الذي أعلنته من الغزو التركي الأخير «نبع السلام» للشمال العربي السوري.
في الوقت الذي أدان فيه كلّ العالم تقريباً، بما في ذلك أغلبية الدول العربية، واعتبرته عدواناً على بلد عربي وتهديداً للأمن القومي العربي برمته، أصدرت حماس بياناً قالت فيه: «تتفهم الحركة حق تركيا في حماية حدودها والدفاع عن نفسها، وإزالة التهديدات التي تمس أمنها القومي أمام عبث جهاز الموساد «الإسرائيلي» في المنطقة، والذي يسعى إلى ضرب الأمن القومي العربي والإسلامي». بصراحة نقول لحماس، إن البيان يحاول تحوير اتجاه الغزو العدواني التركي وهو الحدث المعني للاتكاء على العدو الصهيوني المعروف أنه عدو لحماس والفلسطينيين وللأمة العربية بأسرها. ومعروف تماماً كم من غارة عسكرية شنّها هذا العدو المجرم على البلد العربي المعني مستغلاً ظروف الصراع الدائر فيه.
كان الأولى بحماس أن تكون واضحة تماماً في إدانتها للغزو التركي العدواني البغيض كحركة فلسطينية عربية، وليست فرعاً من فروع شجرة الإخوان المسلمين الذين سبق أن تآمروا على ثورة يوليو/تموز وزعيمها الخالد جمال عبدالناصر وحاولوا اغتياله، وكان لهم يد فيما جرى في سوريا وفي أكثر من بلد عربي شهد خراباً ودماراً. بدلاً من هذا الموقف المفترض أن تتخذه الحركة، طلع علينا ناطقها الرسمي سامي أبو زهري ليصرّح «بأن تركيا كانت وستظل مهوى قلوب المسلمين في العالم»! لقد تناسى أبو زهري احتلال تركيا للواء الأسكندرون وغزوتي تركيا السابقتين «غصن الزيتون» و «درع الفرات» لسوريا، وتصريحات أردوغان منذ سنوات بأن «ولايتي حلب والموصل هما ولايتان عثمانيتان». كما تناسى تأييد حماس للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، ومخاطبته لبيريز في رسالة بعثها إليه ب «صديقي العزيز»!.. إلخ. لقد جعل أبو زهري من نفسه ناطقاً باسم القصر الرئاسي التركي للسلطان الطوراني أردوغان، وجاء بيان حماس ليؤكد انتماءها للإخوان المسلمين. هذه الجماعة التي لم تتوقف يوماً عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وطرح مشروعات تفتيتية، وتُبدي ازدراء بكل طموحات الشعوب العربية، فإذا بحماس في بيانها تؤكد أنها تتفَهّم «حق تركيا في حماية حدودها والدفاع عن نفسِها وإزالة التهديدات التي تمَسّ أمنها القومي. بل ذهب البيان بعيداً في مَنح أنقرة الحقّ في إزالة التهديدات المزعومة لأمنها القومي أي اجتثاث وتدمير البنى التحتية للمنطقة التي يسعى أردوغان وجيشه لاحتلالها تحت مسمى «المنطقة الآمنة» التي يَتوهّم أنه قادر على إقامتها بعمق 35 كم وبعرض يزيد على 460 كم، ما يعني احتلال منطقة تزيد مساحتها على مساحة لبنان مرّة ونصف المرّة. وربما نسيت حماس أن سوريا دولة عربية، وأن الغزو التركي هو انتهاك لسيادتها وحرمة حدودها ووحدة أراضيها.
ولعلم حركة حماس، فإن العلاقات التركية -«الإسرائيلية» لم تنقطع يوماً في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، إنما تتعمد المتاجرة بالقضية الفلسطينية في مسعى لكسب الشعبية بين الجماهير التركية والعربية والإسلامية، ومن دون المساس بالتحالف القوي مع دولة الاحتلال. كما أن هناك مستشارين عسكريين صهاينة في القوات المسلحة التركية. ورغم التوترات التي تسود العلاقات إلا أنه لم تلغَ حتى اليوم اتفاقية قيمتها 190 مليون دولار لشراء طائرات من دون طيار من «إسرائيل». كما لم تلغَ التعاملات التجارية المدنية بين أنقرة وتل ابيب امتداداً من قطاع المنسوجات ووصولاً إلى نظم الري التي كانت تمثل نحو ثلاثة مليارات دولار خلال العام الماضي 2018 وفقاً لما قاله محللون تجاريون. وتقول مصادر عسكرية تركية إن التجارة العسكرية بين أنقرة وتل أبيب بلغت في مجملها نحو 2.8 مليار دولار عام 2017. وتزور دولة الكيان وفود حكومية وعسكرية تركية بين فترة وأخرى. هذا غيض من فيض العلاقات بين تركيا (مهوى أفئدة حماس) وبين العدو الصهيوني.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية