هل ترفع الولايات المتحدة حماس من قائمة المنظمات الإرهابية؟

هل ترفع الولايات المتحدة حماس من قائمة المنظمات الإرهابية؟


10/07/2021

رغم تأييد إدارة الرئيس الأمريكي جو باين للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزّة، وموافقته على صفقة جديدة لتسليح تل أبيب، بذريعة حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وما نتج عن ذلك من انتقادات للولايات المتحدة، داخلياً وخارجياً، إلا أنّ مساعي جميع الأطراف، ومن ضمنها واشنطن، لوقف إطلاق النار بين حركتَي حماس وإسرائيل، فتحت باب التكهنات حول رغبة واشنطن بفتح قنوات اتصال مع حماس، بعد توحّد الفلسطينيين الواضح خلف المقاومة، وفقدان شعبية السلطة الفلسطينية مؤخراً بعد الحرب الأخيرة على غزة.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2020، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، إنّ حركته رفضت حواراً مع الإدارة الأمريكية حول "صفقة القرن"، مضيفاً أنّ "الطلب الأمريكي كان هدفه شقّ الموقف الفلسطيني واستخدامه لتهديد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية".

وفي عام 1997 أدرجت الولايات المتحدة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قائمة الإرهاب وأعيد إدراجها عام 2001 على لائحة الإرهاب الخاصة.

كما أدرجت واشنطن أربعة من قادة حماس، في أيلول (سبتمبر) 2015، على قائمة الإرهاب، هم: يحيى السنوار، وروحي مشتهى ومحمد الضيف، وصادقت الخارجية الأمريكية، في أيلول (سبتمبر) 2016، على وضع القيادي فتحي حماد على القائمة نفسها.

 وبتاريخ 31 كانون الثاني (يناير) 2018، أدرجت الخارجية الأمريكية رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، على قائمة الإرهاب، وقالت إنّ "هنية تربطه صلات وثيقة بالجناح العسكري لحماس، وهو يؤيد العمل المسلح، بما في ذلك ضدّ المدنيين، ويشتبه بضلوعه هجمات إرهابية على إسرائيليين، وحركته مسؤولة عن مقتل 17 أمريكياً في هجمات إرهابية".

رغم تأييد الولايات المتحدة للحصار الإسرائيلي على غزة، إلا أنّه لا يمكن عدّه نتاجاً سياسياً أمريكياً، وهو مطلب إسرائيلي كان الهدف من ورائه فصل القطاع عن الضفة

ونشرت صحيفة "هآرتس" اليسارية الإسرائيلية، في 24 أيار (مايو) الماضي، زاوية بموقعها أفردت فيها علاقة "حماس" بواشنطن، وعنونتها بـ "حماس-الولايات المتحدة"، نشرت فيها تحليلاً يشير إلى احتمال بلورة شكل للعلاقة بين الجانبين في المستقبل.

ويشير تحليل الصحيفة، إلى ما أسمته "بوادر تغير في التفكير الأمريكي نحو حركة حماس"، واستندت الصحيفة إلى دراسة أعدها مركز الأمن الأمريكي الجديد بالتعاون مع معهد بروكينغز (مقرهما واشنطن)، عام 2018، وتقول إنّها تدعو إلى "التكامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بصورة تدفع قدماً بحلّ الدولتين، ومنع الفصل الدائم بين هاتين المنطقتين".

اقرأ أيضاً:هل توظف حماس مخرجات الحرب الأخيرة في سياقات الصراع الأمريكي الإيراني؟

وتقول الصحيفة إنّ الشيء المهم في البحث هو "غياب تطلع وحلم التوصل إلى سلام شامل ونهائي بين الطرفين، عن طريق التفاوض مع السلطة، بل إيجاد دمج بين غزة والضفة، وبين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، من أجل وقف طويل لإطلاق النار، ومنع مواجهة أخرى بين إسرائيل وحماس".

وتشجع الدراسة، بحسب "هآرتس"، على المصالحة الفلسطينية الداخلية، وتزيد من حضور مؤسسات المساعدات الأمريكية ورجال الاتصال الأمريكيين في غزة، وتطالب إسرائيل برفع الحصار عن غزة وإشراك حماس، في عملية اتخاذ القرارات السياسية.

وتختم هآرتس تقريرها قائلة: "إذ كان ترامب أعطى شهادة شرعية لطالبان، وبايدن أزال الحوثيين عن قائمة الإرهاب، فربما حان دور حماس لتلقي مكالمة هاتفية من البيت الأبيض".

وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد قال إنّ الرئيس بايدن طلب منه القدوم إلى المنطقة من أجل 4 أسباب، هي: تأكيد التزام واشنطن بأمن إسرائيل، والبدء بالعمل من أجل استقرار أوسع وتقليص التوتر في الضفة الغربية والقدس، ودعم حثّ المساعدات الإنسانية لقطاع غزة من أجل إفادة الشعب الفلسطيني ومواصلة إعادة بناء علاقاتنا مع الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: لماذا يسود اعتقاد بأنّ حماس وإيران جعلتا غزة مقبرة للأطفال؟

وأضاف، في لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، في 25 أيار (مايو)، قبيل لقاء مماثل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله: "يجب أن يتمّ البناء على وقف إطلاق النار، في قطاع غزة"، لكنّه لم يتحدث بلهجة حادّة تجاه حماس.

علاقة موجودة وحاضرة

ويرى رئيس جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم وأستاذ القضية الفلسطينية، د. أسعد العويوي، في تصريح لـ "حفريات"؛ انّ "الولايات المتحدة لا مشكلة لديها برفع وإزالة حركة حماس من قائمة الإرهاب، وذلك لإقامة علاقات مباشرة أو غير مباشرة معها، بشرط قبول حماس بدولة فلسطينية على حدود عام 1967م، واعترافها بالاتفاقات الموقّعة مع الاحتلال الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنّه "لا مستحيل في السياسة، تحديداً مع الولايات المتحدة، التي تعدّ من الدول البراغماتية".

أسعد العويوي

وتابع العويوي؛ أنّ "الاتصالات بين حماس وأمريكا يمكن القول إنّها موجودة وحاضرة بشكل غير مباشر، من خلال علاقات الحركة مع عدد من الدول العربية والدولية، كقطر وتركيا، وهو ما يمهّد الطريق أمام الطرفين كي تصبح تلك العلاقات والاتصالات فيما بينهما بشكل مباشر، على اعتبار أنّ حماس هي جزء أساسي من مكونات الشعب الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: أخطار تعويم حماس عربياً!

ولفت إلى أنّ "المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس ليست كافية لرفع واشنطن حماس من قائمة الإرهاب، إلا إذا استطاعت حماس أن تكون جزءاً من منظمة التحرير الفلسطينية، ولإنجاح تحقيق ذلك لا بدّ من الابتعاد عن سياسة التخوين والتراشق الإعلامي والتي لا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني، وتحاول حرف البوصلة عن العدو الحقيقي وهو الاحتلال الإسرائيلي، والذي يحاول تشتيت انتباه الفلسطينيين عن عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي، حتى وصلت أعداد المستوطنين في الضفة إلى 700 ألف مستوطن إسرائيلي".

ركائز أساسية

وأوضح العويوي؛ أنّ "الأحداث التي تجري داخل الأراضي الفلسطينية من الهبات الجماهيرية في مدينة القدس والداخل الفلسطيني المحتل وفي قطاع غزة، من شأنها أن تجبر العالم والقوى الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، للتعامل مع مختلف القوى الفلسطينية ومن بينها حركة حماس، لمحاولة الدفع بالقضية الفلسطينية إلى الأمام".

رئيس جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم د. أسعد العويوي، لـ "حفريات": المصالحة ليست كافية لرفع واشنطن حماس من قائمة الإرهاب، إلا إذا صارت جزءاً من منظمة التحرير

وأكّد الأكاديمي الفلسطيني أنّ "القضية الفلسطينية، سواء قبلت الولايات المتحدة بالحديث والجلوس مع حركة حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية، تقوم على ثلاثة ركائز أساسية لا بديل عنها، هي: دولة فلسطينية حرة ذات سيادة وعاصمتها القدس، وحقّ العودة للاجئين، وقضية القدس التي تعدّ جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي ركائز تتطلب من الجميع الالتفاف حولها والتمسك بها، لإحراج الكيان الصهيوني دولياً، والذي جاء لاحتلال فلسطيني بقرار دولي استعماري".

القبول بالشروط الأمريكية

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي عليان الهندي مع رأي العويوي؛ في أنّ "واشنطن لا مشكلة لديها بالاعتراف بحركة حماس ورفعها من قائمة الإرهاب، وكذلك بإمكانية قبولها كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، بشرط اعترافها بالشروط الأمريكية، ومن بينها الاعتراف بالاتفاقات كسبيل للحلّ السلمي للقضية الفلسطينية، ونبذ العنف والإرهاب، وهي شروط فرضت على الحركة خلال فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006".

ويضيف الهندي، لـ "حفريات": "الشروط الأمريكية قبلت بها منظمة التحرير الفلسطينية قبل ذلك عام 1974، وتسعى الولايات المتحدة لفرضها على كلّ فصيل فلسطيني، سواء كانت حركة فتح أو حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية، لمحاولة المضي في مسيرة السلام المتوقفة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ 20 عاماً".

عليان الهندي

ولفت إلى أنّ "الولايات المتحدة لا تمتلك السياسيات والمرتكزات المناسبة للضغط على دولة الاحتلال لتقديم تنازلات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حتى ولو دأبت واشنطن على إزالة حماس من قائمة الإرهاب، بالتالي، فإنّ أمريكا تهدف لإدارة الصراع فقط، كي لا يخرج عن السياق ويصعب السيطرة عليه مستقبلاً".

السلطة وحماس.. الخاسر الأكبر

وبيّن الهندي؛ "رغم تأييد الولايات المتحدة للحصار الإسرائيلي على غزة، إلا أنّه لا يمكن عدّه نتاجاً سياسياً أمريكياً، وهو مطلب إسرائيلي كان الهدف من ورائه فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وتأزيم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية بالقطاع"، مبيناً أنّ "واشنطن ليست لديها أيّة مشكلة لإيجاد حلول اقتصادية وليست سياسية للقطاع المحاصر، وذلك بمعزل عن الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك عن إمكانية الاعتراف بحركة حماس".

اقرأ أيضاً: "التطبيع الحلال"... ماذا كشفت زيارة حماس للمغرب؟

وبسؤال الهندي حول مدى رغبة السلطة الفلسطينية بأن يتم فتح قنوات اتصال بين واشنطن وحركة حماس أكّد أنّ "السلطة الفلسطينية وحماس هما الخاسر الأكبر من فتح هذه القنوات، والذي من شأنه تعميق الانقسام الفلسطيني السائد"، موضحاً أنّ "قنوات الاتصال المفتوحة بين حماس وإسرائيل هي أكثر من مثيلتها التي تجري مع منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال، وذلك من خلال الاتصالات المباشرة وغير المباشرة التي تجريها حماس مع الإسرائيليين من وقت لآخر".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية