هل تركيا والاتحاد الأوروبي على استعداد لقبول بعضهما البعض؟

هل تركيا والاتحاد الأوروبي على استعداد لقبول بعضهما البعض؟

هل تركيا والاتحاد الأوروبي على استعداد لقبول بعضهما البعض؟


16/07/2023

تورغوت أوغلو

بدأت مغامرة تركيا مع الاتحاد الأوروبي قبل حوالى 60 عاماً، لكنها اكتسبت الزخم بعد اجتماع البرلمان الأوروبي، في 15 ديسمبر (كانون الأول) 2004، حيث رفع البرلمانيون لافتات مكتوب عليها "نعم" بجميع اللغات الأوروبية والتركية، وفي ذلك الاجتماع صوّت 407 برلمانيين لمصلحة انضمام تركيا إلى أوروبا بينما أعرب 262 عضواً عن رفضهم.

بعد يومين من ذلك أعلن قادة دول الاتحاد الأوروبي رسمياً أن "تركيا يمكن أن تصبح عضواً" وحددوا تاريخ بداية المفاوضات في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2005، ولكن النمسا، التي كانت تعارض منح العضوية المباشرة لتركيا، أرادت إدخال عبارة "الشراكة المميزة" في الوثيقة الإطارية للمفاوضات، ما أدى إلى أزمة في ذلك الوقت وتأخر الوفد التركي في الذهاب إلى لوكسمبورغ حيث كان من المقرر أن تعقد مراسم بداية المفاوضات.

وبمبادرة من المستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، تم تجاوز الأزمة في الساعات الأخيرة، ووصل الوفد التركي إلى لوكسمبورغ بعد منتصف الليل.

وفي تاريخ الرابع من أكتوبر، تم حلّ الأزمة بفضل بريطانيا التي كانت رئيسة الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت، وحُدد الوقت وفقاً للتوقيت البريطاني، الذي كان يتأخر بساعة عن توقيت لوكسمبورغ، وبالتالي، على رغم أن المراسم أقيمت في الرابع من أكتوبر، فقد تم تسجيلها في التاريخ كأنها كانت في الثالث من أكتوبر.

في الواقع، ما حدث في ذلك اليوم كان مؤشراً أيضاً إلى الأزمات التي ستحدث في السنوات التالية في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

أستطيع القول إن الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي لا تزال بعيدة بالنسبة لتركيا، التي خاضت مفاوضات منذ حوالى 20 عاماً ورحلتها الأوروبية منذ نحو 60 عاماً، وعلى أعتاب قمة "الناتو"، عادت عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي وعضوية السويد في "الناتو" إلى الواجهة.

وكان من المعروف أن تركيا تعارض منذ فترة طويلة عضوية السويد في "الناتو"، بخاصة بسبب موقف الأخيرة الإيجابي من الحركات الكردية وعلى رأسها منظمة "العمال الكردستانية" المعروفة بـ PKK.

ولكن قبل يوم واحد من قمة "الناتو" التي عقدت في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، أعلنت أنقرة أنها ستدعم عضوية السويد في "الناتو"، ومع ذلك، قبل مغادرته تركيا، أدلى الرئيس رجب طيب أردوغان بتصريح جديد، مشترطاً قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي، الذي ظلت تركيا تنتظره منذ 60 عاماً، مقابل الموافقة على عضوية السويد.

وبينما كان كل من الرأي العام الداخلي والعالمي يبحثان، بعد التصريح المفاجئ الذي جاء من أردوغان، عن إجابة على سؤال "هل هذا موقف خطابي أم أن له خلفية استراتيجية"؟ أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الذي التقى بالرئيس التركي ورئيس الوزراء السويدي أولف كريستيرسون، أن تركيا أعطت الضوء الأخضر لعضوية أكبر دولة في الدول الإسكندنافية.

والواقع أن الاتحاد الأوروبي ليست لديه نية حقيقية بشأن قبول تركيا للعضوية الكاملة في الاتحاد، ولكني، مثل كثيرين من المراقبين، لا نزال غير مطمئنين حول ما إذا كانت أنقرة لا تزال هي أيضاً تحاول بجدية لأن تكون جزءاً من الاتحاد.

نعم إننا مشككون في ذلك، لأنه، حتى عام 2010، كانت هناك وزارة أنشئت بعد بدء عملية التفاوض خصيصاً لمتابعة عملية التفاوض، وكانت أنقرة قد استوفت عدداً كبيراً من فصول التفاوض، ولكن بعد عام 2010، رجعت حكومة حزب "العدالة والتنمية" لترتدي القميص الإسلاموي مرة أخرى وابتعدت بالتزامن مع ذلك عن خط الاتحاد الأوروبي.

فلماذا يعارض الاتحاد الأوروبي عضوية تركيا؟

منذ معاهدة "وستفاليا" التي وقعت، عام 1648، والتي يعتبرها بعض المؤرخين بداية للنظام الدولي الحديث، لا يزال النقاش جارياً حول ما إذا كانت تركيا جزءاً من أوروبا أم لا.

أولئك الذين يعارضون العضوية الكاملة لتركيا في الاتحاد الأوروبي في الجبهة الأوروبية يحركون باستمرار هوية تركيا الإسلامية بخاصة قبل الانتخابات، كما أن القلق من تمتع تركيا بعدد غفير من السكان، والخوف من أن تصبح عبئاً اقتصادياً على أوروبا وكونها ممراً للمهاجرين هي أيضاً من بين العوامل الرئيسة.

وقال الدبلوماسي المخضرم أولوتش أوزولكَر، الذي عمل ممثلاً دائماً لدى الاتحاد الأوروبي و"منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" OECD، وكذلك سفيراً لتركيا في باريس، في أحد تصريحاته "في الفترة التي كنت سفيراً لتركيا لدى باريس، قال لي وزير الداخلية في ذلك الوقت، نيكولا ساركوزي، الذي أصبح في ما بعد رئيس فرنسا: أنا لا أستطيع التعامل مع ستة ملايين مسلم، فماذا أفعل إذا جاء 80 مليون مسلم آخرون، فهناك 61 في المئة من الرأي العام يعارضون ذلك، أنا كسياسي، لا أستطيع تحمل هذه المخاطرة في هذه الظروف، تركيا دولة مهمة جداً، أريد تركيا، لكنني أفضّل أن ننشئ اتحاداً في البحر الأبيض المتوسط بدلاً من ذلك".

إنها نسخة مختلفة من "الشراكة المميزة" التي قدمتها ألمانيا والنمسا ذات يوم، وعلى رغم كل شيء، أعلم أن الاتحاد الأوروبي لا يرغب في قطع العلاقات تماماً مع تركيا، بخاصة بسبب مخاوفها الأمنية، لأنه حتى في عهد الإمبراطورية الرومانية، اعتبر الغرب بلاد الأناضول كنقطة مهمة بالنسبة لأمن بلاده، بمعنى آخر، أمن أوروبا يبدأ بالتأكيد من تركيا.

خلاصة القول هي: لا الاتحاد الأوروبي يريد أن يأخذنا ولا أردوغان يريد أن يجعل تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي.

نعم، العضوية في الاتحاد الأوروبي التي طالب بها أردوغان في سويسرا كانت فقط لئلا يفكر الرأي العام الداخلي في أنه تراجع إلى الوراء في مطالباته ضد السويد، فحتى لو وافقت السويد على عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي فإن ذلك لن يعنى شيئاً بمفرده. أفلا تعرف أنقرة أن هناك 26 عاصمة أخرى يجب إقناعها؟

إن سياستنا الخارجية فاشلة بكل معنى الكلمة، لكن أردوغان يعرف كيف يتخذ خطوات متلاعبة لإلهاء الرأي العام الداخلي.

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية