هل تشهد الأزمة الدبلوماسية بين تونس والمغرب تصعيداً؟.. خبيران يجيبان

هل تشهد الأزمة الدبلوماسية بين تونس والمغرب تصعيداً؟.. خبيران يجيبان


29/08/2022

قال محللان سياسيان من تونس والمغرب، تحدّثا لـ"حفريات" بشكل منفصل، عن تداعيات ومآلات الأزمة الدبلوماسية الحاصلة بين البلدين على خلفية استضافة الأولى زعيم جبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي، الجمعة 26 آب (أغسطس) الجاري، لحضور انعقاد الدورة الثامنة لمنتدى التعاون الياباني الأفريقي "تيكاد"، قالا: إنّ حالة التوتر السياسي والدبلوماسي ربما تشهد تصعيداً متبادلاً خلال الفترة المقبلة، مخلّفة آثاراً سلبية على المستويين؛ السياسي والاقتصادي.

وقد استدعت كل من تونس والمغرب سفيرها للتشاور على خليفة الواقعة، التي وصفتها الرباط بأنّها "عمل خطير ضاعف حدة التوتر بين البلدين"، وقالت بحسب بيان لوزارة الخارجية: إنّ "الاستقبال الذي خصصه رئيس الدولة التونسية لزعيم جبهة البوليساريو عمل خطير وغير مسبوق، يسيء بشكل عميق إلى مشاعر الشعب المغربي، وقواه الحية".

وفي المقابل، قالت الخارجية التونسية في بيان الجمعة: إنّ "تونس حافظت على حيادها التام في قضية الصحراء التزاماً بالشرعية الدولية، وهو موقف ثابت لن يتغير إلى أن تجد الأطراف المعنية حلاً سلمياً يرتضيه الجميع".

وبحسب البيان "عمّم الاتحاد الأفريقي مذكرة يدعو فيها كل أعضاء الاتحاد الأفريقي بمن فيهم زعيم جبهة "بوليساريو" للمشاركة في فعاليات قمة طوكيو الدولية للتنمية في تونس".

محمد واموسي: السياسات التونسية تعطي إشارات سلبية حول تخليها عن سياسة الحياد مع الأشقاء، والانحياز إلى طرف دون الآخر

وأعربت الخارجية التونسية عن استغرابها الشديد ممّا ورد في بيان المملكة المغربية من "تحامل غير مقبول على تونس، ومغالطات بشأن مشاركة وفد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الندوة المذكورة".

ولم تهدأ وتيرة البيانات الإعلامية عند هذا الحد؛ لأنّ الرباط سارعت بالرد على البيان التونسي، واعتبرته "محاولة لتبرير التصرف العدائي وغير الودي تجاه القضية الوطنية الأولى والمصالح العليا للمملكة المغربية، وأنّه ينطوي على العديد من التأويلات والمغالطات"، على حدّ وصف بيان وزارة الخارجية المغربية.

جذور الأزمة

وبحسب المراقبين، ترجع التوترات السياسية بين البلدين الجارين إلى ما قبل تاريخ الواقعة بعدة أعوام، ويتصدر التقارب التونسي الجزائري قائمة الأسباب التي دفعت إلى مزيد من التوتر، على حدّ قولهما.

الصحافي المغربي المختص بالشأن السياسي محمد واموسي قال لـ"حفريات": إنّ السياسات التونسية تعطي إشارات سلبية حول تخليها عن سياسة الحياد مع  الأشقاء والجيران، والانحياز إلى طرف دون الآخر.

 

يتوقع واموسي أن يطول عمر الأزمة بين الدولتين لفترة طويلة، مع استمرار حدة التوترات، خاصة في ضوء التعاون الاقتصادي بين تونس والجزائر

 

وأضاف: "لا تفهم بعد الأسباب التي دفعت الرئيس التونسي إلى توجيه الدعوة بشكل أحادي الجانب لممثل مجموعة تصفها المغرب بأنّها "ميليشيات"، ليس فقط باعتبارها كياناً مثيراً للجدل، وغير معترف به من قبل المجتمع الدولي فحسب؛ بل أيضاً خلافاً على رأي اليابان، وفي انتهاك لعملية الإعداد والقواعد المعمول بها".

وفي المقابل، رفض المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي الاتهامات الخاصة بالتخلي عن الحياد، وقال: إنّ "بلاده تلتزم أقصى سياسات الحياد في التعامل مع كافة القضايا الإقليمية، وتقف على مسافة واحدة من جميع الأشقاء، ولا تخوض في أيّ مسائل تتعلق بالشؤون الداخلية".

وفي تصريح لـ"حفريات" وصف الجليدي الأزمة بأنّها "مفتعلة"، وقال: إنّ "الدعوات لحضور مؤتمر "تيكاد" ترسل من خلال الاتحاد الأفريقي، الذي يعترف بالدولة الصحراوية، ولا تتحمل تونس باعتبارها البلد المضيف أيّ مسؤولية عن ذلك، فضلاً عن أنّ المغرب حضرت مؤتمرات دولية سابقة جنباً إلى جنب مع الدولة الصحراوية".

ونوّه الجليدي إلى أنّ "بيان الخارجية التونسية أكد على هذه التوضيحات وبيّنها بشكل صريح، ولم يُصعّد الأمور مثلما فعل الجانب المغربي، الذي قاطع القمّة وقرر استدعاء سفيرهم في تونس، إضافة إلى مقاطعة دورة شمال أفريقيا في رياضة الكاراتيه".

ما علاقة الجزائر؟

بحسب واموسي، يدفع التقارب بين تونس والجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو التي تعتبرها الرباط "ميليشيا انفصالية"، في الوقت الراهن، نحو مزيد التوتر في العلاقات الدبلوماسية، مشيراً إلى أنّ الجزائر تبدو حاضرة في ذروة الأزمة الاقتصادية في تونس لتعزيز تعاونها معها خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيؤثر سلباً على العلاقات مع الرباط.

 

نزار الجليدي: تونس تلتزم أقصى سياسات الحياد في التعامل مع كافة القضايا الإقليمية، وتقف على مسافة واحدة من جميع الأشقاء

 

الجليدي أيضاً يرى أنّ العلاقات بين تونس والمغرب شهدت فتوراً في الأعوام الماضية؛ بسبب التقارب الكبير بين الجزائر وتونس، الذي تعتبره المغرب "انحيازاً" من تونس للجزائر، لكنّه يستدرك قائلاً: "إنّ تونس تحرص على دعم علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع الجميع، ولا ترغب في الانحياز إلى طرف دون الآخر".

ما مآلات الأزمة؟

يتفق المراقبان حول احتمالات التصعيد بين البلدين خلال الفترة المقبلة، لكنّهما يختلفان حول الأسباب والتداعيات، ففي حين يؤكد واموسي على أنّ "استمرار العلاقات التونسية مع الجزائر سيؤدي إلى مزيد من التوترات، يقول الجليدي إنّ السبب المتوقع لتعقيد الأزمة الراهنة هو "مواصلة التصعيد من جانب المغرب، واتخاذ المزيد من الإجراءات".

 نزار الجليدي: استمرار التصعيد من جانب المغرب سيؤدي إلى تعميق الأزمة بين البلدين على كافة المستويات

ويقول الجليدي: إنّ الإجراءات المحتملة قد تتمثل في توتر مضاعف على المستوى الدبلوماسي، إضافة إلى التوترات السياسية والاقتصادية، والأهم هو استمرار التغذية الإعلامية للشعب المغربي ضد تونس.

من جانبه، يتوقع واموسي أن يطول عمر الأزمة بين الدولتين لفترة طويلة، مع استمرار حدة التوترات، خاصة في ضوء التعاون الاقتصادي بين تونس والجزائر، والمقرر أن يشهد نشاطاً ملحوظاً خلال الفترة المقبلة.

ويرى واموسي أنّ سياسة الانحياز الإقليمي لطرف دون الآخر لن تجدي نفعاً، مشيراً إلى أنّ بلاده تتعامل مع ملف الصحراء باعتبار أنّه "خط أحمر"، يخصّ أمنه ووحدته الجغرافية، ويتوجب على الجميع احترام سيادتها، وعدم الانخراط في محاور قد تؤدي إلى تعميق الأزمات، على حدّ تعبيره.

وعبّر الصحافي المغربي عن اعتقاده بأنّ "الأمر يتعلق باصطفاف صريح ضد المغرب ووحدة أراضيه، والنتيجة اليوم هي أنّ العلاقات القوية والمتينة القائمة بين الشعبين المغربي والتونسي، اللذين يجمعهما تاريخ وثقافة مشتركان، أصبحت موضع قلق وتوتر، وهذا لا يخدم أبداً البلدين الشقيقين".

مواضيع ذات صلة:

المغرب والجزائر متفقتان في الغضب من فرنسا. لماذا؟

أزمة دبلوماسية بين المغرب وتونس واستدعاء السفراء... ما الأسباب؟

تناقضات إخوان المغرب.. رقص على حبال المواقف



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية