هل تغلق تركيا البوسفور والدردنيل أمام السفن الروسية؟

هل تغلق تركيا البوسفور والدردنيل أمام السفن الروسية؟


28/02/2022

في اليوم الـ5 من الحرب الروسية الأوكرانية سادت تكهنات بإقدام تركيا على إغلاق مضيق البوسفور والدرنديل أمام السفن الحربية الروسية، بينما ما تزال المعارك الروسية الأوكرانية محتدمة داخل أوكرانيا، رغم الحديث عن بدء مفاوضات بين الجانبين في بيلاروسيا، بعد تعهد الأخيرة بعدم شنّ أيّ عمل عدائي ضد كييف من أراضيها.

وفي خضم هذه المعركة والفوضى انتقلت الأضواء إلى البحر الأسود، بعد أن حثت أوكرانيا تركيا على إغلاق مضيق البوسفور والدردنيل أمام السفن الروسية.

في اليوم الـ5 من الحرب سادت تكهنات بإقدام تركيا على إغلاق مضيق البوسفور والدرنديل أمام السفن الحربية الروسية

ونقل موقع صحيفة "فيرست بوست" الأمريكية عن سفير أوكرانيا في أنقرة قوله: إنّ بلاده تتوقع تضامن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، وإنّها لا ينبغي أن تظلّ محايدة بعد أن شنّت روسيا هجوماً.

وفي تطور جديد في الموقف التركي تجاه ما يجري في أوكرانيا، وصف المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، في تغريدة بالإنجليزية على حسابه الرسمي عبر تويتر، وصف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأنّها "حرب"، لأوّل مرّة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا يوم الخميس الماضي، داعياً إلى وقف إطلاق النار.

التغير في الخطاب التركي عزّز التكهنات بإقدام تركيا على اتخاذ قرار بإغلاق البوسفور والدردنيل أمام السفن الروسية. وكانت أنقرة تمتنع عن وصف العملية الروسية بـ "الحرب"، ولم تُبدِ استجابة لطلب الحكومة الأوكرانية بإغلاق المضيق أمام السفن الحربية الروسية. وبموجب اتفاقية مونترو، فإنّ لتركيا الحقّ في منع مرور السفن الحربية إلى البحر الأسود في أوقات الحرب.

البوسفور والدردنيل... ما أهميتهما؟

المضائق، المعروفة أيضاً باسم المضائق التركية أو مضيق البحر الأسود، تربط بحر إيجة والبحر الأسود عبر بحر مرمرة، ويربط مضيق البوسفور البحر الأسود ببحر مرمرة، بينما يربط مضيق الدردنيل إيجه بمرمرة، وقد لعب مضيق البوسفور دوراً رئيسياً في التجارة العالمية لعدة قرون. وتمرّ حوالي (48000) سفينة عبر المضيق كلّ عام، ممّا يجعل هذه المنطقة واحدة من أكثر المداخل البحرية ازدحاماً في العالم.

متحدث الرئاسة التركية إبراهيم كالين يصف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأنّها "حرب" لأوّل مرّة منذ بدء الغزو

ويُعدّ مضيق البوسفور أيضاً أحد أهم نقاط الاختناق في العالم لعبور النفط البحري، حيث يمرّ أكثر من 3% من الإمدادات العالمية أو (3) ملايين برميل يومياً، معظمها من روسيا وبحر قزوين، عبر الممر المائي. ويمرّ بالمضيق كميات هائلة من الحبوب من روسيا وأوكرانيا وكازاخستان إلى الأسواق العالمية.

 بالنسبة إلى البحر الأسود الذي يقع بين أوروبا وآسيا، تقع روسيا في الشمال الشرقي، وأوكرانيا من الشمال، وجورجيا من الشرق، وتركيا من الجنوب، وبلغاريا ورومانيا من الغرب. ومن المثير للاهتمام أنّ (3) من هذه الدول الـ(6)، تركيا وبلغاريا ورومانيا، أعضاء في حلف الناتو.

التغير في الخطاب التركي عزّز التكهنات بإقدام تركيا على اتخاذ قرار بإغلاق البوسفور والدردنيل أمام السفن الروسية

ونقل "فيرست بوست" عن رستم أوميروف، عضو البرلمان الأوكراني من القرم، قوله: "البحر الأسود هو مدخل روسيا إلى العالم، بما في ذلك مناطق نفوذ البحر الأبيض المتوسط والأطلسي"، مشيراً إلى تقرير صدر عام 2020، يُسلط الضوء أيضاً على أهمية البحر الأسود بالنسبة إلى روسيا بالقول: إنّ "البحر الأسود مهم بسبب الوصول الكبير الذي يوفره لروسيا على وجه الخصوص، والوصول إلى خطوط الاتصال البحرية العالمية، وفرص عرض الطاقة في مسافة استراتيجية، وتوسيع دفاعاتها الجوية والساحلية ".

 التجارة عبر البحر الأسود

ذكر تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية منذ يومين أنّ البحر الأسود هو الشريان الرئيسي لحركة السلع عند مفترق طرق أوروبا وآسيا، حيث يُنقل النفط الخام والنفط المكرر والمنتجات الزراعية والحديد والصلب عبر البحر الأسود.

وفقاً لتقرير بلومبيرغ، تمثل أوكرانيا وروسيا معاً أكثر من رُبع صادرات القمح العالمية، وما يقرب من خُمس تجارة الذرة، والجزء الأكبر من زيت عباد الشمس. ويتمّ إرسال هذه المنتجات عن طريق الشاحنات والسكك الحديدية والبوارج إلى الموانئ لشحنها إلى آسيا وأفريقيا والاتحاد الأوروبي.

تضمن اتفاقية مونترو حرّية مرور السفن المدنية لاستخدام المضائق التركية، ما لم تكن من دولة تخوض تركيا حرباً معها

 بسبب هذا الصراع، تمّ تعليق الشحن من بحر آزوف بين روسيا وأوكرانيا بعد غلقه بقرار روسي الخميس الماضي؛ ممّا أدى إلى تقطع السبل بأكثر من (150) سفينة، بالإضافة إلى ذلك، يُشكّل الصلب الأوكراني حوالي عُشر واردات أوروبا، لذا فإنّ تعطيل المصانع أو الشحنات من شأنه أن يضيق السوق المتوترة بالفعل في القارة، ويساعد في الحفاظ على الأسعار مرتفعة بعد أن وصلت إلى مستوى قياسي العام الماضي.

اتفاقية مونترو

في أوّل أيام الغزو الروسي الخميس الماضي طلبت أوكرانيا من تركيا إغلاق مضيق البوسفور والدردنيل، المعروفين أيضاً باسم المضيق التركي، بموجب اتفاقية مونترو، إلّا أنّ أنقرة قالت إنّها لا تستطيع إغلاقه، قبل أن تتحوّل لهجتها إلى وصف ما يجري في أوكرانيا بالحرب.

تمّ التوقيع في عام 1936 على اتفاقية مونترو بشأن نظام المضائق {المعروفة باسم اتفاقية مونترو} تمنح تركيا السيطرة على مضيق البوسفور والدردنيل، وتنظّم عبور السفن الحربية البحرية. وُقعت الاتفاقية في 20 تموز (يوليو) 1936 في قصر مونترو في سويسرا، وسمحت لتركيا بإعادة تسليح المضائق، ودخلت حيز التنفيذ في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1936، وتمّ تسجيلها في مجموعة معاهدات عصبة الأمم في 11 كانون الأول (ديسمبر) 1936.

تضمن اتفاقية مونترو حرّية مرور السفن المدنية لاستخدام المضائق التركية، ما لم تكن من دولة تخوض تركيا حرباً معها، ممّا يمنحها سلطة إغلاق المضائق أمام جميع السفن التجارية، إذا اختارت ذلك.

ومع ذلك، فإنّ الاتفاق ليس بهذا الوضوح عندما يتعلق الأمر بالسفن الحربية، وهنا ينشأ الجدل، حيث ينص على أنّه إذا كانت تركيا في حالة حرب، فمن حقّ أنقرة أن تفعل كلّ ما هو ضروري، بما في ذلك إغلاق المضيق، وإذا كانت الدول الأخرى في حالة حرب، وتركيا على الحياد، فإنّ المضائق تغلق في وجه تلك الدول المتحاربة.

في زمن السلم، تكون القواعد أكثر تعقيداً بعض الشيء، حيث لا تسمح الاتفاقية بحاملات الطائرات، لكنّها لا تذكر السفن المصمّمة لأغراض أخرى، ولكن يمكنها أيضاً حمل الطائرات، في هذه الحالة أنقرة هي صاحبة القرار النهائي اعتماداً على الحرب وأوقات السلم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية