هل تفتح تونس ملف الجمعيات المتورطة في الإرهاب والفساد المالي؟

هل تفتح تونس ملف الجمعيات المتورطة في الإرهاب والفساد المالي؟

هل تفتح تونس ملف الجمعيات المتورطة في الإرهاب والفساد المالي؟


28/02/2024

أثار صدور إذن قضائي نهاية الأسبوع الماضي بتعهيد ادارة الشرطة العدلية بالقرجاني بمباشرة الأبحاث اللازمة حول شبهات تتعلق بتمويل أجنبي لجمعية من أعضائها البارزين وزيرة سابقة، من جديد الحديث عن تمويل الجمعيات في تونس وخاصة من قبل جهات معروفة بتدخلها منذ عقود في شؤون الدول وخاصة منظمات المجتمع المدني.

وحسب المعطيات المتوفرة في قضية الحال فإنّه وفي اطار البحث في تمويلات تتحصل عليها عدد من الجمعيات وسيما من جهات أجنبية، تقرر تعهيد ادارة الشرطة العدلية بالقرجاني بمباشرة الأبحاث اللازمة بخصوص تمويلات تحصلت عليها جمعية "تضامن"، وذلك على امتداد عدة أعوام الى حدود سنة 2019.

وكانت رئاسة الحكومة التونسية قد قررت استحداث لجنة للاشتغال على مشروع قانون جديد حول وضعية الجمعيات وطرق تمويلها، على أثر إشراف رئيس الحكومة، أحمد الحشاني، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، على جلسة عمل وزارية بقصر الحكومة في القصبة.

رئيس الحكومة شدد على "ضرورة أن يسهم هذا القانون الجديد للجمعيات في تدعيم دور المجتمع المدني في كنف احترام المبادئ والحقوق والضمانات المنصوص عليها في الدستور، وفي إطار دولة القانون".

في الاتجاه نفسه تقدم جملة من نواب الشعب بمشروع قانون جديد حول تنظيم عمل الجمعيات في تونس، مما أسهم في موجة من الاستنفار في أوساط الناشطين في جمعيات حقوقية عدة، معبرين عن خوفهم من أن يستهدف القانون وجودهم.

إجراءات ضد التمويل المشبوه للجمعيات والأحزاب

وقد اتخذت تونس مؤخراً إجراءات ملموسة ضد أحزاب وجمعيات لم تقدم تقاريرها المالية منذ سنوات، حيث كشفت مديرة ديوان رئيس الحكومة سامية الشرفي قدور “أنّ الإدارة بادرت بالتنبيه على 150 حزباً، بخصوص توضيح أوضاعها المالية، في حين أصدرت الجهات القضائية أحكاما بتعليق نشاط 97 حزباً بعد الشروع في تتبع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية منذ 2018”.

مباشرة الأبحاث اللازمة بخصوص تمويلات تحصلت عليها جمعية "تضامن"، وذلك على امتداد عدة أعوام الى حدود سنة 2019

وبينت مديرة ديوان رئيس الحكومة أنّ أحكاماً صدرت تتعلق بحل 15 حزباً، في حين حل 14 حزباً نفسه بنفسه بين 2020 و2022 في إطار عمل الحكومة على تكريس الشفافية المالية وحماية الأحزاب من المال الفاسد والمشبوه.

من جانب آخر أعلنت الشرفي أنّه تم ضبط 272 جمعية مشبوهة، وتم اتخاذ الإجراءات الواجبة ضدها، بعد تصنيف تونس في القائمة السوداء من طرف مجموعة العمل المالي وفي القائمة الرمادية من طرف منظمة الشفافية الدولية.

 

منذ وصولهم للحكم سارع الإخوان إلى وضع مرسوم منظم للجمعيات من أجل تسهيل أعمالهم وتدفق الأموال إليهم

 

وأوضحت أنّ الإدارة بادرت بطلب تعليق نشاط 266 جمعية من جملة الجمعيات المشبوهة الـ272، وصدرت أذون بتعليق نشاط 182 منها، ورفض طلب تعليق نشاط 25 جمعية، وأضافت أنّه تم طلب الإذن بحل 176 جمعية، قضائياً، صدرت أحكام بحل 69 منها وتم رفض طلب حل 57 جمعية.

وقالت مديرة ديوان رئيس الحكومة “إن ارتفاع التمويل الأجنبي للجمعيات يتأتى من تضاعف عددها خلال العشرية الأخيرة، وهو الأمر الناتج عن غياب نص قانوني يضع سقفا لتلك التدفقات المالية الخارجية”.

وكثيراً ما أثار ملف تمويل الأحزاب والجمعيات الجدل في تونس خلال العشرية الماضية.

وارتفعت مصاريف بعض الأحزاب السياسية بطريقة لافتة للأنظار وأمام عدم تقديم أغلب الأحزاب لتقاريرها المحاسبية لمعرفة مدى تطابق المصاريف مع ميزانياتها، وهو ما أثار شكوكا بشأن إمكانية تلقي بعض الأحزاب لتمويلات من قبل أطراف أجنبية.

غطاء الإخوان

ومنذ وصولهم للحكم، سارع الإخوان إلى وضع مرسوم منظم للجمعيات من أجل تسهيل أعمالهم وتدفق الأموال إليهم؛ حيث عادوا من سجونهم ومنافيهم محملين بأجندة تخريبية مسمومة لأدلجة المجتمع وزرع بذور التطرف والإرهاب، وتحقيق ثروات طائلة.

وبتمويلات أجنبية دخلت عن طريق جمعيات متطرفة، تمكنوا من تنفيذ مخططاتهم الإجرامية على مدى أكثر من عقد، ففخخوا مفاصل الدولة التي تسللوا إليها، وعاثوا فيها فسادا، ظنا منهم أنهم فوق المحاسبة.

وكثيراً ما أثار الإنفاق الضخم لحركة النهضة الإخوانية، سواء في الحملات الانتخابية أو الاجتماعات بهدف اختراق الشارع واستمالته، التساؤل عن مصدر تلك الأموال.

وسبق أن هاجم الرئيس التونسي قيس سعيّد هذه الجمعيات بشدة، حيث قال إنّه "لا بدّ من اتخاذ نص يمنع تمويل الجمعيات من الخارج، لأنّهم في الظاهر جمعيات، لكنهم امتداد لقوى خارجية، ولن نسمح بأن تأتي هذه الأموال للجمعيات للعبث بالدولة التونسية أو للقيام بالحملات الانتخابية تحت غطاء تمويلات أجنبية".

تمويل الإرهاب

وقد دفع الارتفاع المهول الذي عرفه عدد الجمعيات الخيرية في تونس، مثلا، بعد الثورة 2011، وتزامن ذلك مع تصاعد نسق العمليات الإرهابية ونسق تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، فضلا عن الأنشطة السياسية خلال المواسم الانتخابية، العديد من الملاحظين إلى التنبه مبكراً إلى الصلة التي تجمع الجمعيات الخيرية بمختلف هذه الأبعاد؛ الإرهاب والتسفير والمال السياسي الفاسد، وهي أبعاد على اختلافها الظاهر إلا أنّها تمثل في عمقها الحقيقي ظاهرة واحدة متشابكة ومعقدة.

 

تقدم جملة من نواب الشعب بمشروع قانون جديد حول تنظيم عمل الجمعيات في تونس مما أسهم في موجة من الاستنفار في أوساط الناشطين في جمعيات حقوقية عدة

 

وفي آذار/ مارس 2022، أحالت اللجنة التونسية للتحاليل المالية بالبنك المركزي ملفات 36 جمعية على القضاء بشبهة تمويل الإرهاب وفساد مالي والاستيلاء على أموال جمعية من المُسيرين.وأكدت اللجنة أنّ قيمة الأموال المجمدة من العملات التونسية والأجنبية في شبهات غسل الأموال بلغت نصف مليار دينار (ما يعادل 170 مليون دولار)، بعضها وُجّه لتنفيذ عمليات إرهابية في تونس.

وكشفت تقارير سابقة للجنة، أنّ جمعيات تنشط تحت غطاء خيري أسهمت في تمويل ونقل نحو 6000 من الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في العراق وسوريا والتحاقهم بتنظيم "داعش".

كما لفت محللون إلى أنّ جمعيات عديدة تلقت تمويلات طائلة من دول خليجية مختلفة ومن تركيا تم توظيفها في أعمال إرهابية وفي تسفير الشباب إلى مناطق التوتر. وتحدثوا حينها عن جمعيات توزع الأموال على الشباب في الأرياف بهدف استقطابهم.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية