هل جاءت الضربات الأمريكية لفصائل شيعية على مقاسات واشنطن وطهران؟

هل جاءت الضربات الأمريكية لفصائل شيعية على مقاسات واشنطن وطهران؟

هل جاءت الضربات الأمريكية لفصائل شيعية على مقاسات واشنطن وطهران؟


07/02/2024

بالرغم من الهالة الإعلامية الواسعة التي تحيط بالضربات التي شنتها القوات الأمريكية فجر السبت، ضد أهداف تابعة لهذه الفصائل بالإضافة للحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس في مناطق غرب العراق "القائم والأنبار" وشرق سوريا" دير الزور والبوكمال إضافة للميادين"، إلا أن من المرجح أن تلك الضربات ما زالت في إطار قواعد الاشتباك المعروفة بين إيران ووكلائها في المنطقة من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى، ولعل المتغير النوعي في تلك القواعد انه تم خرقها بمقتل ثلاثة جنود امريكيين، ومع ذلك يرجح أن تتواصل "الاشتباكات" بهذه المستويات، هذا إذا لم تتوقف بشكل كلي، خاصة بالنسبة لحزب الله وجماعة الحوثي التي تشن هجمات متكررة على الملاحة الدولية، اللذين يربطان التصعيد بانتهاء حرب غزة، فيما تتوالى مؤشرات على إمكانية انتهاء هذه الحرب على الأقل بصورتها الحالية.
 لقد بات واضحاً أن حسابات أمريكية وأخرى إيرانية، تؤكد مخرجاتها أن لا طهران ولا واشنطن بوارد تصعيد واسع يصل لمستويات ما يمكن وصفه بالحرب الشاملة والمفتوحة، وما زالت الضربات الأمريكية التي نفذت فجر السبت نخضع لمقاربات "التهويل والتهوين".

من جانبها تؤكد واشنطن ضرب 85 هدفاً في سبعة مواقع مختلفة (3 في العراق و4 في سوريا)، تم خلالها استخدام  "أكثر من 125 ذخيرة دقيقة التوجيه في نحو ثلاثين دقيقة"، وبمشاركة قاذفات "بي ون" الأمريكية التي انطلقت من قواعد أمريكية في تكساس، أسفرت عن تدمير مراكز قيادة وتحكم وتجسس ومواقع تخزين صواريخ وطائرات مسيرة، وسلاسل إمداد ودعم لوجستي، ومقتل 18 عنصراً من الميليشيات في سوريا، فيما استهدفت الضربات في العراق مخازن الأسلحة التابعة لكتائب حزب الله  في القائم، ومقر العمليات العسكرية التابع للواء 13 في الحشد الشعبي في الأنبار، وأسفرت عن مقتل وجرج اكثر من 40 عنصراً.

 لقد بات واضحاً أن حسابات أمريكية وأخرى إيرانية، تؤكد مخرجاتها أن لا طهران ولا واشنطن بوارد تصعيد واسع يصل لمستويات ما يمكن وصفه بالحرب الشاملة والمفتوحة، وما زالت الضربات الأمريكية التي نفذت فجر السبت نخضع لمقاربات "التهويل والتهوين"


بالمقابل تعاملت الفصائل الموالية لإيران مع الضربات بخطاب إعلامي مكرر، يعيد إنتاج خطابات إيرانية، لا سيما من قبل قادة الحرس الثوري الإيراني تتضمن تهديداً ووعيداًَ بالرد  وأن الاعتداءات الأمريكية لن تمر دون عقاب، فيما كان هم القيادة الإيرانية مركزاً على نفي الرواية الأمريكية بأنه تم ضرب قواعد ومنشآت تابعة للحرس الثوري وفيلق القدس، وأكدت طهران أن لا وجود للحرس الثوري الإيراني في العراق ولا في سوريا، فيما دانت الحكومتان السورية والعراقية الضربات الأمريكية بمرجعية الاعتداء على السيادة الوطنية للبلدين، وهي مقاربة موضع شكوك عميقة لدى كثيرين، في ظل تساؤلات حول سيطرة الدولتين وقرارها الوطني المستقل، مع تصريحات إيرانية مكررة حول سيطرة طهران على بغداد ودمشق بالإضافة لبيروت وصنعاء.
الضربات الأمريكية جاءت في سياقات عديدة تترجم استراتيجية الإدارة الأمريكية تجاه المنطقة، وفي مقدمتها عدم توسيع رقعة الصراع في المنطقة بعد السابع من أكتوبر، وإبقاء المواجهات بحدود قطاع غزة فقط، وحسابات داخلية أمريكية شكلت معها الضربات محاولة لاحتواء انتقادات الجمهوريين ووصفهم إدارة الرئيس "بايدن" بالضعف، وهو ما فسره هجومهم على عدم فاعلية الضربات وأنها تاخرت وأتاحت للفصائل الموالية لإيران الاستعداد لها، كما أن هذه الضربات لم تصل لمستوى استهداف إيران، وعلى غرار تصفية قاسم سليماني عام 2020، ومن جهة إيران، فقد جاءت الضربات متوقعة وفي سياق "توافقات" تم إنجازها بين واشنطن وطهران، عنوانها الإبقاء على قواعد الاشتباك كما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، رغم "مراوغات" إيرانية هدفها الخروج من الحرج أمام عنوان وحدة ساحات المقاومة، والذي ثبت أنه مجرد عنوان لم تلتزم به إيران إلا بحدود ما يحقق مصالحها، وهو ما يفسر تنصل طهران من توجيه ودعم الضربات التي تشنها هذه الفصائل ليس في العراق وسوريا فقط بل ومن قبل الحوثيين في البحر الأحمر.
ردود فعل طهران والفصائل الموالية لها في المنطقة لا يتوقع أن تتجاوز حدود الاشتباك المتفق عليها، برغم الإعلانات الأمريكية بأن الضربات لن تتوقف وأن هذه كانت البداية فقط، وهي إعلانات تتضمن رسائل تهديد لفصائل الحشد الشعبي، التي يبدو أنها استوعبت الضربات الأخيرة، وهي ليست بصدد ردود فعل واسعة تستفز الأمريكيين، بتوجيهات من القيادة الإيرانية، دون أن يعني ذلك عدم استمرار الضربات المتبادلة "غير القاتلة"، والعودة إلى ضربات صاروخية ومسيرات إيرانية يتم إسقاطها قبل الوصول لأهدافها.
تدرك واشنطن ان الاشتباك مع وكلاء إيران في العراق وسوريا سيتواصل تبعاً للتطورات التي يشهدها العراق وسوريا، وستبقى خاضعة لتجاذبات "النزاعات" الأمريكية مع إيران، خلافاً للعمليات التي يشنها الحوثيون ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وخلافاً للاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله، اذ أن التصعيد في البحر الأحمر وفي الجنوب اللبناني يرتبط مباشرة بحرب غزة، ومن المرجح، رغم التهديدات الإسرائيلية، أن اية تهدئة في غزة لن تشمل لبنان، ولن يشمل أي اتفاق بخصوص وقف حرب غزة وقف العمليات من قبل حزب الله والحوثيين، وإن لم يكونا جزءاً من أي اتفاق قادم، هذا الاتفاق الذي تمارس واشنطن ضغوطات على كافة الأطراف، بما فيها إسرائيل لإنجازه وبأسرع وقت، ويمثل الهدف الرئيس لزيارة وزير الخارجية الأمريكي " بلينكن" للمنطقة، ووفقا لهذاً الفهم لحدود التصعيد بين واشنطن وطهران، يمكن تفسير ردود أفعال غالبية العواصم العربية، بما فيها الرياض وأبوظبي والقاهرة بالإضافة لعمان، والتي لم تشارك في التحالف الدفاعي للبحر الأحمر الذي شكلته أمريكا لردع الحوثيين، ناهيك عن ردود أفعال أنقرة المنشغلة بالملف السوري بمرجعيات لا تتوافق مع الاستراتيجيات الأمريكية بدعم قوات سوريا الديمقراطية، وفي رسالة مشتركة لواشنطن عنوانها أن الحل في المنطقة يبدأ بالضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة، وعملية سياسية تحقق مطلب الدولة الفلسطينية المستقلة.

مواضيع ذات صلة:

تصعيد مدروس بين إيران وإسرائيل في الإقليم يكشف أزمات تل أبيب وطهران العميقة

انتكاسة لن تعيق توقيع الاتفاق النووي مع طهران




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية