هل ما زال "محور المقاومة" محتفظاً بتماسكه وممانعته؟

هل ما زال "محور المقاومة" محتفظاً بتماسكه وممانعته؟

هل ما زال "محور المقاومة" محتفظاً بتماسكه وممانعته؟


28/11/2023

ما زال الجدل محتدماً بعد لقاء المرشد الإيراني، علي خامنئي، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، وذلك على خلفية التسريبات والمعلومات المتداولة، تحديداً ما يتصل بعتاب المرشد الإيراني لهنية بشأن إخفاء توقيت عملية "طوفان الأقصى" على إسرائيل في السابع من الشهر الماضي، فضلاً عن مطالبة خامنئي للقيادي الحمساوي بوقف المطالبات التي تضغط على طهران بالانخراط في الحرب.

إيران تتنصل من "المقاومة"

وبحسب وكالة وكالة "رويترز" للأنباء، فإنّ المرشد الإيراني قال لهنية: "لم تعطونا أيّ تحذير بشأن هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) على إسرائيل، لذلك لن نخوض الحرب نيابة عنكم". فيما نقلت الوكالة عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين وحركة حماس، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أنّ "خامنئي وعد هنية بأنّ طهران ستواصل دعمها المعنوي والسياسي للحركة، لكنها لن تتدخل بشكل مباشر في الصراعات". وسبق لقادة حماس وطهران أن التقى كل منهما مطلع الشهر في طهران بينما "حذرت واشنطن النظام الإيراني من أنّ أيّ تدخل في الصراع بين حماس وإسرائيل ستكون له عواقب وخيمة على طهران".

وبحسب "رويترز"، فإنّ المرشد الإيراني طالب من هنية ضرورة "إسكات أعضاء حركة حماس الذين يدعون علناً النظام الإيراني وحزب الله إلى الانضمام إلى الحرب ضد إسرائيل". وقد أشارت المصادر ذاتها إلى أنّ خامنئي أكد لإسماعيل هنية عدم توقف الدعم الإيراني لحماس سواء كان الدعم سياسياً أو معنوياً لكن من دون التدخل بشكل مباشر. ووفق ثلاثة مصادر قريبة من حزب الله اللبناني فإنّ "الجماعة فوجئت أيضاً بالهجوم الذي شنته حماس الشهر الماضي وأنّ مقاتلي الجماعة لم يكونوا في حالة تأهب حتى في القرى القريبة من الحدود والتي شكلت الخطوط الأمامية في حربها مع إسرائيل عام 2006 وكان لا بد من استدعائهم بسرعة". وتابع: "لقد استيقظنا على الحرب". 

سامح مهدي: حزب الله ووكلاء إيران في المنطقة بصدد أزمة غير مسبوقة

وفي حديثه لـ"حفريات" يوضح الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية الدكتور سامح مهدي أنّ حزب الله ووكلاء إيران في المنطقة بصدد أزمة غير مسبوقة، وهذا الصراع المفتوح منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) يبدو مختلفاً عن سائر فصول الصراع السابقة، لافتاً إلى أنه "وبرغم كون إيران طرفاً مباشراً في هذا الصراع وتشن أو بالأحرى تعمل على إدارة الاستهدافات ضد إسرائيل والولايات المتحدة في العراق وسوريا واليمن بالصواريخ والطائرات المسيرة، إلا أنّ هناك رغبة بعدم التوسع في الصراع وأن تبقى جميع التحركات الميدانية محسوبة وبدقة".

عن سياسة الردع و"الإنكار المعقول"

يتفق والرأي ذاته معهد واشنطن الذي يقول إنّ حزب الله لم يشارك بعد بشكل مباشر في الحرب، وحصر نشاطه بإطلاق وابل من الصواريخ قصيرة المدى عبر الحدود مع إسرائيل، وسمح لخلايا "حماس" في جنوب لبنان بالحصول على المديح في العديد من العمليات على تلك الحدود. وحالياً، لا يملك الحزب الميزانية، أو القيادة، أو القوة القتالية المتماسكة، أو الإرادة السياسية اللازمة للدخول في حرب غزة بأي طريقة مجدية. وبدلاً من ذلك، اتبع "حزب الله" سياسة الردع و"الإنكار المعقول" التي أملتها عليه راعيته طهران. فإيران ليست على استعداد لخسارة الحزب، الذي هو أكبر أصولها العسكرية الأجنبية، لمجرد تعزيز القضية الفلسطينية أو حماية "حماس". وعلى نحو مماثل، لا يرغب "حزب الله" في استخدام ترسانته المجهزة بعناية من الصواريخ الموجهة بدقة وغيرها من الأسلحة المتقدمة لحماية الشعب الفلسطيني.

 

واشنطن تسعى إلى تأميم الصراع بحيث لا يتسع مداه أبعد من غزة. وسياسة الرئيس الأمريكي تتماشى مع هذا المبدأ وتتفادى التوتر في درجاته القصوى 

 

ووفق المعهد الأمريكي، أدى خطاب حسن نصر الله الفاتر والهادئ نوعاً ما في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى تعزيز هذه السياسة القائمة على العمل المحسوب والمحدود وحتى الآن، رضي بجني فوائد الحرب دون المخاطرة مباشرةً بقواته، وعلى غرار طهران، أوضح أنّ "حماس" تقاتل بمفردها. لكنّ هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر جسيمة فيما يتعلق بسردية "المقاومة" الذي يتبناها "حزب الله" والتي تشكل جوهر هويته. ومن خلال إعلان نصر الله أن الحزب لن يشارك في الحملة من أجل "تحرير فلسطين"، ربما يكون قد ألحق الضرر بمصداقية "حزب الله" وشرعيته الإقليمية بما يتعذر إصلاحه.

إذاً، تأتي تسريبات اللقاء بين خامنئي وإسماعيل هنية، مطلع الشهر الجاري، في توقيت "مهم للغاية"، خاصة أنّ المجتمع الغربي بدأ في تخفيض الدعم لدوله إسرائيل، فضلاً عن ضغوط في الداخل الأمريكي كثيرة بشأن "وقت الدعم اللا محدود" لتل أبيب، وفق الباحث المصري في العلاقات الدولية محمد ربيع الديهي، الذي أوضح لـ"حفريات" أنّ هذه التسريبات "قد تأتي في إطار عملية المصالحة الأمريكية الإيرانية والتي برزت ملامحها في عملية إطلاق السجناء. كما أنّ هذه التسريبات تعد بمثابة تبرئة لطهران التي كثيراً ما تم الحديث عن أنها كانت لديها معلومة حول طوفان الأقصى، وأنّها قدمت الدعم للعملية. وهي المعلومات التي كثيراً ما نفتها أيضاً إيران. التسريبات، حتماً، تعد محاولة من قبل طهران للتأكيد على عدم التدخل عسكرياً من خلال أذرعها في المنطقة لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل".

ربيع الديهي: هذه التسريبات تعكس الحرص الإيراني على عدم خوض معارك ضد إسرائيل

ويردف ربيع الديهي: "هذه التسريبات تعكس الحرص الإيراني على عدم خوض معارك ضد إسرائيل، مما سيثير حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية ويؤدي إلى فشل أيّ محاولات إيرانية أمريكية للتقارب أو التصالح وسيشعل الخلاف بين طهران واشنطن من جديد".

 

الباحث المصري ربيع الديهي لـ"حفريات": تسريبات لقاء هنية خامنئي تعكس الحرص الإيراني على عدم خوض معارك ضد إسرائيل، خشية إثارة حفيظة واشنطن

 

يبدو أنّ واشنطن تسعى إلى تأميم الصراع بحيث لا يتسع مداه أبعد من غزة. وسياسة الرئيس الأمريكي الواضحة حتى الآن تتماس مع هذا المبدأ بينما تتفادى التوتر في درجاته القصوى والمتفلتة، حتى إنّ حاملتي الطائرات والمقاتلات في شرق المتوسط خطوة ردع لتحذير إيران. ووفق وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن فإنّ "لا أحد يريد أن يرى صراعاً آخر يندلع في الشمال".

ويوضح الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية في مركز «كارنيغي» للسلام الدولي، كريم سجادبور، أنه في الأزمة الحالية قد يتغلب صوت الواقعية السياسية بالنسبة لطهران. ويتابع: "لقد أظهرت إيران التزاماً على مدى أربعة عقود بمحاربة أميركا وإسرائيل دون الدخول في صراع مباشر. وترتكز الأيديولوجية الثورية للنظام (الإيراني) على معارضة أمريكا وإسرائيل، لكنّ قادتها ليسوا انتحاريين، بل يريدون البقاء في السلطة".

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية