هل يتخلى أردوغان عن الغنوشي؟

هل يتخلى أردوغان عن راشد الغنوشي؟

هل يتخلى أردوغان عن الغنوشي؟


06/04/2023

تؤكد تحركات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّه أكثر من يتقن التحوّل من حليف إلى وسيط، ومن عدو إلى صديق والعكس، وأنّ مصالحه السياسية والحزبية ومصالح بلاده هي ما يحكم علاقاته، ومع تسارع الأحداث بنهاية حركة النهضة الإخوانية في تونس دولياً بدا جلياً أنّ بعض الدول الحليفة مثل قطر وتركيا بدأت ترفع أيديها عن راشد الغنوشي وحركته.

هذا التخلي بدأت ملامحه منذ شنّ الإعلام التركي الرسمي هجوماً عنيفاً على راشد الغنوشي ووصفه بأنّه حجر عثرة أمام تحقيق الاستقرار في تونس، لتكتمل ملامحه بعد اللقاء الذي جمع رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة بالسفير التركي في تونس كاجلار فهري شاكيرالب، والتحمّس لتبادل الزيارات واللقاءات بين االبرلمانيْن، التونسي والتركي، إشارة واضحة إلى أنّ أنقرة قد قلبت صفحة رئيس البرلمان المنحل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي المحسوب عليها.

طي صفحة برلمان الغنوشي

وقال موقع رئاسة البرلمان التونسي: إنّ السفير التركي بتونس عبّر خلال لقائه ببودربالة عن ارتياحه للعلاقات الممتازة القائمة بين تونس وتركيا، والعمل المتواصل لدعمها وتطويرها في مختلف المجالات، ولا سيّما في المجال البرلماني من خلال تكثيف تبادل التجارب والخبرات وتوفير فرص اللقاء بين البرلمانيين من البلدين. كما سلمه رسالة خطية من رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب.

وأكد السفير التركي أثناء لقائه رئيس البرلمان التونسي استعداد بلاده لمواصلة الاستثمار في تونس ودعم مجالات التبادل التجاري، مشيراً إلى حرص تركيا على تنويع وارداتها من السلع التونسية وزيادة حجمها، فضلاً عن تشجيع المستثمرين الأتراك وحثّهم على المزيد من بعث المشاريع في تونس.

مصالح أردوغان السياسية والحزبية ومصالح بلاده هي ما يحكم علاقاته

وجاء لقاء بودربالة مع شاكيرالب في خضم تحركات إقليمية تهدف إلى دعم تونس ومساعدتها على الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها، ويرى مراقبون أنّ تركيا لم ترد أن تكون على هامش تلك التحركات، وأنّ اللقاء رسالة أيضاً إلى السلطة السياسية تفيد باستعداد أنقرة لتغيير موقفها كمدخل للحفاظ على مصالحها في تونس وتدعيمها.

هذا اللقاء وُصف على نطاق واسع في كل من تونس وتركيا بأنّه تغيير في الموقف التركي باتجاه الاعتراف بالبرلمان التونسي الجديد والتخلي عن الغنوشي وحزبه، كما سبق أن قدمت أنقرة مصالحها على جماعات الإسلام السياسي الأخرى في التفاوض مع مصر أو في تمتين العلاقة مع إسرائيل.

عزلة الغنوشي

هذا اللقاء أجمع مراقبون للشأن التونسي على أنّه سيزيد عزلة رئيس حركة النهضة الذي اعتقد أنّ الخطابات التي كان يوجهها إلى الخارج، بما في ذلك تركيا، ستقود إلى الضغط على قيس سعيّد وتدفعه إلى التراجع.

ولئن دعم النظام القطري الحركات الإسلامية، خصوصاً حركة النهضة في تونس، إلا أنّه حاول لاحقاً استرضاء سعيّد؛ إذ أجرى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني اتصالاً هاتفياً بالرئيس التونسي وسط احتجاجات ضد حكومته.

أكد السفير التركي أثناء لقائه رئيس البرلمان التونسي استعداد بلاده لمواصلة الاستثمار في تونس ودعم مجالات التبادل التجاري

 وتزامن الاحتجاج مع حملة اعتقالات طالت شخصيات معارضة، من بينهم ناشطون وسياسيون سابقون في حركة النهضة الإخوانية، وقال الديوان الأميري، المكتب الإداري لأمير قطر، في بيان مقتضب: إنّ الزعيمين "بحثا العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة"، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.

وقبل ساعات قليلة من المكالمة الهاتفية، استقبل سعيّد في القصر الرئاسي نائب وزير الخارجية القطري المكلف بشؤون المنطقة محمد الخليفي، فيما لم تتخذ الدوحة موقفاً مفتوحاً، على أثر إجراءات الرئيس سعيّد في 25 تموز (يوليو)، التي أخرجت الحركة الإخوانية من الحكم في 2021، لكنّها اقتصرت على الدعوة إلى الحوار بين الأطراف.

وكان الغنوشي قد قال في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية: "لسنا (الحزب) معزولين في العالم، لنا علاقات بالبرلمانات والاتحاد البرلماني الدولي، ولنا أصدقاء في العالم. نحن على اتصال بكل الجهات التي نتشارك معها في الأهداف وهذه العلاقات في صالح تونس".

سبق للغنوشي أن سعى لتوظيف موقعه على رأس البرلمان المنحل في حشر تونس ضمن سياسة المحاور دعماً للمحور القطري التركي

وسبق للغنوشي أن سعى لتوظيف موقعه على رأس البرلمان المنحل في محاولة لحشر تونس ضمن سياسة المحاور دعماً للمحور القطري ـ التركي، كما حاول تمرير اتفاقية مع تركيا تتمثل في تشجيع الاستثمار وحمايته بشكل متبادل بين الجمهورية التونسية وجمهورية تركيا، وهي المبادرة التي قوبلت برفض واسع من النواب والسياسيين والنشطاء في تونس.

هل يتحول أردوغان من عدو إلى صديق؟

سبق أن عبّر أردوغان وكذلك رئيس البرلمان التركي عن معارضتهما حل البرلمان التونسي السابق، وهو ما ردّ عليه الرئيس التونسي قيس سعيّد بالقول: "تونس ليست إيالة، ولا ننتظر فرماناً من أيّ جهة كانت، سيادتنا وكرامتنا قبل أيّ اعتبار".

وقال أردوغان إثر حلّ البرلمان: إنّه يأمل في ألّا يكون من شأن التطورات في تونس إلحاق الضرر بجهود البلاد لإقرار الشرعية الديمقراطية أو إخراج العملية الانتخابية في البلاد عن مسارها.

اللقاء وُصف على نطاق واسع في كل من تونس وتركيا بأنّه تغيير في الموقف التركي باتجاه الاعتراف بالبرلمان التونسي الجديد والتخلي عن الغنوشي وحزبه

وأضاف أنّه يتعين إتمام الانتقال السياسي بمشاركة جميع الأطراف المعنية، ومن بينها البرلمان، وعبر "حوار شامل وهادف"، لافتاً إلى أنّ "الديمقراطية نظام هو تجسيد للاحترام بين المنتخب والمعيّن. ونرى أنّ التطورات في تونس تشويه للديمقراطية".

وتابع حينها: "حلّ البرلمان الذي يوجد فيه مسؤولون منتخبون مدعاة للقلق على مستقبل تونس وضربة لإرادة شعبها"، داعياً الرئيس التونسي إلى السماح للبرلمان باستئناف أعماله في آب (أغسطس) الماضي.

وسبق أن قدّمت أنقرة مصالحها على جماعات الإسلام السياسي الأخرى في التفاوض مع مصر أو في تمتين العلاقة مع إسرائيل، وترجح أوساط سياسية أن يتم الأمر ذاته مع تونس.

ومع تقدم جهود تركيا للتوفيق بين علاقاتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، يبدو أنّ الرئيس رجب طيب أردوغان مصمم على إقناع خصومه السابقين بأنّ طرقه القتالية أصبحت من الماضي، مع وجود أجندة تطبيع في العمل مع مصر والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن تحول مفاجئ في علاقته مع الإمارات العربية المتحدة، بحسب صحيفة "أحوال تركية".

وكان أردوغان قد تبنّى، بعد بدء "الربيع العربي" في عام 2011، على الفور الجماعات الإسلامية السياسية المرتبطة بالإخوان كوسيلة لتعزيز دور تركيا كقائد في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

الصفحة الرئيسية