هل يعرقل سلاح حزب الله التقارب الخليجي اللبناني مجدداً؟

هل يعرقل سلاح حزب الله التقارب الخليجي اللبناني مجدداً؟


02/02/2022

يترقب لبنان على المستويين، الشعبي والسياسي، الموقف الخليجي على الردود اللبنانية على الورقة التي قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي لإعادة بناء الثقة بين بيروت ودول الخليج، وسط توقعات يغلب عليها الطابع السلبي، سيما وأنّ هذا الانتظار قد يطول، وخصوصاً أنّ دراسة هذه الردود لم تُربط بسقف زمني، كما لم تؤشر إلى أنّ مضمونها قد قوبل بتلقّف إيجابي.

اقرأ أيضاً: ما هي رسائل حزب الله في كشف شبكات تجسس إسرائيلية في لبنان؟

وكان وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد ناصر الصباح، قد أكد أنّ دول الخليج العربي تدرس الرد على الورقة التي قدمتها بلاده إلى لبنان بشأن تسوية الأزمة مع الخليج، موضحاً في مؤتمر صحفي على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، يوم الأحد: "كانت ورقة خليجية ودولية وليست فقط كويتية، ووصلنا الرد اللبناني على المقترحات التي قدمناها وهو قيد الدراسة خليجياً".

وأضاف الوزير الكويتي، خلال المؤتمر الذي شارك فيه وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، إنّ تسلم الرسالة "خطوة إيجابية من قبل المسؤولين اللبنانيين"، مشيراً إلى أنّ الأمر "الآن متروك لدراسة هذا الرد من قبل الجهات المعنية في الكويت وفي دول الخليج لمعرفة ما هي الخطوة المقبلة مع لبنان"، دون أن يوضح طبيعة الرد اللبناني.

لم تعلن الشروط الخليجية بشكل رسمي، لكن صحيفة "الجريدة" الكويتية نشرت 10 بنود قالت إنها شروط دول الخليج للبنان، مشيرة إلى أنها شروط مستنبطة بالكامل من قرارات الشرعية الدولية

وقبل أسبوع، قدم وزير الخارجية الكويتي، إلى السلطات اللبنانية، قائمة بإجراءات مقترحة يتعيّن اتخاذها لتخفيف حدّة التوتر الدبلوماسي مع دول الخليج العربية، بعدما دخلت العلاقات المتوترة أصلاً بسبب نفوذ "حزب الله"، في أزمة جديدة في تشرين الأول (أكتوبر)، بسبب تصريحات لوزير الإعلام حينها جورج قرداحي، سجلت قبل تولّيه مهامه وتم بثّها بعد ذلك، قال فيها إنّ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن "يدافعون عن أنفسهم" في وجه "اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات.

اقرأ أيضاً: كم عدد خبراء حزب الله اللبناني في اليمن؟ وما مهمتهم؟

وعلى إثر ذلك استدعت السعودية بشكل مفاجئ سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقرّرت وقف كل الواردات اللبنانية إليها، وتضامناً مع الرياض، اتّخذت البحرين والكويت خطوة مماثلة، وسحبت الإمارات دبلوماسييها وقررت منع مواطنيها من السفر إلى لبنان، وفق ما أورد موقع الحرة.

وقدّم قرداحي استقالته الشهر الماضي في مسعى لاحتواء الأزمة، وقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس والرياض اتفقتا على الانخراط بشكل كامل في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع لبنان.

المبادرة الخليجية

ولم تعلن الشروط الخليجية بشكل رسمي، لكن صحيفة "الجريدة" الكويتية نشرت 10 بنود قالت إنّها شروط دول الخليج للبنان، مشيرة إلى أنّها شروط مستنبطة بالكامل من قرارات الشرعية الدولية، وقرارات سابقة لجامعة الدول العربية، وجاءت كالتالي:

1-  التزام لبنان بمسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي.

2-  إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة اللبنانية. 

3-  اعتماد سياسة النأي بالنفس، وإعادة إحيائها بعد تعرّضها لشوائب وتجاوزات كثيرة.

4-  احترام سيادة الدول العربية والخليجية، ووقف التدخل السياسي والإعلامي والعسكري في أيّ من هذه الدول.

5-  احترام قرارات الجامعة العربية، والالتزام بالشرعية العربية.

6-  الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، لا سيّما القرار 1559 والقرار1701، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.

7-  اتخاذ إجراءات جدّية وموثوقة لضبط المعابر الحدودية اللبنانية.

 نص أحد بنود الورقة الخليجية على منع تهريب المخدرات، واعتماد سياسة أمنية واضحة وحاسمة توقف استهداف دول الخليج من خلال عمليات تهريب المخدرات

8-  منع تهريب المخدرات، واعتماد سياسة أمنية واضحة وحاسمة توقف استهداف دول الخليج من خلال عمليات تهريب المخدرات.

9-  الطلب من الحكومة اللبنانية أن تتخذ إجراءات لمنع حزب الله من الاستمرار بالتدخل في حرب اليمن.

10-  اتخاذ لبنان إجراءات حازمة لمنع تنظيم أيّ لقاءات أو مؤتمرات من شأنها أن تمسّ بالشأن الداخلي لدول الخليج، كما حصل في الفترة الماضية لجهة تنظيم مؤتمر للمعارضة البحرينية والمعارضة السعودية.

الرد اللبناني

ومن غير المعروف ما الذي تضمنته الرسالة اللبنانية، لكن هنالك عدة مؤشرات تشير إلى أنّ الرد كان سلبياً بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي حول بعض الشروط.

ووفق ما نشرته وكالة "رويترز"، نقلاً عن مصادر مطلعة لم تسمّها، فإنّ الحكومة اللبنانية ستقول في رسالة لدول الخليج، إنّ "لبنان لن يكون منطلقاً للتحركات التي تمسّ بالدول العربية، وأنّ لبنان يحترم جميع قرارات الشرعية الدولية بما يضمن السلم الأهلي والاستقرار الوطني للبنان، وأنّ الحكومة ملتزمة قولاً وفعلاً بسياسة النأي بالنفس، لكن المسودة لم تتضمن إشارة لقرارات محددة للأمم المتحدة، ولا لخطوات لتنفيذها".

اقرأ أيضاً: هل بات "حزب الله" عبئاً على حلفائه

وتفيد الوكالة، نقلاً عن مصادرها، بأنّ لبنان لن يتطرق لمطلب رئيس لدول الخليج العربية، في رده على شروطها لتحسين العلاقات، ولن يحدد أيضاً أي خطوات نحو تنفيذ قرار من الأمم المتحدة بنزع سلاح "حزب الله" المدعوم من إيران.

ونقلت المصادر، أنّ الحكومة اللبنانية ستبلغ دول الخليج بأنها ستعزز الإجراءات لمنع تهريب المخدرات، وهي قضية حساسة بالنسبة للخليج، ويواجه "حزب الله" اتهامات بأنّ له صلات بتجارة المخدرات في المنطقة، وهو ما ينفيه الحزب.

ودعت دول مجلس التعاون الخليجي لبنان في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى تشديد الرقابة على الحدود، واتخاذ إجراءات لمنع تهريب المخدرات عبر الصادرات إلى السعودية ودول الخليج الأخرى.

سلاح حزب الله هو كلمة السر

ويبدو أنّ أكثر النقاط حساسية تلك التي تدور حول حزب الله وسلاحه ونفوذه، الذي يخشاه الساسة اللبنانيون. وهذا الأداء المستمر بالخوف من حزب الله وخلفيته الإقليمية كافٍ لجعل الجواب اللبناني مرفوضاً من السعودية والإمارات.

ووفق ما أورده "مرصد الشرق الأوسط" نقلاً عن مصادر إعلامية لبنانية، فإنّ الموقف السعودي من الرد اللبناني على الورقة الخليجية كان سلبياً، مشيرة إلى أنّ الرياض ترى في الرد "ضحكاً على الذقون"، وأنّ الليونة الكويتية لا تعني قبول العرب والخليجيين بالإجابة اللبنانية.

وتقول المصادر إنّ السعودية ترفض تشكيل لجنة مشتركة مع الحكومة اللبنانية للتفاوض، طالما تربط الحكومة سلاح حزب الله وهيمنته عليها بالقرار 425 واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا، مضيفة أنّ هذا يُعد هروباً من معالجة المشكلة الأساس، ألا وهي وضع حزب الله لبنان في المحور الإيراني واستعداء السعودية ودول الخليج والعالم العربي.

اقرأ أيضاً: هذا أخطر أسلحة ميليشيا "حزب الله"

وكان وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، قد تحدث خلال تصريحات لصحيفة "القبس" الكويتية، عن سلاح "حزب الله"، مؤكداً أنّ هذه المسألة "تحتاج إلى التعاطي بروية وحكمة"، متمنياً من الدول العربية الوقوف إلى جانب بلاده في هذا الشأن.

وأضاف بو حبيب: "الشعب اللبناني يريد جيشاً واحداً، وهناك احتلال (إسرائيلي) فرض علينا المقاومة، ولبنان عادة ما يلتزم القرارات الدولية، وينفذ التزاماته الدولية، لكن لا بد من التعاطي مع المسألة بروية وحكمة، فبعض الالتزامات والقرارات تحتاج إلى حوار وتفاهم داخلي من جهة، وخارجي من جهة أخرى".

وأعرب عن أمله في "وقوف الأشقاء العرب إلى جانب لبنان في التعامل مع هذه المسألة"، مشيراً إلى أنّ "كثيراً ما تأخذ القرارات الدولية وقتها قبل أن يصار إلى تنفيذها، فقرار مجلس الأمن 425 مثلاً لم يطبق إلا بعد أكثر من عقدين من الزمن ومن دون إجراءات، والقرار 242 لم يطبق حتى الآن".

يذكر أنّ هذه الأزمة الدبلوماسية قد فاقمت الأزمة الانهيار الاقتصادي في لبنان الذي يواجه أزمة مالية قال البنك الدولي إنها من الأسوأ في العالم في التاريخ الحديث. كما أنّ أكثر من 300 ألف لبناني يعيشون في دول الخليج ويشكّلون شرياناً حيوياً لبلادهم، فضلاً عن أنّ لبنان يعتمد كثيراً على صادراته من الخضار والفواكه إلى دول الخليج العربي، والتي تضبط دائماً مخدرات مخبأة في هذه السلع الواردة إلى دولهم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية