هل يمنع سور تركيا الحدودي مع إيران موجات اللاجئين الأفغان؟

هل يمنع سور تركيا الحدودي مع إيران موجات اللاجئين الأفغان؟


18/08/2021

تدرك تركيا حجم الضغوطات المقبلة عليها بسبب تدفق موجات اللاجئين الأفغان إليها، ووسط تنامي حالة من العداء الشعبي نحو اللاجئين، بعد تجربة سابقة من استقبال ملايين السوريين، وأزمات الاقتصاد التي ارتبطت في أذهان الكثيرين من الأتراك بهؤلاء اللاجئين.

وفي محاولة للسيطرة على تلك الموجات أو امتصاص الغضب الشعبي نحو النظام، بدأت تركيا قبل فترة بتشييد سور على الحدود مع إيران، التي يتدفق منها اللاجئون الأفغان إلى تركيا.

   باتت أنقرة أمام أمر واقع يتمثل في وصول آلاف اللاجئين إلى أراضيها وموجات أخرى متوقعة

وأظهر استطلاع رأي حديث نشرته شركة "ميتروبول" أول من أمس أنّ 70% من المواطنين الأتراك يقولون إنه يجب إغلاق حدود البلاد في وجه اللاجئين، بالمقابل رأى نحو 24% من الأتراك الذين شاركوا في الاستطلاع أنّ الأبواب يجب أن تظل مفتوحة.

ونشرت وكالة الأنباء الفرنسية لقطات تظهر قيام تركيا بتشييد جدار إسمنتي على الحدود مع إيران، تحسباً لموجات النزوح من أفغانستان، والجدار لم يُبنَ خلال الأيام الأخيرة، كما يظن البعض بل منذ وقت طويل، فقد كانت المؤشرات تتجه نحو اضطرابات في أفغانستان، وهو ما يعني بالضرورة فرار المدنيين بحثاً عن ملاذ آمن، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز".

 وليس متوقعاً أن يحول ذلك الجدار الإسمنتي بين أنقرة وموجات اللجوء، وكان الآلاف منهم قد وصلوا بالفعل إلى تركيا، فضلاً عن رغبة النظام التركي في استقبال هؤلاء اللاجئين، تلك الرغبة التي، إن لم يكن يستطيع الإفصاح عنها صراحة خوفاً من اتساع الغضب الشعبي نحوه، فإنّ مراجعة السجل التركي تثبت أنّ ورقة اللاجئين السوريين كانت الأنجع لدى أردوغان على مدار أعوام في ابتزاز الغرب.

وفي ظل تراجع ملحوظ في فرص السياسة الخارجية التركية مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الحكم، بالتزامن مع عدة تغيرات إقليمية أخرى، منها بروز قوى واستعادة مكانتها في ملفات عدة مثل مصر، أو عقد اتفاقات بين قوى في المنطقة، باتت تركيا في أمس الحاجة إلى ورقة جديدة تعيد إليها ثقلها، أو الحاجة الدولية إليها كمخلص.

 استطلاع للرأي أظهر أنّ 70% من المواطنين الأتراك يطالبون بإغلاق حدود البلاد في وجه اللاجئين

وسبق أن أعربت الولايات المتحدة عن برنامج لإعادة توطين الأفغان الذين ساعدوا الولايات المتحدة في واشنطن، لكن على أن يتم ذلك على فترات، وتكون الحاضنة الأولى لهم "تركيا".

وبالطبع فإنّ ذلك يعني اتفاقاً للاجئين، يُذكّر بالاتفاق الذي عقدته تركيا من قبل مع الاتحاد الأوروبي في العام 2016 لوقف تدفق موجات اللاجئين إلى أوروبا، وتنظيم وصول البعض وتوطين البعض الآخر في تركيا، مع ضخ مساعدات تقدر بالمليارات، ودون التوصل إلى صيغة أو الإعلان عنها حتى الآن بين تركيا والولايات المتحدة، فقد أعلنت أنقرة رفضها للمشروع الأمريكي.

وانتقدت وزارة الخارجية في 4 آب (أغسطس) الجاري القرار، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية، في بيان: إنّ بلاده لن تدخل في أزمة هجرة جديدة لمصلحة بلد ثالث، واصفاً القرار الأمريكي بـ"غير المسؤول".

   تُقدّر أعداد اللاجئين الأفغان في تركيا حتى الآن بنحو 80 ألف لاجئ

والآن باتت تركيا أمام أمر واقع يتمثل في وصول آلاف اللاجئين إلى أراضيها وموجات متوقعة تضم الآلاف الآخرين، ما يضعها أمام خيار وحيد يتمثل في محاولة الحصول على أكبر مكاسب سياسية ومادية ممكنة من ورائهم، وإشراك دول أخرى معها في تحمل أعباء هؤلاء اللاجئين، وفي المقدمة باكستان وتركمنستان، وهما الجارتان المباشرتان لأفغانستان.

وبالتزامن مع سيطرة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، قال الرئيس التركي إنّ هناك واجبات حيوية تقع على عاتق باكستان لإحلال السلام والاستقرار في أفغانستان التي اشتد فيها الصراع في الآونة الأخيرة.

وأضاف أنّ بلاده ستبذل كل الجهود اللازمة من أجل الاستقرار في أفغانستان، لافتاً إلى أنّ تركيا تواجه الآن موجة لجوء كبيرة من أفغانستان عبر إيران.

في غضون ذلك، تستمر تركيا، الدولة الأكثر تضرراً حتى الآن من سقوط أفغانستان في أيدي طالبان، بالتواصل مع دول عدة لبحث التطورات.

نشرت وكالة الأنباء الفرنسية لقطات تظهر قيام تركيا بتشييد جدار إسمنتي على الحدود مع إيران

وأفاد بيان لوزراة الخارجية التركية أنّ الوزير مولود جاويش أوغلو أجرى مباحثات هاتفية مع كل من نظيريه، الأمريكي أنتوني بلينكن والقطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأجرى مكالمات مع وزراء خارجية كل من ألمانيا وأذربيجان وجورجيا وكرواتيا والدنمارك، إضافة إلى الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ.

ولم تذكر وسائل الإعلام التركية أي تفاصيل حول تلك الاتصالات، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم".

وأمس نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين أمنيين تركيين أنّ "أنقرة تخلت عن خططها لتأمين مطار كابول بعد انسحاب الناتو من أفغانستان، لكنها مستعدة لتقديم الدعم الفني والأمني إذا طلبت طالبان ذلك".

وكانت تركيا قد وافقت سابقاً على تأمين المطار مقابل دعم أمريكي ومن دول الناتو، غير أنّ طالبان رفضت ذلك، وأطاح تقدم طالبان السريع وسيطرتها على العاصمة بالرغبة التركية التي كانت ستتيح ورقة لكسب ود الولايات المتحدة، وبعد التراجع التركي لم يبقَ في جعبة الرئيس التركي سوى ورقة اللاجئين.

وتُقدّر أعداد اللاجئين الأفغان في تركيا حتى الآن بنحو 80 ألف لاجئ، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز"، وهناك أرقام مثلها في باكستان وإيران وطاجكستان وتركمانستان.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية