هل ينجح القضاء التونسي في تجفيف منابع الإخوان؟

هل ينجح القضاء التونسي في تجفيف منابع الإخوان؟

هل ينجح القضاء التونسي في تجفيف منابع الإخوان؟


18/01/2023

يبدو أنّ حركة النهضة، ذراع الإخوان بتونس، تعيش حالة من التفكك والحصار وتلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد الانشقاقات والخلافات التي ضربت قيادتها من الداخل خلال الفترة الأخيرة، في أعقاب الضربات والانتكاسات المتتالية والمؤلمة التي تعرضت لها بعد قرارات الرئيس سعيّد في 25 تموز (يوليو).

ويتوقع خبراء أن تشهد الحركة أفولاً حتمياً خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد الحرب الطاحنة التي تخوضها مع القضاء التونسي، الذي يعمل على تجفيف منابع الإخوان، ومصادر تمويلها، من خلال إثارة عدّة ملفات تمسّ "أمن الدولة"، في مقابل محاولات الحركة لطمس تلك الملفات وعرقلة أيّ خطوات للتعامل معها قضائياً وسياسياً، ومن أبرزها ملفات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر الإرهاب في ليبيا وسوريا بين عامي 2011 و2013.

تجميد حسابات بنكية لأكثر من (100) شخصية

وفي أحدث خطواته تجاه تجفيف منابع الإخوان، أمر القضاء التونسي بتجميد حسابات بنكية وأرصدة لأشخاص طبيعيين ومعنويين في إطار قضية شبهة تبييض أموال ضد القيادي السابق بحركة النهضة والعضو بجمعية "نماء تونس" عبد الكريم سليمان ومن معه، والمتعهّدة بها الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم المالية المتشعّبة للأمن الوطني بالقرجاني.

ووفق ما أوردته قناة "التاسعة" التونسية، نقلاً عن مصادر خاصة، فقد ضمّت القائمة (101) بين ذوات طبيعيين ومعنويين.

ومن أبرز الأسماء المدرجة بالقائمة القياديون بحركة النهضة عادل الدعداع وعامر العريض وابنة القيادي السابق بحركة النهضة ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي وصهر زعيم الحركة راشد الغنوشي محمد الحشفي ومحمد العش المعروف بقربه من نجل رئيس حركة النهضة معاذ الغنوشي.

يبدو أنّ حركة النهضة، ذراع الإخوان بتونس، تعيش حالة من التفكك والحصار وتلفظ أنفاسها الأخيرة

كما ضمّت القائمة صاحب قناة "قرطاج+" التونسية لسعد خضر وأبنائه الـ (3)، وصاحب قناة "آم تونيزيا" فيصل التبرسقي، وشركة الزيتونة للإعلام والاتصال، المعروفة بقربها من حركة النهضة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس أذنت لأعوان إدارة الشرطة العدلية بالقرجاني نهاية كانون الأول (ديسمبر) المنقضي بالاحتفاظ بعبد الكريم سليمان من أجل شبهات تبييض الأموال.

القضاء يضيّق الخناق على عائلة الغنوشي

والأسبوع الماضي، أمر القطب القضائي المالي بإدراج معاذ الغنوشي نجل الغنوشي في التفتيش (لوائح الشرطة الدولية) على خلفية شبهات "غسل الأموال"، باعتباره مقيماً في بريطانيا، كما ستشمل التحقيقات شخصيات أخرى متهمة في شبهات "غسل الأموال".

القرار القضائي جاء بعد أيام من قرار للنيابة العامة باعتقال (10) قيادات في تنظيم الإخوان الإرهابي ورجال أعمال مرتبطين به، على خلفية شبهات التورط في جرائم غسل الأموال، في قضية جمعية "نماء" الخيرية ذات الصبغة الإرهابية.

يتوقع خبراء أن تشهد حركة النهضة أفولاً حتمياً خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد الحرب الطاحنة التي تخوضها مع القضاء التونسي

 

وقبل أيام، أوقفت الشرطة القيادي الإخواني عبد الكريم سليمان على خلفية اتهامه في غسل الأموال، ويشتبه في تورطه في الحصول على تدفقات مالية مشبوهة من الخارج بعد كانون الثاني (يناير) 2011.

وتُقدّر الأموال التي حصل عليها سليمان بأكثر من (100) مليون دينار، (30) مليون دولار، قبل إيداعها بالداخل تحت واجهة شركات بطرق معقدة، بالإضافة إلى امتلاكه عقارات عديدة تُقدّر قيمتها بملايين الدنانير التونسية.

وفي شهر تموز (يوليو) الماضي قرّر القضاء التونسي تجميد أرصدة راشد الغنوشي ونجله معاذ وصهره رفيق عبد السلام وعدد من أفراد عائلته، وعدد من قيادات النهضة، على رأسهم رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي.

القضاء يحقق بتورط الغنوشي في الاغتيالات السياسية

في غضون ذلك، يحقق القضاء التونسي مع قادة وأعضاء من حركة النهضة، من بينهم زعيم الحركة راشد الغنوشي، في قضايا تتعلق بالإرهاب وشبكات التسفير إلى الخارج وغسل أموال. وأوقف في كانون الأول (ديسمبر) نائب رئيس حزب النهضة، رئيس الحكومة السابق علي العريض، إثر التحقيق معه في قضية تتعلق بتسفير جهاديين تونسيين إلى سوريا والعراق.

يحقق القضاء التونسي مع قادة وأعضاء من حركة النهضة

ومطلع شباط (فبراير) الماضي كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي (تم اغتيالهما عام 2013)، في ندوة صحفية، وثائق تورط حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي في الاغتيالات السياسية التي طالت عدداً من النشطاء السياسيين وفي مقدمتهم بلعيد.

وكشفت التحقيقات في قضية الاغتيال تورط الغنوشي ونجله، إضافة إلى آخرين، في جرائم غسل الأموال والقيام بتحركات مالية مشبوهة مع أطراف من الخارج لتمويل عمليات تسفير شبان تونسيين إلى سوريا للالتحاق بمعسكرات "داعش"، فضلاً عن الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، والتجسس على التونسيين.

في شهر تموز الماضي قرّر القضاء التونسي تجميد أرصدة راشد الغنوشي ونجله معاذ وصهره رفيق عبد السلام وعدد من أفراد عائلته وعدد من قيادات النهضة

وقال رئيس هيئة الدفاع رضا الرداوي: إنّ "مسيرة زعيم الإخوان راشد الغنوشي في خيانة هذا الوطن بدأت قبل 2011"، مشيراً إلى أنّ "جمعية تحمل اسم نماء تونس تأسست خلال 2011، بهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية، إلا أنّها تورطت في جرائم تسفير الإرهابيين إلى مناطق النزاع والحروب".

دور رئاسي

وفي خطوة سبقت القرارات الرئاسية الأخيرة بشهور، وجّه رئيس تونس ضربة موجعة للإخوان في نيسان (أبريل) الماضي، عندما أعلن نفسه القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والأمنية، بما يمكنه من الإشراف على كلّ الأجهزة المسلحة.

وقال قيس سعيّد في خطاب بحضور زعيم النهضة راشد الغنوشي: "القوات المسلحة يجب أن تكون في خدمة الشعب... والنص الدستوري واضح، ومن لم يتضح له عام 2014، فليكن واضحاً له من اليوم".

واعتبر محللون سياسيون تلك الخطوة المبكرة تمهيداً لقرارات 25 تموز (يوليو) التي أطاحت بالإخوان، وعطلت مجلس النواب، ومكّنت الرئيس من الوقوف على أرض صلبة، وفتح الملفات الملغومة التي تورط فيها الإخوان، وأبرزها تسفير الشباب.

النهضة تستغل الحكم للتغطية على ملفاتها

وعلى مدار الأعوام الماضية التي حكمت خلالها حركة النهضة البلاد، عملت على إجهاض كل المساعي للتعامل مع ملفات الإرهاب، وتسفير الشباب، والاغتيالات السياسية، فضلاً عن تبييض الأموال، وتسببت ممارسات الحركة الإخوانية في عرقلة عمل لجنة تحقيق برلمانية مخصصة لكشف شبكات التسفير، وتم إجبار رئيستها على الانسحاب من موقعها، بعد أن كشفت خيوط هذه الشبكات وعلاقتها بالنهضة.

يُذكر أنّ جهات تابعة للبنك المركزي التونسي أحالت، خلال الأعوام الماضية، مئات الملفات التي تضمنت شُبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال للجهات القضائية.

وتجمع أغلب القراءات للمشهد التونسي على أنّ نتائج حكم حركة النهضة في تونس كانت سلبية، فقد حدث تراجع في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ممّا أدى إلى عزلتها الحالية، واستحالة محاولات رجوعها مرة أخرى إلى المشهد.

على مدار الأعوام الماضية عملت حركة النهضة على إجهاض كل المساعي للتعامل مع ملفات الإرهاب وتسفير الشباب والاغتيالات السياسية

ويعتبر مراقبون أنّ الحركة وجدت نفسها بعد خروجها من الحكم في 25 تموز (يوليو) الماضي معزولة اجتماعياً، ومنبوذة سياسياً، ومتصدعة تنظيمياً، وأنّ المجتمع التونسي اختبر مدى قدرتها على الحكم، وأصيب بخيبة أمل كبيرة من قدرة حركات الإسلام السياسي على الحكم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية