وثائق تظهر الأعداد الحقيقية لقتلى الغارات الأمريكية من المدنيين في الشرق الأوسط

وثائق تظهر الأعداد الحقيقية لقتلى الغارات الأمريكية من المدنيين في الشرق الأوسط


19/12/2021

كشفت وثائق عسكرية أمريكية وتقارير إعلامية الأخطاء العسكرية التي ارتكبتها القوات الأمريكية طوال الأعوام الماضية في منطقة الشرق الأوسط، والتي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين.

وأظهرت وثائق جديدة صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) أنّ الضربات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط "مليئة بالشوائب الاستخبارية"، وأوقعت آلاف القتلى المدنيين من بينهم أطفال كثر، وفق ما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أمس.

اقرأ أيضاً: ماذا قال الجيش السوري حول الغارات الإسرائيلية التي استهدفت اللاذقية؟

وقالت الصحيفة: إنّ مجموعة من الوثائق السرّية التي حصلت عليها مؤخراً تتناول أكثر من (1300) تقرير عن الخسائر في صفوف المدنيين، وتهدم ما تروّج له واشنطن عن حرب تخاض بالقنابل الدقيقة.

وجاء في تقرير الصحيفة أنّ "التعهدات بالشفافية والمساءلة بقيت غالباً من دون تنفيذ"، حيث "لم يخلص ولو سجل واحد إلى خطأ ارتكب أو إلى إجراء تأديبي"، مشيرة إلى أنّ هذا ما كشفه النصف الأول من الوثائق.

أوقعت آلاف القتلى المدنيين من بينهم أطفال كثر

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنّ تحقيقاتها أظهرت أنّ عدد القتلى المدنيين تم التقليل منه على نحو كبير.

ومن بين الوقائع التي أفيد بها ضربات نفذتها قوات خاصة أمريكية في 19 تموز (يوليو) 2016 استهدفت ما كان يعتقد أنّها (3) مناطق في شمال سوريا، يستخدمها تنظيم "داعش" للتحضير لهجماته، لكنّ الضربات أسفرت عن مقتل (120) مزارعاً وقروياً.

 

الجيش الأمريكي حاول التستر على ضربتين جويتين نفذهما في سوريا عام 2019 تسببتا في مقتل زهاء (64) امرأةً وطفلاً

 

وحاول الجيش الأمريكي التستر على ضربتين جويتين نفذهما في سوريا عام 2019 تسببتا في مقتل زهاء (64) امرأةً وطفلاً، وهي جريمة حرب محتملة.

وبحسب تقرير نقلته وكالة "رويترز" يوم 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فإنّ ضربتين جويتين متتاليتين بالقرب من قرية الباغوز نُفذتا بأمر من وحدة عمليات خاصة أمريكية سرّية مكلفة بالعمليات البرّية في سوريا.

وبعد تناول الحدث إعلامياً اضطرت القيادة المركزية الأمريكية، التي أشرفت على العمليات الجوية الأمريكية في سوريا، للاعتراف بالضربتين، قائلة إنّهما مبررتان.

وكررت القيادة المركزية آنذاك في بيان الرواية التي نقلتها رويترز عن مقتل (80) شخصاً في الضربتين، منهم (16) من مقاتلي تنظيم "داعش" و(4) مدنيين.

 

الكثير من المدنيين الذين أصيبوا في ضربات أمريكية وبقوا على قيد الحياة يعانون إعاقات تتطلب علاجاً مكلفاً، وأقلّ من (12) منهم تلقوا تعويضات مالية

 

وقال الجيش: إنّه لم يتضح ما إذا كان الـ(60) الآخرون مدنيين، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ النساء والأطفال ربما كانوا مقاتلين.

وفي مثال آخر، نُفذت ضربة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 في منطقة الرمادي العراقية بعد رصد رجل وهو يجرّ "غرضاً مجهولاً وثقيلاً" إلى موقع تابع لتنظيم "داعش"، وتبيّن في تقرير أعدّ بعد مراجعة أنّ الغرض كان طفلاً قتل في غارة.

وأشار التقرير إلى أنّ ضعف لقطات المراقبة وعدم كفايتها غالباً ما يؤديان إلى إخفاقات، ينتج عنها سقوط قتلى من خارج نطاق الاستهداف.

ضعف لقطات المراقبة وعدم كفايتها غالباً ما يؤديان إلى إخفاقات، ينتج عنها سقوط قتلى من خارج نطاق الاستهداف

وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، اضطرت الولايات المتحدة إلى التراجع عن مزاعم بأنّ سيارة دمرتها طائرة بلا طيار في أحد شوارع كابل في آب (أغسطس) الماضي كانت محملة بقنابل، وقد تبيّن لاحقاً أنّ ضحايا الضربة كانوا (10) أفراد من عائلة واحدة.

اقرأ أيضاً: أرقام صادمة.. الغارات تشرّد الأطفال السوريين

واعترف قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال فرانك ماكنزي بأنّ الضربة "كانت خطأ فادحاً"، ولكنه أضاف قالاً: إنّه "لن يعتبر العملية برمّتها" فاشلة.

وأضاف ماكنزي، خلال مؤتمر صحفي نقلته شبكة "سي إن إن": "تمّ اتخاذ هذه الضربة بإيمان جاد بأنّها ستمنع تهديداً وشيكاً لقواتنا ومن تم إجلاؤهم في المطار، لكنّها كانت خطأ، وأقدّم اعتذاري الصادق".

 

الولايات المتحدة اضطرت إلى التراجع عن مزاعم بأنّ سيارة دمرتها في كابول قبل أشهر كانت محملة بقنابل، بعد أن تبين أنّ الضحايا كانوا (10) أفراد من عائلة واحدة

 

وتابع ماكنزي قائلاً: "كقائد مقاتل، أتحمّل المسؤولية الكاملة عن هذه الضربة وهذه النتيجة المأساوية".

وفي وقت سابق، ذكر البنتاغون أنّ ميسّراً واحداً على الأقل لتنظيم داعش - خراسان و(3) مدنيين قُتلوا في ما وصفه رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي سابقاً بـ"الضربة الموفقة" على المجمع في 29  آب (أغسطس)، ووجد التحقيق أنّ كلّ هؤلاء ممّن قتلوا في المجمع السكني من المدنيين.

في حين قال المسؤولون الأمريكيون إنّه في الفترة التي سبقت الضربة، كان لدى الولايات المتحدة ما لا يقل عن (60) تقريراً استخباراتياً مختلفاً حول تهديدات متدفقة نحو مطار حامد كرزاي الدولي في كابل.

 

الأمم المتحدة، تعليقاً على الضربات الجوية الأمريكية في سوريا التي أودت بحياة مدنيين، تطالب بالتشديد على ضرورة أن يتحمل الفاعل المسؤولية

 

ويشير تقرير "نيويورك تايمز" إلى أنّ كثيراً من المدنيين الذين أصيبوا في ضربات أمريكية وبقوا على قيد الحياة يعانون إعاقات تتطلب علاجاً مكلفاً، وأنّ أقل من (12) منهم تلقوا تعويضات مالية.

شهد اعتماد الولايات المتحدة على الضربات الجوية في الشرق الأوسط تسارعاً كبيراً في الأعوام الأخيرة من عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما

وفي تعليق أدلى به للصحيفة ذاتها، قال المتحدث باسم القيادة الأمريكية الوسطى الكابتن بيل أوربان: "حتى مع أفضل تكنولوجيا في العالم تقع أخطاء، سواء بناء على معلومات ناقصة أو سوء تفسير للمعلومات المتوفرة، نحن نحاول التعلم من هذه الأخطاء".

وتابع: "نعمل بجدّ لتجنب أضرار كهذه، ونجري تحقيقاً في كلّ حالة ذات صدقية، ونأسف لكلّ الخسائر في أرواح الأبرياء".

هذا، وكانت الأمم المتحدة قد علّقت على الضربات الجوية الأمريكية في سوريا التي أودت بحياة مدنيين الشهر الماضي، مشددة على ضرورة أن يتحمّل الفاعل المسؤولية في مثل هذه الحالات.

 

مسؤولون عسكريون يعترفون بالأخطاء المرتكبة في الضربات الجوية، ويؤكدون أنّ أفضل تكنولوجيا في العالم تقع فيها أخطاء، وأنّهم يجرون تحقيقاً في تلك الحوادث المؤسفة

 

وقد جاء تصريح نائب المتحدث باسم السكرتير العام للأمم المتحدة، فرحان حق، لوكالة أنباء نوفوستى رداً على طلب بالتعليق على ما نشرته صحف أمريكية حول ضربات جوية أمريكية فى سوريا تسببت فى مقتل العشرات من المدنيين.

وشهد اعتماد الولايات المتحدة على الضربات الجوية في الشرق الأوسط تسارعاً كبيراً في الأعوام الأخيرة من عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بعدما تضاءل التأييد الشعبي للحروب البرّية التي لا نهاية لها.

اقرأ أيضاً: كم مسلحاً قتلت الغارات الروسية في سوريا؟

ووصف أوباما المقاربة الجديدة القائمة على استخدام طائرات مسيّرة بأنّها "الحملة الجوية الأكثر دقة في التاريخ"، وقال إنّها قادرة على إبقاء عدد القتلى في صفوف المدنيين في حدّه الأدنى.

يُذكر أنّ القوات الأمريكية نفذت في (5) أعوام أكثر من (50) ألف ضربة جوية في أفغانستان والعراق وسوريا.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية