ولاء "إخوان" ليبيا بين الدبيبة وباشاغا: انقسام أم ازدواجية براغماتية؟

ولاء "إخوان" ليبيا بين الدبيبة وباشاغا: انقسام أم ازدواجية براغماتية؟


08/06/2022

أحمد علي حسن

كشفت أزمة الحكومتين المحتدمة في ليبيا ملامح تصدع في صفوف تنظيم "الإخوان المسلمين" الذي يسيطر على غالبية المؤسسات في الغرب الليبي، معتمداً على ظهير الميليشيات وعلاقاته بأطراف إقليمية. 

فقد لوحظ تباين في المواقف بين فريقين: الأول يدعم بقاء رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" عبد الحميد الدبيبة، فيما بدأ الثاني توجيه دفه ولائه إلى رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا.

وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وجه انتقادات نادرة إلى الدبيبة، مؤكداً أنه "لن يستطيع تنظيم الاستحقاقات الانتخابية" وأنه "لا يحكم سوى العاصمة طرابلس"، داعياً إلى تشكيل حكومة جديدة "مصغرة" بالتوافق مع مجلس النواب توكل إليها مهمة الإشراف على تنظيم الانتخابات، وسبقه في ذلك رئيس حزب "الديموقراطي" محمد صوان المحسوب على جماعة "الإخوان"، والذي اتهم حكومة الدبيبة بـ"الزواج غير الشرعي مع المجموعات المسلحة التي تحاول الاستفادة من استمرار الفوضى".

تباينات 

هذا التباين في المواقف عزاه مراقبون إلى البراغماتية الشديدة التي تعتمدها استراتيجية "الإخوان" على مدى السنين، بتوزيع الأدوار ونسج التحالفات مع كل الأطراف، خصوصاً في الأوقات الحرجة، في حين رأى آخرون أن ملامح انقسام بدأت تظهر إلى العلن داخل البناء التنظيمي للجماعة. ويدلل هؤلاء على وجهة نظرهم بالخلاف الشديد الحاصل داخل المجلس الأعلى للدولة، والذي ظهر أحد تجلياته في فشل تمرير التعديلات الدستورية المنظمة للانتخابات.

وكان المجلس الأعلى للدولة وافق على تعديل أجراه مجلس النواب في مطلع آذار (مارس) الماضي على المادة 12 من الإعلان الدستوري، بما يسمح بتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، قبل أن يعود المجلس إلى رفض تلك التعديلات بعد خلافات داخلية، مطالباً باستصدار قاعدة دستورية جديدة، تُجرى على أساسها الاستحقاقات الانتخابية، وهو ما يجري بحثه الآن في اجتماعات لجنة المسار الدستوري، التي تضم ممثلين عن مجلسي النواب والأعلى للدولة، وتستضيفها القاهرة، برعاية الأمم المتحدة.

وتأسس المجلس الأعلى للدولة، ومقره العاصمة الليبية، وفقاً للاتفاق السياسي المعروف باسم "الصخيرات" الذي وقع في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2015، ومهمته إبداء الرأي في القرارات ومشاريع القوانين قبل إقرارها من قبل مجلس النواب.

وكانت المستشارة الأممية ستيفاني وليامز أكدت عقب الاجتماع الثاني للجنة المسار الدستوري، الذي عقد الشهر الماضي، حصول توافق على 137 مادة من مشروع الدستور، فيما تبقى عشرات المواد المتعلقة بالنظام السياسي للدولة وآلية تنظيم الانتخابات، يجري الترتيب لعقد اجتماع ثالث لحسمها. لكن يتوقع مراقبون أن تُلقي الخلافات داخل "إخوان" ليبيا بظلالها على فرص تحقيق اختراق في حالة الانسداد السياسي الحاصل، وتمرير أي توافق قد تخلص اليه اجتماعات القاهرة.

"لا مبدأ له"

الباحث السياسي الليبي رضوان الفيتوري رفض الطرح بوجود انقسام بين أعضاء تنظيم "إخوان" ليبيا "لأن لهم استراتيجية براغماتية تعتمد على فتح خطوط اتصال مع كل الأطراف". وقال لـ"النهار العربي": "هم دائماً يقفون في منطقة وسطى ولا يقطعون علاقتهم مع أي جهة، هناك فريق الى جانب الدبيبة وآخر يقف خلف باشاغا، بحيث إذا نجح أي من الرجلين في فرض سيطرته، يكون التنظيم قد كسب خطوات". وأضاف: "هذا التنظيم لا مبدأ له، وفي غاية الدهاء".

ورأى أن المواقف الأخيرة لقيادات "الإخوان"، "لا يعول عليها وإنما يجب النظر إلى ما سيحدث خلال الأيام المقبلة، إذ إن لدينا معضلة حقيقية: حكومة منتهية ولايتها لكنها تتحكم في أموال الشعب الليبي، وحكومة أخرى مكلفة من البرلمان ولكن لا توجد أموال تحت يديها". وأضاف: "هناك تناقضات شديدة بين مؤسسات الدولة، ورأينا حين دعا مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح المؤسسات السيادية الى الاجتماع في مدينة سرت (شرق ليبيا) الأسبوع الماضي، لم يحضر حاكم مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ولا مدير المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وهذه من المؤسسات التي تعدّ الأعمدة الاقتصادية للدولة". 

عن "النهار" العربي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية