6 أشهر على الحرب السودانية... لا قائد في القيادة ولا بوادر في الأفق للحل

(6) أشهر على الحرب السودانية... لا قائد في القيادة، ولا بوادر في الأفق للحل

6 أشهر على الحرب السودانية... لا قائد في القيادة ولا بوادر في الأفق للحل


23/10/2023

لم يمهل الفريق أول شمس الدين كباشي، نائب قائد الجيش السوداني، قائده عبد الفتاح البرهان وقتاً طويلاً، حتى اقتفى أثره الحافر بالحافر، بعد شهرين وبضعة أيام من تمكنه مغادرة قبو القيادة العامة للجيش السوداني ـ وسط الخرطوم ـ حيث كانا يتحصنان منذ انطلاق الحرب في 15 نيسان (أبريل)، فقد استطاع كباشي في 21 تشرين الأول (أكتوبر) الهروب إلى قاعدة كرري العسكرية (شمال أم درمان)، ومنها إلى مدينة بورتسودان ـ عاصمة الحرب ـ على ساحل البحر الأحمر (شرق).

مغادرة نائب قائد الجيش السوداني (قبو) القيادة العامة رفقة وزير الدفاع الفريق يس إبراهيم، اعتبرها البعض انتصاراً للجيش بتمكين قادته واحداً تلو الآخر من الخروج من الحصار والهروب إلى مدينة بورتسودان، حيث اتخذها القائد الأعلى عاصمة بديلة، فيما اعتبرها آخرون إقراراً بالهزيمة، وأنّ الجيش لو كان منتصراً، لما غادر قادته مقرهم وعاصمتهم بهذه الطريقة التي تشبه التهريب والتسلل.

مغادرة القادة

ويشار إلى أنّ قوات الدعم السريع تفرض طوقاً محكماً وحصاراً مطبقاً - على حد تعبيرهاـ  على القيادة العامة للجيش السوداني، وعلى كبار قادته الذين كانوا محاصرين داخلها. رغم ذلك تمكن عبد الفتاح البرهان من المغادرة في 25 آب (أغسطس) الماضي، ولحق به الكباشي ويس إبراهيم في 21 تشرين الأول (أكتوبر)، ممّا يشير إلى أنّ هناك ثغرات عديدة تمكن من خلالها (3) من كبار قادة الجيش من التسلل واختراق تحصينات قوات الدعم السريع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتّاح البرهان

ويُعتقد على  نطاق واسع أنّ عملية إجلاء نائب القائد ووزير الدفاع، تأتي في سياق خشية عامة من تمكن قوات الدعم السريع من اقتحام القيادة العامة للجيش والسيطرة عليها، خصوصاً أنّها كثفت خلال الشهر المنصرم من عملياتها العسكرية على مقر القيادة العامة للجيش السوداني بقصفه بالمدفعية الثقيلة والصواريخ الموجهة؛ ممّا أدى إلى حرق وتدمير عدد من المباني.

أوضاع سائلة

على الأرض، ومع دخول الحرب شهرها السابع، ما تزال الأوضاع تراوح مكانها، فرغم سيطرة قوات الدعم السريع على نحو 80% من العاصمة السودانية بمدنها الـ (3)، إلّا أنّها لم تتمكن من التقدّم أكثر من ذلك لعدة أشهر.

خسائر فادحة أصابت البنية التحتية والاقتصادية، وفقد سكان الخرطوم ومدن أخرى ممتلكاتهم ومدخراتهم على شحها، وتشرد الملايين، ولقي الآلاف من المدنيين حتفهم، وتؤكد آخر إحصائية للأمم المتحدة أنّ (9) آلاف مواطن من المدنيين قتلوا جراء الحرب، بينهم (4) آلاف في إقليم درافور المُضطرب (غرب).

يرى مراقبون أنّ سبب تعنت قادة الجيش يعود إلى أنّ القرار السياسي لم يعد بيدهم، بعد أن سلموه طوعاً واختياراً إلى حلفائهم الإخوان، حيث ترى الجماعة في الحلول السلمية التفاوضية نهاية لوجودها على المسرح السياسي السوداني

ووصف مسؤول أممي الحرب في السودان بأنّها أسوأ كوابيس العصر، وأضاف مارتن غريفيث منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، في بيان صحفي بمناسبة مرور (6) أشهر على انطلاق الحرب، أنّها أدت إلى تهجير أكثر من (5.6) ملايين من ديارهم، واحتياج (25) مليوناً إلى المساعدات الإنسانية.

وقال غريفيث: "حتى في المناطق التي يمكننا الوصول إليها، يعاني العاملون في المجال الإنساني من نقص التمويل، حيث لم يتمّ تلقي سوى 33% فقط من مبلغ (2.6) مليار دولار المطلوب لمساعدة المحتاجين في السودان هذا العام".

من جهتها، قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: إنّ أزمة النزوح الناجمة عن الصراع في السودان ما تزال مستمرة بلا هوادة، حيث أجبر ما يقرب من (6) ملايين شخص على ترك منازلهم، ويشكل النساء والأطفال ما يقرب من 90% منهم.

عقبة الإخوان المسلمين

ورغم رفض قيادة الجيش السوداني وجماعة الإخوان المسلمين الداعمة لها، والتي تخوض الحرب بجانبها من خلال ميليشياتها المتطرفة، إلّا أنّ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أصدر في تشرين الأول (أكتوبر) قراراً بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان. وشدد القرار على الحاجة الملحّة للتحقيق فيمن ارتكب انتهاكات حقوق الإنسان ومكان وقوعها، وقد رحبت قوات الدعم السريع بالقرار وأعلنت مساندتها له، واستعدادها للتعاون مع المحققين الدوليين، والامتثال لاحقاً لما يصدر عنهم من قرارات وأحكام.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)

على المستوى السياسي، ظلّ موقف قيادة الجيش، ومن خلفها جماعة الإخوان المسلمين التي يُرجح أنّها من أشعلت الحرب، أو أوعزت لقادة الجيش بها، ظلّ يمثل الطرف الأكثر تعنتاً ورفضاً للذهاب إلى حلول سلمية تفاوضية، فقد رفض الجيش صراحة معظم المبادرات الإقليمية والدولية والداخلية، ووضع الكثير من العراقيل أمام المبادرة السعودية الأمريكية التي قبل بها من حيث المبدأ، وانخرط فيها، لكن ظل يعرقل ويضع المتاريس في طريقها، أملاً بتحقيق نصر عسكري على الأرض يقوي موقفه التفاوضي، كما يرى العديد من المراقبين، ويعتقد آخرون أنّ سبب تعنت قادة الجيش يعود إلى أنّ القرار السياسي لم يعد بيدهم، بعد أن سلموه طوعاً واختياراً إلى حلفائهم الإخوان، حيث ترى الجماعة في الحلول السلمية التفاوضية نهاية لوجودها على المسرح السياسي السوداني.

أطفال في خطر

في سياق متصل، وصفت الأمم المتحدة الأوضاع التعليمية في السودان، بعد مرور (6) أشهر على الحرب، بأنّها أسوأ أزمة تعلمية في العالم، فما يزال نحو (19) مليون طفل في السودان -أي (1) من كل (3) أطفال- خارج جدران المدارس، بحسب منظمتي يونيسف وإنقاذ الطفولة، فقد أشارتا إلى أنّ  نحو (6.5) ملايين طفل فقدوا إمكانية الوصول إلى المدارس؛ بسبب تزايد العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، وأغلقت نحو (10,400) مدرسة في المناطق المتضررة من النزاع أبوابها.

لم يجد قادة الجيش الـ (3) الكبار، كلمات مناسبة ليقولوها للشعب السوداني، غير تأكيدهم على استمرار الحرب حتى تحقيق النصر الحاسم؛ الذي بات، وفقاً لمحللين عسكريين في حكم المستحيل، وأنّ الحل الأمثل هو القبول بالمفاوضات والحلّ السياسي

وفي الوقت نفسه، ينتظر أكثر من (5.5) ملايين طفل، ممّن يقيمون في مناطق أقلّ تأثراً بالحرب، تأكيد السلطات المحلية ما إذا كان من الممكن إعادة فتح الفصول الدراسية. وحتى قبل اندلاع النزاع في نيسان (أبريل)، كان ما يقرب من (7) ملايين طفل خارج جدران المدارس.

وحذّرت المنظمتان من أنّ الأطفال في السودان لن يتمكنوا من العودة إلى المدارس خلال الأشهر المقبلة، إذا استمرت الحرب؛ الأمر الذي سيعرضهم لمخاطر فورية وطويلة الأجل، بما في ذلك النزوح والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة والعنف الجنسي.

ومع ذلك، لم يجد قادة الجيش الـ (3) الكبار، الذين تمكنوا من الهرب من قيادتهم المحاصرة في وسط الخرطوم، لم يجدوا كلمات مناسبة ليقولوها للشعب السوداني، غير تأكيدهم على استمرار الحرب حتى تحقيق النصر الحاسم؛ الذي بات، وفقاً لمحللين عسكريين وخبراء استراتيجيين في حكم المستحيل، وأنّ الحل الأمثل والأنجع والأسرع، هو القبول بالمفاوضات والحلّ السياسي. 

مواضيع ذات صلة:

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

ما الذي حملته قمة القاهرة لدول جوار السودان؟

"السودان يعاني فراغاً في القيادة"... رواه آبي أحمد وأخرجته إيغاد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية