"إخوان" اليمن يجمعون خطايا داعش والحوثي والقاعدة

"إخوان" اليمن يجمعون خطايا داعش والحوثي والقاعدة


28/08/2019

بعيداً عن مواجهة ميليشيا الحوثي، العدو الأول للشعب اليمني، استغل حزب الإصلاح - فرع الإخوان المسلمين في اليمن ـ ما جمعه من قدرات خلال الحرب القائمة في البلاد للاعتداء على اليمنيين ممن يعارضون مشاريعه التدميرية. واستغل ما توافر له من سلاح وعتاد ونفوذ في بعض المناطق ليشن حروباً على معارضيه لا تختلف عن حروب الميليشيا الحوثية، وليمارس عمليات تهجير واعتقالات وقتل ضد المدنيين، مسخراً من أجل ذلك خلايا إعلامية يستخدمها في تبرير جرائمه الوحشية ومحاولة شيطنة الأطراف المعارضة له بدعم تتكفل به قطر في إطار أهدافها الرامية إلى بث الفرقة بين اليمنيين ودعم جناحها الإخواني المهدد لاستقرار اليمن.

أنشطة الدوحة داخل اليمن من أجل الإساءة لدور التحالف العربي في اليمن وتلميع صورتها وأتباعها، كشفتها مصادر موثوقة على اطلاع على جهود قطر لتشكيل خلايا إعلامية في محافظتي تعز ومأرب من خلال أشخاص تم انتقاؤهم من حزب الإصلاح وتدريبهم.

بعض أفراد هذه الخلايا تم نقلهم إلى قطر بشكل سري للتدرب على الحملات الإعلامية واختلاق القصص وبث الشائعات والتأثير في الرأي العام خصوصاً في ظل خبرة قناة «الجزيرة» في بث هذه النوعية من الدعاية المضللة.

وتحدث مصدر اطلع على تفاصيل في هذا الشأن لـ «الرؤية»، كاشفاً عن جانب من هذه المهمة التي تدار على مستوى عالٍ.

وأشار إلى أن الناشطة اليمنية توكل كرمان القيادية في الجماعة تمثل برفقة القياديين وسيم القُرشي وخالد الانسي، لجنة تدير نحو 200 صحافي وناشط يوجدون في اليمن ليعملوا على وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل تنفيذ المخططات الإعلامية.

وقال المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن اللجنة الإخوانية تعمل من قطر وتركيا لتوجيه الخلايا الإعلامية في اليمن كي تتبنى مواضيع مثل الإساءة للتحالف، ومهاجمة أطراف يمنية غير محسوبة على الإخوان مثل المجلس الانتقالي وحزب المؤتمر وقوات طارق صالح، وتلميع ميليشيا الإخوان والدفاع عنها وتبرير جرائمها.

وأشار إلى وجود رواتب شهرية تدفعها الدوحة لهذه الخلايا تبدأ من 200 دولار وتصل إلى 1500 وأحياناً أكثر.

وتقسم المهام على هذه الخلايا، بحيث يتخصص بعضهم في كتابة المقالات الصحافية، ويعمل آخرون في النشر على وسائل التواصل الاجتماعي والبعض - وهم الأكثر حظاً على مستوى المقابل المادي - يديرون مواقع إخبارية إلكترونية، ويعملون في وسائل الإعلام المرئية التابعة للإخوان أو المقربة منهم، وفقاً للمصدر.

ويملك الإخوان المسلمون ثلاث قنوات تلفزيونية تنتمي إليهم كلياً هي «قناة سهيل» الناطقة باسم إخوان اليمن، والتي بدأت بثها الرسمي عام 2010، و«قناة يمن شباب» التي أُسست عام 2011 ويديرها وسيم القرشي المقيم حالياً في قطر، إضافة إلى «قناة بلقيس» التابعة لتوكل كرمان، وهي قناة أُسست عام 2014 ومقرها حالياً إسطنبول.

ويشير المصدر إلى أن ميزانيات هذه القنوات وموظفيها تتكفل الدوحة بدفعها.

سجون سرية

منذ استحواذه وبسط نفوذه على مدينتي تعز ومأرب، سعى حزب الإصلاح إلى مواجهة كل المعارضين له ممن ينددون بأساليبه الانتهازية، وأقدم على إنشاء سجون سرية في المحافظتين اللتين تشكلان عمقه الاستراتيجي وأهم معقلين لنفوذه في اليمن، لمعاقبة المعارضين وإخفاء كثيرين منهم.

وكشف مصدران، أحدهما يعمل في متابعة شؤون المعتقلين في تعز، والآخر في إدارة أمن مأرب لـ «الرؤية» عن وجود أكثر من 13 سجناً سرياً في كلا المحافظتين. وأشار المصدر الأول إلى وجود عشرة سجون سرية في تعز تدار من قبل قيادات أمنية إصلاحية وليس لها أي علاقة بوزارة الداخلية اليمنية.

وبيّن المصدر وجود أحد هذه السجون في مبنى مؤسسة الكهرباء في المحافظة، وسجن آخر يقع في المجمع القضائي بجبل جرة، إضافة إلى ثلاثة سجون في منطقة عصيفرة، وسجنين في حي المسبح، وسجن في مكتب التربية بالمحافظة إضافة إلى سجن استحدث في مدرسة نعمة رسام بالمدينة، وسجن في مدرسة النهضة بالمدينة، والذي يمثل المقر الرئيس لإدارة كل السجون السرية.

وأكد المصدر وجود 41 حالة اختفاء قسري لمعتقلين في سجون ميليشيا الإصلاح في تعز، بعضهم تم الكشف عن أماكن اعتقالهم، مشيراً إلى أنه التقى أسر معتقلين أكدوا تعرض أبنائهم لأساليب تعذيب فظيعة مثل «إجبارهم على شرب البول، الضرب، الصعق الكهربائي والحرق بالنار وأعقاب السجائر والأسياخ الحديدة».

ويؤكد المصدر في مأرب وجود أربعة سجون سرية للإخوان في مبنى الشرطة العسكرية، وسجن آخر في مبنى الاستخبارات العسكرية، وثالث في مبنى المحكمة، إضافة إلى سجن في إدارة الأمن، حيث إن كل هذه المؤسسات الحكومية يستحوذ عليها حزب الإصلاح كلياً في مأرب.

وتابع «لم نعرف الأرقام بالتحديد للمعتقلين بمأرب لكون عمليات الاعتقال تتم من الطرقات والأماكن العامة والأسواق بسرية تامة، ونسمع أحياناً عن وفاة معتقلين تحت التعذيب».

تبادل سجناء ومعتقلين

ويتحدث يمنيون عن وجود تنسيق وتبادل للمعتقلين بين الإخوان والحوثيين. وانكشف هذا التنسيق عندما اعتقل الإصلاح الناشط طارق علي منصور، من أحد الفنادق في محافظة مأرب ثم تبين بعد أيام أنه معتقل في سجن البحث الجنائي التابع للحوثيين بمحافظة ذمار، حسب ما أكده الصحافي اليمني حافظ مطير في 21 يوليو الماضي، والذي اعتقلته ميليشيا الإخوان ثلاث مرات في مأرب بسبب كشفه فسادها، آخرها عملية اعتقال ما زال رهينها منذ أغسطس الجاري.

تشكيل «جيش إخواني»

وعمدت جماعة الإخوان إلى تشكيل ميليشيات خاصة أسمتها «الحشد الشعبي» في أواخر مارس الماضي، ومقرها محافظة تعز، حيث بدأت عملية تخريج هذه القوات بخمس دفعات عسكرية تضم أكثر من خمسة آلاف جندي تم تجميعهم بناء على انتماءاتهم لجماعة الإخوان، تلتها دفعات أخرى لم يتم الإعلان عنها».

وتحدث مصدر عسكري مطلع لـ «الرؤية» عن تدريبات مكثفة تلقتها هذه القوات التي تدربت على خطط المداهمات وتسلق المباني، وعمليات الاقتحام والتسلل والاستطلاع، كما أنها خضعت لدورات ثقافية ومحاضرات تحكي مسيرة الإخوان في اليمن والمنطقة باعتبارهم «قادة ملهمين» كما يروج أتباعهم.

وذكر المصدر أن هذه الميليشيا يقودها عملياتياً القيادي في جماعة الإخوان عبده حمود الصغير، وهو أستاذ تربوي قلدته الجماعة منصباً قيادياً ومنحته رتبة عقيد لكونه من أتباعها، ويتزعم الميليشيا القائد العسكري العام للإخوان في تعز عبده فرحان المخلافي المعين أيضاً مستشاراً في قيادة محور تعز بإيعاز من القيادي الإخواني علي محسن الأحمر، الذي يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية.

وأكد المصدر أن إجمالي ما تم إنفاقه على هذه الميليشيات حتى الآن بلغ أكثر من ثلاثة مليارات ريال يمني سُلبت من ميزانيات الجيش الوطني وسخرت في خدمة هذه الميليشيا، إضافة إلى ميزانيات أخرى تقدم من قطر عبر وسطاء سريين. وأضاف أن هذه الميليشيات تحظى بتسليح كبير يتم نهبه من الدعم الذي يقدمه التحالف للقوات الداعمة للشرعية، ويتم تأهيلها في معسكر تدريبي بمنطقة يفرس جبل حبشي غرب المحافظة.

وبدأت هذه القوات بعد أسبوع واحد من تشكيلها شن هجمات على المدنيين في «المدينة القديمة» وسط تعز، ما تسبب بمقتل وإصابة العشرات من الأبرياء وإحداث دمار في المنازل والمؤسسات، وتهجير المئات من السكان الأصليين في المدينة بعد اتهامهم بأنهم «خارجون عن القانون».

ويذكر المصدر أن هذه الكتائب هي «كتيبة الحسن بن علي، كتبة محمد فرحان، كتيبة عزام فرحان، كتائب عبد حمود الصغير، كتائب غدر، كتائب غزوان، إضافة إلى أربع كتائب أخرى يقودها كل من وهيب الهوري ويحيى الريمي وتوفيق عبدالملك، وهي من أكبر الكتائب تدريباً وتسليحاً.

تبادل أدوار

لا تختلف ممارسات حزب الإصلاح عن ممارسات ميليشيا الحوثي في عمليات القتل والتهجير ونهب الممتلكات، ففي مطلع يونيو الماضي قتل العشرات من قبائل الأشراف في محافظة مأرب واعتقل آخرون وأحرقت مساحات كبيرة من مزارعهم على أيدي ميليشيا الإصلاح التي قامت بمهاجمة القبيلة بذريعة البحث عن «خارجين عن القانون».

وكان حينها يقود المعارك ضد أبناء القبائل مجاهد مبخوت الشريف نائب مدير أمن مأرب، وهو نجل مبخوت الشريف رئيس حزب الإصلاح في مأرب، وقد قتل خلال المعارك في الثالث من يونيو.

وفي السادس من الشهر ذاته، حمّلت قبائل آل عبيدة - كبرى القبائل اليمنية في مأرب - في بيان لها «جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية فرع اليمن (الإصلاح) مسؤولية ما حصل وما يترتب على ذلك من انزلاق مأرب نحو حرب أهلية وإقلاق السكينة العامة، لكون مأرب أصبحت ملجأ لكل اليمنيين». ووصف البيان ما قام به الإصلاح بـ «تطهير عرقي ليس له أي مبرر».

وتعرضت المدينة القديمة بتعز في 12 مارس و19 أبريل 2019 لهجمات شنتها ميليشيا الحشد الشعبي، حيث وصف الهجوم الثاني بـ «الأكثر دموية وتدميراً ووحشية»، وفق تقرير صادر عن منظمة «حق» اليمنية المعنية بالدفاع عن الحقوق والحريات.

وذكرت المنظمة نقلاً عن نشطاء المدينة أن هجمات الحشد الشعبي التي بررها الإصلاح بأنها تهدف للبحث عن مطلوبين أمنيين تسببت بمقتل 12 مدنياً، وإصابة 40 آخرين، وجرى خلالها تنفيذ 20 عملية اقتحام لمنازل المدنيين دون مراعاة للأعراف، كما تسبب القصف بدمار 140 منزلاً بشكل كلي وجزئي، وتضرر منشآت خاصة وعامة ومرافق صحية وتعليمية.

ومنذ منتصف أغسطس الجاري، أقدمت ميليشيا الحشد على تهجير ما يربو على 185 أسرة من مخيمات النازحين الواقعة في محيط منطقة البيرين، والتي كان النازحون لجأوا إليها من منطقة الكدحة وجبل حبشي قبل عام ونصف العام هرباً من ميليشيا الحوثي، طبقاً لمصدر حقوقي.

وقال المصدر إن الحشد سيطر على مرتفعات تطل على مخيمات ثلاثة خلال مساعيه للسيطرة على مواقع اللواء 35 مدرع، وتحجيم قواته لكونه يختلف سياسياً وأيديولوجياً مع حزب الإصلاح، ويرفض العمل وفق منهجية الحزب، ما تسبب بحصار النازحين الذين أجبروا في الأخير على المغادرة نحو التربة الخاضعة لسيطرة اللواء 35 مدرع وأقاموا فيها.

عن "الرؤية"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية