10 ابتكارات قدمتها الحضارة الإسلامية للعالم

10 ابتكارات قدمتها الحضارة الإسلامية للعالم

10 ابتكارات قدمتها الحضارة الإسلامية للعالم


06/03/2024

عاشت الحضارة العربية الإسلامية، في القرون الوسطى، أزهى عصورها؛ بالعمل والاجتهاد في ميادين شتى، وأضاف المسلمون والعرب آنذاك إضافات حقيقية.
هذا التقرير يرصد 10 ابتكارات قدمها العرب والمسلمون أسهمت في رفد الحضارة الإنسانية، ومهدت السبيل أمام ابتكارات أخرى.
أولاً: علم الجبر
رغم نشأة علم الجبر منذ زمن سحيق، قبل أن يعيد اكتشافه العرب، إلّا أنّهم استطاعوا تطويره؛ بل كانوا أول من استخدم تطبيقاته في علم الهندسة وفنّ العمارة، وقد استخدموه، في البداية، لتحديد مواقيت الصلاة وحلّ المعادلات المعقدة لفقه المواريث، إلّا أنّ الأمر تطوّر فيما بعد على يد الخليفة المأمون؛ حيث أمر المأمون، في بدايات القرن التاسع الهجري، محمد بن موسى الخوارزمي، أن يكتب موطئاً للجبر، وقد أخذه الأوروبيون إلى بلادهم خلال الحملات الصليبية، حتى نقلوه بالأسماء، فالجبر بالإنجليزية ترجمت إلى Algebra))، وما تزال الحسابات الرياضية المعقدة تسمى بـ "الخوارزميات"، وفي الإنجليزية (Algorithms)، نسبة إلى المؤسس الأول الذي تقاسم اللقب مع العالم السكندري (ديوفانتوس).
تطور علم الجبر على يد الخوارزمي

ثانياً: التلسكوب
كانت بغداد تحت الخلافة العباسية، مركزاً مهماً لعلوم الفلك؛ إذ تمتد المراصد الفلكية البدائية على طول البلاد، ممتدة من آسيا الوسطى، مروراً بالمحيط الهندي، واستطاع العرب وقتها وضع أول رقم صحيح لانحراف سمت الشمس في ذلك الزمن؛ حيث كان 23 درجة، 33 دقيقة، 52 ثانية، وهو الرقم نفسه الحاضر، تم تسجيله في كتاب "الزيج المصحح"، الذي احترق في بيت الحكمة على يد هولاكو، ولم يتبقَّ منه سوى المخطوطات الأولية.

اقرأ أيضاً: خالد عزب: العمارة الإسلامية ثمرة اشتباك السياسة والفلسفة والدين
وفي القرن التاسع من الهجرة؛ تمكّن البتّاني، الذي شبه بـ "بطليموس"، من وضع كتابه "زيج الصابي"، والذي تضمّن معارف فلكية سابقة لعصرها، كتحديد الفصول السنوية، وأيام السنة، وزاوية دوران الأرض، والكواكب المجاورة، كما وثق اكتشافه للشذوذ في عرض القمر، وعُدَّ البتاني من صفّ الفلكيين العشرين الأشهر في العالم لاكتشافاته السابقة لعصرها.
ثالثاً: الإسطرلاب
في مكتبة باريس الوطنية ثلاثة من الإسطرلابات العربية القديمة، التي وصفها جوستاف لوبون بأنّها "مصنوعة بكثير من الحذق"، وهي عبارة عن ساعة فلكية لتحديد حركة الكواكب السيارة، واستخدمت في الحسابات التطبيقية لنظرية دوران الأرض، وقد عرف الإسطرلاب في الحضارة الهلنستية في اليونان القديمة، وقد استخدمه بطليموس في الحسابات الفلكية أيضاً، بينما طوره العرب وصنعوه من مواد مختلفة.

اقرأ أيضاً: آخر الابتكارات.. صناعة بشرة وجلد للإنسان الآلي
ثم استخدمه العرب فيما بعد لتحديد حركة الملاحة البحرية، وتعيين زوايا ارتفاع الأجرام السماوية، وذلك بعد أن أضافوا إليه الكثير، وألفوا حوله عدة كتب، أشهرها ما قدمه عبد الرحمن الصوفي، في كتابه "العمل بالإسطرلاب".
رابعاً: علم البصريات
رغم ضياع العديد من المؤلفات الفيزيائية والرياضية من المكتبة العربية القديمة، إلّا أنّ كتاب الحسن بن الهيثم في الرؤية المستقيمة والمنعكسة والمنعطفة، قدّم أسس علم البصريات، وفيزياء الضوء، والحلول الهندسية للمرايا، وانعكاسات الأشعة والحزم الضوئية، وقد ترجمت كتابات ابن الهيثم إلى اللاتينية والإيطالية، التي كانت مرجعاً أساسياً في كتاب علم البصريات للفيزيائي الألماني جون كيبلر.

قدمت القياسات المهمة التي دونها ابن الهيثم تأصيلاً لفيزياء الضوء وتأثر العين بالحزم الضوئية وتفسير عملية الرؤية

قدمت القياسات المهمة، التي دوّنها الحسن بن الهيثم، تأصيلاً لفيزياء الضوء، وتأثر العين بالحزم الضوئية، وتفسير عملية الرؤية، وتقنية الغرف المظلمة التي انطلقت منها فيما بعد تكنولوجيا الكاميرا، وعدّ ما قدمه ابن الهيثم طفرة في الفيزياء آنذاك؛ حيث تمكن من اكتشاف مشاكل العين والإبصار، واستطاع تطوير عدسات تُصلح من مشاكل النظر.
أسس ابن الهيثم لعلم البصريات

خامساً: المعامل الكيميائية
يعدّ كتاب الاستتمام في علم الكيمياء، أقدم الكتب الموضوعة في هذا العلم، قدم فيها جابر بن حيان في القرن الثامن الهجري، خلاصة تجاربه المعملية، التي استطاعت شرح العناصر الكيميائية، ووضع أسس التقطير المعملي والمخابير، وقد نقل هذا الكتاب إلى الفرنسية في القرن السابع عشر ميلادياً، زيادة على المواد الكيميائية التي استطاع العرب استخلاصها من الطبيعة.

اقرأ أيضاً: قمة أبوظبي الثقافية تكرم فنانين ربطوا التراث بالابتكار
اشتملت مؤلفات ابن حيان على عدة مركبات كيمائية كانت مجهولة فيما قبل مثل الحامض النتري، وماء الذهب، وملح النشادر، وشرح باستفاضة عمليات التبلور، والتذيب والتحويل الكيميائي للعناصر المختلفة، ثم جاء الرازي، المتوفَّى في القرن التاسع الهجري، ليشرح التفاعل الكيميائي الذي يشرح استخراج كبريت الحديد، وعملية تقطير الكحول، والسكريات المختمرة.
سادساً: البارود الحربي
اخترع الصينيون البارود كصدفة معملية، واستخدموه في الألعاب النارية، حتى وصل إلى أوروبا في القرن السابع من الميلاد، ولكن العرب هم أول من استخدموه في الأسلحة النارية، في صدّ الهجوم الصليبي على بلادهم؛ ففي عام 1850، نشر المستشرق الفرنسي، مسيو رينو، مذكرة تنصّ على أنّ العرب هم أول من استخلص قوة البارود الدافعة؛ لذا فهم أوّل من عرف الأسلحة النارية.
وذكر في تاريخ ابن خلدون عن البربر في حصار السلطان أبو يوسف لبلاد المغرب؛ حيث هبّ في وجهه العسكر بالقاذفات النارية، وكان ذلك في القرن الثالث عشر من الميلاد، ومن المخطوطات العربية المحفوظة في المكتبة الوطنية بباريس، التي ذكرت استخدم العرب الأسلحة النارية للدفاع عن مدينة الجزيرة التي هاجمها الأذفونش الحادي عشر، عام 1342.
سابعاً: علم التشريح
بلغ العرب مبلغاً عظيماً في علوم الطب، فاق ما قدمه أطباء اليونان القديمة، وكانت أبرز محطات علم الطب عند العربي ما قدّمه الرازي؛ الذي مزج بين علوم الطب والكيمياء، وولد في القرن التاسع من الميلاد، وزاول الطبّ في بغداد خمسين عاماً، وقدّم كتابه في طبّ الأطفال، وقدم تفصيلات سابقة على عصرها في علم التشريح والجهاز العصبي.

اقرأ أيضاً: ترند "مر أعرابي".. السخرية الاجتماعية تدخل معركة التراث
وعلى غراره؛ فقد عُدَّ ابن سينا "أبو الطبّ"، والذي ظلت كتبه إلى جانب كتب الرازي تدرّس في جامعات أوروبا حتى القرن الثامن عشر؛ حيث قدم ابن سينا في كتابه القانون، وصفاً تفصيلياً لعلم وظائف الأعضاء وتشريحها، ووصف الأمراض الدقيقة توصيفاً صحيحاً، مع شرح للوصفات العلاجية والإسعافات الأولية.
كان للرازي دور بارز في الكيمياء

ثامناً: مواد البناء والتصميم
باختلاف الأمصار التي دخل إليها العرب، أشادوا فيها العمران على طراز مختلف الشكل، فريد الفلسفة والمضمون، مرتبط في بنيته بالبيئة التي تحتضنه؛ ففي القاهرة ودمشق اعتمد بنيانهم على الحجارة، وحين دخلوا الأندلس، ابتكروا مادة البيتون، عن طريق مزج الكلس والرمل والصلصال والحصباء، والتي تتحول بالماء إلى مادة تشبه الإسمنت في صلابتها.

اقرأ أيضاً: صاحبا الشعاع.. هوكينغ وابن الهيثم
وابتكر العرب طراز الأعمدة والتيجان الذي ميّز بناياتهم باختلاف الأمصار، والتي بحسب المستشرق الفرنسي مسيو دوبرانجه لم تشتق من أيّ طراز آخر، وتعدّ عربية خالصة، كما ابتكروا المقرنصات كحساب لزوايا مثلثات معقدة، صنعوا بها تصماميم مختلفة ودقيقة تشبه خلايا النحل، وأضافوا الأقواس والقباب التي كانت محاكاه سماوية، بحسب دوبرانجه.
تاسعاً: الورق
في مكتبة الأسكوريال بالعاصمة الإسبانية، مدريد، تحفظ قطعة ورقية من القطن تعود للقرون الوسطى، كتب عليها العرب، بعدما أحلّوا الورق محلّ الرّق الذي كان شحيحاً في ذلك الزمان، واخترع العرب إثر ذلك الورق، على غرار البردي المصري القديم، واعتبره المستشرقون من أهم الاكتشافات التي حفظت المعارف الإنسانية، واستخدموا القطن مادة أساسية لصناعة الورق، على غرار استخدام الصينيين للحرير، الذي كان نادراً في أوروبا والشرق.

اقرأ أيضاً: حركة الطباعة والنشر في تونس.. نضال الكلمة والتنوير
ثم استخدم العرب الأسمال في صناعة الورق معقّد التركيب، واستدل عليه من رسالة جوانفيل إلى الملك لويس، في القرن الثالث عشر، بعد حملته الصليبية على مصر، وكذلك الورق المكتوبة عليه معاهدة السلام بين ملك أرغونة وملك قشتالة، وما يزال محفوظاً في متحف برشلونة، ويعود إلى القرن الرابع عشر من الميلاد، إضافة إلى مخطوطات الإدريسي في الجغرافيا في القرن الثاني عشر الميلادي.

ورق البردي

عاشراً: البوصلة الملاحية
رغم اختراع الصينيين للبوصلة، إلّا أنّها لم تخدمهم في الملاحة، على عكس العرب الذين كثرت أسفارهم، ونتيجة للصلات التي نشأت بين العرب والصين، أخذوا البوصلة عنهم، وطوروها في الاستخدامات الملاحية، رغم عدم وصول هذا الابتكار إلى أوروبا إلّا في القرن الرابع عشر من الميلاد، إلّا أنّه من المؤكد أنّهم أخذوه من العرب؛ حيث أشاع الجغرافي العربي المشهور، الإدريسي، في مخطوطاته من القرن الثاني عشر؛ أنّ هذا الاختراع كان سائداً في ملاحي قومه، وأّنّهم استقدموه من بلاد الصين، وطبقوه بحسابات معقدة على الملاحة البحرية لاستخدامه كدليل أسفارهم، وكان هذا التطبيق مقدمة لاكتشاف ما نعرفه اليوم بـالـ "GBS".

الصفحة الرئيسية