أردوغان يغازل مصر مجدداً.. ما الجديد بملف مفاوضات القاهرة وأنقرة؟

أردوغان يغازل مصر مجدداً.. ما الجديد بملف مفاوضات القاهرة وأنقرة؟


03/06/2021

بعد مضي شهر تقريباً على اختتام المباحثات "الاستكشافية التي تمت في القاهرة بين مسؤولين مصريين وأتراك، ماتزال الأجواء يغلب عليها الترقب، والهدوء وسط توقعات من جانب خبراء ببطء الخطوات المقبلة بشأن العملية التفاوضية، التي تتم في ظل خلافات حول قضايا استراتيجية معقدة أبرزها التواجد العسكري التركي في ليبيا وترسيم الحدود البحرية في مياه شرق المتوسط، وكذلك ملف الدعم التركي المقدم لجماعة الإخوان الذي يمثل جوهر الخلاف مع القاهرة منذ العام 2013.

العملية التفاوضية تتم في ظل خلافات حول قضايا استراتيجية معقدة أبرزها التواجد العسكري التركي في ليبيا

ومنذ انتهاء المباحثات مطلع أيار (مايو) الماضي، لم تصدر أي تصريحات رسمية من جانب البلدين بشأن النتائج، فيما اكتفت القاهرة بإصدار بيان مقتضب على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أكد خلاله أنّ المباحثات كانت "صريحة ومعمقة" وركزت على الملفات الاستراتيجية والإقليمية، وبحث سبل التعاون، دون ذكر تفاصيل.

من جانبه أطل الرئيس التركي، صباح الأربعاء، بتصريح، اعتبره المراقبون "مغازلة للقاهرة" ومحاولة لتلطيف الأجواء المشحونة، فيما وصفه آخرون بأنّه "مراهنة خاسرة"، على شعارات "الوحدة والتاريخ" دون التطرق إلى القضايا التي تمثل خلافاً حقيقياً بين الطرفين.

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنّ "جمهورية مصر العربية ليست دولة عادية"، مضيفاً أنّ لدى أنقرة فرصاً للتعاون الجاد مع مصر في منطقة واسعة من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى ليبيا.

وأكد أردوغان في مقابلة تلفزيونية إنه لا يمكن المقارنة بين العلاقات التركية المصرية والعلاقات المصرية اليونانية، فالعلاقة بين الشعبين التركي والمصري لا يمكن مقارنتها، على حد تعبيره.

منذ انتهاء المباحثات مطلع أيار الماضي لم تصدر أي تصريحات رسمية من جانب البلدين بشأن النتائج

وأضاف "أعرف الشعب المصري جيداً، وأُكِن له المحبة، فالجانب الثقافي لروابطنا قوي جداً، لذلك نحن مصممون على بدء هذا المسار من جديد"، لافتاً إلى أنّ هناك وحدة في القدر بين الشعبين المصري والتركي.

هجوم موازٍ على مصر

وبالتوازي مع تصريحات أردوغان، شن مستشاره ياسين أقطاي هجوماً حاداً على القاهرة، حيث وصف خلال حديثه مع فضائية "فرانس 24" أمس، ما شهدته مصر العام 2013، بـ"الانقلاب المرفوض من قبل بلاده"، كما أكد أنّ أنقرة لن تتنازل عما وصفه بموقفها الأخلاقي، بشأن ما حدث آنذاك، مؤكداً أنها نقطة خلاف بين البلدين.

خلافات يصعب تجاوزها

يرى الدكتور كرم سعيد الخبير المصري المختص في الشأن التركي، أنّ "التفاهم بين القاهرة وأنقرة سيأخذ وقتاً طويلاً، ولن يحدث بين يوم وليلة، نظراً لتعقد الملفات والقضايا الخلافية بين البلدين وتمسك كل طرف بموقفه فيها، دون إبداء رغبة حقيقية من جانب تركيا لتقديم أي خطوات باعتبارها الطرف الذي بدأ الأزمة مع القاهرة، وكذلك هي الطرف الذي سعى إلى بدء الحوار والتفاهم".

اقرأ أيضاً: بهذه الطرق يواصل أردوغان ملاحقة معارضيه في الخارج

وأوضح سعيد في حديثه لـ"حفريات" أنّه "في ظل الخلافات التي لم يتم التوصل لحلول أو تفاهمات حولها، وأهمها، التواجد التركي المرفوض في الأراضي الليبية واستمرار عمليات نقل المرتزقة إلى الداخل بما يهدد الأمن الإقليمي، وأيضاً عدم التوصل لحلول بشأن عملية ترسيم الحدود في شرق المتوسط، فضلاً عن التصريحات المتوالية من مسؤولين أتراك على رأسهم أردوغان نفسه، بعدم تخلى أنقرة عن الجماعة واستمرار تقديم الدعم لها، يجعل الأمور تسير إلى مآلات أكثر تعقيداً".

ويتوقع سعيد أن تتم عملية التفاوض بين الجانبين بشكل بطيء ووفق آليات وشروط تضعها القاهرة، منها وقف الدعم عن تنظيم الإخوان والمنصات الإعلامية التابعة له والتي تبث خطاباً معادياً لمصر من الأراضي التركية، وكذلك أشار إلى ملف آخر مهم يرتبط بتسليم المطلوبين لدى الجهات القضائية في مصر من المتواجدين على الأراضي التركية.

تصريحات متناقضة لا تعكس جدية للتوافق

من جانبه يرى الباحث محمد العربي، أنّ التصريحات التركية لا تعكس جدية في إمكانية عودة سريعة للعلاقات المصرية التركية؛ "فمن ناحية، اعتادت تركيا مع احتدام التنافس على غاز المتوسط والصراع في ليبيا، على تبنـي خطابات متناقضة، تحديداً تجاه القاهرة من خلال لعبة توزيع الأدوار. ففي الوقت الذي يتبنـى فيه الرئيس أردوغان لغة حادة تجاه القاهرة، على الرغم من اعتدالها مؤخراً مع إحباط توقعات تركيا حول إمكانية حدوث تغير في النظام الحاكم في مصر، لم يكفّ المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالين ووزير الخارجية جاويش أوغلو عن التعبير عن إمكانية التعاون مع مصر، بصيغ مختلفة".

بالتوازي مع تصريحات أردوغان الودية شن مستشاره ياسين أقطاي هجوماً حاداً على القاهرة

ويشير العربي في دراسة نشرها مركز الإنذار المبكر تحت عنوان: "ما هي سيناريوهات عودة العلاقات المصرية التركية؟" أن المسؤولين الأتراك يحاولون بشكل عام في خطابهم الرسمي وغير الرسمي تجنب موضوع الاعتراف بالنظام الحاكم في مصر؛ "على سبيل المثال، تجنب مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي، والمعروف بتوجهاته الإسلامية وقربه من دوائر الإسلام السياسي العربية، في حوار له على منصة كلوب- هاوس (الخميس ٣ مارس) التأكيد على مثل هذا الاعتراف، مشيراً إلى أنّ العلاقات بين مصر وتركيا تتجاوز الحكومتين. ربما يكون هذا نوعاً من خداع الذات، أو محاولة لإقناع جمهور الإسلاميين خاصة في تركيا أن عودة العلاقات مع مصر لا تعنـي الاعتراف بالنظام الحاكم. وهو في كل الأحوال تفكير غير واقعي، ويفتقد إلى المصداقية".  

ويتابع: "في كل الأحيان، يجعل هذا التضارب من تحفظ الموقف المصري تجاه أية محاولات تركية للتقارب أمراً مفهوماً، إلا أنّ ما يعزز هذا التحفظ نقطتان هامتان؛ تتمثل الأولى في أنّ أزمة العلاقات المصرية التركية خلقتها بامتياز تصريحات الرئيس أردوغان والذي جعل من نفسه محور الأزمة. بالطبع كان دعم الإسلاميين في العالم العربي، كوسيلة لتأكيد الوجه الإسلاموي المحافظ لحزب العدالة والتنمية وفي القلب منه سياسات أردوغان ورقة انتخابية رابحة، خاصة بعد تجنيس مئات الآلاف من السوريين. إلا أنها ليست ورقة إجماع داخل النخبة التركية وعززت من حالة الانقسام العلماني- الإسلامي في الداخل. إلا أنّ تجذر هذه السياسات، سيجعل من الصعب التراجع عنها أو تجاوزها".

كرم سعيد: تحول الجماعة لعائق أمام ترميم علاقة أنقرة مع العالم العربي لا يعنـي سهولة التخلص منها

ويوضح العربي: "ترتب على هذا، ثانياً، أنّ أردوغان جعل من استخدام الإسلاميين العرب أداة رئيسة في بناء شبكة نفوذه في المنطقة، من خلال عمل أجهزة استخباراته، وشبكة الداعمين من جمعيات أهلية محلية وعابرة للحدود في تركيا والشرق الأوسط وأوروبا. وبالتالي، حتـى لو افترضنا الدوافع البراغماتية التـي دفعت أردوغان للتحالف مع جماعة الإخوان، واستخدامها في الوقت نفسه، فإنّ تحول الجماعة إلى عائق في سبيل ترميم علاقة أنقرة مع العالم العربي ومصر، لا يعنـي إمكانية التخلص منها بسهولة. يفسر هذا عدم اتجاه أنقرة نحو تقليل دعمها للجماعة بشكل فعلي، فقد أصبحت عبئاً".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية