أردوغان يُغذّي روح الانتقام والانتماء الإسلامي في المغرب العربي

أردوغان يُغذّي روح الانتقام والانتماء الإسلامي في المغرب العربي


24/12/2020

يزداد تأثير تركيا في منطقة المغرب العربي منذ ما أطلق عليه "الربيع العربي" نهاية العام 2010 وبداية 2011، وقد أصبحت بنظر البعض "النموذج الناجح" لحركة "الإخوان المسلمون" مدفوعة بسياسة الرئيس رجب طيب أردوغان لإحياء الامبراطورية العثمانية، كما يوضح المؤرخ بيير فرمرين المتخصص في المغرب العربي المعاصر في جامعة باريس-1.
وبالنسبة لأردوغان، فإنّ الاحتفاظ بنفوذ في إفريقيا وتأجيج الخلافات بين المغرب العربي وأوروبا، وفرنسا خصوصا، رهان كبير. وهذا أحد أسباب إهانة أردوغان للرئيس الفرنسي. فهو يريد أن يظهر كمدافع عن المسلمين والإسلام، وأن يجذب نحوه تعاطف المغرب العربي.
وفي منطقة تعاني من أزمة شديدة مع ملايين الشباب المغاربيين الذي لا أمل لديهم، يغذي سماع زعيم مسلم يقف في وجه أوروبا ويستفزها ويشن الحروب، روح الانتقام والانتماء الإسلامي.
ويرى فرمرين، في حوار مع وكالة الصحافة الفرنسية، أنّ وزن ورهان النفوذ التركي في المغرب العربي، يتزايد بسرعة منذ بضع سنوات وإن لم تكن الاتصالات معلنة دائما.
ففي ليبيا، النفوذ اقتصادي وسياسي وعسكري وتجاري وقريبا نفطي. فالوصاية على الحكومة والمجموعات المسلحة والسياسية لجماعة الإخوان المسلمين في طرابلس قوية منذ أن أنقذتها تركيا عسكريا.

وفي تونس، النفوذ سياسي ودبلوماسي وتجاري وثقافي وديني، وهو تدخل يثير استياء الكثير من التونسيين.
أما في الجزائر فالأمر تجاري وثقافي، ونلاحظ أن أردوغان يتحدث عن جرائم جسيمة لفرنسا من خلال تضخيمها إلى أقصى حد، لذا فهو يلعب وتر العداء لفرنسا.
وفي المغرب، هناك نموذج تركي تم نسيانه قليلاً اليوم، باستثناء ما يتعلق بالتحالف بين التيار الديني المحافظ ورجال الأعمال، وهو أيضًا حلم الحكم التكنوقراطي الاستبدادي والفعال.
وبسؤاله عن كيفية تجلي هذا النفوذ، لا سيما "القوة الناعمة"؟ وهل تمتلك أنقرة الوسائل لترسيخ مكانتها كشريك رئيسي لدول المغرب العربي على حساب الفاعلين التقليديين مثل فرنسا؟ يرى المؤرخ أنه من الواضح أن هذا مرتبط بالسياسة الإمبريالية لأردوغان المبنية على إحياء العهد العثماني والقومية الإسلامية. وبدأ الأمر فعليا في 2011 في زمن "الربيع العربي"، عندما اتضح أن تركيا أصبحت نموذجا وقائدا للإخوان المسلمين.
وفي 2020 ، تسارع النفوذ التركي بشكل مفاجئ وأصبح مباشرا مع التدخل في ليبيا، الأمر الذي يضع الجنود والمرتزقة الأتراك على خط تماس مع الجزائر وتونس. لكن نفوذها يعتمد بشكل كبير على القضايا الوطنية في كل بلد، والمعارضون لهذا التأثير موجودون في كل مكان.

في ليبيا، أصبح وجود تركيا لا مفر منه، إنها "القوة الخشنة". أما في باقي دول المغرب العربي، قد تكون "القوة ناعمة"، لكن مع وجود أسلحة اقتصادية ضخمة. فهي تهتم بالمال والأعمال لأسباب اقتصادية وسياسية في وقت واحد.
لكن نظرا لانخفاض الناتج الداخلي، ليس لدى تركيا قدرة كبيرة على الاستثمار، لا سيما بالمقارنة مع ألمانيا ودول الخليج العربي.
وتكمن المشكلة في الوضع المأساوي في المنطقة المغاربية بعد قرابة عام من انتشار وباء كوفيد-19.
فالوضع في هذه البلدان والاقتصادات ضعيفة لدرجة أنها يمكن أن تقبل أي عرض يقدم لها، خاصة فيما يتعلق بالتبادل التجاري والتمويل وما إلى ذلك.
في المقابل، تبدو أوروبا منكفئة وقد أضعفتها أزمة كوفيد والأزمة الاقتصادية التي بدأت تظهر. لذلك من الواضح أن لدى تركيا فرصا يجب اغتنامها من أجل صناعاتها ومصارفها.
وعن تفسيره لجاذبية الخطاب التركي لدى الشباب المغاربي، يقول فرمرين، إنه "بعد جمال عبد الناصر وصدام حسين وياسر عرفات وحسن نصر الله ومعمر القذافي وبشار الأسد، هناك الآن شخصية متوسطية أخرى تقدم نفسها كمدافع عن المسلمين والمهاجرين والسوريين... إلخ. إنها أردوغان.
إنه نجاح معتبر لا يتوافق مع تأثير عميق خارج شبكات الإخوان المسلمين والإسلاميين بشكل عام. فلا أحد يتحدث التركية في المنطقة المغاربية، لكن يمكن الاعتماد على الشبكات التركية لتسويق نفسها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة والوجود الفعلي في تلك الدول.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية