أين وصلت تونس في حربها على الإرهاب؟

هل حققت تونس نجاحات صامتة في حربها على الإرهاب؟

أين وصلت تونس في حربها على الإرهاب؟


17/06/2023

أكدت الحكومات التونسية المتعاقبة، على اختلاف توجهاتها الفكرية، على أنّ "الحرب على الإرهاب حرب وجود، حرب حياة أو موت، ولن تهدأ حتى القضاء على آخر إرهابي"، وفعلياً تمكنت تونس، في الأعوام الأخيرة من السيطرة على الوضع الأمني والقضاء على العديد من القيادات البارزة في التنظيمات الإرهابية التي تتبع تنظيمي القاعدة وداعش، رغم أنّ الخطر الإرهابي ما يزال قائماً.

وشهدت تونس خلال العشرية الماضية الكثير من العمليات الإرهابية الدموية التي استهدفت سياسيين وعناصر أمنية وعسكرية وسياحاً أجانب.

وقد ظلّت تونس تعلن من حين إلى آخر عن تفكيك خلايا إرهابية وإجهاض مخططات إرهابية بعمليات استباقية، وتعتبر أنّ ذلك مؤشر جيد على جاهزية قوات الأمن التي تقاتل منذ أعوام إرهابيين موالين لتنظيمي القاعدة وداعش، يتحصنون بجبال محافظات القصرين (وسط غرب) وجندوبة (شمال غرب) والكاف (شمال غرب) الحدودية مع الجزائر، ولديهم خلايا نائمة داخل المدن.

تفكيك خلايا الإرهاب

وبحسب وسائل إعلام محلية، فقد قضت محكمة تونسية مختصة في قضايا الإرهاب  الثلاثاء بالسجن بين عامين و(4) أعوام في حق (4) نساء من أجل تواصلهن مع زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور سيف الله بن حسين، (3) منهن مدة عامين، مع إخضاعهن للمراقبة الإدارية مدة عام.

وقضت بسجن فتاة رابعة لمدة (4) أعوام لتواصلها مع أبوعياض عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

تمكنت تونس، في الأعوام الأخيرة من السيطرة على الوضع الأمني

ويُعدّ تنظيم أنصار الشريعة واحداً من التنظيمات المتشددة التي برزت بعد ثورة كانون الثاني (يناير) 2011 لفترة، واحتلت الشوارع والساحات، ورفعت الأعلام السوداء، واعتمدت خطابات مستفزة.

وقضت المحكمة ذاتها، غيابياً، بالسجن (60) عاماً مع النفاذ العاجل بحق زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور والمصنف تنظيماً إرهابياً، سيف الله بن حسين، وكنيته (أبوعياض)، وهو خارج حدود البلاد.

وقد فرّ أبوعياض من جامع الفتح بوسط العاصمة التونسية في شباط (فبراير) 2012، حين حاصرته قوات الأمن، وكان علي العريض القيادي البارز في حركة النهضة الإخوانية حينها وزيراً للداخلية.

فعلياً تمكنت تونس في الأعوام الأخيرة من السيطرة على الوضع الأمني، والقضاء على العديد من القيادات البارزة في التنظيمات الإرهابية

وحقق القضاء التونسي في 2015 مع علي العريض الموقوف حالياً على ذمة التحقيقات في عدة قضايا، من بينها قضايا إرهابية، ويسود اعتقاد بأنّ حركة النهضة التي كانت تقود حكومة ائتلافية، عُرفت وقتها باسم حكومة الترويكا، متورطة في تهريب زعيم أنصار الشريعة.

يُذكر أنّ آخر ظهور لزعيم أنصار الشريعة كان في 2014 في بنغازي في شرق ليبيا، وتردد أيضاً أنّه قتل في غارة أمريكية على معسكر لتنظيمه في درنة التي شكلت في أعوام ما بعد الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي معقلاً للجماعات الإسلامية المتطرفة.

لكن لا توجد معلومات مؤكدة حول هلاكه، أو إن كان ما يزال على قيد الحياة، أو مكان اختبائه، وما تزال تنظيمات وجماعات إسلامية متشددة تنشط في ليبيا حتى بعد الحرب التي قادها قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر على تلك الجماعات ونجاحه في القضاء على الكثير منها، لكن ما تزال هناك خلايا نائمة يُعتقد أنّها انصهرت في النسيج الاجتماعي وتوارت عن الأنظار.

وشارك أبوعياض في حرب أفغانستان مع تنظيم القاعدة ضد القوات الأمريكية، واعتقل لاحقاً في تركيا قبل ترحيله إلى تونس، حيث قضى عقوبة في السجن إلى حين إطلاق سراحه بعفو عام في 2011، بعد سقوط حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

نجاحات أمنية

أواخر أيار (مايو) الماضي تحدث مسؤول أمني في تونس عن حجم النجاحات التي حققتها بلاده في مواجهة الجماعات الإرهابية منذ عام 2011، أي بعد اندلاع الانتفاضة ضد حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وما خلفه من تدهور أمني فسح المجال أمام نشاط الجماعات المتشددة.

وكشف الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني العميد حسام الدين الجبابلي أنّ الوحدات المعنية بمكافحة الإرهاب تمكنت منذ عام 2011 من القضاء على (100) عنصر إرهابي، وإيقاف (324) آخرين، عقب تنفيذ (365) عملية ومهمة، في إطار مكافحة الظاهرة الإرهابية.

زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور والمصنف تنظيماً إرهابياً، سيف الله بن حسين، وكنيته (أبوعياض)

وأوضح في حوار بث في إذاعة (شمس) التونسية أنّه من بين الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم عناصر كان يتم التفتيش عنها وطنياً ودولياً، وتمثل خطراً حقيقياً على الاستقرار في المنطقة وحتى العالم.

وأكد المسؤول في جهاز الحرس الوطني في المقابل أنّ هذه الأرقام دون احتساب عملية بن قردان التي وصفت بأنّها حرب وملحمة أدت إلى سقوط عدد من المدنيين بين قتلى وجرحى.

روح جديدة للحرس الوطني

ومؤخراً، أعلنت السلطات التونسية تعيين العميد حسين الغربي آمراً للحرس الوطني، بعد أيام من الاعتداء الدموي الذي استهدف معبد الغريبة اليهودي في جزيرة جربة خلال فترة الزيارة السنوية لهذا المعبد، ممّا أثار ردود فعل مختلفة داخلياً وخارجياً.

واتضح أنّ منفذ الاعتداء، الذي رفضت السلطات تصنيفه إرهابياً، واكتفت بوصفه بـ"الإجرامي"، هو عنصر أمن سابق في جهاز الحرس الوطني، الذي تم تعيين الغربي على رأسه خلفاً للعميد فاضل قزقز الذي قالت السلطات إنّه "دعي إلى مهام أخرى"، دون توضيح طبيعة هذه المهام.

ظلّت تونس تعلن من حين إلى آخر عن تفكيك خلايا إرهابية وإجهاض مخططات إرهابية بعمليات استباقية، وتعتبر أنّ ذلك مؤشر جيد على جاهزية قوات الأمن

ويأتي تعيين العميد الغربي آمراً للحرس الوطني بعد أشهر من تعيين كمال الفقيه وزيراً للداخلية بعد انسحاب يكتنفه الغموض لسلفه توفيق شرف الدين، الذي قال إنّه استقال من أجل الاستجابة لمتطلبات أسرته إثر وفاة زوجته، وأفادت رئاسة الجمهورية بأنّه تم إنهاء مهامه.

وقاد الغربي الفرقة المتخصصة في مكافحة الإرهاب، لكنّ مراقبين أمنيين يعتقدون أنّ هذا التعيين قد يرتبط بالتغييرات التي تشهدها وزارة الداخلية مع تولي الفقيه هذه الوزارة.

واعتبر خبراء أمن أنّ هذه التعيينات متعلقة بإعطاء نَفَس جديد لسلك الحرس الوطني أمام المتغيرات التي حصلت في وزارة الداخلية أخيراً، وقد تلا هذا التعيين تغييرات أخرى، ويسعى وزير الداخلية الجديد إلى إعطاء نَفَس جديد للأسلاك والأجهزة التابعة لوزارته.

يُذكر أنّ التعيينات والإقالات في وزارة الداخلية، وعلى رأس بعض المناصب الأمنية، مثلت دائماً محلّ شبهات وشكوك بالتوظيف السياسي لصالح حركة النهضة الإخوانية التي استلمت حكم البلاد منذ العام 2011، وتغلغلت في كل مرافق الدولة حتى 25 تموز (يوليو) 2021.

وكانت وسائل إعلام محلية قد كشفت في عام 2014 تمكن جماعة أنصار الشريعة من تجنيد عناصر في الأجهزة الأمنية تعمل لصالحها، من خلال مدها بالتقارير الأمنية، أو من خلال المشاركة في عملية تهريب أميرها سيف الله بن حسين إلى خارج البلاد.

الوحدات المعنية بمكافحة الإرهاب تمكنت منذ عام 2011 من القضاء على (100) عنصر إرهابي، وإيقاف (324) آخرين، عقب تنفيذ (365) عملية ومهمّة

واستطاع التنظيم الإخواني التغلغل داخل ثكنات الجيش من خلال عشرات العناصر المجندة، الذين حاولوا إقامة مساجد في الثكنات، واعتمدت الجماعة على عناصر في جهاز الديوانة (الجمارك) في تسهيل عمليات التهريب التي كانت تقوم بها، سواء تهريب الأشخاص أو البضائع المتمثلة أساساً في بعض الأسلحة الخفيفة.

مواضيع ذات صلة:

كيف فشلت الإسلاموية التونسية في الانتقال نحو الديمقراطية؟

عن الأخطبوط الإعلامي لحركة النهضة الإخوانية في تونس

معركة تطهير القضاء التونسي من الإخوان... هل نجح سعيد في الاختبار؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية