اتفاق الحبوب يشعل البحر الأسود... هل تتراجع روسيا أمام المطالب الدولية؟

اتفاق الحبوب يشعل البحر الأسود... هل تتراجع روسيا أمام المطالب الدولية؟

اتفاق الحبوب يشعل البحر الأسود... هل تتراجع روسيا أمام المطالب الدولية؟


01/11/2022

بالرغم من القرار الروسي بتعليق اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، وفق الاتفاق المبرم برعاية الأمم المتحدة في تموز (يوليو) الماضي، السبت الماضي، أبحرت مساء أمس (10) سفن أوكرانية محمّلة بالحبوب، ممّا أثار غضب موسكو، وعزز مخاوف دولية من احتمالات الردّ عسكرياً من جانب روسيا باستهداف سفن الأغذية، ممّا يضاعف أزمة الغذاء العالمية.

وحذّر الكرملين من أنّ استمرار نقل الحبوب من أوكرانيا عبر البحر الأسود بدون مشاركة روسيا سوف يكون أمراً خطيراً، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الإثنين، وفق "دويتشه فيله": "بما أنّ روسيا لا تستطيع ضمان ملاحة آمنة في المنطقة، فإنّه سوف يكون من الصعب تنفيذ الاتفاق الدولي بشأن صادرات الحبوب".

وأضاف بيسكوف أنّ مبادرة الحبوب، التي تهدف لضمان استمرار تصدير الحبوب من أوكرانيا خلال الحرب، "سوف تأخذ فصلاً مختلفاً، أكثر خطورة وبدون ضمانات"، بدون مشاركة روسيا.

ونوّه إلى أنّ موسكو "مستعدة لتعويض الدول المستقبِلة للصادرات، والتي سوف تحصل على حبوب أقلّ نتيجة لانسحاب روسيا من الاتفاقية".

وكانت موسكو قد أعلنت السبت الماضي تعليق العمل باتفاق تصدير الحبوب عبر الموانئ الأوكرانية، بزعم أنّ أوكرانيا شنت هجوماً بالطائرات المسيّرة على سفن الأسطول الروسي في البحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم، وقد نفت أوكرانيا الأمر، ممّا أثار مخاوف دولية وإقليمية من تداعيات أزمة نقص الغذاء التي قد تتضاعف جرّاء القرار، فيما يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من ظروف اقتصادية وإنسانية صعبة إثر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية منذ شباط (فبراير) الماضي، وفق تقارير الأمم المتحدة. وإثر القرار الروسي ارتفعت أسعار الحبوب صباح الإثنين بشكل قياسي.

تحذيرات دولية وتحركات أممية لتفادي كارثة

في ردّ فعل سريع، حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من كارثة جوع عالمية، وقال خلال حديث في ويلمنغتون بولاية ديلاوير السبت: "إنّه أمر مشين حقاً، ليس هناك أيّ ميزة لما يفعلونه، تفاوضت الأمم المتحدة على ذلك الاتفاق، وقد تكون هذه نهاية له".

حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من كارثة جوع عالمية

وأضاف بايدن أنّ "الجوع العالمي قد يزداد بسبب تعليق اتفاق تصدير الحبوب".

ومن جانبه، دعا الاتحاد الأوروبي روسيا الأحد إلى التراجع عن قرارها بالانسحاب من اتفاق بوساطة الأمم المتحدة يسمح بصادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود وسط أزمة غذاء عالمية.

وقال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، وفق شبكة "سكاي نيوز": إنّ "قرار روسيا تعليق المشاركة في اتفاق البحر الأسود يعرّض للخطر طريق التصدير الرئيسي للحبوب والأسمدة التي تشتد الحاجة إليها لمواجهة أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن حربها ضد أوكرانيا".

كريم العمدة: القرار الروسي خلّف الكثير من التداعيات؛ أبرزها ارتفاع أسعار القمح والحبوب الغذائية في الأسواق العالمية، فضلاً عن المخاوف المتعلقة بنقص الحبوب أو عدم نجاح برنامج الأمم المتحدة في الوصول إلى الدول الأكثر احتياجاً

وأعلنت الأمم المتحدة أنّها تتحدث مع السلطات الروسية في أعقاب إعلان روسيا أنّها ستعلق المشاركة في اتفاق تصدير الحبوب الذي توسطت فيه الأمم المتحدة مع أوكرانيا، بحسب موقع "دويتشه فيله" الألماني.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك لشبكة "سي إن إن": "لقد رأينا التقارير الواردة من الاتحاد الروسي بشأن تعليق مشاركته في مبادرة حبوب البحر الأسود في أعقاب هجوم على أسطول البحر الأسود الروسي، نحن على اتصال مع السلطات الروسية بشأن هذه المسألة".

وأضاف دوجاريك: "من الأهمية بمكان أن تمتنع جميع الأطراف عن أيّ عمل من شأنه أن يعرّض للخطر مبادرة البحر الأسود للحبوب، وهي جهد إنساني حاسم من الواضح أنّ له تأثيراً إيجابياً على الوصول إلى الغذاء لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم".

الناتو على خط الأزمة

من جانبه، حث حلف شمال الأطلسي (الناتو) موسكو على التمديد العاجل للاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، وأتاح لأوكرانيا استئناف تصدير الحبوب عبر موانئ البحر الأسود في ظل أزمة غذاء عالمية، وفق "الشرق".

وقالت المتحدثة باسم الحلف أوانا لونيسكو: "يتعين على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوقف عن استغلال الطعام كسلاح، وإنهاء حربه غير الشرعية على أوكرانيا".

 أوانا لونيسكو: يتعين على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوقف عن استغلال الطعام كسلاح

وأضافت: "نطالب روسيا بإعادة النظر في قرارها، وتمديد الاتفاق بشكل عاجل بما يسمح بوصول الغذاء لمن هم في أمسّ الحاجة إليه".

وأشارت إلى أنّ جميع أعضاء الحلف سبق أن رحبوا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بمساعدة تركيا.

وتابعت: "هذه الصادرات ساعدت في خفض أسعار المواد الغذائية في أرجاء العالم".

عواقب وخيمة

من جانبه، وصف أستاذ الاقتصاد السياسي الدكتور كريم العمدة تداعيات القرار الروسي بتعليق الاتفاق الخاص بتصدير الحبوب بأنّها "قاتمة"، مشيراً في تصريح لـ "حفريات" إلى أنّ استئناف الاتفاق دون موافقة الجانب الروسي قد يدفع إلى مزيد من التعقيدات، خاصة في ضوء تهديدات موسكو الخاصة باحتمالية استهداف شحنات الغلال العابرة في مياه البحر الأسود، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن تتأخر الشحنات عن موعدها المحدد، خاصة في ظل أزمة الغذاء العالمية التي تواجه عدداً كبيراً من الدول.

حثّ حلف شمال الأطلسي موسكو على التمديد العاجل للاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وأتاح لأوكرانيا استئناف تصدير الحبوب عبر موانئ البحر الأسود في ظل أزمة غذاء عالمية

ونوّه العمدة إلى أنّ القرار الروسي خلّف الكثير من التداعيات؛ أبرزها ارتفاع أسعار القمح والحبوب الغذائية في الأسواق العالمية، فضلاً عن المخاوف المتعلقة بنقص الحبوب أو عدم نجاح برنامج الأمم المتحدة في الوصول إلى الدول الأكثر احتياجاً، ممّا يعني أنّ تلك الدول معرضة لخطر المجاعة، لذلك فمن الضروري التحرك دبلوماسياً على وجه السرعة من أجل إعادة موسكو إلى الاتفاق لضمان استئناف آمن لخروج شحنات الغذاء من الموانئ الأوكرانية إلى مختلف الأسواق في العالم.

وبحسب العمدة، نجح اتفاق الأمم المتحدة لتصدير الحبوب الأوكرانية منذ توقيعه في تموز (يوليو) الماضي في إيصال نحو (9) ملايين طن من الحبوب إلى مختلف دول العالم، ممّا أثر في خفض أسعار الحبوب عالمياً (15%)، لكنّ القرار الروسي بتعليق الاتفاق أدى إلى حالة من الإرباك والضبابية دفعت إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

ويأمل أستاذ الاقتصاد السياسي في أن تنجح الجهود الدبلوماسية الدولية بإقناع موسكو، للتراجع عن موقفها والعودة إلى الاتفاق الذي وقعته مع أوكرانيا وتركيا برعاية الأمم المتحدة، مشدداً على أهمية مراعاة الوضع الإنساني والأزمة الاقتصادية المتفاقمة على مستوى العالم جراء تداعيات الحرب.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية