استقالات بالجملة في صفوف إخوان ليبيا: الشعب ضاق ذرعاً بالجماعة

استقالات بالجملة في صفوف إخوان ليبيا: الشعب ضاق ذرعاً بالجماعة


22/08/2020

جدّدت استقالات العديد من أعضاء تنظيم الإخوان بمدينة الزاوية الليبية، الحديث عن مآلات وجود الجماعة، وسط تكهنات بانفراط عقدها، بعد أن ظنّت أنّها سيطرت على مقاليد الأمور في ليبيا. 

وكان القيادي الإخواني الليبي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، خالد المشري، قدم استقالته من جماعة الإخوان، في مطلع عام 2019، وعبّر أنّ سبب الاستقالة هو اختلافات فكرية مع الجماعة، التي لم تعد تتبنى الوسطية كما كانت، على حدّ زعمه.

ادّعت جماعة الإخوان في بيان استقالتها؛ أنّ هذه الخطوة جاءت في إطار إعلاء المصلحة العليا للبلاد، وغضّوا الطرف عن حالة الغليان الشعبي في ليبيا

فقدان الغطاء الشعبي 

قدّم أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين بمدينة الزاوية، غرب العاصمة طرابلس، استقالة جماعية من الجماعة، وحلّ فرعها بالمدينة، بعد أشهر قليلة من السيطرة التركية التامة على الغرب الليبي، لكن، وبحسب الباحث في شؤون الإسلام السياسي، الكاتب الصحفي حسام السويفي؛ فإنّ هذه الاستقالة جاءت لعدة أسباب؛ منها إدراكهم لتراجع شعبية الجماعة، وعلم قياداتها بمدى الاستياء الشعبي في ليبيا من تنظيم الإخوان المسلمين؛ حيث تراجعت درجة التأييد لسياسة الجماعة داخل البلاد، خاصة في معاقله الرئيسة غرب البلاد، بعد أن أدرك السكان أنّ هذه التنظيمات لا تسعى إلا وراء مصالحها، ولا تحاول إلا السيطرة على الحكم. 

القيادي الإخواني الليبي، خالد المشري

 ويردف السويفي، في تصريحه لـ "حفريات" بأنّ "الشعب الليبي كشف استقواء الجماعة بتركيا للحفاظ على مصالحها ووجودها؛ لذلك لجأت الجماعة لفكرة حلّ التنظيم، كنوع من التقية وفي محاولة منها للعودة للعمل السرّي تحت الأرض، عن طريق  تنفيذ عمليات تستهدف معارضي الجماعة، وتستعين في ذلك بالدعم اللوجيستي التركي، وتعتمد على الميليشيات المسلحة بالمدينة التي تقودها أهم القيادات الإخوانية المتطرفة، على غرار مصطفى التريكي وشعبان هدية، كما يمثل بيان حلّ الجماعة وتركيزها على فكرة المراجعات، التي قامت بها منذ عام 2015، بما كان يفعله مؤسس الجماعة حسن البنا بعد كلّ واقعة اغتيال ينفذها التنظيم الخاص المسلح للجماعة، الذي كان يقوده عبد الرحمن السندي، والذي اغتال العديد من الشخصيات، مثل: المستشار أحمد الخازندار، ومحمود النقراشي، وغيرهما، فكان البنا يتبرأ من كلّ هذه الاغتيالات التي تنفّذها جماعته بإصداره بيانات تستنكر تلك العمليات، ولعلّ أشهرهم بيان "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"، الذي أصدره البنا، عام 1949، ليتبرأ من العمليات الإرهابية التي قام بها السندي، رغم أنّه من أعطاه الأوامر بتنفيذها". 

الشعب الليبي كشف استقواء الجماعة بتركيا للحفاظ على مصالحها ووجودها

ادّعت الجماعة في بيان استقالتها؛ أنّ هذه الخطوة جاءت في إطار إعلاء المصلحة العليا للبلاد، وغضّوا الطرف عن حالة الغليان الشعبي في ليبيا، والتي تأتي في إطار نهب ثرواتهم لصالح المحتل التركي، وحرمان المواطن الليبي من أبسط الخدمات التي تجب أن تتيحها له الدولة.     

هل تغيّر الجماعة جلدها؟ 

على مدار الأعوام الماضية؛ تحاول الجماعة إظهار نفسها بصورة من يتعلم من أخطائه، لكنّ سخرية التاريخ تأبى فضح أفكارهم غير القابلة للتغير، لكنّ وضعهم الراهن في ليبيا، يرتبط بشكل كبير بوضع التنظيم ككلّ في المنطقة.

اقرأ أيضاً: برعاية بريطانية: القصة المثيرة لصعود إخوان ليبيا إلى الحكم

 وبحسب الباحث المتخصص في الشؤون العربية والإسلامية، والكاتب الصحفي بجريدة "الأهرام" المصرية، هشام النجار؛ فإنّ الدلالة الأولى في الاستقالات الأخيرة، مرتبطة بما آلت إليه تجارب جماعة الإخوان في المنطقة العربية، وفي المحيط الليبي؛ فهي سقطت في مصر والسودان، ومتعثرة في تونس، وهناك توجس عام منها بالجزائر. 

وأبلغ النجار "حفريات": "هذه المآلات، في طبيعة الحال، تدفع فرع الجماعة في ليبيا، الباحث عن مكان في السلطة ومصير مختلف عن مصائر فروع الجماعة في البلدان المحيطة، لفكّ ارتباطه بجماعة الإخوان، ما يشي بأنّ هناك أفقاً لطرح رؤية قائمة على التعلم من دروس تجربة الجماعة في مصر والسودان، ومؤدّاها هنا واضح، ومجمله أنّ الإسلام السياسي لم يعد هو العنوان المضمون لوضع معتنقيه على سكة الشراكة في السلطة".
ويرى النجار أنّهم، كي يستمروا، عليهم البحث عن عناوين أخرى، تضمن لهم الاستمرارية، والهدف الذي يتطلعون إليه، ولا يكون مصيرهم كما حدث مع إخوان مصر والسودان. 

محاولة للنجاة 

ويستكمل النجار حديثه حول الدلالة الثانية، التي في نظره متعلقة ببراغماتية قد تكون حركة النهضة التونسية، وزعيمها البراغماتي المتلون، راشد الغنوشي، قد نقلتها إلى إخوان ليبيا، أو قطاعات داخل الجماعة في ليبيا؛ بمعنى أنّ هناك حرصاً من أردوغان ومن الغنوشي على إنجاح إعادة إحياء هذا المشروع الخبيث بأية وسيلة، نتيجة التحديات الميدانية والعقبات العسكرية التي تحول دونه، خاصة بعد الموقف المصري الأخير المتعلق بخطّ سرت الجفرة.

يرى الباحث هشام النجار أنّ إخوان ليبيا يستبقون الخروج التدريجي من عباءة جماعة الإخوان الأم، والتسمي بأسماء أخرى، مع التمسّح بمصطلحات المدنية والوطنية

 ومن ضمن التكتيكات التي تتسم بالتلون والخداع للالفتاف على الفشل الميداني والعجز العسكري، في نظر النجار، "هو ما عهدناه من ممارسات المخابرات التركية والقطرية، صحبة جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة في سوريا، وهم على ما يبدو حريصون على استنساخه في ليبيا، ومفاده أولاً: تغيير عناوين الجماعات المتطرفة والتكفيرية، وفكّ ارتباطها بجماعاتها الأم وتنظيمها العالمي، كما جرى مع فرع القاعدة في سوريا "جبهة النصرة"، الذي غير اسمه وفكّ ارتباطه بالقاعدة الأم ليصبح "هيئة تحرير الشام"، وهذا حدث مع العديد من الكيانات والفروع، ويبدو أنّ السياسة ذاتها تتَّبع الآن مع فرع الإخوان في ليبيا، والهدف منها شرعنة تلك الكيانات ومنحها مشروعية العمل السياسي وحرمان خصومها من توجيه تهمة الإرهاب والتطرف لها، ودفع الأطراف الإقليمية والدولية للاعتراف بها والتعاطي معها.

 ثانياً: دمج الإرهابيين والمرتزقة داخل جسد عسكري وأمني موازٍ لأسباب ودوافع شبيهة بما سبق ذكره". 

أمّا الدلالة الثالثة؛ فهي مرتبطة بما يمتلكه التياران التقدمي والمدني، والأطراف الوطنية عموماً، من مقدرة على التعامل مع أذرع الإخوان السياسية، بما يفقدها هامش المناورة السياسية من خلال تضييق الخناق عليها برفع راية المطالبة بتصنيفها إرهابية لتبعيتها لجماعة الإخوان الإرهابية وتنظيم الإخوان الدولي، وهذا، بلا شكّ، مستوحى من التجربة المصرية، وأخيراً؛ تجربة إخوان تونس التي يهدّدها التيار المدني بهذه الورقة".

اقرأ أيضاً: إخوان ليبيا يهاجمون الرئيس التونسي لهذه الأسباب.. ماذا قالوا؟

 ويرى النجار أنّ إخوان ليبيا يستبقون هذه الخطوة بالخروج التدريجي من عباءة جماعة الإخوان الأم، والتسمي بأسماء أخرى، مع التمسّح بمصطلحات المدنية والوطنية؛ كي يحرموا التيار المدني من ورقة ضغط كبيرة من خلال السعي في طريق التصنيف الإرهابي لفرع الجماعة والاستدلال على ذلك بخدمة هذه الأفرع لسياسة المحاور، ولمصالح التنظيم الدولي للإخوان، ورعاته في تركيا وقطر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية