استياء في الحرس الثوري ومقاتلو حزب الله يزدادون ثراء

استياء في الحرس الثوري ومقاتلو حزب الله يزدادون ثراء

استياء في الحرس الثوري ومقاتلو حزب الله يزدادون ثراء


15/02/2023

طارق العليان

أقرَّ كبار الضباط بأنّ "الشك والارتباك" بدآ يتسللان إلى نفوس قوات الحرس الثوري الإيراني بعد نحو خمسة أشهر من المظاهرات المناهضة للنظام.

ووفق تقرير لصحيفة "تايمز" البريطانية، فإن الذي فاقمَ هذا الشعور بالإحباط الرواتب المُتدنية لعناصر "الحرس"، إذ تُشكِّل رواتبهم  رُبع رواتب أقرانهم في حزب الله  الذي يُعدُّ أقوى وكيل لإيران في الشرق الأوسط.

وتقول جماعات حقوقية إن الحرس الثوري الإيراني الذي يعد 125 ألف مقاتل شنَّ حملةَ قمع وحشية ضد المتظاهرين في جميع أنحاء الدولة، مما أسفر عن مقتل 528 مدنياً على الأقل واعتقال عشرات الآلاف الآخرين. ويُعتقد أن سبعين  من الحرس الثوري الإيراني لقوا حتفهم.

تسجيلات مسربة

وكشفت تسجيلات مُسرَّبَة عن أنّ نائب قائد قوات الباسيج شبه العسكرية الجنرال قاسم قريشي قال للصحافيين إن "جزءاً كبيراً من قوات الحرس الجمهوريّ في الشوارع يعاني من الشك والارتباك". وقوات الباسيج شبه العسكرية هي ميليشيا دينية داخل الحرس الثوري الإيراني غالباً ما تُنشَر للتصدي للاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وفي الاجتماع الذي عُقِدَ في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال أحد زملاء قريشي إن الضباط "مُتعبون ومستاؤون للغاية خاصّةَ من الوضع في محافظة سيستان". فقد قُتِلَ أكثر من 80 من المصلين السُنَّة في زاهدان، عاصمة سيستان، في جنوب شرق إيران، بعد أن فتح جنود الحرس الثوري النار على مجموعة من المتظاهرين بُعَيد صلاة الجمعة.


رواتب ضعيفة

وفي الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة "ذي تايمز"، وُجِدَ أن جنود الحرس الثوري الإيراني يتلقون في المتوسط 300 دولار شهرياً، وبذلك فهم يجنون نحو نصف راتب مبرمج الكمبيوتر في إيران وأقل مما يحصل عليه المُدرس. وبالمقارنة، من الممكن أن يحصل المقاتل الواحد من حزب الله، على نحو 1300 دولار شهريّاً.

وتراجعت العملة الإيرانية الرسمية بنسبة 30% منذ بدء الاضطرابات، مما فاقمَ مشكلات الاقتصاد الذي أصابه الشلل بالفعل بسبب سنوات من العقوبات. ويبلغ معدل التضخم السنوي نحو 50%.

"في الوقت الذي يزداد فيه مقاتلو حزب الله ثراءً، يعاني الشعب الإيراني الأمرين"، هكذا صرَّحَ المصدر لصحيفة "ذا تايمز"، شرط عدم ذكر اسمه خشية الانتقام. وأضافَ قائلاً: "هذا فارق مُؤلِم لقوات الحرس الثوري الإيراني الذين كانوا على خط المواجهة طيلة هذه الأشهر. إنهم يشعرون بأنهم لا ينالوا التقدير الذي يستحقونه، ويتقاضون رواتب متدنية".

توبيخ الضباط بسبب التقصير

ووبَّخَ حميد أبازاري، وهو عميد ثانٍ ومستشار قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، كبار الضباط بسبب "تقصيرهم" في التعامل مع الثورة. وفي خطاب ألقاه الشهر الماضي، قال إن كثيراً من الضباط أصحاب الرتب العليا في الحرس الثوري الإيراني "فشلوا [في دعم] قيم المرشد الأعلى علي خامنئي والنظام". وسرعان ما حاول النظام أن ينأى بنفسه عن تلك التصريحات، مُدعياً بأنها كانت محض "آراء شخصية".وتأسَّسَ الحرس الثوري الإيراني بُعيد الثورة الإسلامية عام 1979 بغية إتاحة ثقل مُوازِن للقوات المسلحة النظامية، على أن يكون مسؤولاً أمام آية الله خامنئي.

وتحصل قوات الحرس الجمهوري في إيران على حصص غذائية كاللحوم والزيت والأرز، لكن تلك الامتيازات لم تحدُّ الاستياء من الاضطلاع بأعمال لم ينضم كثيرون للحرس للاضطلاع بها، بما في ذلك ضرب النساء والأطفال.

وخرج المتظاهرون إلى الشوارع بعد وفاة مهسا أميني التي اعتقلت بسبب ارتدائها "غير اللائق" لحجابها في سبتمبر (أيلول) الماضي.


الانشقاق عقوبته الإعدام

ويُعاقَب على الانشقاق من الحرس الثوري الإيراني بالإعدام. قال مرتضى عباس زاده، مراسل صحافي إيراني متخصص في شؤون الدفاع: "هؤلاء الشباب كانوا يبحثون ببساطةٍ عن وظائف مستقرة، لكن كثيرين منهم لم يتخيلوا أبداً أن هذا هو ما سيورطون أنفسهم فيه".

وهم يعيشون في مساكن معزولة، لذا فهم يخفون ما يفعلونه حقاً عن أسرهم التي تفضل أن تظن أنهم بعيدون عن تلك الأحداث، إذ يؤدون واجبات كحراسة المنشآت الحيوية مثل محطات الطاقة ومكاتب المحافظين".

وقال عباس زاده إن التحدي الرئيس للنظام يكمن في "الحفاظ على التماسك" داخل الوحدات المختلفة.
وأصبح الحرس الثوري الإيراني امبراطورية تجارية عالمية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، رغم أن الرجال الذين يقفون في الخطوط الأمامية ويحمون النظام الإسلامي المُحاصَر لا يشعرون بذلك.

فبعد حرب العراق في الثمانينيات، أصبح الحرس الجمهوري يشارك بشكلٍ كبير في إعادة إعمار إيران ووسَّعَ نطاق مصالحه الاقتصادية لتشمل شبكة واسعة من الشركات، بدءاً من مشروعات النفط والغاز وانتهاءً بالإنشاءات والاتصالات السلكية واللاسلكية.

وما تزال إمبراطورية الأعمال والنفقات الهائلة للقوات الوكيلة لإيران خفية على الميزانية الرسمية للدولة المقرر إقرارها الشهر المقبل.
وقال المُحلل الاقتصادي ماردو سورغوم: "لا أحد يعرف من أين يأتي كل هذا التمويل بالوكالة الذي يُضَخُّ في حزب الله، وأبحاث الأسلحة، والأموال التي تُوجَّه إلى العراق وسوريا. فكل شيء مخفي عن الميزانية، وبالتبعية عن الشعب الإيراني".

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية