اعترافات مسؤول استخباري سابق في تركيا: التعذيب هو الحل

اعترافات مسؤول استخباري سابق في تركيا: التعذيب هو الحل


13/11/2021

أثارت المعلومات التي أدلى بها المدير السابق لإدارة مكافحة الإرهاب في المخابرات الوطنية التركية، محمد إيمور، بخصوص ارتكاب جرائم تعذيب بحق المعتقلين، العديد من ردود الفعل في الأوساط السياسية والحقوقية، وذلك منذ قامت منصة T24 التركية ببث اللقاء الذي جرى مع المسؤول الأمني السابق، بينما حاول طرح مبررات عديدة حول أسباب اللجوء للعنف، وقد وصف إيمور بعض الموقوفين بأنّهم "أشخاص عنيدون" ويمتنعون عن الحديث، الأمر الذي يضطر بعض المسؤولين بالجهاز الأمني إلى الضغط عليهم من خلال التعذيب، حسبما قال.

ووفق المسؤول الاستخباري التركي، فإنّه "إذا لم تكن هناك طريقة أخرى للحديث (للمعتقلين)، فيمكن أن يكون التعذيب هو الحل، لأنّ هناك الكثير من الأشخاص العنيدين"، لافتاً إلى وجود أنظمة تعذيب، مؤخراً، قد تنجم عنها حالات وفاة بين المحتجزين، وقال: "هناك حالات أكثر خطورة، هناك وفيات".

جرائم النظام التركي.. ما الجديد؟

وعرج إيمور على وقائع الإخفاء القسري بتركيا، والتي تعرض لها العديد من الخصوم السياسيين للرئيس التركي؛ إذ وصفها بأنّها "عمليات استخباراتية". كما ألمح إلى وقوع جرائم قتل خارج نطاق القانون، وقال: "إنّ رجال الدولة العميقة قالوا لمجموعة معينة من الأشخاص: "يجب عليكم أن تمنحون المال وإلا قتلناكم".

ارتكاب جرائم تعذيب بحق المعتقلين

ووفقاً لصحيفة زمان التركية، فإنّ "ما مجموعه 19 مشتبهاً بهم، بمن فيهم وزير الداخلية الأسبق ورئيس الشرطة السابق محمد آغار، الذي ينتمي إلى التيار القومي المحافظ الموالي للمعسكر الأوراسي، ومسؤول المخابرات السابق كوركوت إيكين، خضعوا للمحاكمة وأدينوا وسجنوا في جرائم قتل استهدفت أغلبها رجال الأعمال الأكراد تحت شعار الحفاظ على مصالح الدولة".

ليست هذه المرة الأولى التي يظهر فيها ضباط في الاستخبارات التركية، يعترفون بارتكابهم أبشع أنواع الجرائم الحقوقية، سواء بحق السياسيين من المعارضة الكردية أو التركية، وبحق الإعلاميين

وتردف الصحيفة التركية: "بعد أن ظل متخفياً عن الأنظار، ويجني أرباحاً شهرية من خلال عضويته في عدد من مجالس إدارة كبريات شركات القطاع العام، تصدر، مؤخراً، اسم محمد أغار عناوين الصحف عدة مرات، على خلفية الاتهامات التي وجهها له زعيم المافيا سادات بكر، كما كشفت التحقيقات القضائية أنّ رجال الدولة العميقة، ارتكبوا كثيراً من عمليات الاغتيال والاختطاف ضد شخصيات معارضة للحكومة، بين عامي 1993 و1995، وأوضحت تقارير أمنية أنّ أغار استغل سلطته كوزير للداخلية في ذلك الوقت في توظيف وحماية عناصر اليمين المتطرف".

اقرأ أيضاً: تركيا تواصل استغلال السوريين وانتهاك حرياتهم... ماذا فعلت؟

تصريحات المسؤول الاستخباري السابق، كشفت عن جرائم جمّة تورط فيها حلفاء الرئيس التركي، من بينهم وزير الداخلية السابق محمد أغار، الذي ينتمي إلى التيار القومي المحافظ، وكذا زعيم حزب الوطن دوغو برينجك الذي ينتمي إلى التيار القومي العلماني، ولذلك؛ أعلنت مؤسسة حقوق الإنسان التركية، أنّها بصدد تقديم شكوى جنائية بخصوص ما صرح به إيمور؛ لأنّها تمثل "اعترافات" صريحة ومباشرة.

إفلات المسؤولين الأتراك من العقاب

ودانت المؤسسة الحقوقية التركية المبررات التي عمد إلى تمريرها المسؤول الأمني السابق، ورفضت "أي استثناء (للتعذيب) تحت أي ظرف من الظروف". كما قالت إنّ "اعترافات" إيمور تفصح عن "الإفلات من العقاب الممنوح لمسؤولي الأمن".

جرائم جمّة تورط فيها حلفاء الرئيس التركي

ويحفل السجل الحقوقي للنظام التركي بجرائم عديدة وخروقات متفاوتة، الأمر الذي جرى توثيقه من قبل منظمات حقوقية، محلية وأجنبية، وقد اعتزم الاتحاد الأوروبي، قبل عدة شهور، وضع تركيا تحت المراقبة، على خلفية تدهور الحريات، رغم وعود الرئيس التركي بالإصلاحات.

اقرأ أيضاً: خنق الحريات في تركيا يتواصل.. مشروع قانون جديد لمعاقبة المغردين

ويشير مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، إلى أنّ اللقاء الذي جمع بين أردوغان والرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة العشرين، مؤخراً، لم ينجح في تسوية الخلافات المتفاقمة بين الطرفين، والتي من بينها الوضع الحقوقي المأزوم بأنقرة؛ حيث طالب بايدن بضرورة تفعيل مبدأ سيادة القانون، خاصة في ظل التقارير الدولية التي تكشف عن "تسييس" القضاء، وتنمية مؤسسات المجتمع المدني.

الصحفي السوري علي نمر لـ"حفريات": ما يحدث في السجون التركية ومعتقلاتها من انتهاكات لا يحتاج إلى ثمة اعتراف مسؤول استخباري سابق، كي نصدق ما يجري

وفي حديثه لـ"حفريات"، حول اعترافات المسؤول الأمني التركي، قال الصحفي السوري، علي نمر، إنّ "ما يحدث في السجون التركية ومعتقلاتها من انتهاكات لا يحتاج إلى ثمة اعتراف مسؤول استخباري سابق، كي نصدق ما يجري؛ إذ إنّ المراقبين كافة على دراية تامة بالوضع الحقوقي المتراجع، ومستوى الحريات الذي يسجل إخفاقات بصورة مستمرة، ناهيك عما يحدث للمعتقلين من تعذيب وإهانة وسوء معاملة لا إنسانية بكل المقاييس"، موضحاً أنّ "النقطة الأهم في اعتراف المسؤول الأمني التركي، إن كان جاداً في اعترافاته، تتمثل في ضرورة توثيق شهادته، ونقل تلك الانتهاكات التي تورط فيها أثناء ممارسة مهامه إلى المنظمات الحقوقية والدولية، للوقوف على حجم التجاوزات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية التركية، وأن يدعم ذلك بتقارير كتابية كي يتم الاستناد إليها في المحاكم الدولية".

لا صوت للمعارضة في تركيا

وأشار نمر إلى أنّها ليست المرة الأولى التي يظهر فيها ضباط في الاستخبارات التركية، يعترفون بارتكابهم أبشع أنواع الجرائم الحقوقية، سواء بحق السياسيين من المعارضة الكردية أو التركية، وكذا بحق الصحفيين والإعلاميين، خاصة الذين انخرطوا في منظمات المجتمع المدني وحاولوا نقل الصورة القاتمة للرأي العام العالمي.

اقرأ أيضاً: أردوغان المذعور يشرع قانوناً لتقييد الحريات على المنصات الافتراضية

وشدد الصحفي السوري، على أنّ دائرة الاتهامات التي تلاحق المعارضة بتركيا جاهزة، طوال الوقت، لدى حكومة حزب العدالة والتنمية، برئاسة رجب طيب أردوغان، لافتاً إلى أنّ "أي صوت معارض يمكن إسكاته عبر السجون. وفي حال لم يتم اتهام أيّ شخص من المعارضة بالتهمة التقليدية المتمثلة في الانضمام لحزب العمال الكردستاني، فالتهمة الأخرى البديلة تكون الانضمام لأنصار حركة "الخدمة" التابعة لرجل الدين فتح الله غولن، أو المشاركة في الانقلاب المزعوم والفاشل، في تموز (يوليو) عام 2016 الذي كان مدبراً من القيادة التركية".

الصحفي السوري، علي نمر: إنّ المراقبين كافة على دراية تامة بالوضع الحقوقي المتراجع في تركيا

ووثق المصدر ذاته شهادات بعض المعتقلين السابقين الذين كشفوا عن الأساليب الوحشية التي يقوم بها المسؤولون الأتراك بحق المحتجزين، ومنها: "إطفاء السجائر بجسد المحتجزين، طيلة فترة الاستجواب، إجبارهم على تناول الأطعمة المالحة ومنعهم من شرب الماء، الصدمات الكهربائية عن طريق الأعضاء التناسلية، التحرش والاغتصاب بالنساء، الضرب المتواصل على العمود الفقري، الغمس في مياه مثلجة بالأجواء الباردة، الحرمان من النوم على مدار اليوم، بالإضافة إلى العديد من أساليب التعذيب التقليدية التي تستعين بها الأنظمة الشمولية".

اقرأ أيضاً: قرارات جديدة لأردوغان لقمع الحريات.. ما هي؟

ويختتم الصحفي السوري حديثه بالتأكيد على أنّ "كل ما يقال من تصريحات (اعترافات) مباشرة من مسؤولين سابقين لن يحقق ثمة نتائج، طالما لا تقوم المنظمات الدولية صاحبة الشأن، باتخاذ قرارات عملية تكون كفيلة بوضع حد لهذه الانتهاكات، خاصة وأنّ تقارير أممية سابقة وثقت هذه الجرائم، والممارسات القمعية التي تحدث بالسجون التركية، وبالتالي، فإنّ الأجهزة الأمنية تتمادى أكثر في جرائمها، وتستمر في ممارسة تلك الانتهاكات التي تشمل الإعدام، التعذيب، التهجير القسري، تدمير المناطق المتمردة التي يتحدر منها المعتقلون، الاعتقالات التعسفية، الاغتيالات، وأخيراً خطف الصحفيين والناشطين إلى جهات مجهولة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية