الإخوان المسلمون في أزمة وجودية لهذه الأسباب

برغم نجاحاتهم بعد "الربيع العربي"... الإخوان المسلمون في أزمة وجودية لهذه الأسباب

الإخوان المسلمون في أزمة وجودية لهذه الأسباب


30/07/2023

برغم أنّ أحزاب الحركة الإسلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين حققت في الأعوام الأخيرة أكبر نجاحاتها الانتخابية، عندما استطاعت تقديم نفسها بمصداقية كحركة معارضة للنخبة، لكنّها واجهت جميعها مشكلة في أداء الحكم، ولم تقدم ما كان متوقعاً منها، وقد أدى عدم قدرتها على إقناع جمهورها إلى إدراك الناخبين بسرعة أنّ الأحزاب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين هي جزء من النظام القديم.

فقد ضعفت الأحزاب المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين نتيجة لعقود من القمع وعدم الثقة ونقص التجربة في الحكم، ولم تتمكن في النهاية من تجاوز التوترات التي نشأت بعد عام 2011، بين ضرورة تلبية المطالب الشعبية للثورات العربية، وضرورة الحفاظ على التماسك الإيديولوجي.

واجهت جميعها مشكلة في أداء الحكم، ولم تقدم ما كان متوقعاً منها، وقد أدى عدم قدرتها على إقناع جمهورها إلى إدراك الناخبين بسرعة أنّها جزء من النظام القديم.

وبالمثل، واجهوا صعوبة في الحفاظ على هويتهم الثورية والتوافق في الوقت ذاته مع النخب الحاكمة للتمكن من الوصول إلى السلطة. على الرغم من أنّ هذا كان دائماً أمراً صعباً، إلا أنّ النتيجة كانت تراجع الحركة وأزمتها بعد الصعود الأوّلي ما بين عامي 2011 و2013.

وبحسب دراسة نشرها المركز العربي لدراسات التطرّف بعنوان "ضائعون في المرحلة الانتقالية: الإخوان المسلمون في عام 2022"، فقدت جماعة الإخوان المسلمين تدريجياً تأثيرها الإيديولوجي على الأحزاب التي ألهمتها بعد الانقلاب العسكري عام 2013 ضد محمد مرسي في مصر، وابتداء من ذلك العام أدى تزايد القمع والتهميش والتفكك إلى التسريع بتدهور الحركة.

ضعفت الأحزاب المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين نتيجة لعقود من القمع وعدم الثقة ونقص التجربة في الحكم.

كما أدى، بحسب الدراسة، اعتقال ونفي أفراد قياديين من جماعة الإخوان المسلمين إلى خلق فراغ في القيادة وفتح مساحة للصراع الداخلي. واليوم، فإنّ جماعة الإخوان المسلمين هي ظل لذاتها وتعيش في أزمة. 

وعلى صعيد متوازٍ مع انحسار جماعة الإخوان المسلمين، يبدو أنّ شرعية وأهمية العقيدة الجهادية، والسلفية السياسية، ونموذج الحكم الديني الذي تتبناه إيران، قد ضعف هو الآخر؛ وذلك نتيجة لـ "الهزيمة" التي تعرض لها تنظيم الدولة الإسلامية، وتحديث المملكة العربية السعودية، ورداءة نموذج الحكم الذي يقدمه شركاء طهران في المنطقة.

هذا، وتُعدّ جماعة الإخوان المسلمين، التي أسسها حسن البنا عام 1928، تاريخياً المصدر الرئيس لإلهام أحزاب الإسلام السنّي التقليدي، على الرغم من اختلاف درجات القرب الإيديولوجي. جماعة الإخوان المسلمين هي في الأساس منظمة دينية عابرة للحدود الوطنية، تتبنّى الإيديولوجية الموضحة أعلاه، ولها أتباع أقوياء بشكل خاص في مصر.

دراسة: جماعة الإخوان المسلمين، كمنظمة دينية عابرة للحدود، تعرّضت في الوقت الحاضر لأضرار جسيمة نتيجة لسجلها الضعيف في الحوكمة.

الدراسة لفتت أيضاً إلى أنّ تركيا وقطر كانتا سعيدتين بتقليل دعمهما للإخوان المسلمين من أجل استعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية والإمارات، حيث طلبت السلطات التركية من القنوات التلفزيونية المرتبطة بالإخوان المسلمين، والتي تبث من أراضيها، أن تخفض انتقاداتها للحكومة المصرية. 

ولم يكن حينها للأحزاب المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين خيار آخر، سوى الابتعاد عنها بشكل أكبر، لضمان قبولها من قِبَل النخب الحاكمة والقوى الإقليمية وتمكنها من الاستمرار في العمل.

هذا النهج أدى إلى تقليص مصداقيتها الثورية والمبدئية التي تعرضت بالفعل لضربات عدة، ونتج عن ذلك دوامة سلبية.

إلى ذلك، خلصت الدراسة إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين، كمنظمة دينية عابرة للحدود، تعرّضت في الوقت الحاضر لأضرار جسيمة ـ سواء عن صواب أو عن خطأ ـ نتيجة لسجلها الضعيف في الحوكمة في تلك البلدان التي تمكنت فيها أحزاب الإسلام السياسي من الحصول على السلطة (مصر وتونس)، في حين أنّها لم تتمكن من الخروج من المنطقة المظلمة (منطقة الشك) بين التوافق البراغماتي والثبات المبدئي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية