الاستراتيجية الإنسانية لدولة الإمارات

الاستراتيجية الإنسانية لدولة الإمارات

الاستراتيجية الإنسانية لدولة الإمارات


19/06/2023

فاطمة الصايغ

التجربة الحداثية لدولة الإمارات تشكل علامة فارقة تثير إعجاب المتابعين لحركة التطور الحضاري في الدولة.

فقد حققت الدولة قفزات غير مسبوقة في معظم المجالات التنموية، ولكن ما يثير الإعجاب والانبهار هو تجربة الإمارات الإنسانية والأخلاقية والتي تثبت يوماً بعد يوم كفاءتها وتميزها لأنها حقاً الرافعة الحقيقية التي قامت عليها الدولة. فمنذ تأسيسها لم تعقد الإمارات الآمال فقط على التنمية المادية، بل أرادت أن يرافقها تنمية بشرية حقيقية ذات جذور إنسانية تتعمق في البيئة الإماراتية.

بالإضافة إلى ذلك فقد أرادت الإمارات أن ترافق تلك التنمية الإنسانية مقومات قيمية وأخلاقية لكونها تمثل الأساس الراسخ لأي تنمية حقيقية. وهكذا وضعت دولة الإمارات لنفسها ضمن الاستراتيجيات الأخرى المتبعة، استراتيجية إنسانية تتميز بها عن غيرها. فقد بات الهدف الرئيس للدولة هو تحقيق نهضة حضارية وإنسانية وأخلاقية شاملة تتمايز في معانيها وتخدم المجتمع الإماراتي والعالم.

لقد استطاعت الإمارات تشكيل وعي الإنسان المعاصر وإمداده بكل أدوات الحداثة والعصرنة بأسلوب بسيط بحيث يقبله الفرد ولم يرَ فيه شيئاً خارج نطاق النسق الثقافية التي تعود عليها من قبل. وقد اعتمدت فلسفة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وبخاصة في مراحل نهضة الدولة الأولى، على بناء الإنسان أينما كان وإمداده بما يحتاج من علم وتحضر ومعرفة، ومساعدته على الاتصال والتواصل مع العالم الخارجي ليكون شريكاً رئيساً في عملية التنمية الحقيقية. لقد كانت استراتيجية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، تقوم على تشكيل الإنسان ليكون الرافعة الحقيقية للتنمية الإنسانية في الدولة. وقد وضع الشيخ زايد، رحمه الله، عدة مقومات للبناء الإنساني تشمل المقومات الأخلاقية والدينية والإنسانية، مستنداً إلى البيئة المحلية والدين الإسلامي السمح وتعاليمه.

من سمات ومقومات الرؤية الإماراتية الإنسانية هي التسامح وتقبل الآخر المختلف ورفض العنف والسعي نحو السلام. وقد أدى ذلك إلى ظهور مجتمع مغاير في أنساقه عن مجتمعات العالم الأخرى، بل ظهور مجتمع فريد في استراتيجيته الإنسانية والأخلاقية. وهذا ما ميز مجتمع الإمارات عن غيره. فخلال مراحل تطورها ونموها ووصولها للعالمية لم تنسَ الإمارات استراتيجيتها الإنسانية الساعية نحو إحلال السلام والوقوف مع الحق، ومناصرة المظلوم، ومساعدة الفقير، والمحتاج. فتلك مقومات لا بد من وجودها ليكون الفرد إنسانياً في توجهاته والمجتمع حضارياً ومنفتحاً على الآخر في سياساته.

لقد برزت الإمارات للعالم اليوم وهي تتمتع بخصوصية إنسانية وأخلاقية ذات حضور فاعل على الساحة الدولية. ولا شك في أن هذا الحضور القوي للدولة هو محصلة لعقود من التنمية البشرية الحقيقية التي أثمرت ونضجت وظهرت ثمارها على هيئة قدرات بشرية قادرة على العمل مع الآخر بكل احترام وتقدير، وقادرة على التكاتف معه لخدمة السلم العالمي.

لقد لعبت التنمية البشرية دوراً مهماً في تشكيل وعي الإنسان الإماراتي، فخلقت منه إنساناً ذا خصوصية معينة، ولكنه إنسان عالمي قادر على التكيف مع متغيرات عصره وقادر على المنافسة مع الآخر في حقول التنمية المادية والمعرفية كافة.

لقد تعاملت الإمارات بنهج إنساني ليس فقط مع الفرد داخل الدولة، ولكن حتى مع محيطها الإقليمي والعالمي. فانتهاج سياسة العطاء والخير وقيم الإخاء والمساواة، كل ذلك قدم نموذج الإمارات بصورة استثنائية لا مثيل لها. فمثلاً، لم يقدم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، نفسه بأنه قائد أو زعيم وإنما أب لأسرة كبيرة، وهذا الأمر جعل من مجتمع الإمارات ككل متكاتفاً في هيئته ترعاه قيادة أبوية حانية. هذا الأنموذج الأبوي جعل من قيادة الإمارات الإنسانية دعامة مهمة في عملية استدامة الاتحاد والمركز الذي احتلته الإمارات على مستوى العالم.

لم تقم الاستراتيجية الإنسانية لدولة الإمارات على قيم معنوية وروحانية فقط وإنما على العلم والمعرفة اللذين يحكمان عملية الازدهار الحضاري. فقد استقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، تلك الفلسفة من تاريخ العرب والمسلمين، وأبى إلا أن تكون الدولة حاضنة العلم والمعرفة وحاضنة لجميع الأعراق، كما كانت الحضارة الإسلامية إبان عزها ونهضتها حاضنة لكل الأعراق والأجناس.

لقد قامت الإمارات واستندت على دعائم حقيقية مادية وإنسانية، وهي الدعائم التي تسهم اليوم في نهضة الإمارات وديمومتها وتواصلها الحضاري مع محيطها الإقليمي والعالمي. وهي أيضاً التي تسهم اليوم في تألق أنموذج الإمارات في العالم على الرغم من وجود الكثير من النماذج الوحدوية المشابهة.

عن "الخليج" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية