الاقتصاد المصري.. إجراءات حكومية غير تقليدية لمواجهة الأزمة

الاقتصاد المصري.. إجراءات حكومية غير تقليدية لمواجهة الأزمة

الاقتصاد المصري.. إجراءات حكومية غير تقليدية لمواجهة الأزمة


11/04/2023

يحاول البنك المركزي المصري اتخاذ خطوات جذرية؛ عبر التخلص من أعباء تقييد سعر الصرف، والحفاظ على سعر صرف مرن بشكل دائم للعملة المحلية، مع اتخاذ إجراءات لمنع انهيار الجنيه المصري في مواجهة العملات الأجنبية، وخاصّة الدولار الأمريكي، وكان ذلك أحد  أبرز التعهدات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة (3) مليارات دولار على مدى (46) شهراً.

في اليوم نفسه الذي أعلن فيه البنك المركزي عن سعر الصرف، انخفض الجنيه إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في البنوك المملوكة للدولة، وهو ما يعادل تقريباً سعره في السوق السوداء، أو ما يعرف بسوق الصرف الموازي غير الرسمي.

القضاء على السوق الموازي

أدت هذه الخطوة إلى الحد من نشاط السوق الموازي، ومع التخلي عن مساعي تعطيل الجنيه، عاود الأخير الارتفاع ببطء، وعلى الرغم من انخفاض الجنيه بشكل مطرد مقابل الدولار، منذ آذار (مارس) 2022، بسبب الآثار المباشرة للحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي أدت إلى هروب رأس المال الأجنبي، مع زيادة حادة في فاتورة الواردات، إلّا أنّ إجراءات البنك المركزي الرامية إلى جذب المدخرات، ورفع سعر الفائدة، أدّت إلى توقف التراجع، حيث تسبب السماح بحدوث انخفاض تدريجي للعملة المحلية، إلى جانب زيادة أسعار الفائدة، إلى احتواء تسارع وتيرة التضخم، ودفع المستثمرين الأجانب إلى العودة.

البنك المركزي المصري أوضح أنّ قرار رفع الفائدة 2% يهدف إلى احتواء ضغوط جانب الطلب، وأيضاً تجنب الآثار التضخمية الواسعة التي يمكن أن تنجم عن صدمات العرض، الأمر الذي يؤدي إلى تثبيت توقعات التضخم.

البنك المركزي المصري أوضح أنّ قرار رفع الفائدة 2% يهدف إلى احتواء ضغوط جانب الطلب

بحلول نهاية آب (أغسطس) 2022، انخفضت الاحتياطيات الدولية إلى (32.2) مليار دولار، وعليه قرر البنك المركزي عدم الاقتراب من الاحتياطي، مع تسهيل فرص وشروط الاستثمار، وتخارج الدولة من عدد من المشروعات، التي حققت فيما بعد أرباحاً.

إلى جانب الحفاظ على سعر صرف مرن، تعهدت الحكومة المصرية أيضاً بإجراء بيع تدريجي للأصول الرئيسية غير الاستراتيجية المملوكة للدولة، إلى مستثمرين إقليميين ودوليين، للسماح بقيادة القطاع الخاص نحو النمو. وفي هذا السياق قالت وزيرة التخطيط هالة السعيد: إنّ الحكومة تأمل في بيع أصول مملوكة للدولة بقيمة (2 إلى 2.5) مليار دولار بحلول حزيران (يونيو) المقبل.

محاولات الصمود

جدير بالذكر أنّ البنك المركزي ومسؤولين حكوميين اعتبروا أنّ بقاء العملة المصرية عند حوالي (30) جنيهاً للدولار، حتى نهاية شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، يُعدّ إنجازاً، وعلى الرغم من الارتفاع الذي حدث بعد ذلك، إلّا أنّ الجنيه عاد تقريباً إلى القيمة نفسها.

وزيرة التخطيط هالة السعيد: إنّ الحكومة تأمل في بيع أصول مملوكة للدولة بقيمة (2 إلى 2.5) مليار دولار بحلول حزيران المقبل

ومع إصدار البنك المركزي المصري شهادات إيداع مدتها (12) شهراً، بمعدل فائدة سنوي 25%، بالإضافة إلى أذون خزانة جديدة، عادت الأموال الساخنة للمستثمرين الأجانب، حيث تمّ ضخ ما يقرب من مليار دولار في الاقتصاد المصري في أقل من أسبوع في منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي، وهو ما ساهم إلى حد كبير في استقرار سعر صرف الجنيه.

تجدر الإشارة إلى أنّ خروج الأموال الساخنة من مصر جاء كأحد أبرز تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا، وهي أزمة طالت كل الأسواق العالمية الناشئة، ممّا دفع البنك المركزي المصري إلى التخلص من جميع الوسائل القديمة؛ في محاولة لجلب المزيد من العملات الصعبة التي تشتد الحاجة إليها.

بقاء العملة المصرية عند حوالي (30) جنيهاً للدولار، حتى نهاية شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، يُعدّ إنجازاً

ويمكن القول إنّ الظروف المباغتة التي بدأت مع انتشار وباء كوفيد-19، ثم الحرب في أوكرانيا التي تجاوزت العام، أدت إلى تراجع الاقتصاد المصري الواعد، بحسب تقارير البنك الدولي، حيث إنّ الأزمة الاقتصادية عالمية، وتؤثر على جميع دول العالم، بما في ذلك الدول الغنية مثل الولايات المتحدة ودول أوروبا.

إصلاحات جذرية

تتجه الحكومة المصرية في هذه الآونة نحو الشروع في انتهاج إصلاحات هيكلية حقيقية، من شأنها أن تخلق قاعدة صناعية قادرة على دعم الاقتصاد على المدى الطويل، بما في ذلك في أوقات الأزمات الخارجية، ولعل المدينة الصناعية الجديدة في سيناء، وتطوير مصنع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى، أحد أبرز هذه التوجهات.

بحلول نهاية آب 2022، انخفضت الاحتياطيات الدولية إلى (32.2) مليار دولار، وعليه قرر البنك المركزي عدم الاقتراب من الاحتياطي

هذا، ونجحت الحكومة المصرية في توقيع اتفاق في آذار (مارس) الماضي مع تحالف يضم شركات موانئ هاتشيسون، على إنشاء وإدارة وتشغيل واستغلال وصيانة وإعادة تسليم محطتين للحاويات في ميناءي السخنة والدخيلة، وذلك بإجمالي استثمارات تُقدّر بحوالي (1,6) مليار دولار، ممّا يعني إضافة طاقة استيعابية للموانئ المصرية، وتحقيق زيادة 50% في قدرة الموانئ على تداول الحاويات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية