الجزائر انتصرت على الإرهاب... ولكن

الجزائر انتصرت على الإرهاب... لكن

الجزائر انتصرت على الإرهاب... ولكن


18/07/2023

تؤكد كافة المؤشرات أنّ الجزائر انتصرت على مجموعات الإرهاب الدموي بعد أكثر من (31) عاماً من إرهاب دموي أتى على الأخضر واليابس، لكنّ خبيرين أمنيين أكّدا لـ "حفريات" حتمية اليقظة في ظلّ بحث "الفرق الضالّة" عن التعفين.

بلغة الأرقام، شهدت الجزائر توبة ما يربو عن (15) ألف إرهابي، تزامناً مع تحييد (22) ألفاً، وتفكيك أكثرمن (200) شبكة من مجموعات الدعم والإسناد، وتشير بيانات رسمية إلى تحييد (189) إرهابياً في العام الأخير، بما يُمهّد لربع الساعة الأخير من عمر الإرهاب في الجزائر.

وما يزال عدد الإرهابيين مجهولاً، علماً أنّ السلطات الجزائرية قدّرتهم قبل أعوام بنحو (400 إلى 600) إرهابي، لكنّ الضربات الموجعة التي تلقتها المجموعات الإرهابية أدت إلى تناقص أعداد هؤلاء بشكل ملحوظ، رغم ما يُتردّد عن تمكّن بقايا ما يُسمّى (القاعدة) و(داعش) في التغرير بعشرات المجنّدين الجدد، وضمّ عدد غير معروف من المقاتلين الأجانب أو من يُطلق عليهم (عناصر جهادية) من دول الساحل الأفريقي مثل مالي والنيجر والتشاد.

يقدّر الزاوي أنّه من الخطأ الاعتقاد بأنّ "الإرهاب انتهى" في الجزائر، مشيراً إلى أنّ فلول الإرهاب ما تزال قائمة، ممّا يؤشر على حرب بعيدة المدى مع جيوب الإرهاب

وبعد (17) شهراً لم تشهد فيها الجزائر أيّ تهديد إرهابي، عرفت الأعوام الـ (6) الأخيرة  اعتداءً غادراً استهدف محافظة للشرطة بمدينة تيارت الغربية صباح 31 آب (أغسطس) 2017، قبل استشهاد النقيب محمد تناح في اشتباك مع مجموعة إرهابية بنواحي محافظة تيسمسيلت في أيار (مايو) المنصرم، وقبله الرقيب حمزة بعتاش في محافظة سيدي بلعباس الغربية، ممّا أبقى المخاوف قائمة إزاء وجود تهديدات إرهابية، خصوصاً مع استمرار نشاط ما يعرف بالخلايا النائمة المرتبطة بـ (قاعدة بلاد المغرب الإسلامي)، وهذه الأخيرة معروفة بتحالفاتها مع مهرّبي منطقة الساحل.  

هواجس الطريقة الإيرلندية

يذهب محلل الشأن الأمني عبد الرحيم رمضاني إلى أنّ جيوب الإرهاب، وبعد تراجع مدّها في الجزائر خلال الأعوام الأخيرة، تريد حرباً ''على الطريقة الإيرلندية'' تعتمد على طول المدى واللامتناهيات.

ويضيف رمضاني أنّ اجتثاث التهديد الإرهابي في الجزائر يفرض خوض معركة طويلة الأمد واتباع "استراتيجية شاملة" تمزج بين العمل العسكري وإعادة إعمار دولة القانون والتنمية السياسية والاجتماعية".

اعتقال 7 إرهابيين في الجزائر يوم 17 مارس 2022

من جهته، يرى الخبير الأمني علي الزاوي أنّ ما حدث في أعوام سابقة أتى كـ "هجمات استعراضية" أرادتها (بقايا مجموعات الإرهاب) طريقة لتمرير رسائل، أبرزها "قدرة الدمويين على التكيف مع الضربات العسكرية الموجعة، والتلويح بتموقعهم كخطر قائم وحقيقي".

ويقدّر الزاوي أنّه من الخطأ الاعتقاد بأنّ "الإرهاب انتهى" في الجزائر، مشيراً إلى أنّ فلول الإرهاب ما تزال قائمة، ممّا يؤشر على حرب بعيدة المدى مع جيوب الإرهاب.

ويلاحظ الزاوي أنّ سيناريو "الخطر الدائم" مرتبط بمراهنة الإرهابيين على عاملي الاستعراض والهجمات الخاطفة المتكررة، التي لا تكتفي بالضرب في شمال البلاد فحسب، بل في باقي المناطق أيضاً، كما تعتمد على تنفيذ عمليات متفرقة في المناطق الحساسة، بغرض تحقيق دوي أكبر من خلال اصطناع "الدعاية" لعملياتها.

وحرصت السلطات الجزائرية على إقرار تدابير عفو لصالح المسلحين، بموجب قانون الرحمة الصادر في عهد الرئيس الجزائري السابق (اليمين زروال) العام 1995، وقانون الوئام المدني في عهد الرئيس الراحل (عبد العزيز بوتفليقة) العام 1999، وأخيراً ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المزكّى شعبياً في خريف العام 2005.

اعترافات آخر المستسلمين

بعد استسلامه مؤخراً، أدلى الإرهابي الجيلالي عرقوب، ولقبه "النواس"، (54) عاماً، باعترافات مهمّة تخص نشاطه مع مجموعات الإرهاب منذ عام 1996، مؤكداً أنّ بقايا الجماعات الارهابية آيلة إلى الزوال لا محالة، ودعا المتشددين إلى "حقن دمائهم ودماء الجزائريين".

وكشف عرقوب عن التحاقه بجماعات الإرهاب عام 1996 في "جبل اللوح" بولاية عين الدفلى، وقدّم معلومات تخصّ نشاطه في مهمّة التمريض مع "الكتيبة الربانية" ثمّ "الكتيبة الخضراء" على محور محافظتي عين الدفلى وتيسمسيلت.

وأفاد هذا الإرهابي أنّه قام بتسليم نفسه بعد سماعه مضمون اعترافات المفتي العام السابق للجماعات الإرهابية مداني لسلوس، الموقوف منذ بضعة أشهر، والذي دعا من تبقى من عناصر إرهابية للعودة إلى طريق الحق، وتسليم أنفسهم للجيش الجزائري.

وأضاف الملقب "النواس" أنّه بعد تسليم نفسه أحسّ كأنه "وُلد من جديد، وعاد إلى الحياة بعد أن تورط ضد قناعته لأعوام في هذا الطريق الخاطئ، لكنّه وصل إلى مرحلة حسم فيها أمره، وقرّر التوقف عن هذه الاعمال الإرهابية".

الزاوي: من الخطأ الاعتقاد بأنّ "الإرهاب انتهى" في الجزائر

واستطرد قائلاً: "أدعو كل من كان معي إلى تسليم نفسه في أقرب فرصة"، مشيراً إلى أنّ ما يقال عن المعاملة السيئة التي يتلقاها الذين سلموا أنفسهم "كذب وافتراء".

في هذا الشأن، خصّ بالذكر كلاً من الإرهابيين عبد القادر تيطاوين وكنيته "أبو البنات"، ومحمد الشافعي المدعو "حمزة"، وحمزة إيغيل المكنّى "أبو سمية"، وحثّهم على تسليم أنفسهم، وخاطبهم: "أؤكد لكم أنّني لست تحت أيّ ضغط، وأنتم تعرفونني جيداً، فأنا لن أخدعكم، وأضمن لكم من الآن أنّكم ستعاملون معاملة حسنة، فقط عودوا إلى رشدكم، واتركوا ما أنتم عليه".

بعد استسلامه مؤخراً، أدلى الإرهابي الجيلالي عرقوب، ولقبه "النواس"، (54) عاماً، باعترافات مهمّة تخص نشاطه مع مجموعات الإرهاب منذ عام 1996

وأوضح عرقوب أنّ "ما تبقى من عناصر الإرهاب يعلمون جيداً أنّهم انتهوا، وأنّ الطريق باتت مسدودة أمامهم"، مؤكّداً أنّ على جميع تلك العناصر "حقن دمائهم أوّلاً، ثمّ حقن دماء الجزائريين"، وأنّ "الجيش الوطني الشعبي يعمل على ذلك".

وتطرق الإرهابي إلى كثير من التفاصيل المتعلقة بعمليات الاختطاف التي طالت عدّة مدنيين بغرض طلب الفدية، بعد عجز الجماعات الإرهابية عن تأمين موارد مالية، وقال: إنّ الطوق الذي فرضه الجيش الجزائري على عناصر المجموعات الإرهابية جعلها تتنقّل باستمرار من مكان إلى آخر، ودفعها إلى السطو على محاصيل البساتين لتوفير المأكل، ووصل بها الأمر إلى سرقة "الطعام المخصّص لكلاب الحراسة".

وختم الإرهابي اعترافاته: "ندمت على ما مضى، وأعود لأقول: كل من ما يزال بالجبال، أنا لا أتعرض لأيّ ضغط، وأدعوكم للعودة إلى صوابكم، وأنتم تعلمون مثلي جيداً أنّكم وصلتم إلى مرحلة لم يبقَ لكم فيها أيّ شيء".

مواضيع ذات صلة:

حرق العلم الجزائري في تونس... ما علاقة الإخوان؟

رفع مستوى علاقات الجزائر وإيران: 4 أسباب و 3 رهانات

هل الإخوان مؤهلون للحُكم في الجزائر؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية