"الجزَّار" يُعمِّق انقسامات الإخوان

"الجزَّار" يُعمِّق انقسامات الإخوان

"الجزَّار" يُعمِّق انقسامات الإخوان


04/10/2023

حسين القاضي

خرج حلمى الجزار رئيس المكتب السياسى للإخوان فى حوار مع قناة «الشرق» الإخوانية مطالباً بمد يد الإخوان للقوى الوطنية المصرية، وبمصالحة وطنية شاملة للجميع، لتجاوز جميع التحديات التى تواجه مصر، وقال إن «عدم الصراع على السلطة والحكم جزء أصيل فى رؤية جماعة الإخوان!، وليس مناورة سياسية مؤقتة»، والحقيقة أن دعوة «الجزار» للمصالحة دعوة مكررة، لم تجد لها صدى لدى المصريين، كما أن مغازلته للسعودية فى حواره ليس لها أثر.

الحوار فيه مغازلة، وعمّق الأزمات والانقسامات بين جماعة الإخوان، وهو العمق الذى وصل إلى النقاط الكبرى المؤسسة للجماعة، وعلى رأسها الموقف من العمل السياسى، على أن دعوة الجزار يصادمها أن الدولة أعلنت أن حوارها يشمل الجميع، ما عدا من تلوثت أيديهم بالدماء والتحريض.

فى المقابل قامت جبهة اسطنبول الإخوانية بشن حرب على حلمى الجزار، وأصدرت جبهتها بياناً قالت فيه: «إن الجماعة متمسكة بشرعيتها، وما قرره مجلس الشورى العام، والعمل على تأسيس بيئة تواصل سياسى تستهدف تطوير علاقة الجماعة بالقوى السياسية والانفتاح عليها، ومد جسور تسمح ببناء الثقة بين كل الأطراف».

وخرجت مقالات يتبع أصحابها جبهة اسطنبول، هاجمت «الجزار»، وقالت إنه تنازل عن ثوابت وحقوق الجماعة، وأهان جماعته، بعبارات التودد والانبطاح والاستسلام للآخرين، وأشهر سيفه على جماعته، وتجاوز كل حدود العقل والمنطق، فى لغة انهزامية مشبعة بالاستجداء والتنازلات».

ما قاله حلمى الجزار أشبه بأحلام يقظة، ورد جبهة اسطنبول عليه دلالة على أن الجماعة غارقة فى الأوهام، وبعيدة عن الواقع، فـ«الجزار» ما زال يعيش وهم أن الجماعة تملك ثقلاً ومكانة فى مصر، كما أن جبهة اسطنبول ما زالت توقع أتباعها فى أوهام العودة والشرعية، وهى عبارات صار يتلقاها شباب الإخوان بالتسفيه والسخرية، وفى كل الأحوال تظل الجماعة منقسمة، فكل جبهة تُخرج بياناً تدعى أنها الممثلة للإخوان.

هنا عدة ملاحظات يجب وضعها فى الاعتبار:

الأولى: أن خلافهم لن يؤدى إلا إلى مزيد من الانقسام، وأن الرئيس المصرى قال فى كلمته مساء الاثنين الماضى إن المصريين استردوا دولتهم من جماعة الظلام والبغى والإرهاب الغاشم، وهذا يؤكد على رسالة الدولة المصرية الواضحة.

الثانية: أن الصراع بين الجبهتين ومحاولة الاستحواذ والسيطرة هو المتحكم لدى كل جبهة، دون النظر إلى مصلحة الوطن ولا مصلحة الأتباع.

الثالثة: أن معركة جبهات الإخوان فى وادٍ والدولة المصرية فى واد آخر، فما زالت الدولة تتعامل مع الجماعة على أنها جماعة إرهابية، وفى المقابل تستعد لإجراء انتخابات رئيسية، لن تكون فيها الجماعة جزءاً من المشهد السياسى، وما زالت الجماعة تقف عند لحظة 2013 تبيع الوهم لأتباعها.

الرابعة: أن مشكلة الجماعة ليست مع نظام أو سلطة، لكن مشكلتها مع الشعب نفسه، مشكلاتها فى بنية أفكارها التى تؤدى إلى العنف وتمهد له الطريق، يقول الكاتب الأستاذ منير أديب: «جماعة الإخوان تؤمن بالعنف وتُجيد التحريض عليه لا يمكن أن تكون جزءاً من أى عملية سياسية حتى ولو راوغت فى أسلوبها، لأن مشكلتها فى أفكارها، وليست فى موقف السلطة منها؛ وحسمت الجماعة أمرها فى قضية التغيير بالقوة، صحيح أنها لم تقم بإنشاء جناح عسكرى بالمفهوم المتعارف عليه لدى التنظيمات الأكثر تطرفاً إلا فى سنوات بعينها على طول مراحل النشأة، لكنها بنت قاعدة فكرية وفقهية لدى أتباعها تدفعهم لممارسة العنف فى الوقت الذى تحدده الجماعة، فكان قرار إنشاء ميليشيا متعددة، بعد اجتماع لجنة شرعية مشكّلة من فقهاء وعلماء التنظيم، خرجت فتواها فى كتاب: «فقه المقاومة الشرعية».

والحاصل أن حوار «الجزار» عمّق الانقسامات، وأعادها مرة أخرى للسطح، وأن كلتا الجبهتين لا تملك إلا الوهم، وهذا لا يعنى أن الجماعة انتهت، لأن أفكارها لم تلقَ حتى الآن المواجهة العلمية الفكرية المرجوة.

عن "الوطن"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية