الحوثي إذ يلوّح بسيناريو الحرب أو دفع رواتب مقاتليه

الحوثي إذ يلوّح بسيناريو الحرب أو دفع رواتب مقاتليه

الحوثي إذ يلوّح بسيناريو الحرب أو دفع رواتب مقاتليه


09/10/2022

مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن مساعي بلاده المشتركة مع المملكة العربية السعودية لتحقيق تهدئة في اليمن، وذلك بعدما فرضت ميليشيات الحوثي جملة شروط "غير مقبولة" لعرقلة تمديد الهدنة، فإنّ الأوضاع، السياسية والميدانية، تتجه، في ما يبدو، إلى تصعيد، بينما تسعى إيران، من خلال وكلائها، إلى تطويق الملف بالأزمات، بالدرجة التي تؤدي إلى تخفيض الضغوطات عليها، لا سيّما في ظل تفاقم مشكلاتها، المحلية والخارجية.

إطالة أمد الحرب باعتبارها ضرورة إيرانية

ووفق مراقبين يمنيين تحدثوا لـ"حفريات"، فإنّ التهديدات اليمنية التي تؤشر إلى احتمال حدوث "حرب لا تبدو غريبة أو مفاجئة من جماعة ميليشياوية، تحشد كل الوسائل لجعل البيئة في اليمن مواتية لصراعات عسكرية". كما أنّ "شروط الحوثي، التي تعيق مساعي التهدئة وإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية، تعكس رغبة إيرانية، بالأساس، لإطالة أمد الحرب في اليمن، وتكشف عن استغلال مباشر للهدنة لتوسيع نطاق المصالح الحوثية".

اللافت أنّ التنظيم المدعوم من إيران قام بخروقات جمّة لبنود الهدنة، وهذه الخروقات تؤكد على استفادته القصوى من الوضع السابق لإعادة تموضعه العسكري، والحصول على الأسلحة، بعدما تكبد خسائر هائلة في صفوفه وبين عناصره، وكذا على مستوى معداته.

المفكر السياسي اليمني عبده سالم: الحوثي يتعامل مع الهدنة باعتبارها صفقة تجارية

ويمكن اعتبار تلك الجيوب أو الثغرات التي تسلل منها الحوثي لتحقيق أجندته سببها "غياب مشروع متماسك من قبل الولايات المتحدة وقوى المجتمع الدولي يكون بمقدوره وضع الحدود النهائية للأزمة الإنسانية والسياسية باليمن"، حسبما يوضح المفكر السياسي اليمني الدكتور عبده سالم.

وقال سالم لـ"حفريات": "طالما أنّ المشروع الأممي للسلام في اليمن، من قبل واشنطن والغرب، غير متماسك، بل وبدون ملامح واضحة، حتى الآن، فمن الطبيعي  أن يتحول هذا المشروع إلى محاولات أو بالأحرى رهانات متكررة وتقليدية لتمديد الهدنة. ومن دون مشاريع حل نهائية، فالأرجح هو العودة الى مسارات الحرب التي يحرص الجميع على عدم العودة إليها. لكنّ الجماعة الانقلابية (الحوثي) تستغل ذلك الأمر عبر فرض شروطها، وتوسيع نطاق مطالبها ومصالحها".

تسعى إيران، من خلال وكلائها، إلى تطويق الملف بالأزمات، بالدرجة التي تؤدي إلى تخفيض الضغوطات عليها، لا سيّما في ظل تفاقم مشكلاتها، المحلية والخارجية

المبعوث الامريكي، تيم لندركنج، حمّل الحوثي مسؤولية إعاقة تمديد الهدنة، وقال: الحوثيون فرضوا شروطاً غير مقبولة، من بينها دفع رواتب مقاتليهم أولاً". كما أوضح أنّ هناك خيارين لا ثالث لهما، إما الحفاظ على الهدنة أو مواصلة الحرب، مؤكداً على أن ّالأمم المتحدة "لا تزال منخرطة في العملية السلمية والقنوات لا تزال مفتوحة من أجل السعي إلى وقف النار مجدداً".

مخاوف أممية

كما بعث مجلس الأمن الدولي برسالة إلى سائر الأطراف السياسية اليمنية، مفادها الوصول إلى صيغة لتمديد الهدنة، بينما شدد على ضرورة "الامتناع عن الاستفزاز.. والعودة للانخراط بشكل بناء في المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة". كما حذر من "لهجة الخطاب التي هددت عمداً المفاوضات والأعمال التي أعاقت الاستقرار الاقتصادي في اليمن، بالإضافة إلى تفادي استئناف الأعمال القتالية داخل اليمن وكذلك الهجمات في المنطقة وبالبحر الأحمر".

ويعقًّب المفكر السياسي اليمني على ذلك، بأنّ الحوثي استثمر الهدنة باعتبارها "ضرورة سعودية إماراتية أوروبية أمريكية بدرجة أساسية"، وبالتالي، يصر على التعاطي مع الهدنة باعتبارها "سلعة" أو "صفقة تجارية" تحتاج الشرعية اليمنية والسعودية وأمريكا الحصول عليها، أو بالأحرى "شراؤها منه (أي الحوثي) فيضاعف ثمنها ويصل بها إلى أعلى سقف، ومنها الحصول على مكاسب سياسية تشرعن وجوده كسلطة طبيعية بمقومات سيادية متكاملة".

المفكر السياسي اليمني عبده سالم لـ"حفريات": سقوط مأرب ومواردها، سيجعل الحوثي يظهر أمام إيران والصين بأنّه طرف جدير بالاعتماد عليه، بما يؤدي إلى مضاعفة الدعم المالي والعسكري

ومن هنا؛ أطلق الحوثي تهديداته لأسواق الطاقة العالمية، في الرياض وأبوظبي، بينما طالب بفتح الموانئ والمطارات في مناطقه، بشكل كامل، مع اقتسام الثروة النفطية اليمنية. يقول سالم.

والهدنة، في الاتجاه المقابل، تبدو مهمة وأولوية للشرعية كونها تسمح لها بترتيب وضع مجلس القيادة الرئاسي، وإصلاح اختلالاته، وفق المصدر ذاته، والذي يرى بأنّ عودة المواجهات، في ظل زيادة مستوى التهديد على مأرب، ربما، يجر السعودية إلى الحرب، مجدداً، وكذا مجلس القيادة الرئاسي، كما سيرفع من نبرة الموقف الأمريكي ضد الحوثيين؛ إذ إنّ المجلس الرئاسي والسعودية والولايات المتحدة غير مستعدين لتحمل أيّ خسارة كاملة للجيش الوطني في مأرب، الأمر الذي سيجعلهم "وجهاً لوجه في مواجهة الحوثي وإيران، كما حدث لروسيا حينما خسرت المعارضة الأوكرانية الانتخابات، وعندما رأت هذه المعارضة أنّ روسيا رفعت الحماية عنها وأنّها حليف لا يمكن الاعتماد عليه، فاضطرت موسكو بعد ذلك للتدخل العسكري البري المباشر".

والسيناريوهات المحتملة، بحسب سالم، تتمثل في تكثيف الحوثي لتهديداته الموجهة ضد السعودية والإمارات، وذلك من دون استهدافهما بهجمات كبيرة، في المرحلة القادمة، وربما يحتفظ الحوثي مع البلدين بـ"حالة هدنة غير معلنة" مع  احتمال تنفيذ هجمات في مأرب، لكن بالنظر إلى محورية ومركزية مأرب في ميزان القوى على مستوى اليمن، يجعل حدوث ذلك غير مرجح، فـ"هزيمة الجيش في مأرب ستعني خسارة كبيرة ومؤثرة للتحالف ونفوذه باليمن، كما أنّه سيفقد الولايات المتحدة تأثيرها وقدرتها على الاستمرار في دورها المزدوج".

 ويختم: "سقوط مأرب ومواردها، بشكل كامل، سيجعل الحوثي يظهر أمام إيران والصين بأنّه طرف جدير بالاعتماد عليه، بما يؤدي إلى مضاعفة الدعم المالي والعسكري، وتوسيع العلاقة معهما، وهذا بطبيعة الحال سوف يزعج الغرب وواشنطن ولن تقبل أيا منهما بهذا التقارب".

ما وراء شروط الحوثي

ونقل موقع "العربية. نت"، عن وزير الخارجية اليمني، أحمد عوض بن مبارك، قوله إنّ "هدف الحكومة الشرعية هو تجديد الهدنة لأجل سلام شامل. وتابع: "نتمسك بكل الآليات الدبلوماسية المتاحة لإنهاء معاناة شعبنا".

وصرح بن مبارك، في ندوة بمقر السفارة اليمنية بالرباط، نهاية الأسبوع الماضي، أنّ "الحرب فرضتها جماعة الحوثي تنفيذاً لأجندة طهران التوسعية في المنطقة"، مشدداً على عدم السماح لـإيران بالحصول "على موارد اليمن النفطية". وقال: سنستخدم حقنا الدستوري في الدفاع عن بلدنا وشعبنا".

وتابع: "هناك مصلحة إستراتيجية للإقليم والعالم في إنهاء انقلاب جماعة الحوثي، كي يصبح اليمن دولة فاعلة ضمن جوارها العربي والإسلامي".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يقول الصحفي اليمني، هشام طرموم، إنّ التهديدات الحوثية تؤشر إلى تصعيد وتلويح بالحرب، موضحاً أنّ "هذه الجماعة هي جماعة ميليشاوية مقاتلة تجد في بيئة الحرب فرصتها لتحقيق مصالحها السياسية والإقليمية".

ويشير طرموم إلى أنّه على مدار سنوات الحرب، لم تكن ميليشيات الحوثي جادة في أيّ محاولة لتحقيق السلام والتسوية السياسية؛ بل إنّها عمدت إلى استخدام الهدنة "كورقة ابتزاز" ضد الحكومة اليمنية، وبالتالي، جاء تصعيدها الأخير بهدف الضغط للحدود القصوى لتحقيق شروطها غير المنطقية، ومن ضمنها دفع رواتب لعناصرها الميليشاوية (!) والتي تقوم بحشدهم لقتل اليمنيين المدنيين، وكذا استهداف ضباط وأفراد القوات المسلحة اليمنية، وهذا أمر لا تقبل به الحكومة الشرعية؛ لأنّه من المستحيل أن تمول الحكومة الأطراف التي تقوم بتصفية أفراد مؤسسات الدولة بالقتل والتفجير وزرع الألغام، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الضغط الأممي على الحوثي لتمديد الهدنة وإلا فالمرجح هو اندلاع الحرب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية