الدولة الإسلامية وشرعية الإمكان

الدولة الإسلامية وشرعية الإمكان

الدولة الإسلامية وشرعية الإمكان


10/08/2023

حسين القاضي

ذكرنا فى المقال السابق أن علماء المسلمين كالشاطبى والغزالى والجوينى يقسمون مجالات عمل الإنسان إلى: (عبادات)، و(عادات)، والتمييز بينهما جعله الإمام الشاطبى من مقاصد الشريعة، وأنه لا يوجد نظام سياسى واحد ومحدّد دعا إليه الإسلام، فالسياسة فى الإسلام مجال مفوض للاجتهاد البشرى، لم يطالبنا الإسلام -كما تعتقد حركات الإسلام السياسى- بإقامة الدولة الإسلامية، ولا بالبحث عن سند شرعى من النصوص عند أى إجراء جديد تتخذه الدولة، وليس من المنطقى شرعاً السؤال عن الدليل على جواز الإجراء السياسى أو القانونى أو الاقتصادى، بل إن مقتضيات الشرع أن نسأل: ما دليلك على المنع، وإن لم تأتِ بدليل على المنع، فالإجراء جائز من حيث المبدأ.

وفى هذا المضمار تبرز إشكالية العلاقة بين الأمة الإسلامية والدولة الإسلامية، فالقرآن عندما أنشأ الأمة الإسلامية لم يشترط لوجودها إطاراً سياسياً أو تنظيمياً معيناً، الإسلام جاء أولاً ليدعو الناس إلى عقيدته وشريعته ونظامه، فإذا اقتنع الناس بذلك اقتناعاً تاماً دون ضغط أو إجبار أو تهديد حكَّمُوه فى شئونهم المختلفة: القانونية والتشريعية وأنظمة الحكم، لكن لم يأتِ الإسلام ليصل إلى الحكم، ثم يتمكن من مفاصل الدولة وإعلامها وقضائها وشرطتها وجيشها وباقى مؤسساتها إلخ، ثم يحمل الناس على أحكامه وتشريعاته كما تفعل التنظيمات الإسلامية الحركية، فالدولة بنت المجتمع، وليس المجتمع هو ابن الدولة، والمجتمع بكل مكوناته المذهبية والثقافية والعرقية هو الذى ينتج الدولة ويحدّد ملامحها وتوجّهاتها وهويتها، ولا يحق لأى دين أن يفترض منفرداً صوراً ما للدولة، ثم يلزم المجتمع بها، فوجود دولة إسلامية تعبر عن الأمة الإسلامية ليس مقصوداً شرعياً، ولا طالبت به نصوص الشريعة.

عن "الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية