الفتنة الطائفية و"كشري" "الإخوان"!

الفتنة الطائفية و"كشري" "الإخوان"!


19/04/2022

محمد صلاح

لن تتوقف محاولات تنظيم "الإخوان" الإرهابي عن العبث بملف الأقباط المصريين ومحاولة زرع الفتنة وتحريض المسلمين ضد المسيحيين ومعايرتهم أنهم لا يلقون الحماية الكافية من المسلمين!

والحقيقة أن الأقباط في مصر يدفعون ثمن سياسات خاطئة منذ عقود، بينها قرار الرئيس الراحل أنور السادات إطلاق "الإخوان" وإخراجهم من السجون، والتنسيق معهم من أجل التصدي لمعارضيه من الناصريين واليساريين، فأشاع مناخاً معادياً للآخر، وفتح أبواب الفتنة الطائفية واسعة، وتركهم يخترقون كل مدينة وكل حي وكل قرية، حتى قضى هو نفسه على أيدي عناصر من فصيل متطرف خرج من عباءة "الإخوان".

ومنذ إطاحة حكم "الإخوان" لم يهدأ التنظيم، ووجد في ملف الفتنة الطائفية مجالاً لمحاولة إسقاط الحكم أو تهيئة الظروف من خلال الصدامات أو الفوضى للوقيعة بين فئات الشعب المصري، لكنه في كل مرة فشل تماماً كما فشل في كل مساعيه لدفع الناس الى الثورة أو حتى التظاهر عند زيادة الأسعار أو حدوث كارثة ولو طبيعية كالسيول أو الأمطار، من دون أن يدري التنظيم وقادته أن أعداداً غير قليلة من المصريين حاولوا الهجرة إلى خارج وطنهم خشية انتقام الحكم "الإخواني" أو لعدم قدرتهم على العيش في مجتمع تحكمه فئة لا ترى في المواطن المسيحي إنساناً له الحقوق نفسها التي يتمتع بها الشخص "الإخواني".

عاد "الإخوان" الآن الى نشاطهم المحموم من أجل إثارة الفتنة واللعب على وتر التناقضات الدينية أو التباينات المجتمعية أو الفروق الثقافية بين الريف والحضر والمظاهر الطبقية بين الأثرياء والأغنياء لاستغلال أي مساحة متاحة لممارسة التحريض أو اتهام الحكم بمساندة طرف ضد آخر، فالتنظيم فجر الكنائس وحرقها ويدرك اهتمام الدوائر الغربية بتداعيات استهداف الأقباط، ويلعب دائماً على وتر يوجع الحكم. وبالطبع اهتمت وسائل الإعلام الغربية، بل والعربية أيضاً، خلال الأسبوع الجاري بأحداث إذا وقعت في أي بلد آخر لن يلتفت إليها أحد، وكانت الحصيلة خبراً عن هروب زوجة مسيحية من منزلها، وآخر حول امتناع مطعم عن تقديم وجبة لمسيحي في نهار رمضان.

ولكي تكتمل الصورة لا بد من فتوى لشيخ متطرف جرى استخدامها والترويج لها مع خلفيات وفقرات للتذكير بسقوط ضحايا من الأقباط في عمليات الإرهاب خلال السنوات الماضية من دون الإشارة مثلاً الى المعلومات عن مئات من أبناء الجيش والشرطة استشهدوا جراء عمليات الإرهاب ولا يعرف أحد ما إذا كانوا مسلمين أو أقباطاً، علماً أن الإرهابيين سبق وأن قتلوا إمام مسجد تجاوز الثمانين من عمره قبل أسابيع، وذبحوا مواطنين مسلمين آخرين بدعوى تعاونهم مع الدولة المصرية.

الهدف واضح ولا يحتاج إلى شرح أو تفسيرات، فتنظم "الإخوان" يتهاوى في مصر كما ينهار في دول أخرى، فاعتقد اعضاؤه المنتشرون في دول العالم أن التركيز على ملف الأقباط سيُربك الحكم وسيقلب الأقباط على الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويفتح المجال واسعاً أمام "الإخوان" وآلتهم الإعلامية الضخمة وناشطي الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي لاتهام الحكم بالتقصير.

دائماً ما يأتي رد فعل الكنيسة الأرثوذكسية على أحداث كتلك متسماً بالرصانة والحكمة، وهي مسألة تزيد المتطرفين من الطرفين غيظاً وألماً، أما الناس في مصر، فيدركون أنها اللعبة نفسها التي استخدمها "الإخوان" بعدما ثار الشعب على حكمهم وعزل محمد مرسي عن المقعد الرئاسي، فلجأوا إلى الصيد في مياه الفتنة، واعتدوا على أكثر من 80 كنيسة في محافظات مصرية مختلفة خصوصاً في الصعيد، ونشط أعضاء الجماعة في محاصرة قرى ذات أغلبية سكانية للأقباط في الصعيد بحثاً عن تدخل أجنبي فشلوا في تحقيقه لإنقاذ الجماعة، فظل التنظيم من وقتها يسعى إلى تحقيقه بدعوى إنقاذ الأقباط! لذلك لا تستغرب أن تجد "الإخوان" يصرخون أحياناً دفاعاً عن الأقباط، وأن تشاهد على قنواتهم تقارير تبكي الفتاة المسيحية التي هربت من أهلها أو المسلم الذي خطفها من دون رضا أهلها أو الدولة التي تركت شاباً يرتبط بفتاة رغم اختلاف ديانتهما، وكذلك لا تسخر من حملة الجماعة للاحتفاء بمحل كشري لمجرد أن موظفاً في المحل نهر طفلاً مسيحياً ورفض أن يبيع له وجبة في نهار رمضان ما أثار ردود فعل غاضبة بين المصريين. فالجماعة تعتقد أنك نسيت مشاهد جموع "الإخوان" وهي تحرق الكنائس، وتغريدات الشماتة عقب تفجير الكنيسة البطرسية، أو أنك لن تسأل لما يهاجم "الإخوان" الأقباط ويحرضون عليهم أحياناً، وفي أحيان أخرى يبدون تعاطفهم معهم ويطالبون الغرب بالتدخل لحمايتهم؟.

لا فرق بين جماعة "الإخوان" و"داعش" بالنسبة إلى الحكم أو الموقف من السيسي، أو الرغبة في الثأر من الشعب المصري بمسلميه وأقباطه، ويبدو الفشل المتتالي للتنظيم في مواجهة الحكم وتصدي الشعب المستمر للحملات "الإخوانية" جعل التنظيم يقع في مستنقع الارتباك، فيرتكب حماقات مثيرة للضحك وتضعه في دائرة السخرية من شعب تمرس وصار محنكاً في التعاطي مع "الإخوان" ويدرك حجم التضحيات المطلوب منه تقديمها لأنها الثمن لبقاء بلده موحداً رغم سنوات الآلام التي مرت عليهم منذ أن جرى خلط الدين بالسياسة والحرائق بالربيع والانتحار عند قتل الناس بدخول الجنة!

عن "النهار" العربي

الصفحة الرئيسية