اللاجئة الأوكرانية صوفيا: لست خطّافة رجال ولا خرّابة بيوت

اللاجئة الأوكرانية صوفيا: لست خطّافة رجال ولا خرّابة بيوت


31/05/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

انتقلت صوفيا كركاديم، 22 عاماً، للعيش مع توني غارنيت، 29 عاماً، وقرينته لورنا، بعد أن عرضا رعاية إقامتها في المملكة المتّحدة.

بعد عشرة أيّام، اتّهمت لورنا، 28 عاماً، الشّقراء صوفيا، وهي مختصّة بتكنولوجيا المعلومات، بتركيز أنظارها على رجلها.

حزمت صوفيا حقائبها، لكنّ لورنا أصيبت بالحزن بعد أن تبع توني، وهو حارس أمن، صوفيا في الخروج من البيت.

تقول صوفيا، التي فرّت من مدينة لفيف وعبرت إلى بولندا مع احتدام الحرب مع روسيا، لصحيفة "الصن": "لست خرّابة بيوت، هذا افتراء، لم أفكّر ولم أخطّط قطّ للذهاب إلى منزلهما وأخذ توني من لورنا، لم يخطر ذلك ببالي قطّ، أحببت العائلة، وقضيت الكثير من الوقت مع لورنا وحاولت مساعدتها، لكنّها كانت ذات وجهين، شكوكها المستمرّة والتّوتر دفعوني أنا وتوني إلى التّقارب أكثر، هي التي خلقت هذا الوضع من خلال الإشارة باستمرار إلى أنّ شيئاً ما كان يحدث بيني وبينه، بينما لم يكن الوضع كذلك؛ ولذلك فإنّ هذا خطأها".

تقرّ صوفيا بأنّ الوضع كان معقداً، لكنّها تصرّ: "نعلم ما حدث بيننا، بقدر ما أفهم، دمّرا علاقتهما قبل وقت طويل من وصولي، كانت علاقتهما في حالة سيئة، لم أسهم في هذا، كان قرار المغادرة قراري وقرّر توني أن يأتي معي".

صوفيا: والداي يقولان إنّه بسببي لن يستقبل أحدٌ في المملكة المتّحدة أوكرانيّين

تتحدّث صوفيا كيف اتُّهمت بتثبيط العائلات البريطانيّة عن استضافة اللاجئين الأوكرانيّين، وكيف تبرّأت منها عائلتها، وتضيف: "قال والداي إنّهما يشعران بالعار ولا يمكنهما حتّى الخروج من البيت بسببي، يقولان إنّه بسببي لن يستقبل أحدٌ في المملكة المتّحدة أوكرانيّين. الآن، ستفكّر كلّ امرأة بريطانيّة متزوّجة أنّه "لا يمكنني استقبال لاجئة لأنّها ستأخذ زوجي منّي"، الأمر يتعلّق بما هو أكبر منّي، وتوني، ولورنا. إنّه أعمق. يتعلّق بكلّ شيء؛ بالحرب، واللاجئين، ومساعدة النّاس، وكلّ شيء. في بلدي، من المهمّ أن يحصل اللاجئون على المساعدة التي يحتاجونها، وقد أدّى ذلك إلى العكس، لا يمكنك أن تفهم ما أشعر به، إنّه بلدك، لديك عائلتك هنا، لديك كلّ شيء هنا. والآن، هناك أشخاص يكتبون إليّ قائلين إنّني شخص فظيع، وإنّني فعلت شيئاً سيئاً لبلدي، وكلّ من في المملكة المتّحدة يفكّر بالطّريقة نفسها: أنّني أخذت رجلاً من عائلته، لكن كلّها أكاذيب".

تصرّ صوفيا على أنّ شيئاً لم يحدث بينها وبين توني حتّى مغادرتهما منزل زوجيّته في مدينة برادفورد بمقاطعة ويست يورك.

تقول إنّها عاملت لورنا باحترام، لكنّها كانت تدرك أنّ وجودها في البيت سبّب التّوتر والانزعاج،

الأوكرانية صوفيا: لست خرّابة بيوت، هذا افتراء، لم أفكّر ولم أخطّط قطّ للذهاب إلى منزلهما وأخذ توني من لورنا، لكنّها كانت ذات وجهين، شكوكها المستمرّة دفعتني أنا وتوني للتّقارب

كما ترفض الخريّجة الجامعيّة، التي هي أصلاً من كييف، ادّعاء لورنا أنّها كانت ترتدي بلوزات كاشفة وتضع المكياج عند وصول توني إلى المنزل من العمل كلّ يوم.

كانت تعمل في لفيف عندما غزت روسيا وطنها، في 24 شباط (فبراير)، تقول وهي تقاوم دموعها: "كانت حياتي في ذلك الوقت طبيعيّة وجميلة حقّاً، كنت أذهب إلى صالة الألعاب الرّياضيّة كلّ يوم، وكنت أعمل في شركة لتكنولوجيا المعلومات، كلّ شيء في حياتي كان جيداً حقّاً، وكنت أحلم بالذّهاب في المستقبل إلى مكان ما بالخارج، لكن في تلك اللحظة كانت حياتي جميلة، وعندما بدأت الحرب، تغيّر كلّ شيء. في الصّباح الذي اندلعت فيه الحرب، اتّصلتُ بأمّي في كييف وسألتها عن مكانها، أخبرتني أنّها في قبو. في تلك اللحظة، أخذ نبض قلبي يتسارع، انتهى عملي لأنّ رئيسي ذهب للقتال، لم أعرف ماذا عليّ أفعل فقط شاهدتّ الأخبار مع أقاربي، كان الأمر مريعاً؛ تشاهد، كلّ ساعة، وكلّ يوم، ما يُلمّ ببلدك".

وتواصل: "فقدتّ كلّ شيء بنيته على مدار أعوام: عملي، وأصدقائي، وعائلتي. فقد الجميع كلّ شيء، لا يمكنك فعل أيّ شيء في أوكرانيا بسبب الحرب، وقرّرت الانتقال إلى الخارج لأنّه أصبح من المستحيل العيش هناك، وكانت صفّارات الإنذار تنطلق كلّ ساعة، لا تعرف إلى أين تذهب، وينتهي بك الحال في الطّابق السّفليّ حيث القبو، وفي أيّ لحظة يمكن أن يحدث أيّ شيء".

توني، الزوج الهارب: أعلم أنّ ما حدث يبدو فظيعاً ولكن على المرء أن يتعامل مع الظروف ويخرج بأقلّ خسائر، أنا سعيد الآن وأعرف أنّني فعلت الشّيء الصّحيح

أوصل أحدهم صوفيا من شقّتها في لفيف إلى مدينة رافا-روسكا على الحدود مع بولندا، وعبرت الحدود سيراً على الأقدام، ومن هناك سافرت إلى كراكوف ثم إلى هامبورغ في ألمانيا قبل وصولها إلى برلين، لكن بعد شهرين من الانتقال من مكان إلى آخر من دون أيّ شيء مثمر، قرّرت الانتقال إلى المملكة المتّحدة بعد أن عرضت الحكومة على اللاجئين إقامة لمدة ستّة أشهر مع أسر مضيفة.

نشرت طلبها للحصول على راعٍ بريطانيّ على موقع "أوبورا هومز فور يوكرين"، في نيسان (أبريل) وغُمرت بعروض المساعدة، سجّل توني الدخّول إلى الموقع بعد أن وافق هو ولورنا على المساعدة، واطّلعا على تفاصيل صوفيا أولاً.

تصرّ صوفيا على أنّ شيئاً لم يحدث بينها وبين توني حتّى مغادرتهما منزل الزوجية

بعد تأخير طويل، مُنحت صوفيا تأشيرة دخول وسافرت إلى مانشستر، في 4 أيار (مايو)، حيث أقلّها توني وقاد سيّارته عبر طريق "إم ٦٢" إلى مقاطعة برادفورد.

تبكي قائلة: "عندما هبطت في المملكة المتّحدة ونزلت من الطائرة كنت سعيدة للغاية، ولا يمكنني حتّى شرح مشاعري في تلك اللحظة، كنت سعيدة لأنّني شعرت أنّه يمكنني أخيراً أن أبدأ حياتي الجديدة من دون قلق أو خوف، كان من الرّائع حقّاً أن أرى وجهاً ودوداً وأن أتواصل معه، لكن منذ اليوم الأوّل شعرت بشيء غير لطيف من ناحية لورنا، شعرت به في داخلي لكنّني لم أظهر قطّ أنّني شعرت به، حاولت أن أكون لطيفة لكنّها كانت تشكو كلّ يوم، وتشعر بالغيرة أكثر فأكثر من الوقت الذي كنت أقضيه أنا وتوني معاً، في كل ليلة كانت تسأل توني "لماذا تجلس معها في الطّابق التّحتيّ؟"، لما لا؟ هل يجب أن أبقى في غرفتي وحدي بعد كلّ ما حدث؟ أردتّ التّواصل مع شخص ما، أردتّ أن أحاط بالنّاس".

وتواصل: "كان الأمر مهمّاً جدّاً بالنّسبة إليّ، بالنّسبة إليّ، كان من الصّعب أن أكون وحدي، لكنّها كانت تسأل توني كلّ يوم "لماذا، لماذا، لماذا، لماذا، لماذا؟".

وصل الأمر، أخيراً، إلى ذروته بعد عشرة أيّام، وقرّرت صوفيا حزم حقائبها، وتبعها توني.

قال توني، الذي يعمل في مركز استقبال تابع لـ "خدمة الصّحّة الوطنيّة": "كلّ يوم كنت أعود إلى المنزل من العمل وأفكر "اللعنة، وماذا الآن؟". لا تفهموني بشكل خاطئ، كنّا منجذبين لبعضنا لكنّنا عرفنا الحدود، ولم يتطوّر شيء إلّا بعد ذلك، عندما غادرت صوفيا المنزل. أعلم أنّ ما حدث يبدو فظيعاً ولكن على المرء أن يتعامل مع الظروف التي تحيط به ويخرج بأقلّ خسائر، بالنّسبة إليّ، ما حدث كان واضحاً ولا يحتاج إلى الكثير من التفكير، أنا سعيد الآن وأعرف أنّني فعلت الشّيء الصّحيح".

وصل ما يقرب من 54.000 لاجئ من أوكرانيا إلى المملكة المتّحدة بموجب مخطّطات الحكومة، وقال وزير شؤون اللاجئين، اللورد هارينغتون: "نبذل قصارى جهدنا لدعم الوافدين".

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

بول سيمز، ذي صن، 22 أيار (مايو) 2022

مواضيع ذات صلة:

كيف توظّف روسيا الحسناوات لكسب العرب في الحرب ضد أوكرانيا؟

كيف تستغل واشنطن الحرب في أوكرانيا لمواجهة الصين؟

اللاعبون الإقليميون في سوريا "يستثمرون" صراع الكبار في أوكرانيا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية