الليبيون بين نار الحرب ومحنة العزل في رمضان

الليبيون بين نار الحرب ومحنة العزل في رمضان


21/04/2020

يحجم العديد من سكان طرابلس المستاؤون من الحرب ونقص المواد الأساسية، عن الالتزام بتدابير العزل التي اتخذتها حكومة الوفاق والسارية منذ يوم الجمعة، حيث تمّ تسجيل وفاة واحدة و49 إصابة بوباء كوفيد-19 في البلاد.
وعلى الرغم من دعوات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في ليبيا للسماح للمنظومة الصحية المهترئة والمجهدة للاستعداد لمحاربة الوباء، إلا أنّ القتال احتدم في الأيام الأخيرة مع الهجوم الذي شنّته ميليشيات حكومة الوفاق بإشراف ودعم تركي مباشر في غرب البلاد ضدّ قوات الجيش الوطني الليبي بهدف السيطرة على الحدود مع تونس.
وأصدرت الوفاق هذا الأسبوع قرار "الحظر التام" لمدة عشرة أيام في المناطق الخاضعة لسيطرتها في غرب البلاد، لمواجهة مخاطر تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد.
ويفاقم الفيروس مشاعر القلق والخوف التي يتجرعها السكان على مدى سنوات من الصراع الذي قسم البلاد، فيما يتوقع أن يبدأ شهر رمضان المبارك خلال أيام، دون أي بادرة لتوقف المعارك الشرسة، وسط معلومات عن استمرار جلب الحكومة التركية للمرتزقة السوريين للقتال إلى جانب ميليشيات الوفاق، والذين أصيبوا بالفيروس قبل سفرهم إلى الأراضي الليبية عبر المطارات التركية.
ويسمح للمواطنين الليبيين التنقل سيرا على الأقدام فقط من السابعة صباحا (05,00 ت غ) وحتى الثانية عشرة ظهرا بالتوقيت المحلي (10,00 ت غ)، للتسوق.
لكنّ حسن استقل سيارته ليملأ زجاجات المياه متحديا التدابير التي أمرت بها السلطات في طرابلس، فيما تدوي من بعيد أصوات نيران المدفعية، لتذكّر بخطر آخر.
ويقول حسن بينما يضع زجاجاته في صندوق سيارته، "آلام ظهري لا تسمح لي أن أحمل المياه من الجامع إلى البيت سيرا على الأقدام، ليس لدى خيار آخر إلا الخروج بالسيارة".
ويوضح الرجل الخمسيني أن منزله يبعد 500 متر عن مسجد الحي الذي يحتوي على بئر ماء.
ولم تعد شوارع العاصمة تشهد الاختناقات المرورية المعتادة، لكن تشاهد سيارات تمر فيها، لا سيما في الضواحي حيث يندر وجود الشرطة لضمان تطبيق تدابير الاحتواء.
ويوضح عبد العليم سيد العابد الذي قرر أيضًا أن يستقل سيارته، أن "المحلات بعيدة عن بيتنا ولا يوجد شيء بالقرب من هنا، إلا المخبز الذي يبعد نصف كيلومتر تقريبا (....). من المستحيل الذهاب سيرا على الأقدام لشراء الماء والحليب أو لاستبدال أسطوانة الغاز".
ويقطن العابد مع زوجته وثلاثة أطفال في مزرعة في ضاحية جنوب شرق العاصمة.
ويضيف أنه مع وجود الشاة والدجاج، فإن "اللحوم والبيض تكفينا وأيضا بالنسبة لبعض الخضروات المزروعة في أرضنا"، مضيفا بابتسامة "حتى إننا نعطي منها للجيران".
لكن عددا كبيرا من الليبيين لا يملكون هذه الإمكانية. وتسببت تدابير العزل مع السماح ببضع ساعات فقط للتسوق، بطوابير أمام المحلات التجارية لا تساعد في احتواء انتشار الفيروس.
وفي جنزور شرق العاصمة، ينتظر أكثر من مئة شخص، بينهم أطفال، خارج المخبز الوحيد في الحي.
ويجهد صاحب المخبز جمال النفاثي لفرض إجراءات التباعد الاجتماعي، فيما لم يضع الزبائن كمامات واقية.
ويقول "نأتي في وقت مبكر لتجهيز كميات ضخمة خلال ساعات قليلة فقط، ونظرا للظروف الأمنية غادر أربعة عمال ولم يبق سوى ثلاثة حاليا".
وأضاف "نواجه صعوبات ونأمل تمديد وقت عملنا لكي نخفف الضغط على عمالنا".
وإذ ينظر معظم الناس الى العزل على أنه قيد ومحنة إضافية في زمن الحرب، لكنه يعتبر نعمة بالنسبة لآخرين أوفر حظا يجدون فيه فرصة لاستنشاق الهواء، بعيدًا عن الاختناقات المرورية ومضايقات السائقين.
وارتدت حلومة، وهي مدرسة متقاعدة، أخيرا حذائها الرياضي الذي "اشتريته منذ سنوات ولم أستعمله أبدا".
وقالت السيدة الستينية التي خرجت بصحبة ابنها لعدم إحساسها "بالأمان"، بأنها انتهزت فرصة العزل "للمشي في الحي بما أنه لا يوجد سيارات... من النادر جدا بالنسبة لنا أن تكون الطرق فارغة هكذا".
وخرجت كذلك إلى الشارع أربع شابات يرتدين بزات رياضية ملونة.
وقالت إحداهن "من النادر أن نخرج سيرا على الأقدام حتى لشراء بعض الأشياء البسيطة من الدكان القريب في الحي".
وقالت صديقتها "الجانب الإيجابي بالنسبة للحظر أننا كفتيات نستطيع أخيرا الخروج للمشي بمفردنا دون القلق من مضايقات ومعاكسات الشباب لنا". في الوقت ذاته، يسمع صوت بوق سيارة تمر في المكان، ما يوحي أن المضايقات لم تختف تماما.
وذكّرت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني المواطنين السبت بالقواعد الواجب اتباعها، محذرة من أن الغرامات ستفرض على المخالفين، وفي إشارة إلى عدم وجود التزام كاف بإجراءات الوقاية.

عن "أحوال" التركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية