النشاط الإرهابي الإسلاموي في الهند

النشاط الإرهابي الإسلاموي في الهند

النشاط الإرهابي الإسلاموي في الهند


16/04/2024

أدرجت بوابة الإرهاب في جنوب آسيا (180) جماعة إرهابية عملت من داخل الهند على مدار الـ (20) عاماً الماضية، والكثير منها مدرج في قائمة الشبكات الإرهابية العالمية، ووفقاً لوزارة الداخلية الهندية يشكل الإرهاب تهديداً كبيراً، حيث تواجه نيودلهي مجموعة واسعة من الجماعات الإرهابية مقارنةً بالدول الأخرى، ويشمل ذلك الإرهاب المنسوب إلى المسلمين، والمنسوب إلى الهندوس، والإرهاب الانفصالي، والإرهاب اليساري، إلا أنّ تنظيمي (القاعدة وداعش) يشكلان خطراً أساسيّاً.

خارطة التنظيمات الإرهابية في الهند

تتشكّل خارطة الإسلامويين داخل الهند من عدة أحزاب وجماعات؛ أهمها جماعة الإخوان التي تعمل تحت اسم الجبهة الشعبية للهند، وقد ازداد نشاطها بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين؛ ممّا اضطر الحكومة لحظرها لمدة (5) أعوام بتهمة أنّ لها صلات بجماعات إرهابية، كما داهمت مكاتبها في عدة ولايات، واعتقلت العديد من قادتها، وعلى رأسهم رئيسها أو إم إيه سلام، ونائب رئيسها إي إم عبد الرحمن، والسكرتير نصر الدين المرام، وهو ما واجهته الجبهة بالتظاهر في عدة ولايات تنتشر فيها؛ وهي: ولاية أندرا براديش، وآسام، ودلهي، وكارناتاكا، وكيرالا، وماديا براديش، وماهاراشترا، وبودوتشيري، وراجستان، وتاميل نادو، وأوتار براديش.

وتعمل الجبهة الشعبية للهند وشركاؤها أو المؤسسات التابعة لها أو الجبهات بشكل علني كمنظمة اجتماعية واقتصادية وتعليمية وسياسية، لكنّها تعمل على أجندة سرّية لجماعة الإخوان.

الأخطر في تلك الخارطة هو تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية

وتوجد منظمة جهادية في الهند تسمّى (الحركة الإسلامية لطلاب الهند - سيمي)، وهي منظّمة جهادية ترتبط بصلات وثيقة مع جماعة الإخوان، ويعتبرها بعض الخبراء، ومنهم الجهادي السابق الشيخ نبيل نعيم، في تصريح خاص، أنّها وجه من وجوه جماعة الإخوان، لأنّهم وفق قوله اعتادوا على هذا الأسلوب.

وقد حظرت الحكومة الهندية (الحركة الإسلامية لطلاب الهند - سيمي)، التي تم تشكيلها في مقاطعة عليكرة في ولاية أتر برديش في نيسان (أبريل) عام 1977، وتهدف وفق ميثاقها إلى "تحرير الهند" من التأثير الثقافي المادي الغربي وتحويل مجتمعها المسلم إلى العيش وفقاً لقواعد السلوك الإسلامية، وتصفها الحكومة الهندية بأنّها منظمة إرهابية، وحظرتها في عام 2001، بعد وقت قصير من هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، إلا أنّه تم رفع الحظر في آب (أغسطس) 2008 من قبل محكمة خاصة، ولكن أعاد حظرها قاضي القضاة في 6 آب (أغسطس) 2008، لأسباب تتعلق بـ "الأمن القومي"، وهي ما تزال محظورة.

 

عدم وجود إصلاحات للمجتمع المسلم، مع مشكلة كشمير وحساسيتها بالنسبة إلى المسلمين، تسبّب في إنتاج العديد من التنظيمات الإرهابية.

 

كما تتمدد (جماعة المجاهدين بنغلاديش JMB) في الهند، ورغم أنّها جماعة مركزها الرئيسي هو بنغلاديش، إلا أنّ لها نشاطاً ملحوظاً في كل الإقليم، ممّا دفع نيودلهي لحظرها.

لكنّ الأخطر في تلك الخارطة هو تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، الذي كان يترأسه عاصم عمر، قبل مقتله، وله نشاط كبير وخزّان بشري مكّنه من تنفيذ بعض العمليات.

وقد أصدر تنظيم القاعدة في 6 حزيران (يونيو) 2022 إصداراً مرئياً بعنوان "ثكلتنا أمهاتنا"، هدّد فيه بتنفيذ هجمات انتقامية عنيفة ضد أيّ شخص يسيء للنبيّ محمّد، ومنهم أعضاء الحزب القومي الهندوسي (بهاراتيا جاناتا) أكبر الأحزاب الهندية، مشيراً إلى أنّ له إمكانية في استهداف المدن الكبرى مثل دلهي ومومباي، فضلاً عن ولايتي أوتار براديش وجوجارات.

تصاعد الإرهاب في الهند

يستخدم تنظيم القاعدة آلة دعائية مستغلاً الجو الديني المشحون في الهند والطائفية، في محاولة واضحة لحشد المسلمين في صفه، وقد ازداد نشاطه عقب مقتل الظواهري، وهو ما يدلل على استقرار التسلسل الهرمي للقيادة، وبروز قادة مؤثرين آخرين مثل تميم العدناني (بنغلاديش)، كأحد قواد القاعدة في شبه القارة الهندية.

وينشط منظّرو ودعاة القاعدة في الهند بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن أخرى، ويشنون ما يُسمّى الجهاد "القاعدي" الطويل والسرّي، وقد أثبتوا فاعلية كبيرة خلال الفترة الماضية في التجنيد والاستقطاب، (العدناني) برز في إصدار "تحريض وحض الأمّة" المسلمة.

تعمل جماعة الإخوان في الهند تحت اسم (الجبهة الشعبية للهند)

وتستغل القاعدة منطقة كشمير المتنازع عليها، وتقوم عن طريقها بالدعاية المستهدفة لتجنيد عناصر جدد والتحريض على تمرد جديد في المنطقة، كما أصبح تركيزها ينصبّ على توحيد الجماعات المسلحة المتباينة في هيكل متماسك، وإنشاء جهاز إعلامي فعّال، ونشر الرسائل الإيديولوجية المستهدفة لتجنيد المتعاطفين وحشدهم.

ويتوسع تنظيم القاعدة بشكل عام، فضلاً عن القاعدة بشكل خاص في الهند، على المستوى الإعلامي والدعائي وكذلك الحركي والميداني، وله موقع خاص تحت اسم (مدونة السحاب بري).

واتضح من خلال دعوة زعيم تنظيم (أنصار غزوة الهند) المدعو "عبد الحميد لحنري"، في تسجيل صوتي، إلى إنشاء مجلس شورى مستقل لتقرير العمليات التي يتعين القيام بها، اتضح أنّ تنظيم القاعدة والمنظمات القريبة منه مثل عسكر جنجوي، وعسكر طيبة، يحاولون توحيد تلك التنظيمات كلها تحت مجلس شورى واحد، ونجاح القاعدة في شبه القارة الهندية في ذلك سيؤدي إلى خطورة كبيرة.

 

يرتبط تنظيم داعش في الهند بتنظيم ولاية خراسان، الذي ينتمي إليه الكثير من الهنود، وتتركز أعدادهم في محافظة كونار الجبلية.

 

ويستفيد تنظيم القاعدة بشكل كبير من جهود جماعة الإخوان بالهند، وتنظيم الجماعة الإسلامية في كشمير، والجبهة الشعبية، وهذه الشبكات تقوم بالحملات الدعائية نفسها حول قضايا استهداف المسلمين وغيرها، ومقاطعة المنتجات الغربية والهندية.

أمّا تنظيم داعش، فقد أعلن عن ولاية له عام 2019، وتعمّد اللعب على ورقة الانقسام في الهند وتعدد الأقليات والأديان والطوائف، لجذب الشباب الهنود للانضمام إلى صفوفه، باستغلال ظروفهم والتأثير عليهم ودعوتهم للجهاد.

ويرتبط تنظيم داعش في الهند بتنظيم ولاية خراسان، الذي ينتمي إليه الكثير من الهنود، وتتركز أعدادهم في محافظة كونار الجبلية، وهناك تداخل بينهم وبين بعض المجموعات الموجودة في كشمير مثل عسكر طيبة، وجماعة جيش محمّد، وحركة الجهاد الإسلامي الكشميرية.

وبسبب الخارطة الكبيرة فمن المرجح تصاعد الإرهاب في شبه القارة الهندية لعدة أسباب؛ أهمها: وصول طالبان إلى حكم أفغانستان، وانتقال عناصر إرهابية من سوريا إلى تلك المنطقة، وكذلك مقاربة الهند للإسلام السياسي المثقلة بالتحديات، وهذا بسبب قلة إدراك الحكومات المتعاقبة لهذه الظاهرة، وعدم قدرتها على اتخاذ خطوات استباقية؛ لأنّ الديمقراطية فيها، ولوبي حقوق الإنسان، يجعلان ذلك أمراً في غاية الصعوبة.

ويتسبب تطور شكل الأنشطة التحريضية والدعايات الإعلامية للتنظيمات، وعدم اتخاذ الهند لإجراءات استباقية، مثل حظر منظمات مثل تنظيم الجبهة الشعبية الهندية، وغيرها، مع عدم وجود إصلاحات للمجتمع المسلم، مع مشكلة كشمير وحساسيتها بالنسبة إلى المسلمين، يتسبب في إنتاج العديد من التنظيمات.

كما أن تعقّد خارطة الإسلاموية في جنوب شرق ووسط آسيا، وتداخل العديد من هذه التنظيمات، مع وجود شبكة من الممولين، وتجارة المخدرات والهيروين في تلك العمليات التمويلية، سبّب تمدد الإرهاب وتنظيماته في جنوب شرق آسيا بالكامل.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية