انتخاب مراقب عام جديد لإخوان سوريا... هل لتركيا علاقة؟

انتخبت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا القيادي في الحركة "عامر البوسلامة" مراقباً عاماً لها خلفاً لمحمد حكمت وليد الذي شغل منصب المراقب العام للجماعة منذ 2014.

وأعلن "مجلس شورى" الجماعة أمس عبر تغريدة على تويتر انتخاب عامر البوسلامة مراقباً عاماً للإخوان المسلمين في سوريا خلفاً لـمحمد حكمت وليد الذي خلف بدوره المراقب العام السابق "محمد رياض الشقفة" عام 2014، وفق ما نقلت قناة سوريا. 

وينحدر "الدكتور" عامر البوسلامة من مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، وهو من مواليد 1960، ونشأ البوسلامة في مدينة دير الزور التي درس فيها المراحل الدراسية الأولى قبل انتقاله إلى بغداد ودراسته في كلية الشريعة بجامعتها.

جماعة الإخوان المسلمين في سوريا تنتخب القيادي في الحركة عامر البوسلامة مراقباً عاماً لها خلفاً لـمحمد حكمت وليد

نال درجة الدكتوراه في الشريعة (بعض المصادر تذكر بأنّه حصل عليها من السودان، ومصادر أخرى تقول إنّها من جامعة بغداد)، انتقل بعد ذلك إلى اليمن التي بقي فيها حتى اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيث استدعي حينذاك إلى تركيا التي يقيم فيها منذ ذلك الوقت.

وعلى الرغم من أنّ البوسلامة كان الاسم المرشح بقوة طيلة الأشهر الماضية لمنصب المراقب العام، إلا أنّه شكّل حالة خلاف بين كتلتي حماة وحلب اللتين تهيمنان على الجماعة، وأفادت معلومات من داخل الجماعة بأنّ كتلة الحلبيين اعترضت في الأسابيع الماضية على اختياره للمنصب، كونه أقرب إلى كتلة الحمويين.

وفي عام 2018 ترشّح البوسلامة لمنصب المراقب العام، لكنّه خسر أمام وليد الذي عيّنه نائباً له، إلى جانب تسلّمه ملف العلاقات الإسلامية في الجماعة. وبالرغم من الاعتراضات عليه، إلا أنّ البوسلامة بقي المرشح الأقوى لمنصب المراقب العام، بوصفه الخيار الأكثر توافقاً بين الكتل، وهذا ما تحقق في نهاية المطاف.

البوسلامة له العديد من الكتب والدراسات والأبحاث، بالإضافة إلى نشره الكثير من المقالات في المواقع والصحف التابعة للجماعة، منها (حديث الإفك دروس وعبر)  و(الحجاب) و (العولمة الدينية) و (الدراسات الفقهية) و (جدلية العلاقة بين النسب والزواج في الفقه الإسلامي) و (المحرمات من النساء) وغيرها من الكتب والبحوث.

وتسيطر جماعة إخوان سوريا على أبرز مؤسسات وهيئات المعارضة السورية، وخاصة الائتلاف السوري، لذلك يُعتبر اختيار مراقب عام جديد بمثابة مؤشر على توجهات الجماعة السياسية في ظل التطورات التي يشهدها الملف السوري، ولا سيّما لجهة التقارب الجاري بين تركيا وسوريا.

وتلعب تركيا دوراً بارزاً في دعم مؤسسات المعارضة السورية، وقد سعت لتكريس جماعة الإخوان الحليفة لها كقوة سياسية تكون لها الهيمنة المطلقة على هذه المؤسسات وتوجهاتها. ولا تستبعد مصادر تحدثت إلى صحيفة "النهار العربي" أن تكون أنقرة على اطلاع بمسار الانتخابات الداخلية التي تجريها جماعة إخوان سوريا، مشيرة إلى أنّ اختيار مراقب عام ينتمي إلى مدينة دير الزور قد يكون جاء نتيجة رغبة تركية في استخدام الجماعة في ملف الصراع مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ولا سيّما في ظل الاحتمالات المفتوحة التي يمكن أن يشهدها مسار التقارب مع سوريا، وما يمكن أن ينتج عنه من تصعيد في مواجهة "قسد".

اختيار مراقب عام ينتمي إلى دير الزور قد يكون جاء نتيجة رغبة تركية في استخدام الجماعة في ملف الصراع مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)

ورغم أنّ جماعة الإخوان في سوريا تمكنت منذ اندلاع الأزمة السورية من فرض نفسها كقوة أمر واقع سياسية وحزبية، إلا أنّ الكثيرين حمّلوا التنظيم قسطاً أساسياً من مسؤولية الفشل الذي وصلت إليه الثورة السورية، بل هناك من  يعتبر أنّهم تصدّروا الواجهة، من دون أن يرتقوا إلى مقام الثورة باعتبارها مشروعاً تاريخياً، وفق ما ذكر تقرير لموقع "شبكة شام" المقربة من الجماعة.

هذا، وعانت الجماعة من صراع أجيال بين الحرس القديم المتمسك بمبادئ الجماعة، وبين جيل الشباب الذي كان يطمح إلى التغيير والإصلاح.   

وقد أدى ذلك في المحصلة إلى انشقاق عدد من أبرز قادة جيل الشباب عن الجماعة، محاولين العمل على تشكيل أجسام حزبية جديدة تتناغم مع رؤيتهم الإصلاحية، غير أنّ أيّاً منهم لم يتمكن من تحقيق نجاحات تستحق الذكر.

وهكذا لم تستطع الجماعة الخروج من عباءة الحرس القديم الذي ما زال يؤمن بأنّ تجربة الجماعة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، بما تنطوي عليه من شعارات وآليات عمل، ما تزال صالحة للعمل بموجبها في الوقت الراهن، رغم التعقيدات الكبيرة التي تحيط بالملف السوري والتطورات التي يشهدها، ولا سيّما على صعيد التقارب بين تركيا وسوريا.