بسبب القدس: الانتخابات الفلسطينية في مهبّ الريح

بسبب القدس: الانتخابات الفلسطينية في مهبّ الريح


26/04/2021

مع اقتراب الاستحقاق الوطني الفلسطيني لإجراء الانتخابات التشريعية، في 22 أيار (مايو) المقبل، يخشى الفلسطينيون من لجوء الاحتلال لإعاقة إجراء الانتخابات، عبر تعطيلها وإفشالها، في ظلّ عدم السماح لسكان القدس بالمشاركة فيها، بسبب الضغوط الإسرائيلية على المدينة التي تعدّها إسرائيل عاصمتها الموحّدة، لا سيما مع اعتراف الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بالقدس "عاصمة لإسرائيل" أواخر العام 2017، وهو ما ينذر بأن تذهب الآمال والطموحات الفلسطينية في مهبّ الرّيح.

اقرأ أيضاً: هل تحمل الانتخابات الفلسطينية أشواق شباب غزة للتغيير؟

واعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلية، في 16 نيسان (أبريل) الجاري، ثلاثة مرشحين للانتخابات التشريعية الفلسطينية في مدينة القدس، بعد أن مُنعت إقامة مؤتمر صحفي لفصائل حول الانتخابات، ومنعت الشرطة الإسرائيلية عقد المؤتمر الصحفي لمرشحي فصائل الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، وحزب الشعب الفلسطيني، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بشأن الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل.

عباس: إننا مصمّمون على إجراء الانتخابات في موعدها في كلّ الأماكن الفلسطينية التي تعودنا أن نجريها فيها

وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إنّنا مصمّمون على إجراء الانتخابات في موعدها في كلّ الأماكن الفلسطينية التي تعودنا أن نجريها فيها، وهي: الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
وأضاف، في مستهلّ اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في 18 نيسان (أبريل)، سنبحث قضية الانتخابات التي أصبحت على الأبواب، مبيناً أنّه منذ إصدار المراسيم بشأن إجراء الانتخابات، في 22 أيار (مايو) المقبل، ونحن على عهدنا وموقفنا ومصممون على إجرائها في موعدها، وفي كلّ الأماكن الفلسطينية.
وشدّد على أنّ هذا الموضوع لا تغيير ولا تبديل فيه، وبالنسبة إلى القدس؛ فإنّنا نرفض إلا أن تكون الانتخابات والترشيحات في مدينة القدس، حتى الآن هذا هو موقفنا، لم تصلنا بعد أيّة إشارات أخرى لنبحثها وإنّما هذا هو الموقف الذي نحن مصممون عليه.

تهديد الاحتلال للمقدسيين وتهميش السلطة الفلسطينية للسكان من شأنه أن يجعل المشاركة في الانتخابات منخفضة وضعيفة، على الرغم من إمكانية تصويت 6 آلاف مقدسي

وأقرّ أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، جبريل الرجوب، بوجود ضغوط إسرائيلية، "وحتى إقليمية وعربية"، لإلغاء الانتخابات، وقال إنّ الرئيس محمود عباس رفضها.

وأضاف، في لقاء عبر تلفزيون فلسطين، في ّآذار (مارس) الماضي؛ إنّ هناك تهديدات وضغوطاً إسرائيلية ومؤتمرات، وتشغيل مال سياسيّ من دول عربية، وتحريضاً وضغطاً ومحاولة بثّ فتنة داخلية، وكلّها تصبّ في خدمة تلّ أبيب".

وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، رئيس دائرة علاقاتها الدولية، قد صرّح، على هامش لقاء خاص عقده مع نخبة من الصحفيين الفلسطينيين، 26 آذار (مارس) 2021، على تطبيق (Clubhouse) للتواصل الصوتي، بأنّ حماس تُقدّر احتمالية إعلان الرئيس الفلسطينيّ، محمود عباس، تأجيل الانتخابات التشريعية بنسبة تصل إلى 40%.

عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق

وتطرَّق القيادي في حماس في حديثه إلى أسباب تأجيل الانتخابات الفلسطينية، والتي تنحصر في أربعة عوامل، هي: عدم تشكيل الفريق الأمريكي الخاص بالمنطقة، وموقف إسرائيل وتدخّلها في الانتخابات، وانقسامات فتح الداخلية، ومشاركة المقدسيين في الانتخابات ترشيحاً وتصويتاً.

وتلزم "اتفاقية أوسلو" الموقّعة بين منظمة التحرير وتل أبيب، إسرائيل، بالسماح للمقدسيين بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية، وجاء في بنود المادة السادسة أنّه يجري الاقتراع في القدس الشرقية في مكاتب تتبع سلطة البريد الإسرائيلية؛ حيث شارك سكّان القدس الشرقية بالانتخابات الفلسطينية، التي جرت في الأعوام 1996 و2005 و2006.

اقرأ أيضاً: هل يكسر المستقلون هيمنة فتح وحماس على الانتخابات التشريعية؟

ووفق إحصائية صادرة عن معهد القدس لبحث السياسات الإسرائيلي (غير حكومي) يشكّل الفلسطينيون 38% من سكان القدس، في حين يعيش بالمدينة 349600 فلسطيني.
ويفترض أن تجري الانتخابات التشريعية في الأراضي الفلسطينية، في 22 أيار (مايو) المقبل، لاختيار 132 نائباً، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، ووفق مرسوم الانتخابات ستجرى انتخابات الرئاسة الفلسطينية، في 31 تموز (يوليو) المقبل، والمجلس الوطني الذي له نظام خاص، في 31 آب (أغسطس) المقبل.

مرحلة صعبة

بدوره، يرى الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي؛ أنّ "الاعتقالات التي تجريها سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق مرشحي القدس، تبين أنّ الانتخابات الفلسطينية تمر بمرحلة صعبة، في ظلّ مساعي إسرائيل لإفشال الانتخابات وتكريس أنّ القدس هي عاصمة الدولة اليهودية، ولا تمتّ للفلسطينيين بأية صلة"، مبيناً أنّ "دولة الكيان مستمرة في مساعيها للتطهير العرقي للمقدسيين، من خلال الاعتداءات المتواصلة وعمليات الهدم والمصادرة التي تتمّ في معظم أحياء القدس".

الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي

ويضيف الصالحي، خلال حديثه لـ "حفريات": "المعركة في القدس الآن هي معركة سياسية وميدانية، وهو ما يتطلب من القيادة الفلسطينية مطالبة دول العالم الحرّ بإجبار إسرائيل على تنفيذ التزاماتها نحو قضية القدس، ومن بينها إجراء الاستحقاق الفلسطيني المتمثل بالانتخابات، باعتبار القدس جزءاً لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، ليرى العالم أنّ تلك الإجراءات غير قانونية، وأنّ التعنّت الإسرائيلي يهدّد الوصول لحلّ عادل للقضية الفلسطينية".

الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي لـ"حفريات": الاعتقالات التي تجريها سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق مرشحي القدس، تبين أنّ الانتخابات الفلسطينية تمر بمرحلة صعبة

ولفت إلى أنّ "الانتخابات الفلسطينية هي استحقاق وطني فلسطيني ليس لإسرائيل الحقّ في التدخّل في إجرائها، وذلك للتمسك بحقّنا الديمقراطي في التعددية السياسية، وبحقّ إجرائها في مدينة القدس، كما الضفة الغربية وقطاع غزة، لمحاولة تفويت الفرصة على الاحتلال الذي يريد فصل المدينة المقدسة عن كافة الأراضي الفلسطينية، والقبول بالسقف الذي تريده إسرائيل من إجراء الانتخابات في إطار يستثني القدس، حتى لا يتمّ الوصول لفكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة".

لا إرادة سياسية حقيقية

وبسؤاله عن إمكانية أن يفرض المجتمع الدولي عقوبات على إسرائيل ليجبرها على أن تكون دولة خاضعة تحت سيادة القانون الدولي، بيّن الصالحي أنّ "المجتمع الدولي لا يمتلك الإرادة السياسية لتطبيق ذلك، وكان الأولى به أن يجبر إسرائيل على احترام قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2334)، الذي يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، والذي جرى إعلانه في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، أوباما، ونائبه الرئيس الأمريكي الحالي، بايدن، وهو ما يدلّ أنّه لا توجد لدى الولايات المتحدة إرادة سياسية حقيقية للضغط على الاحتلال، حيث تتعامل بازدواجية في تطبيق كافة القوانين والقرارات التي تتعلق بالشعب الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: لماذا يخشى الإسرائيليون نتائج الانتخابات الفلسطينية؟

وأوضح الأمين العام لحزب الشعب؛ أنّ "على السلطة الفلسطينية التفكير بخيارات أخرى في حال منع الاحتلال إجراء الانتخابات في مدينة القدس من خلال اللجوء لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتفعيل القرارات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، لتجنّب الخضوع للإملاءات الصهيونية، والتي تحاول إسرائيل فرضها جاهدة على الفلسطينيين، لتنفيذ مخططاتها الرامية لتهويد الأرض والاستيلاء عليها".

ترسيخ الطابع اليهودي

من جهته، يقول مدير مركز مسار للدراسات، نهاد أبو غوش، خلال حديثه لـ "حفريات": إنّ "التعرض للمرشحين بالقدس واعتقال عدد منهم من قبل سلطات الاحتلال، يأتي في ظلّ الحملات الواسعة التي تشنها سلطات الاحتلال لمنع أيّة مظاهر تعبّر عن الهوية الوطنية للفلسطينيين، وارتباطهم بأرضهم، وذلك بهدف ترسيخ الطابع اليهودي للمدينة المقدسة، وطمس معالمها الإسلامية والمسيحية"، مشيراً إلى أنّ "المنحنى الإسرائيلي المتطرف نحو القدس اتّخذ أبعاداً أشدّ وأقوى، منذ اعتراف الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، بالقدس عاصمة لدولة الكيان أواخر عام 2017م".

مدير مركز مسار للدراسات، نهاد أبو غوش

ولفت إلى أنّ "إسرائيل تمنع الانتخابات في مدينة القدس بعد أن تأكّد، من وجهة نظرها، أنّ مصير القدس قد حسم بالنسبة لها كعاصمة أبدية لدولة الاحتلال، وأنّها خارج أيّة مفاوضات للحلّ النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو منهج اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يترأّس سدة الحكم في إسرائيل منذ عدة سنوات، والذي يعزّز الاستيطان بالمدينة، ويهدّد المقدسيين بسحب هوياتهم الزرقاء وفرض عقوبات اقتصادية اخرى عليهم، لمنعهم قسراً من التفكير في المشاركة في الانتخابات".

مشاركة مقدسية ضعيفة

وتابع أبو غوش: "إجراءات الاحتلال في القدس أحادية الجانب، تأتي في ظلّ غياب دور السلطة الفلسطينية نحو المدينة وسكانها، إضافة إلى ضعف الموقف العربي والإسلامي، وتقصير معظم دول العالم نحو القضية الفلسطينية"، موضحاً أنّ "الاحتلال لن يعطي الفلسطينيين حقّهم على طبق من فضة، طالما لم يتم خوض معركة شرسة مع الاحتلال داخل شوارع القدس للضغط عليه للرضوخ للمطالب الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: ماذا يعني إشراك المقدسيين في الانتخابات الفلسطينية المقبلة؟

وأكّد أنّ "الضغط الجماهيري والدولي على دولة الاحتلال من شأنه دفع إسرائيل للقبول بإجراء الانتخابات بالقدس، في حين أن يتم اللجوء لاستخدام القدس كذريعة لتأجيل الانتخابات، لن يكون ذلك في صالح القضية الفلسطينية على الإطلاق".

وحول شكل إقبال الناخبين المقدسيين على خوض الانتخابات في حال جرت الموافقة عليها من قبل الاحتلال، بيّن أبو غوش؛ أنّ "تهديد الاحتلال للمقدسيين وتهميش السلطة الفلسطينية للسكان من شأنه أن يجعل المشاركة منخفضة وضعيفة، على الرغم من إمكانية تصويت 6 آلاف مقدسي داخل مراكز البريد الإسرائيلية، و190 ألفاً آخرين يعيشون خارج حدود بلدية الاحتلال، والذين يمكنهم أيضاً المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة".

الصفحة الرئيسية